http://kenanaonline.com/AAC-ES-SMARA

الفرع المحلي للجمعية الوطنية لقدماء المحاربين بالسمارة

نهاية نتنياهو .. وخطواته المحتملة والمتوقعة ؟!

<!--<!--

-“رأي اليوم”- د. يوسف يونس* نائب رئيس مجلس إدارة مركز الناطور للدراسات والأبحاث 

مقدمة :

في قرار اهتزت له الساحة السياسة الإسرائيلية، قرر المستشار القانوني للحكومة الإسرائيلية، أفيحاي مندلبليت، رفع ثلاث لوائح اتهام ضد نتنياهو، تشمل الرشوة والاحتيال وخيانة الأمانة، في القضايا المعروفة باسم 1000 و2000 و4000.

وادعى نتنياهو أنّ مزاعم الفساد ضده تصل إلى حد الانقلاب، وإن المحققين لم يبحثوا عن الحقيقة، بل كانوا يلاحقونه، واعتبر أن التحقيق ضده غير نزيه، نافيا ارتكاب أي مخالفات، مطالبا بتشكيل لجنة تحقيق محايدة، متهما المحققين بابتزاز الشهود بتهديدهم “لإرغامهم على الشهادة ضدي مثلما يجري في عالم العصابات”. وأكد نتنياهو أن هدف التحقيق لم يكن الوصول إلى الحقيقة، بل اغتياله سياسيا ووضع حد لمسيرته، مؤكدا أن الاتهامات زائفة ومليئة بالتلفيق، وأنه سيستمر في قيادة الدولة رغم لائحة الاتهام.

وعلى الرغم من أن التهم لم توجه لنتنياهو رسميا بعد، إلا أن تداعيات هذا الإعلان من المتوقع أن تشهد تشابك المعركة القانونية مع السياسة الإسرائيلية، حيث يتوقع أن يدفع المأزق السياسي الحالي، في ظل مهلة الأسابيع الثلاثة القادمة لتشكيل الحكومة قبل الدعوة لإجراء انتخابات جديدة، إلى تأجيل لائحة الاتهام لستة أشهر على الأقل، حيث يمكن لنتنياهو أن يطلب الحصانة التلقائية، الأمر الذي سيرسل القضية إلى المحكمة العليا ([1]).

وأثارت لائحة الاتهام الجنائية جملة من المشكلات والأسئلة القانونية، السياسية ـ الحزبية، القانونية ـ الدستورية، وأجمعت التوقعات أن نتنياهو أصبح أمام سيناريوهات صعبة، في ظل التقاط خصومه زمام المبادرة، لإخراجه من الحياة السياسية.

وسنحاول من خلال هذا التقرير استعراض محددات اتجاهات الأزمة القائمة في إسرائيل والخطوات المحتملة من قبل نتنياهو لمواجهة الأزمة التي يعيشها، والمتعلقة بمستقبلة السياسي وصولا إلى التأثيرات المحتملة لتلك الأزمة على مستقبل المشهد السياسي في إسرائيل، واحتمالات انعكاساتها الأمنية والعسكرية على الجبهتين الشمالية والجنوبية.

تقديم لائحة الاتهام ضد بنيامين نتنياهو:

أعلن المستشار القضائي للحكومة أفيحاي مندلبليت أنه قرّر تقديم لائحة اتهام بحق نتنياهو بشبهة تلقي رشوة في القضية المعروفة باسم “الملف 4000″، بالإضافة إلى تقديم لائحتي اتهام أخريين بشبهتي الاحتيال وخيانة الأمانة في القضيتين المعروفتين باسم “الملف 1000″ و”الملف 2000”.

وفي “الملف 1000” ستُوجه إلى نتنياهو تهمتا الاحتيال وخيانة الأمانة بشبهة تلقيه هدايا من أثرياء، في مقدمهم المنتج الهوليوودي الإسرائيلي الأصل أرنون ملتشين، والمستثمر الأسترالي جيمس باكر، في مقابل حصولهما على خدمات. وحصل نتنياهو وزوجته على هدايا تصل قيمتها إلى 701.146 شيكل، 477.972 شيكل منها سيجار وشمبانيا ومجوهرات من ملتشين، و229.174 شيكل سيجار وشمبانيا من باكر. وهناك 3 حالات استخدم فيها نتنياهو منصبه كرئيس حكومة لدفع مصالح ملتشين: مساعدته في الحصول على تأشيرات إقامة في الولايات المتحدة؛ العمل من أجل تمديد قانون إعفاء ضريبي غير معروف يخدم مصالح المنتج الهوليوودي؛ العمل من أجل الدفع قدماً بمصالح ملتشين الاستثمارية في القطاع الإعلامي الإسرائيلي. وقام نتنياهو بمساعدة ملتشين لامتلاك جزء كبير من القناة الثانية. حيث كان من المفترض أن يدخل الأخير في شراكة مع “ريشت” وبعدها يعمل على الدمج بين “ريشت” و”كيشت”. كما ساعد نتنياهو في تعيين عدة لقاءات بين ملتشين ومستثمرين معنيين، وطلب من المدير العام السابق لوزارة الاتصال شلومو فيلبر، الذي أصبح شاهد ملك في هذا الملف، أن يساعد بهذه المسألة.

وستوجّه تهمتا الاحتيال وخيانة الأمانة في “الملف 2000” على خلفية اتصالات جرت بين نتنياهو ومالك صحيفة “يديعوت أحر ونوت” وناشرها أرنون (نوني) موزس من أجل التضييق على صحيفة “يسرائيل هيوم” المنافسة في مقابل قيام “يديعوت أحرنوت” بنشر أخبار عن رئيس الحكومة بصورة إيجابية. وبحسب الاتفاق المفترض بين موزس ونتنياهو والذي لم يتم تطبيقه، قال رئيس الحكومة إنه سوف يدفع قدماً بتشريعات لتحديد انتشار صحيفة “يسرائيل هيوم” إذا ما طلب موزس من صحافيين تغيير مواقفهم السلبية تجاه نتنياهو. ومنذ 2009 عرض نتنياهو دعمه لإجراءات محتملة تساعد في تقييد انتشار “يسرائيل هيوم”، منها إلغاء نسخة نهاية الأسبوع التابعة للصحيفة. ولم تتم المصادقة على هذه الإجراءات، نظراً لحل الحكومة والتوجه إلى الانتخابات في 2015. وعرض موزس على نتنياهو خطاً مباشراً لمحرري “يديعوت”. وسيوجه مندلبليت تهمة تلقي رشوة ضد موزس لكن تهمة الاحتيال وخيانة الأمانة فقط ضد نتنياهو.

في “الملف 4000″، التي تعتبر القضية الأخطر ضد نتنياهو المتهم بالدفع قدماً بقرارات تنظيمية تعود بالفائدة على شاؤول ألوفيتش، المساهم المسيطر على شركة “بيزك” العملاقة للاتصالات، في مقابل الحصول على تغطية إيجابية من موقع “واللا” الإخباري الذي يملكه ألوفيتش. ويتهم كلاً من نتنياهو وألوفيتش بتلقي رشوة، وتدخل نتنياهو في المضامين التي ينشرها موقع “واللا” الإخباري، وسعى للتأثير على تعيين مسئولين رفيعين بالتواصل مع ألوفيتش وزوجته إيريس. وضمن ألوفيتش تغطية إيجابية لنتنياهو في “واللا”، ثاني أكبر مواقع الأخبار في إسرائيل، وتغطية منتقدة لمنافسي نتنياهو، خاصة في فترات الانتخابات في 2013 و2015. ويُتهم نتنياهو بالدفع من أجل السماح لمستشاره الإعلامي نير حيفتس الذي أصبح لاحقاً شاهد ملك بتحرير مقابلة مع نتنياهو، وتم قبول الطلب. في المقابل تدخل نتنياهو في قرارات تنظيمية وتجارية أخرى أدت إلى حصول ألوفيتش على نحو 1.8 مليار شيكل. والاتهامات بإساءة الإدارة تعود إلى قيام نتنياهو باستبدال غلعاد إردان كوزير اتصال في تشرين الثاني 2014، فيما اعتبره البعض انتزاع سلطة للحصول على سيطرة أكبر على قطاعات الإعلام والاتصالات. وقام بعدها بإقالة المدير العام لوزارة الاتصال آفي بيرغر عبر الهاتف في أيار 2015، وعيّن فيلبر مكانه. وكانت هذه الخطوة، بالإضافة إلى إصرار نتنياهو على أن تشمل الاتفاقيات الائتلافية العام 2015 بنداً يمنحه سيطرة حصرية على شؤون الإعلام، تهدف إلى إيجاد مواقف ليست فيها مواجهة بخصوص شركة “بيزك”، وهو ما سعى بيرغر لتقييده. تحت إدارة فيلبر بدأت “بيزك” تحظى بمعاملة تفضيلية. وعلى سبيل المثال، أطلقت إسرائيل العام 2014 إصلاحاً شاملاً لفتح سوق الهواتف الأرضية والإنترنت التي كانت تهيمن عليها شركة “بيزك” أمام المنافسة. وبحسب الإصلاح المخطط كان من المفترض أن تؤجر “بيزك” حتى آذار 2017 بُنيتها التحتية لمنافسين من شركتي “بارتنر” و”سيلكوم” كي تتمكنا من توفير خدمات هواتف أرضية وإنترنت، لكن مع تولي فيلبر الإشراف على تطبيق الخطة تراجعت “بيزك” عن التزاماتها. وشكلت العلاقة بين نتنياهو وألوفيتش تضارب مصالح سافر، حيث تدخل ألوفيتش بفجاجة من أجل نتنياهو في “واللا” مع التوقع الذي تحقق بالانتفاع تجارياً. واستخدم نتنياهو نفوذه وصلاحياته للدفع قدماً بمصالح ألوفيتش، ما أدى إلى حصول هذا الأخير بشكل مباشر أو غير مباشر على 1.8 مليار شيكل نتيجة قرارات نتنياهو التنظيمية وغيرها. وقال مندلبليت إنه يعتقد أن هناك أدلة كافية لمقاضاة نتنياهو بتهمة تلقي رشى، بالإضافة إلى الاحتيال وخيانة الأمانة. وقال إنه يتفق مع الشرطة بشأن وجود علاقة مبنية على الرشى بين نتنياهو وألوفيتش. لكن خلافاً لتوصيات الشرطة والنيابة العامة لم يقرر مندلبليت توجيه تهم تلقي رشوة والاحتيال وخيانة الأمانة أو عرقلة الإجراءات التحقيقية والقضائية ضد سارة زوجة نتنياهو وألغى أيضاً تهماً شبيهة محتملة ضد يائير نجل نتنياهو ([2])

نتنياهو والتعامل مع الازمة :

سيواجه نتنياهو أول اختبار داخل الليكود لمعرفة ما إذا كان يمكنه أن ينجو من لائحة الاتهام. حيث يخطط نتنياهو للدفاع عن حقه في إعادة انتخابه ، بحجة أنه في ظل الديمقراطية ، يمكن للجمهور فقط أن يقرر مستقبله، وأنه بموجب القانون ، يفترض أنه بريء.  ولكن قبل أن ينطلق في هذه المعركة ، سيحتاج نتنياهو إلى دعم حزب الليكود.  خاصة وانه لم يستطع كبار مسؤولي الليكود المطالبة باستقالته ، على الرغم من التهم الخطيرة الموجهة إليه، وذلك بفضل العلاقات الوثيقة التي أسسها نتنياهو مع قاعدته الليكودية ، والتي جعلت المشاعر العامة داخل الليكود والمجموعات الرئيسية في الحزب تدعمه بقوة باعتباره ضحية محاولة انقلاب مزعومة من قبل النظام القانوني.  وتضمنت قائمة المؤيدين الوزراء ياريف ليفين ، زئيف الكين ، أمير أوهان ، أوفير أكونيس ، ميري ريغيف ، ديفيد أمساليم وإسرائيل كاتس، والتي لا تجعله متخوفا من الانتخابات الداخلية في الليكود ([3]).

ومن الجدير بالذكر فقد ركز نتنياهو جهوده على انتقاد النظام القانوني، وفي خطابه الذي القاه في 21 نوفمبر ، تحدث عن كيفية إنشاء المؤسسة القانونية للقضايا، ثم قدم أمثلة على التطبيق الانتقائي للقانون مع تعميق الشعور بأن مصالحه هي نفسها مصالح الناخبين اليمينيين.

الاحتمالات التي من الممكن ان تواجه نتنياهو:

الاحتمال الأول : خروج أصوات من الليكود نفسه تطالب بتنحيته ، وهذا الامر سيؤدي حتما الى انقسام في موقف الليكود تجاه نتنياهو، ما يعني اضعاف وسائل الضغط التي يحاول نتنياهو استخدامها لإسقاط التهم الموجهة إليه، وتجاوز الازمة. وسيحاول نتنياهو قدر الامكان كسب الوقت معتمدا على بقاءه في منصب رئيس الوزراء، فالقانون يسمح لنتنياهو البقاء في منصبه، على الرغم من لوائح الاتهام ضده، وأنه من حقه استغلال الحصانة، ومن حقه ان يطلبها خلال 30 يوماً من توجيه لائحة الاتهام ضده.

الاحتمال الثاني : استسلام نتنياهو سريعا ، وتقديم استقالته من رئاسة الحكومة، ويعتزل الحياة السياسية، ويأخذ طريقه الى السجن، وهذا الاحتمال الذي يرفضه نتنياهو بشدة ويقاتل بشتى الطرق حتى لايصبح هذا الاحتمال ممكنا. ولذلك قام بتحريك انصاره في الشارع الإسرائيلي، وسيستغل عامل الوقت، بهدف حصوله على الحصانة البرلمانية من الكنيست، بهدف استحالة وضعه في السجن، وإسقاط تلك التهم، من خلال صفقة مع القضاء. ويتيح القانون الإسرائيلي لرئيس الحكومة الاستمرار في أداء مهامه حتى بعد تقديم لائحة اتهام ضده، إلى حين إدانة المحكمة له رسمياً، ويبدو أن هذا السيناريو هو الأقوى أمام نتنياهو.

الاحتمال الثالث : إتمام صفقة مع النيابة الإسرائيلية لإعفائه من السجن مقابل الاستقالة، وحتى يصل ذلك يحاول تقوية مكانته الانتخابية، علما وأن النيابة غير معنية بإتمام هذه الصفقة حاليا.

توجهات نتنياهو ومحدداتها:

بات مصير نتنياهو على المحكّ، حتى أن حياته السياسية شارفت على الانتهاء، مع بروز سيناريوهات متعددة غالبيتها ليست في صالحه، لكن كي يحصل ذلك فعليا يجب أن تكون هناك إجراءات قضائية، تتمثل بنزع الحصانة القضائية عنه. الإجراءات ستمضي في اتجاهين الأول بمسار قضائي يثبت فيه مندلبليت خطورة التهم الموجهة لنتنياهو لمنعه من الترشح لرئاسة الحكومة، وهذه عملية مستقلة عن المسار السياسي الثاني الذي يشهد حربا بين نتنياهو وخصومه.

أولا  – المحدد القانوني:

يتولى نتنياهو السلطة منذ العام 2009، وهيمن على السياسة الإسرائيلية، واصبح القائد السياسي الأكثر بقاء في السلطة بإسرائيل. ولا يلزمه القانون بالاستقالة بعد اتهامه، وقد يتم تأجيل بدء المحاكمة لعدة شهور في حال إجراء انتخابات جديدة وتحرك نتنياهو وحلفاؤه لطلب الحصانة البرلمانية.  وإذا ظل نتنياهو في منصبه رئيسا للوزراء بعد الانتخابات، فلن يكون ملزما قانونا بالاستقالة، غير أنه سيضطر إلى الاستقالة إذا أدين واستنفد كل وسائل الطعن في نهاية المطاف، لكن بوسعه البقاء في المنصب طوال فترة الإجراءات القانونية.

وعلى الرغم من إعلان المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية افيحاي مندلبليت عن تقديم لوائح اتهام ضده، بتلقي الرشوة وخيانة الأمانة والاحتيال، إلا أن هذه التهم لم تقدم إلى المحكمة، وهذا يعني أن نتنياهو يستطيع مواصلة العمل بمنصبه كرئيس الوزراء وفقا للقانون، لحين بدء محاكمته. وبعد تقديم لوائح الاتهام ضده، نتنياهو سيبدأ بالصراع المزدوج، حيث سيحاول التخلص من الاتهامات بواسطة طلب الحصانة من الكنيست، ومن جهة أخرى سيعمل على تشجيع مؤيديه للتظاهر والاحتجاج على تقديم لوائح الاتهام ضده. ويسمح القانون لنتنياهو الحصول على الحصانة البرلمانية ، وسيكون أمامه مهلة 30 يومًا ومن حقه طلبها من الكنيست بصفته عضو كنيست، والتي تحولها للجنة الكنيست البرلمانية للبت فيها، ومن ثم التصويت على قرارها في الهيئة العامة. وهي مضمونة حيث أن كتلة اليمين القوية والمشكلة من 55 عضو كنيست ، والتي ظلت صامدة رغم لائحة الشبهات.

ومن الجدير بالذكر فانه لا يوجد “نص قانوني” يلزم رئيس الحكومة في إسرائيل على تقديم استقالته قبل انتهاء الإجراءات القضائية بحقه. ومعنى هذا أن رئيس الحكومة يستطيع، قانونياً، مواصلة إشغال منصبه بعد تقديم لائحة اتهام جنائية ضده، بل وحتى خلال كل الفترة التي تستغرقها مداولات المحكمة وجلساتها للنظر في لائحة الاتهام هذه، والتي قد تطول كثيراً جداً (بضعة أعوام). وليس ثمة جهة أو شخص في إسرائيل مخول صلاحية قانونية لعزل رئيس الحكومة عن منصبه. ويحدد “قانون أساس: الحكومة” (البند رقم 18) حالتين ينبغي فيهما إنهاء ولاية رئيس حكومة في إسرائيل في أعقاب مخالفة جنائية، وكلتا الحالتين بعد صدور قرار حكم قضائي بإدانته جنائياً: الأولى، قرار يتخذه الكنيست بأغلبية أعضائه بعد أن تكون محكمة أولى قد قررت إدانة رئيس الحكومة بمخالفة جنائية فيها وصمة عار؛ والثانية، بعد صدور قرار حكم قضائي نهائي ومطلق (بعد استنفاد جميع إمكانيات الاستئناف) يتضمن إدانة رئيس الحكومة بارتكاب مخالفة جنائية.

ومن الواضح، الآن، أن إصرار نتنياهو على عدم الاستقالة من منصب رئيس الحكومة، استنادا إلى القانون الذي لا يلزمه بذلك، سوف يجر عدداً من طلبات الالتماس إلى المحكمة العليا الإسرائيلية التي لا يمكن التكهن بالمنحى الذي ستختاره في معالجة هذه الإشكالية ([4]).

وعلى الرغم من ان الإجراءات القضائية ضد نتنياهو لن تبدأ، حتى يقوم باستخدام حقه بطلب الحصانة من الكنيست، لكنه لن يستطيع الحصول على التوصية أو التكليف لتشكيل الحكومة في حال لم تمنحه الكنيست الحصانة، أو في حال البدء بمحاكمته. لذا من غير المرجح أن تقدم لوائح الاتهام في القريبة للمحكمة لغاية النظر في قضية الحصانة، وما يجري الان فان محاكمة نتنياهو تجرى اعلامياً. وبينما لا يجبر القانون نتنياهو على الاستقالة من رئاسة الحكومة، ويسمح له الترشح مرة أخرى في الانتخابات القادمة، والاستمرار في منصبه رئيسًا للحكومة فقط، لكنه لن يستطع تولي مسؤولية وزارة الصحة والزراعة والشتات والرفاه الاجتماعي التي يتولاها حالياً، إلا إذا قرر المستشار القضائي للحكومة، أفيحاي مندلبليت النظر في ذلك وعدم انتظار التماسات المطالبة باستقالة نتنياهو امام المحكمة العليا ، ويتوقع خبراء قانونيون أن يصدر مندلبليت وجهة نظر، يؤكد فيها إن نتنياهو ليس مؤهلا لتشكيل حكومة ([5]).

ثانيا – الموقف داخل حزب الليكود:

على الرغم من أن نتنياهو قد نجح في أن يعزز قوة حزب الليكود في الحياة السياسية الإسرائيلية على مدى السنوات الماضية ، إلاّ أن الحزب يعيش حاليا مأزقا مركبا ، في حال بقاء نتنياهو أو مغادرته، فبوجوده، سيواصل الخصوم هجومهم على الحزب، الذي يقوده متهم بالفساد وخيانة الأمانة، وهذا يعرض شعبيته للتآكل ، كما عبرت عن ذلك بوضوح نتائج الاستطلاعات التي أجريت عقب إعلان المستشار القضائي للحكومة. وفي حال مغادرته، سيؤدي التنافس على خلافته إلى نشوء صراعات داخلية، بعد أن خلا منها الحزب لسنوات طويلة في ظل القبضة الحديدية والمناورات والصفقات، التي أدار بها نتنياهو شؤون الحزب الداخلية والتي أدت إلى إفراغ الحزب من الشخصيات القادرة على مواجهته ([6]).

خلافة نتنياهو ستعزز احتمالات حدوث تصدعات قوية داخل الليكود وتحولها إلى حالة صراع، خاصة وأن نتنياهو لا يزال يقاوم بشدة، ويهاجم زملاءه في قيادة الليكود، الأمر الذي سيسجل بداية انهيار الليكود كحزب مركزي، ليلتحق بزميله حزب العمل، وسينعكس ذلك على التكتل اليميني الذي نجح في إنشائه نتنياهو حتى أصبح زعيماً له، ولن يستطيع الليكود بعد نتنياهو أن يحافظ على مكانته ودوره حتى لو بقي موحداً. ولن يكون تحالف ازرق ابيض بعيدا عن تداعيات تلك الازمة ، فالتحالف اليميني الذي يرأسه بيني غانتس، عبارة عن خليط غير متجانس لن يكون قادراً على المحافظة على وحدته، في ضوء غياب البعد الأيديولوجي، وفي ضوء المنافسة بين قياداته.  ([7]).

ولقد حفزت تلك التداعيات الكثير من قيادات الليكود للبحث عن سبل للخروج بأقل الخسارات من هذا المأزق، وبادرت إلى طرح خطة لتشكيل حكومة وحدة يتولى نتنياهو، رئاستها في الأشهر الستة المقبلة،على اعتبار أنه سيكون في هذا المنصب تلقائيا حتى إجراء الانتخابات الثالثة، ثم يتولى بيني غانتس، رئاسة الحكومة لسنتين، ثم يعود في نهايتها الليكود إلى رئاستها. بموجب هذه الخطة سيبقى نتنياهو رئيسا لليكود ويمتنع عن إجراء انتخابات داخلية على رئاسة الحزب. وقوبل هذا الاقتراح بالرفض من “يئير لبيد” (الرجل الثاني في “ازرق ابيض”) والذي يرفض الجلوس يوما واحدا في حكومة يقودها نتنياهو. كما أن لدى غانتس وحلفائه أسبابا أخرى لرفض هذا الاقتراح، منها، تقديرهم بأن فرص فوزهم بمقاعد جديدة أفضل في الانتخابات الثالثة بسبب أزمة الليكود ومعسكر اليمين المتحالف معه ([8]).

وعلى الرغم من أن مؤيدو نتنياهو هم الأغلبية داخل «الليكود» في مواجهة أي منافس له على رئاسة الحزب، إلا أن التجارب تدل على أن هذه معطيات متحركة مع تطور الوقائع وردات الفعل حول إعلان المستشار القضائي. وتحدثت مصادر من الليكود عن وجود تعاون بين جدعون ساعر ورئيس الكنيست يولي إدلشتاين من أجل جمع تواقيع 61 عضو كنيست لترشيح شخص غير نتنياهو من قبل الحزب، يتم تكليفه بتشكيل الحكومة، في ظل تقديرات بنجاح ساعر وإدلشتاين في الحصول على توقيع أكثر من نصف كتلة الليكود في الكنيست. وهذا إن صح يعني أن ساعر سيكون منافسا قويا في مواجهة نتنياهو في حال أجريت الانتخابات الداخلية في الحزب على أبواب الانتخابات الثالثة ([9]).

وعزز هذا الاحتمال حجم التظاهرة التي دعا نتنياهو أنصاره من خلالها للخروج الى الشارع لدعمه، حيث جاءت النتيجة جاءت مخيبة للآمال، إذ لم يحضر من قيادات الحزب إلى التظاهرة سوى اثنين، فضلاً عن أن العدد كان متواضعاً. ولذلك شرع بعض زعماء الحزب، رحلة البحث عن بديل لنتنياهو ، بعد أن فقدوا الأمل في أن يجد الحزب طريقه، إلى المشاركة في حكومة وحدة وطنية في ظل زعامة نتنياهو، وفي ضوء عدم استعداد الآخرين لبناء شراكة سياسية معه على مستوى الحكم والحكومة.

ثالثا – المحدد العسكري والاستخباري:

نجح نتنياهو في أن يبقى على رأس الحكومة ما يقرب من ثلاث عشرة سنة ونصف السنة، كرس نفسه زعيماً لليكود، ولتكتل اليمين المتطرف، ووسع له مكانة على خارطة العلاقات الدولية، فضلاً عن إنجازاته التي تتصل بتجريف الحقوق الفلسطينية، والتقدم بالمشروع الصهيوني نحو التوسع على المستوى الإقليمي

وللخروج من أزماته الشخصية، والمأزق السياسي، يعمل نتنياهو على تسخين الجبهات الشمالية والجنوبية، للوصول بإسرائيل لحالة طوارئ، تؤهله للاستمرار في موقعه رئيسا للحكومة الإسرائيلية ، ولذلك من المتوقع أن يلجأ نتنياهو إلى شن عدوان جديد على لبنان او الأهداف الإيرانية في سورية او قطاع غزة، بحجة الخطر الأمني الذي يتهدد إسرائيل داعيا المجتمع الإسرائيلي الى «تجاوز الخلافات» والوقوف إلى جانبه «كمدافع عن أمن الإسرائيليين» ، وكشف نتنياهو بذلك عن خطته الحقيقية، ونواياه السياسية، لجر إسرائيل لحرب جديدة، من أجل أهدافه الشخصية، وعلى حد قول زعيم حزب “يسرائيل بيتنا” أفيغدور ليبرمان خلال التصعيد، فقد “عمل نتنياهو من أجل مصالحه الشخصية، على حساب المصالح الأمنية الإسرائيلية” ([10]).

أ – الجبهة الشمالية:

وجه بنيامين نتنياهو، تحذيرا الى رئيسَ الأركان الإسرائيلي، أفيف كوخافي، من تحرُّك إيراني وشيك ضد إسرائيل، بعد ان قامت إيران بنصب صواريخ بعيدة المدى في اليمن، قادرة على استهداف “إسرائيل”، إضافة إلى سعيها للحصول على سلاح يمكّنها من ضرب أي هدف في الشرق الأوسط بدقة تصل إلى أمتار معدودة.

حرص نتنياهو على تسخين الجبهة الشمالية، من خلال التحريض على إيران بالمحافل الدولية، وطالب الإدارة الأمريكية بعدم الانسحاب العسكري من سوريا، بزعم وجود مخاطر تهدد الأمن القومي الإسرائيلي، من التواجد العسكري الإيراني بسوريا. ولم يكتفِ نتنياهو بهذا، بل أعطى التعليمات خلال وجوده بوزارة الجيش، لمهاجمة أهداف عسكرية لجماعات تابعة لإيران، بالعراق وسوريا ولبنان، لخلق مبررات لحالة الطوارئ التي يريدها.

وجاءت زيارة قائد الأركان المشتركة للقوات المسلحة الأمريكية، الجنرال مارك ميلي، إلى “إسرائيل” في 24-11-2019 واجتماعه مع رئيس الأركان الإسرائيلي، الجنرال أفيف كوخافي، لبحث التطورات في المنطقة، واستكمال سلسلة زيارات أجراها جنرالات أمريكيون من قمة الأذرع والقيادات العسكرية الأمريكية خلال الشهر الأخير، إلى إسرائيل. وشارك في الزيارة الملحق العسكري الإسرائيلي في الولايات المتحدة، الميجور جنرال يهودا فوكس، والملحق العسكري الأمريكي في إسرائيل، الجنرال تشارلز (تشيب) براون. ونقلا عن مصدر عسكري إسرائيلي فقد تركزت المباحثات على “التهديد الإيراني”.

كما اطلع وزير الدفاع الإسرائيلي نفتالي بينيت، وزير الدفاع الأمريكي الدكتور مارك أسبير، على الأنشطة التي يقوم بها جيش الاحتلال الإسرائيلي، لمنع إيران من التموضع عسكريا في سوريا، وضد “جهودها المستمرة لتقويض أمن إسرائيل”.

واجتمع نفتالي بينت مع قادة الجيش الإسرائيلي وطالبهم بتكثيف العمليات العسكرية الهجومية في الفترة الحالية ضد الأهداف الإيرانية في سورية، وزيادة الضغوط الاقتصادية والسياسية على إيران، لإجبارها على الانسحاب من سوريا. وكشف بينيت عن استراتيجية جديدة للتعامل مع التهديد الإيراني ، ترتكز على شن هجمات متواصلة ودائمة ضد القوات الإيرانية وحلفاءها في سوريا، حتى انسحابها النهائي من هناك، بالتزامن مع فرض سياسات مالية وسياسية تزيد من الحجم الضغط الذي تواجهه ايران، لاسيما انها تواجه أزمة داخلية كبيرة في إيران والعراق ولبنان. ([11]).

وصرح نتنياهو ، بعد زيارته برفقة وزير الدفاع نفتالي بينيت إلى الجبهة الشمالية بعد انتهاء اجتماع الكابينيت الإسرائيلي ، أن إيران تستعد لتنفيذ هجوم قريب.

وفي ضوء تلك التصريحات والتحركات الخطيرة ، تشير التوقعات أن نتنياهو من المرجح أن يعمل على خلط الأوراق، ومواصلة المناورة السياسية والعسكرية، من خلال إمكانية تنفيذه ضربة عسكرية، وإشعال الجبهة الشمالية للأراضي المحتلة، ويتخوف قادة الجيش الإسرائيلي من تمرير نتنياهو عملاً عسكرياً خلال الأيام المقبلة، بهدف تحقيق أهداف سياسية ([12]).

الا اننا نستبعد قيام إسرائيل بعمل عسكري واسع يستهدف الجبهة الشمالية ، وان كنا نؤكد استمرار وتيرة العمليات العسكرية ضد الأهداف الإيرانية في سورية ، وفق الخطوط الحمراء المتفق عليها مع الروس. ومن غير المحتمل أن يلجأ نتنياهو إلى مغامرة عسكرية على الجبهة الشمالية في هذا التوقيت بهدف الالتفاف على مشاكله الداخلية واتهاماته بالفساد، فالقرار بهذا الخصوص ليس من اختصاص نتنياهو بمفرده، وليس قرارا إسرائيليا أيضا، وإنما هو قرار إقليمي ودولي نظرا للأطراف المتعددة ذات العلاقة في هذه المنطقة.

ب – الجبهة الجنوبية:

في أعقاب موجة التصعيد الأخيرة والتي قامت خلالها إسرائيل باغتيال الشهيد بهاء أبو العطا (قائد لواء الشمال في سرايا القدس – الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي) واصلت إسرائيل تحركاتها العسكرية وتصريحاتها الاستفزازية بإمكانية مواصلة سياسة الردع العسكري باتجاه التنظيمات الفلسطينية في قطاع غزة. وصرح نتنياهو في الجلسة الأسبوعية للحكومة الإسرائيلية : “أن إسرائيل لم تتعهد بأي شيء، لوقف إطلاق النار مع الجهاد الإسلامي خلال التصعيد الأخير، وأن سياسات إسرائيل لم تتغير، وأن من سيحاول المساس بنا سنهاجمه”.  وجاءت هذه التصريحات لتدعم احتمالية قيام إسرائيل بخطوات عسكرية جديدة بقطاع غزة، للعودة للتصعيد، وقد يبادر نتنياهو بإعطاء الأوامر لاغتيال شخصية قيادية عسكرية بقطاع غزة، من أجل الحفاظ على حالة التوتر الأمني، والتوصل بسرعة إلى حكومة وحدة مع غانتس، يكون هو أول من يتناوب عليها، ويتم تأجيل تقديم لائحة الاتهام ضده.

ويمكن تصور إمكانية تحركات نتنياهو لتنفيذ عملية عسكرية استخبارية في قطاع غزة ستأخذ الصدى الإعلامي الأوسع الذي يعزز صورة نتنياهو في الشارع الإسرائيلي ، وهنا يمكن توقع أحد الاحتمالات التالية:

الاحتمال الأول: اغتيال احد الشخصيات العسكرية القيادية، على غرار الشهيد بهاء أبو العطا ، وذلك تنفيذا للإستراتيجية الإسرائيلية المعلنة في مواجهة النفوذ الإيراني في المنطقة، من خلال الاستمرار في استهداف القواعد والشخصيات المحسوبة على إيران في المنطقة سواء على الجبهة الشمالية أو الجبهة الجنوبية.

الاحتمال الثاني: القيام بعملية استخبارية عسكرية لإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين لدى المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، في مشهد إعلامي يسجل لصالح نتنياهو في المرحلة العصيبة الحالية التي يعيشها، وذلك على الرغم من التسريبات عن اقتراب تنفيذ صفقة تبادل أسرى بين المقاومة الفلسطينية وإسرائيل.

ويؤكد على تلك الاحتمالات الشواهد التالية:

1 – التحليق المكثف لطائرات الاستطلاع الإسرائيلية في أجواء قطاع غزة خلال الأيام الماضية، وفي هذا الاتجاه تم رصد وجود دائم لتلك الطائرات على النحو التالي :

– 4 طائرات استطلاع غير مأهول من نوع – هيرمز 450 (مدنية غزة والوسطى).

– طيران الاستطلاع غير مأهول غير معتاد من نوع “هيرمز 900″، (مدينة غزة وشمال القطاع).

– طيران الاستطلاع غير مأهول غير معتاد من نوع “سوبر هيرون”، (محافظة رفح).

– طيران الاستطلاع الاستخباري المأهول من نوع “تزوفيت”، (شرق خانيونس).

– طائرات استطلاع مأهولة من نوع “جالف ستريم” بالضابط والأجهزة، (شمال غزة).

– طائرات الاستطلاع الاستخبارية من نوع “كواد كابتر”، بكثافة، في جميع أجواء قطاع غزة.

– الطيران الحربي بصورة متواصلة في جميع أجواء قطاع غزة ([13]).

2 – حادثة المروحية الإسرائيلية من طراز “يسعور” والتي هبطت اضطراريا في بلدة بيت كيما في صحراء النقب الشمالية، مساء 26-11-2019، بعد اندلاع حريق في المروحية التي كانت تقوم بـ “مناورة عسكرية ” واتضح أنها كانت تقل 12 من جنود وحدة الإنزال الجوي الخاصة “شلداغ” ([14]).  ومن الجدير بالذكر فان المروحية “يسعور” تصفها إسرائيل “بالعملاق المستقر والثابت ” تحمل الاسم الرسمي ” CH-53 سي ستاليون ” وهي من إنتاج شركة ” سكورسكي” الأمريكية. حلقت لأول مرة في الأجواء في طلعه تجريبية عام 1964 ودخلت الخدمة الفعلية في سلاح الجو الإسرائيلي عام 1969 ومن المتوقع أن تبقى في الخدمة حتى 2025. يبلغ طول مروحية اليسعور 27 مترا وعرضها 9 أمتار ووزنها الأقصى وقت الإقلاع 30 طن وتبلغ سرعتها القصوى 315 كلم في الساعة ويصل مدى تحليقها دون الحاجة للتزود بالوقود إلى 1000 كلم. ومن أهم مميزاتها قدرتها على حمل ونقل الأحمال الثقيلة جدا ما يجعلها من أهم طائرات النقل المروحي في العالم إضافة إلى قدرتها المميزة على التحليق فوق نقطة مجدد بدرجة ثبات تصل حد الكمال. ويشير هذا الحادث بالقرب من قطاع غزة، وطبيعة القوة المحمولة على الطائرة، إلى أن هناك مهام استخبارية خطيرة كانت منوطة بتلك القوة لتنفيذها في قطاع غزة على أرجح التقديرات.

3 – اجتماعاته مع عائلات الجنود الأسرى لدى المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة بصورة مكثفة في الأيام الأخيرة محاولا إبراز هذا الملف لدى الشارع الإسرائيلي تمهيدا لانجاز ما سيسعى نتنياهو لتحقيقه في الساعات القادمة.

الخلاصة:

بالرغم من أنّ نهاية نتنياهو السياسية باتت قريبة جدا، في ضوء اتهامات الفساد التي تم توجيهها إليه من قبل أفيحاي مندلبليت (المستشار القضائي للحكومة)، إلاّ أنّ هناك العديد من المحددات القانونية والعسكرية، سيكون لها دورا حاسما في تحديد هذا الأمر. فهذه الاتهامات لم تقدم إلى المحكمة، وهذا يعني أن نتنياهو يحاكم إعلاميا فقط حتى الآن ، وبالتالي فإنه يستطيع مواصلة العمل بمنصبه كرئيس الوزراء وفقا للقانون، لحين بدء محاكمته. وبعد تقديم لوائح الاتهام ضده، نتنياهو سيبدأ بالصراع المزدوج، حيث سيحاول التخلص من الاتهامات بواسطة طلب الحصانة من الكنيست، ومن جهة أخرى سيعمل على تشجيع مؤيديه للتظاهر والاحتجاج على تقديم لوائح الاتهام ضده.

وعلى الرغم من أن مؤيدو نتنياهو هم الأغلبية داخل «الليكود» في مواجهة أي منافس له على رئاسة الحزب، إلا أن التجارب تدل على أن هذه معطيات متحركة مع تطور الوقائع وردات الفعل حول إعلان المستشار القضائي، ولذلك يتوقع أن ينضم المزيد من قيادات الحزب إلى جدعون ساعر في مطالبته بالبحث عن بديل لنتنياهو.

الساحة السياسة الإسرائيلية، ستدخل في أزمة خطيرة وسيكون العامل الأمني هو المحرك الأساسي للسياسة الإسرائيلية، الأمر الذي ينطوي على خطورة عالية بالنسبة للإقليم. وسيغادر نتنياهو المشهد السياسي بعد أن ساهم بقوة في تأجيج خطاب الكراهية والسلوكيات الفاشية والعنصرية، ليس فقط إزاء الفلسطينيين، وإنما أيضاً في داخل المجتمع الإسرائيلي ([15]).

الأزمة التي يعيشها نتنياهو تتطلب الحذر في هذه الفترة، حيث تشير الكثير من المعطيات إلى أنّ نتنياهو سيسعى لتنفيذ عملية استخبارية عسكرية تأخذ الشكل الإعلامي الكبير في صورة يحتاجها نتنياهو بقوة لتقديمها للمجتمع الإسرائيلي بهدف تحسين صورته المهزوزة بسبب ملفات الفساد التي يواجهها. وبالرغم من الحديث عن تصعيد على الجبهة الشمالية أو الجبهة الجنوبية ، فإننا نعتقد أن المعطيات الإقليمية والدولية الحالية، وكذلك الإسرائيلية الداخلية، تجعل من المرجح في هذه المرحلة اللجوء إلى خيار العمل الاستخباري في قطاع غزة سواء باتجاه تنفيذ عملية اغتيال ضد احد قيادات المقاومة أو القيام بعملية استخبارية لتحرير الأسرى الإسرائيليين لدى المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، وهناك العديد من المؤشرات على هذا الاحتمال، والذي سيشكل رافعة هامة لشعبية نتنياهو في الشارع الإسرائيلي.

الضفة الغربية لن تكون بعيدة عن مخططات نتنياهو، ويتوقع أن يسعى إلى تصعيد هجمات المستوطنين الإرهابية ضد الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية من أجل إرباك المشهد العام، ولتعزيز تحالفه مع قوى اليمين الاستيطاني.

[1] – داني زاكين، موقع المونيتور 21/11/2019– ما هو التالي لإسرائيل بعد اتهام نتنياهو

[2] – مركز  مدار للدراسات الإسرائيلية 24/11/2019، ماذا بعد قرار تقديم لائحة اتهام ضد نتنياهو؟

[3] – مزال المعلم، موقع المونيتور 22/11/2019 – نتنياهو في حرب مع النظام القانوني

[4] – مركز مدار للدراسات الإسرائيلية / مصدر سابق.

[5] – مصطفى إبراهيم ، مركز الناطور 23-11-2019، نتنياهو وسياسة الأرض المحروقة ضد خصومه

[6] – محمد السهلي ، مركز الناطور 28-11-2019م ، ورقة نتنياهو الأخيرة؟

[7] – طلال عوكل، مركز الناطور 28-11-2019 ، إسرائيل بعد نتنياهو

[8] – محمد السهلي ، مصدر سابق

[9] – محمد السهلي ، مصدر سابق

[10] – محمد أبو رزق ، الخليج أونلاين 23/11/2019، مستقبله السياسي في خطر .. ما خيارات نتنياهو للخروج من مأزقه؟

[11] – موقع “i24NEWS” العبري، 25-11-2019

[12] – محمد أبو رزق ، مصدر سابق

[13] – أوراق غير منشورة.

[14] – موقع القناة 12 العبرية 26-11-2019م

[15] – طلال عوكل، مصدر سا

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 17 مشاهدة
نشرت فى 1 ديسمبر 2019 بواسطة AAC-ES-SMARA

ساحة النقاش

الفرع المحلي للجمعية الوطنية لقدماء المحاربين بالسمارة

AAC-ES-SMARA
»

أقسام الموقع

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

280,935