رحب المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان بالقرار بقوة القانون الصادر عن الرئيس محمود عباس بشأن إلغاء الأحكام المخففة بحق مرتكبي الجرائم على خلفية ما يسمى بقضايا "شرف العائلة"، ويأمل المركز بأن يكون هذا القرار خطوة في إطار مكافحة هذه الجرائم التي يستفيد مرتكبيها من الحصانة الممنوحة لهم من خلال تنفيذ أحكام مخففة بحقهم، وهو ما ساهم في تفشيها في المجتمع الفلسطيني على مدى العقود الماضية، وفتح الباب أمام أخذ القانون باليد وتقويض مبدأ سيادة القانون. كما يأمل المركز، ومع أجواء المصالحة الحالية، بأن يستأنف المجلس التشريعي عمله مجدداً، وأن يضع على سلم أولوياته سن قانون عقوبات فلسطيني موحد يتماثل مع روح وجوهر القانون الأساسي الفلسطيني بما يكفله من حقوق وحريات عامة للمواطنين، ومع ما كفلته المعايير الدولية لحقوق الإنسان.
وكان الرئيس محمود عباس قد أصدر قراراً بقوة القانون بتاريخ 15 مايو 2011، يقضي بإلغاء المادة (340) من الفصل الأول من الباب الثامن من قانون العقوبات الأردني رقم (16) لسنة 1960، النافذ في الضفة الغربية. كما ينص القرار على تعديل نص المادة (18) من قانون العقوبات الفلسطيني رقم (74) لسنة 1936، النافذ في قطاع غزة، بحيث تضاف في آخر المادة عبارة (ولا يشمل ذلك جرائم قتل النساء على خلفية "شرف العائلة".)
وقد جاءت هذه التعديلات على خلفية تزايد ارتكاب جرائم على خلفية ما يسمى بقضايا "شرف العائلة" في الأرض الفلسطينية المحتلة، والتي كان آخر ضحاياها المواطنة آية إبراهيم براذعية، 21 عاماً، من سكان قرية بيت صوريف، شمال غرب محافظة الخليل، جنوب الضفة الغربية، والتي عثرت الشرطة الفلسطينية على جثتها متحللة داخل بئر مياه في القرية، بتاريخ 07 مايو 2011. وكانت الضحية براذعية قد اختفت آثارها منذ تاريخ 20 إبريل 2011. ووفق ما ذكره العقيد رمضان عوض، مدير شرطة محافظة الخليل لوسائل الإعلام فإن عم الضحية ويبلغ من العمر 37 عاماً، قد اعترف بقتلها بعد اختطافها بمشاركة ثلاثة من أصدقائه، على خلفية ما يسمى بقضايا "شرف العائلة."
جدير بالذكر أن المادة (340) من قانون العقوبات رقم (16) لسنة 1960، النافذ في الضفة الغربية، أعطت عُذر مخفف لا تطبق فيه أحكام الظروف المشددة على الجاني مدعي ارتكاب جريمته على خلفية ما يسمى بقضايا "شرف العائلة". كما أجازت المادة (18) من قانون العقوبات رقم (74) لسنة 1936، النافذ في قطاع غزة، قبول المعذرة في ارتكاب جرم على خلفية قضايا الشرف.
المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان إذ يرحب في القرار بقوة القانون الصادر عن الرئيس محمود عباس بشأن إلغاء الأحكام المخففة بحق مرتكبي الجرائم على خلفية ما يسمى بقضايا "شرف العائلة"، فإنه يؤكد على ما يلي:
1) حق الرئيس وفي حالات الضرورة التي لا تحتمل التأخير، إصدار قرارات لها قوة القانون في حالة غياب المجلس التشريعي عن العمل، وذلك وفق نص المادة (43) من القانون الأساسي الفلسطيني لسنة 2003 وتعديلاته، على أن تعرض على المجلس التشريعي في أول جلسة يعقدها بعد صدور هذه القرارات وإلا زال ما كان لها من قوة القانون. وهو ما تضمنه القرار بقوة القانون الصادر عن الرئيس في نص المادة (4).
2) إن المبرر الأساسي لوجود المجلس التشريعي لم يكن لسد فراغ قانوني في الأرض الفلسطينية المحتلة التي عانت من تخمة في القوانين الموروثة، إنما لتوحيد هذه القوانين، ووضع نظام قانوني موحد للسلطة الفلسطينية. وقد خطا المجلس خطوات معقولة في اتجاه توحيد القوانين، إلا أنه بحاجة للعمل حتى توحيد جميع القوانين. ولكن لا تزال بعض القوانين النافذة في الضفة الغربية تختلف عن مثيلاتها النافذة في قطاع غزة، ومن أبرزها قانون العقوبات.
3) يأمل المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، ومع أجواء المصالحة الحالية، بأن يلتئم المجلس التشريعي مجدداً ويستأنف عمله، وأن يضع على سلم أولوياته سن قانون عقوبات فلسطيني موحد يتماثل مع روح وجوهر القانون الأساسي الفلسطيني بما يكفله من حقوق وحريات عامة للمواطنين، ومع ما كفلته المعايير الدولية لحقوق الإنسان.
4) ضرورة نظر المجلس التشريعي في أول جلسة يعقدها في كافة القرارات بقوة القانون الصادرة عن الرئيس محمود عباس منذ يونيو 2007، وكذلك التشريعات الصادرة عن كتلة التغير والإصلاح باسم المجلس التشريعي خلال الفترة ذاتها.
ساحة النقاش