تل أبيب: الوعود الروسيّة بإبعاد إيران من سوريّة اختفت و”الكورنيت أقوى من الكابينيت” وجنرال: “هزمنا الدول العربيّة واليوم لا نستطيع حسم معركةٍ ضدّ حماس”
<!--<!--
الناصرة – “رأي اليوم” – من زهير أندراوس:
يُجمِع المُحلّلون والخبراء والمُستشرِقون في تل أبيب على أنّ الردع الإسرائيليّ لم يتآكل فقط، بلْ اختفى تمامًا، وباتت الدولة العبريّة بحاجةٍ ماسّةٍ لاستعادته قبل فوات الأوان، كما لفت أحد المُحلّلين للشؤون العسكريّة أنّ الحرب بين الحروب قد انتهت عمليًا دون أنْ تتمكّن إسرائيل من تحقيق أهدافها، عُلاوةً على ذلك، أكّد مُحلِّل الشؤون العسكريّة، يوسي ميلمان، أنّ الضربات التي يُوجِّهها سلاح الجوّ الإسرائيليّ ضدّ أهدافٍ إيرانيّةٍ في سوريّة لم تفعل شيئًا من أجل وقف التمركز الإيرانيّ في هذا البلد العربيّ، فيما قال المُحلِّل العسكريّ في صحيفة (هآرتس)، عاموس هارئيل، أنّ التعهدات الروسيّة بمنع تموضع إيران عسكريًا بسوريّة ذهبت أدراج الرياح، وأنّ موسكو لم تفعل شيئًا من أجل وقف التمدّد الإيرانيّ في الشرق الأوسط بشكلٍ عامٍّ، وفي سوريّة بشكلٍ خاصٍّ، لافِتًا إلى أنّ التهديدات المُحدّقة بإسرائيل باتت تخدم رئيس الوزراء الإسرائيليّ، بنيامين نتنياهو، في المجال السياسيّ ومن أجل فوزه في الانتخابات التي ستجري في آذار (مارس) من العام القادِم.
وفي هذا السياق نقل الموقع الالكترونيّ لصحيفة (معاريف) العبريّة عن الجنرال في الاحتياط، تسفيكا فوغل، القائد الأسبق للمنطقة الجنوبيّة في الجيش الإسرائيليّ، نقلت عنه قوله إنّ الوضع الأمنيّ الذي تعيشه إسرائيل يُعتبر الأكثر إذلالاً لها منذ حرب أكتوبر 1973، لأنّ حماية مؤخرّات الساسة الإسرائيليين تبدو لهم أكثر أهميةً من حماية مستقبل الإسرائيليين أنفسهم، حتى أنّ “نتنياهو يُواصِل بيعنا قصصًا وهميّةً غيرُ قابِلةٍ للشراء”.
وأضاف الجنرال فوغل إننّا بعد الجولة الأخيرة من المُواجهات مع حماس شطبنا من العلم الإسرائيليّ نجمة داود واللون الأزرق، ولم يتبقّ لنا سوى اللون الأبيض، أيْ رمز الاستسلام، لافتًا إلى أننّا “فقدنا كليًا صورة الردع الخاصّة بنا، فيما نجحت حماس في تحقيق صورة ردع أمام إسرائيل أكبر بكثير ممّا تبقّى من الردع لدينا، نعيش ذُلاً أمنيًا كبيرًا لم نشهده سوى عام 1973”.
بالإضافة إلى ذلك، أوضح الجنرال السابق أنّه في الجولات الأخيرة في غزّة ظهرت إسرائيل عديمة القدرة، وناقصة الجدوى العملياتية، مُشيرًا إلى أنّ “كلّ ما هو سيئ بدا علينا، ممّا تطلّب منّا استهداف كلّ قادة حماس: بيوتهم، سياراتهم، عائلاتهم، نجعلهم يعيشون في حالة من الخوف المستمر من خلال اغتيال كل قياداتها، وإنْ رغبوا بالحياة تحت الأرض كما حسن نصر الله فأهلاً وسهلاً، لكن دون أنْ يُطلِقوا النار على إسرائيل”.
وأضاف: “أعرف العدوّ، والجبهات القتاليّة، ربمّا ليس أقّل ممّا يعرف نتنياهو نفسه، لكنّي في اختبار الزعامة قد أكون أقّل خوفًا منه، أفهم أمرًا مًهّمًا جدًا وهو أنّ الشرق الأوسط يشهد نشوء دولٍ معاديةٍ جديدةٍ، حزب الله في الشمال، وحماس في الجنوب، وهم ينظرون إلينا كيف نرد عليهم”. واختتم بأنّ إسرائيل حاربت ضدّ ثلاث دولٍ عربيّةٍ قبل 52 عامًا، أيْ عدوان يونيو 1967، هزمناها جميعًا، سحقناها، لكننّا اليوم لا نستطيع حسم المعركة مع حماس، وهذا يكفي”.
من ناحيته رأى يوآف ليمور الخبير العسكريّ ومُحلّل الشؤون الأمنيّة في صحيفة “إسرائيل اليوم”: الرابح الأساسيّ من التطورّات الأخيرة كانت حماس، خاضت أقل من معركةٍ قتاليّةٍ، بعكس المصلحة الإسرائيليّة، وتابع أنّ حماس وجهّت ضرباتٍ أكثر ممّا تعرّضت لها، وغلاف غزة ومستوطناتها ظهر أكثر عُرضةً للقصف من غزّة ذاتها، لكن ذروة إنجازات حماس تمثلت بالصورة الذهنيّة، وهي مسألة في غاية الأهمية في الشرق الأوسط، ولسان حالها يقول “الكورنيت تفوق على الكابينت”، وفقًا لوصفه.
واعتبر ليمور أنّ الإنجاز الأخير تمثلّ من خلال صاروخ (الكورنيت)، الذي أطلقته (حماس) على الحافِلة العسكريّة الإسرائيليّة، فقد أشار تحقيق الجيش إلى أنّ حماس اختارت استهداف الحافلة بعد أنْ نزِل منها الجنود، وكأنّ هدفها توجيه رسالة دون إيقاع قتلى إسرائيليين كثر، خشية استجلاب ردود إسرائيليّةٍ قاسيةٍ، بحسب قوله.
على صلةٍ بما سلف، رأت صحيفة (هآرتس) أنّ الاعتقاد الدائم بوجود خطرٍ عسكريٍّ تؤكِّد صورة نتنياهو بأنّه السور الواقي الذي يحمي مُواطني كيان الاحتلال، ويمنح المُبرِّر لكي يبقى في منصبه كرئيسٍ للوزراء، على الرغم من تقديم لائحة الاتهّام ضدّه، بحسب قول الصحيفة، لافتة في الوقت عينه إلى أنّ نتنياهو ووزير الأمن الجديد قاما بزيارةٍ سياسيّةٍ إلى الجولان المُحتّل، ومن هناك أطلقا التهديد والوعيد ضدّ إيران، وسوريّة وحزب الله، بالإضافة إلى أعداءٍ آخرين، حتى ساد الانطباع بأنّ الدولة العبريّة عاقدة العزم على عمل كلّ شيءٍ، وفي مُقدّمته العسكريّ من أجل منع التمركز الإيرانيّ في سوريّة، كما نقلت الصحيفة عن المصادر الرفيعة بتل أبيب.
ساحة النقاش