العيد ... فرحة ... تكافل ... تصالح ...طاعة
د. زياد موسى عبد المعطي
في الإسلام عيدان يأتيان بعد عبادتين وركنين من أركان الإسلام، عيد الفطر بعد فريضة الصوم، وعيد الأضحى يأتي بعد فريضة الحج، أرى في هذين العيدين حكم كثيرة منها ما يلي:
· العيد فرصة للفرحة والسرور والترويح عن النفس في غير معصية لله: عن أنسٍ بن مالك قالَ: قدمَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ المدينةَ ولَهم يومانِ يلعبونَ فيهما فقالَ ما هذانِ اليومانِ قالوا كنَّا نلعبُ فيهما في الجاهليَّةِ فقالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ إنَّ اللَّهَ قد أبدلَكم بِهما خيرًا منهما يومَ الأضحى ويومَ الفطرِ". (صحيح أبي داوود).
· العيد فرحة أن هدانا الله لطاعته، فعيد الفطر فرحة أن وفقنا الله لصوم شهر رمضان "للصائمِ فَرْحتانِ يفرَحْهُما إذا أَفطرَ فَرِحَ ، وإذا لقي ربَّه فَرِحَ بصومِهِ" (حديث صحيح – أخرجه البخاري ومسلم والترمذي، وأحمد وابن ماجة باختلاف يسير) ، وفي رواية صحيح النسائي (للصَّائمِ فرحتانِ يفرحُهُما إذا أفطرَ فرحَ بفِطرِهِ ، وإذا لقيَ ربَّهُ عزَّ وجلَّ فرِحَ بصَومِهِ)
، وعيد الأضحى يذكرنا بطاعة أبو الأنبياء إبراهيم وابنه إسماعيل عليهما السلام للأمر الإلهي "فلما أسلما وتله للجبين، وناديناه أن يا إبراهيم، قد صدقت الرؤيا إنا كذلك نجزي المحسنين، إن هذا لهو البلاء المبين، وفديناه بذبح عظيم) (الصافات: 103 – 107) فكان الخلود لهذه الطاعة أن شرع الله للمسلمين عيد الأضحى والأضحية اقتداء بهذه الطاعة لأبي الأنبياء وولده إسماعيل عليهما السلام.
· العيد يبدأ بطاعة: العيد يبدأ بالتكبير والتحميد والتهليل وصلاة العيد، وذلك استمرار للطاعة التي تسبق العيدين، استمرار الطاعة لله عز وجل قبل العيدين.
العيد فيه إنفاق في سبيل الله وتكافل: عيد الفطر يسبقه زكاة الفطر للفقراء والمساكين، وعيد الأضحى به إنفاق مال وسفر وجهد لمن وفقه الله لفريضة الحج، وإنفاق لمن يقدر مادياً بذبح الأضحية سنة عن رسول الله وعن أبي الأنبياء إبراهيم عليه السلام. فالعيد فيه مساعدة الفقراء، ومحاربة الفقر. فالأضحية توزع الثلث لصاحب الأضحية والثلث للأقارب والأصدقاء، والثلث للفقراء
· الأضحية في عيد الأضحى فيها نشر المحبة: فإرسال اللحوم هدايا من الأضاحي إلى الأقارب والأصدقاء ينشر المحبة تنفيذاً لقول الرسول صلى الله عليه وسلم "تهادوا تحابوا".
· طاعة للوالدين: وتذكرنا أضحية عيد الأضحى بطاعة نبي الله إسماعيل لوالده أبي الأنبياء إبراهيم عليه السلام "فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أرى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَىٰ قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ (الصافات: 102)، والذبح هنا رؤية لنبي الله إبراهيم وأمر إلهي لأبي الأنبياء فقط، فطاعة الوالدين من أفضل الطاعات فيما لا يغضب الله.
· العيد تزاور ومودة وصلة للأرحام: وفرصة للتصالح وإنهاء الخصومات، فإذا التقى اثنان تصافحا: حيث يقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم "إنَّ المؤمنَ إذا لقِيَ المؤمنَ فسلَّمَ عليه وأخذ بيدِه فصافحَه تناثرَتْ خطاياهما كما يتناثرُ ورقُ الشَّجرِ" (صحيح الترغيب – الألباني)، وفرصة للتزاور وصلة الأرحام عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال " ومَن كانَ يُؤْمِنُ باللَّهِ واليَومِ الآخِرِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ" (متفق عليه)، و "مَن أحبَّ أن يبسُطَ لَه في رزقِه، ويُنسَأَ لَه في أثَرِه، فليَصِلْ رحمَهُ" (متفق عليه).
· العيد وحدة للمسلمين في مشارق الأرض ومغاربها: فالعيدان يومان للفرح لجميع المسلمين بمختلف الجنسيات والأوطان، وفي عيد الأضحى تتجلى وحدة المسلمين في فريضة الحج، الذي يمثل مؤتمر عام يحضره مسلمون من مختلف دول العالم في زي واحد في مكان واحد يؤدون نفس الشعائر طاعةً لله الواحد الأحد.
ندعو الله العلي القدير أن يبارك للمسلمين في الأعياد وتعود الأعياد على المسلمين بالخير واليُمن والبركات، والتصالح والوحدة والتعاون ونبذ الخلافات.