التعذيب هو محاولة وحشية لتدمير حسّ الشخص بكرامته وقيمته الإنسانية. وهو أيضا سلاح من أسلحة الحرب ينشر الرعب لا في نفوس ضحاياه المباشرين فحسب وإنما ينشره أيضا في أوساط الجماعات المحلية والمجتمعات عموما. وبمناسبة اليوم الدولي لمساندة ضحايا التعذيب، نُكرِّم الرجال والنساء الذين عانوا منه وتحملوا محنتهم بكل شجاعة وصبر. ونحن نحزن أيضا على أرواح الذين قضوا نحبهم تحت التعذيب.
ويجب على الدول أن تتخذ تدابير تشريعية وإدارية وقضائية وغير ذلك من التدابير الكفيلة بمنع أعمال التعذيب في أي إقليم خاضع لولايتها. فالتعذيب لا يجوز تحت أي ظرف من الظروف مهما كانت استثنائية - سواء في حالة الحرب أو التهديد بالحرب أو عدم الاستقرار السياسي الداخلي أو أي حالة أخرى من حالات الطوارئ العامة أو الأمن الوطني. وتقع على الدول التزامات بحظر التعذيب من بينها الالتزام بتوفير وسائل انتصاف فعالة وفورية لجميع ضحايا التعذيب ودفع تعويضات لهم وإعادة تأهيلهم.
ومن العسير العودة إلى ممارسة الحياة العادية بعد التعذيب. لذا، فإن صندوق الأمم المتحدة الاستئماني للتبرعات لضحايا التعذيب يساعد الأفراد والمنظمات في سائر العالم على التخفيف من المعاناة البدنية والنفسية لهؤلاء الضحايا وإعادة بناء ما تحطم من حياتهم ودعم الحق في كشف الحقيقة وإقامة العدل من خلال المساعدة القانونية. وإنني أشكر الحكومات المتبرعة وغيرها من المساهمين الذين جعلوا هذه المساعدة ممكنة، وأدعو جميع أعضاء المجتمع الدولي إلى دعم الصندوق. كما أنني أُثني على العديد من الأفراد والمنظمات الذين يقدمون المساعدة الطبية والنفسية والقانونية والاجتماعية لضحايا التعذيب ولأسرهم.
وأنا أرحب ببدء سريان الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري بوصفها إضافة لمجموعة صكوك القانون الدولي لحقوق الإنسان حيث أن الاختفاء القسري ما هو إلاّ مظهر آخر من مظاهر التعذيب. وإنني أناشد جميع الدول الأعضاء بالسماح للمقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالتعذيب، بشكل كامل ودون عوائق، بزيارة الأماكن التي يوجد فيها أشخاص محرومون من حريتهم في بلدهم. وأنا أدعو جميع الدول التي لم تُصدِّق بعد على اتفاقية مناهضة التعذيب إلى القيام بذلك، والسماح للضحايا بتقديم شكاوى فردية بموجب الصكوك الملحقة بها.
وفي ٍالوقت الذي تُواجَه فيه التطلعات المشروعة للشعوب في كثير من مناطق العالم الراغبة في مزيد من الحرية والكرامة والحياة الأفضل، بالعنف والقمع في أغلب الأحيان، فإنني أحث الدول على احترام الحقوق الأساسية لجميع الناس. إذ لا يمكن بأي حال من الأحوال، وتحت أي ظرف من الظروف تبرير التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو المهينة أو اللاإنسانية.
ساحة النقاش