يتيح اليوم الدولي الأول للأرامل الفرصة للفت الانتباه لعدد من الشدائد التي لا مناص للأرملة من مجابهتها ”لأول مرة“ غداة وفاة زوجها. فعلاوة على مكابدة الأسى الناجم عن فقدان رفيق الدرب، تجد الأرملة نفسها، ولأول مرة منذ الزواج، خارج أي تغطية تكفلها شبكة الأمان الاجتماعي. وغالبا ما تعاني الأرملة من الحرمان من الميراث وحيازة الأرض وفرص العمل، بل وحتى من سبل البقاء على قيد الحياة.
وفي المناطق التي يرتهن فيها مركز الأرملة بزوجها، قد تجد الأرملة نفسها على حين غرّة عرضة للنبذ والعزلة. وقد يصبح الزواج عندئذ، شاءت الأرملة أم أبت، هو السبيل الوحيد لكي تستعيد موطئ قدم في المجتمع.
ومن بين قرابة 245 مليون أرملة في العالم، يفوق عدد الأرامل اللائي يعشن في فقر مدقع 115 مليونا. وفي البلدان التي تتخبط في أتون النزاعات، كثيرا ما تترمل النساء في سن مبكرة، فيجدن أنفسهن مرغمات على تحمل أعباء ثقيلة لتوفير العناية لأطفالهن في خضم المعارك ومخاطر التشرد، دون تلقّي أي عون أو دعم.
وبعض الأرامل مجرد مراهقات، بل هناك من هن أصغر سنا. وقد تترتب على وفاة أزواجهن تبعات رهيبة لا مفر لهن من تحملها طوال ما تبقى من عمرهن.
فمن اللازم إذن توفير الحماية لجميع الأرامل عن طريق إعمال الحقوق المنصوص عليها في اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة وفي سائر المعاهدات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان.
بيد أن تفسير القواعد العرفية، وكذلك الطقوس الناظمة لشعائر الحداد والدفن، كثيرا ما يحرم المرأة في واقع الأمر من معظم حقوقها المعترف بها دوليا.
وعلى الرغم من الصعوبات الجمة التي تواجهها الأرامل، فإن العديد منهن يقدم إسهامات قيمة لبلدانهن ومجتمعاتهن المحلية. فبعضهن يضطلع بأدوار قيادية على أرفع المستويات. وهناك أخريات يعملن داخل أُسرهن، يتعهّدن اليتامى في كنفهن ويغدقن عليهم الرعاية، ويمددن أياديهن عبر خطوط المواجهة لرتق النسيج الاجتماعي الممزق.
يجب علينا إذن أن نعترف بما تقدمه الأرملة من إسهام مهم، وأن نكفل تمتعها بما تستحقه من حقوق وحماية اجتماعية بجميع أشكالها.
ولئن كانت المنية قدرا محتوما، فبوسعنا أن نخفف من المعاناة التي تكابدها الأرملة بسبل منها الإعلاء من شأنها ومد يد المساعدة لها في أوقات الشدة. فذلك حريٌّ بأن يساهم في تعزيز مشاركة جميع النساء في المجتمع بشكل تام وعلى قدم المساواة. وبذلك، سندنو أكثر فأكثر من هدف القضاء على الفقر وإحلال السلام في العالم أجمع.
ساحة النقاش