ان تقرير الأونكتاد بشأن المساعدة المقدمة الى الشعب الفلسطينى يبين بالتفصيل كيف تراجع اقتصاد الارض الفليسطينية المحتلة وكيف سجل نموه مزيدا من التباطؤ فى عامى 2013 و 2014 .ويؤكد التقرير أن تدهور الاقتصاد الفليسطينى , الذى تكمن جذوره الى حد بعيد فى وضع الارض الفليسطينية كأرض محتلة ,قد أدّى الى ضعف النمو , والى جعل المالية العامة فى وضع محفوف بالمخاطر , والى اعتماد قسرى على الاقتصاد الاسرائيليى , وتفشّى البطالة على نطاق واسع , وانتشار الفقر على نطاق أوسع وأعمق , وتزايد حدّة انعدام الأمن الغذائى . ويشير التقرير الى ان النساء الفلسطينيات مازلن يتحملن العبء الأكبر للاحتلال ,الذى يجعل معدّل مشاركتهن فى قوة العمل من أدنى المعدلات ويجعل معدّل البطالة فى صفوفهن اعلى المعدلات فى العالم .
فقد انخفض معدّل النمو الاقتصادى فى الأرض الفليسطينية المحتلة , مقاسا بالناتج المحلى الاجمالى , من متوسط سنوى قدره 11% فى عامى 2010 و 2011 الى 1.5 % فقط فى عام 2013 , أى أدنى بكثير من معدل النمو السكانى , مما أفضى الى انخفاض متوسط مستوى دخل الفرد . وظلّ معدّل البطالة مرتفعا جدا , حيث وصل الى 36% فى غزة الى 22% فى الضفة الغربية , وقد صنفت اسرة واحدة فقط من بين أربع اسر فلسطينية على إنها " تتمتع بأمن غذائى " أو بإمكانية الحصول على الغذاء على نحو يعوّل عليه .
ويناقش تقرير الآونكتاد الجديد التطورات الجديدة الآخيرة التى شاهدها اقتصاد الارض الفليسطينية المحتلة , ويستعرض القيود الرئيسية المفروضة عليه . وبالنظر إلى أن إعداد هذا التقرير قد أنجز قبل اندلاع العمليات العسكرية فى غزة فى شهر تموز/يوليه الماضى ,فإنه لا يأخذ فى الاعتبار التأثير الاقتصادى المدمر لهذا المجابهة الآخيرة .الإ أنه حتى قبل اندلاع هذه العمليات العسكرية الآخيرة ,كان الاقتصاد المحلى لقطاع غزة فى حالة انهيار كامل ناجم أساسا عن التأثير التراكمى لحصار محكم ممتد على مدى سبع سنوات وعن عمليتين عسكريتين إسرائليتين سابقتين مدمرتين حدثتا فى تشرين الثانى / نوفمبر 2012 وكانون الأول / ديسمبر 2008 . ويحذر خبراء الإقتصاد فى الآونكتاد من أن عواقب ذلك ستكون وخيمة على الشعب الفلسطينى وإقتصاده .
ثم إن بناء الاقتصاد الفلسطينيى عموماّ واقتصاد غزة بصفة خاصة لا تتطلّب قدرا كبيرا من المعونة الأجنبية فحسب , بل إنها تتطلّب أيضا بذل جهود إنمائية متجددة من خلال الاستثمار فى القطاعات الإنتاجية والبنية التحتية البالغة الأهمية من أجل إعادة بناء القاعدة الإنتاجية .الإ أن انتعاش مستدام للاقتصاد الفلسطينى عموما سيكون مستحيلا ما لم يبذل المجتمع الدولى جهودا مستمرة من أجل وضع حد للقيود المفروضة على حركة التنقّل فى الضفة الغربية وعلى الوصول إليها , بالإضافة إلى الإنهاء الكامل للحصار الذى لا يزال يخنق الاقتصاد المحلى لغزة ويعزل 1.8 مليون نسمة عن العالم الخارجى . ومن شأن هذه الجهود أن تقلب اتجاه زحم عملية " نكوص التنمية " التى زادت من حدتها الحملات العسكرية الإسرائيلية المتكرّرة .
ساحة النقاش