عالم السياسة والثقافة الإخباري .. د. عبدالله البركات
( يا عمي يَجَمْالْ !! سرقولك إجمالك !! )
ملاحظة :
( تاريخ المقال 6/1/2012 5:06:04 AM
نص المقال محدث ليشمل اخر سرقة سرقة الضمان 12/2/2013 )
لعبة بسيطة وجميلة وأصيلة , تسلية ما بعدها تسلية لأطفال القرى النائية عن عمان وما بها من مباهج ومراجيح وسحاسيل وسيسو . طفل يقوم بدور الجمّال , وطفل يقوم بدور اللص , وباقي الأطفال يقومون بدور الجِمال ( جمع جمل ). يقوم الجمَّال بوضع يديه على الحائط ورأسه على يديه ويتظاهر بالنوم ، يمسك الأطفال الآخرين به طلبا للحماية ، يأتي اللص ويمر حول الجمَّال ثم يدخل من بين يدي الجمَّال وهو يقول: " يا عمي يا جمال سرقولك اجمالك " . فيرد الجمَّال مستخفا بقول اللص : " سيفي تحت راسي , ما بسمع كلامك ". أي أني مستعد قوي فكلامك لا معنى له. الطريف أن اللص هو الذي ينبه أن هناك سرقات ستتم . وبعد أن يدرك اللص أن الجمَّال غافل يركن الى قوة مزيفة لا فائدة منها بغياب الإنتباه , يقوم اللص بسرقة الجِمال جملا جملا حتى آخر جمل ، ثم يهم بسرقة الجمَّال نفسه , فينتبه الجمَّال الغافل ويطارد اللص ، ولكن هيهات ، فقد وقع الفأس بالرأس ، وهكذا تنتهي اللعبة ثم تبدأ من جديد.
هذا بالضبط ما جرى للشعب الأردني : الجمَّال هو الشعب الأردني اللص هو اللص والجِمال هُنَّ مقدرات الشعب الأردني . الشعب الأردني غافل وحق له يغفل ، ولم لا يغفل؟ فقد أعد سيوفا كثيرة وضعها تحت رأسه.
أولا وضع سيف البرلمان , وسيف القضاء ، وسيف دائرة مكافحة الفساد ، ثم سيف هيئة مكافحة الفساد , وسيف المخابرات العامة التي تعلم ما توسوس به نفسك وهي أقرب إليك من حبل الوريد كما قال لنا أهالينا إذا أردنا ان ننتقد شرطي المرور ، وسيف ديوان المحاسبة , وسيف ديوان المظالم ، وسيوف أخرى وكثير من الخناجر , والشباري وامواس الكباس وبكسات الحديد , ناهيك عن المشارط وسكاكين الجزارة وسكاكين الفواكهة .
إذن الشعب الأردني ينام قرير العين وكل من قال له ( سرقولك إجمالك ) قال له "فشرت" ، ( سيوفي تحت رأسي ما بسمع كلامك ). بدأوا بسرقة الجِمال جملا جملا ، وكان اللصوص يقومون بتنبيه الجمَّال كلما سرقوا له جملا ، لا لكي يصحو بل ليتأكدوا أنه نائم. لم يتركوا ناقة ولا جملا ولا حوار - وهو ابن الجمل - ولا حتى الجمل الأجرب . لقد سرقوا جمل الفوسفات , ويا له من جمل عظيم , وجمل البوتاس , وجمل الميناء , وجمل الديسة , وجمل الكهرباء , وجمل أراضي الدولة , وجمل مقر القيادة , والجمل الكريم والجمل الكازينو , وجمل أمنية , وجمال كثيرة صغيرة (حوارات) , ويبدو أنهم ( بجروا بجمل الضمان ) - ولم ينتبه الشعب - ولماذا ينتبه فسيفه تحت رأسه وما يسمع الكلام .
آخير انتبه الشعب عندما قرر اللص أن لا مانع من سرقة الجَمّال نفسه وبيعه ( وقد ما يجيب يجيب ولو باعوه بخردة الجمال ) ( هُمُّهْ دافعين فيه مال الفيومي !! ) المفروض انهاء اللعبة ( بس يبدو أنه بعد فيه تالي جمال ) .
د. عبدالله البركات