لأنها تعتكف في حيز صمتها حين تتواثب لفحاتُ جرحهم، وتُسرّ الألمَ في دواخل حزنها، ولأنها ترفض مبدأ استجداء مبررات عتابهم، أو المساومة على كرامة شعورها، يحاسبونها على كل تفاصيل أفعالها، ويوسمون كل ما قدمت بالتقصير، ويتنحّون في جانب الصواب، ويلقون عليها عبء غضبهم، يرون فقط ما تسول لهم أنفسهم رؤيته أما تجاهلهم لها، وإنكارهم لوجودها حين يلتقون بغيرها، فهو شيء هين وبسيط لا يستحق عناء إحساسها..
رفقًا بنفسك حينَ القرب، فما أسوأ أن تُحملها فوق طاقة ألمها، اكتفِ بأن تلوذ بها، وابتعد عن كل من لا يُنْزِلكَ حق قَدْرِكَ، فإن سعِدوا بعد رحيلكَ فهنيئًا لكَ بوح صدقهم، وإن لم يفعلوا حاول ألا تأخذ كل قُرْبهم على محمل الحُبِّ، فالبعضُ يستمسك بتلابيب جِوارك؛ لأنه لم يجد عنكَ بديلًا، وعند أول خيار سيترككَ كلاعب احتياط، اسمه مدون بالحضور، لكنه محظور من متعة المشاركة؛ لأن غيره قد حلّ مكانه، احذر أن تكون على هامش حياتهم لمجرد أنانية رغبتهم في امتلاك كل شيء، انتفض لكبرياء تواضعك، وأغلق كل بوادر علاقة لا تحمل في بواطن صلتها سوى الألم..