<!--[endif] -->
نشأت العديد من الأزمات الحالية أو تسارعت خلال العقد الحالي مثل أزمات في المناخ، والتنوع البيولوجي، والوقود، والطعام، والماء، وأخيرًا في النظام المالي والاقتصادي بصفة عامة. ويشير تزايد معدل الانبعاثات المغيرة للطقس إلى خطر محدق يهدد بتغير مناخي لا يمكن السيطرة عليه، تصاحبه احتمالات لعواقب وخيمة على الإنسانية. وتشير الصدمة التي خلفتها أزمة الوقود في عام 2008 ، مع ما صاحبها من اشتعال أسعار الغذاء والسلع الأساسية، إلى الضعف البنائي والمخاطر التي لا تزال بدون حل. كما تشير زيادة الطلب، طبقًا لتنبؤات الوكالة الدولية للطاقة وآخرين، إلى الاعتماد على البترول وأنواع الوقود الأحفوري الأخرى؛ كما تشير إلى ارتفاع كبير في أسعار الطاقة في الوقت الذي يصارع فيه العالم للنمو والخروج من الأزمة. وبالنسبة للأمن الغذائي؛ فإننا لا نشهد تفهمًا واسع النطاق لطبيعة المشكلة، ولا حلولاً عالمية تعاونية تساعد على إطعام 9 مليار شخص بحلول عام 2050. وقد أصبحت ندرة المياه العذبة مشكلة عالمية بالفعل، وتشير التنبؤات إلى وجود فجوة متنامية بحلول العام 2030 بين الطلب السنوي على المياه العذبة، وبين الموارد المتجددة. ولا يزال استشرافنا لتحسين حالة الصرف الصحي يبدو كئيبًا لما يزيد عن 2.6 مليار شخص؛ ولا يزال 88 4 مليون شخص لا يستطيعون الحصول على مياه الشرب النظيفة وتؤثر هذه الأزمات مجتمعة بصورة كبيرة على قدرتنا على الحفاظ على الرخاء على مستوى العالم، وتحقيق الأهداف الإنمائية للألفية فيما يتعلق بتقليل الفقر المدقع. وهي تجمع بين المشاكل الاجتماعية الملحة الناتجة من فقد الوظائف، وبين الفقر وانعدام الأمن الاجتماعي -الاقتصادي، مما يهدد الاستقرار الاجتماعي.وعلى الرغم من تباين أسباب هذه الأزمات، فإنها تتحد معًا على المستوى الأساسي في صفة مشتركة: إساءة شديدة لتخصيص الموارد. وقد تم إغداق الكثير من رؤوس الأموال في العقدين الآخرين على العقارات، والوقود الأحفوري، والأصول المالية المنظمة والمتضمنة للمش تقات، بينما تم اس تثمار القليل بالمقارنة في الطاقة المتجددة، وكفاءة الطاقة، والمواصلات العامة، والزراعة المستدامة، وحماية النظام الإيكولوجي والتنوع البيولوجي،والمحافظة على الأرض والمياه. وقد شجعت معظم استراتيجيات التنمية الاقتصادية بحق على التكديس السريع لرؤوس الأموال المادية، والمالية والبشرية، ولكن على حساب تناقص رأس المال الطبيعي وتدهوره، ويدخل ضمن ذلك وديعتنا من الموارد الطبيعية والنظم الإيكولوجية. وقد كان لهذا النمط من التنمية والنمو تأثيرات قاتلة على رفاهية الأجيال الحالية
ما هو الإقتصاد الأخضر
يعرِّف برنامج الأمم المتحدة للبيئة الاقتصاد الأخضر على أنه الاقتصاد الذي ينتج عنه تحسن في رفاهية الإنسان والمساواة الاجتماعية، في حين يقلل بصورة ملحوظة من المخاطر البيئية وندرة الموارد الإيكولوجية. ويمكن أن ننظر للاقتصاد الأخضر في أبسط صورة كاقتصاد يقل فيه انبعاث الكربون وتزداد كفاءة استخدام الموارد كما يستوعب جميع الفئات الاجتماعية.وفي الاقتصاد الأخضر، يجب يكون النمو في الدخل وفرص العمل مدفوعاً من جانب الاستثمارات العامة والخاصة التي تقلل انبعاث الكربون والتلوث، وتزيد من كفاءة استهلاك الموارد والطاقة، وتمنع خسارة خدمات التنوع البيولوجي والنظام الإيكولوجي. وتحتاج هذه الاستثمارات للتحفيز والدعم عن طريق الإنفاق العام الموجه، وإصلاح السياسات وتغيير اللوائح. ويجب أن يحافظ مسار التنمية على رأس المال الطبيعي ويحسنه بل ويعيد بنائه عند الحاجة، باعتباره مصدرًا للمنفعة العامة، خاصة للفقراء الذين يعتمد أمنهم ونمط حياتهم على الطبيعة. إنّ مبدأ «الاقتصاد الأخضر » لا يحل محل التنمية المستدامة، بل أن هناك فهمًا مطردًا الآن لحقيقة أن تحقيق الاستدامة يرتكز بالكامل تقريبًا على إصالح الاقتصاد. فالعقود المتتالية من خلق الثروات الجديدة عن طريق نموذج «الاقتصاد البني »لم تتعامل مع التهميش الاجتماعي واستنفاذ الموارد، ولا نزال بعيدين عن تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية. إن الاستدامة لا تزال هدفًا حيويًا بعيد الأمد، ولكننا لابد أن نعمل على «تخضير » الاقتصاد لنصل إلى هذا الهدف.وللانتقال إلى الاقتصاد الأخضر، سيتطلب الأمر ظروفًا تمكينية معينة. وبصفة عامة، تتشكل هذه الظروف التمكينية من خلفية من اللوائح القومية، والسياسات، والدعم المادي والحوافز، والهياكل القانونية والسوقية الدولية وبروتوكولات المساعدات والتجارة. وتميل الظروف التمكينية حاليًا إلى الاقتصاد البني، وتشجعه، وهو الذي يعتمد بدوره على الوقود الأحفوري بشدة. فقد تجاوز إجمالي الدعم الإنتاجي والسعري للوقود الأحفوري، على سبيل المثال، 650 مليار دولار أمريكي في عام 2008،ويمكن أن يؤثر هذا المستوى المرتفع من الدعم سلبًا على التحول لاستخدام الطاقة المتجددة. وعلى العكس من ذلك يمكن للظروف التمكينية للاقتصاد الأخضر أن تمهد الطريق نحو نجاح الاستثمارات العامة والخاصة في تخضير اقتصاديات العالم. ومن أمثلة تلك الظروف التمكينية على المستوى القومي، تغيير السياسات المالية، وتقليل الدعم المضر للبيئة وإصلاحه؛ واستخدام أدوات جديدة مبنية على السوق؛ وتوجيه الاستثمارات العامة لقطاعات «خضراء » هامة؛ وتخضير المشتريات العامة؛ وتحسني القواعد واللوائح البيئية بالإضافة إلى سبل تطبيقها. وعلى المستوى الدولي، فتوجد هناك أيضًا فرصٌ لإضافة بنية تحتية للسوق، وتحسني تدفق التجارة والمعونات، وتعزيز قدر أكبر من التعاون الدولي.
ما مدى بعدنا عن الاقتصاد الأخضر؟
تضاعف الاقتصاد العالمي أربع مرات على مدار ربع قرن، مستفيدًا من مئات الملايين من البشر. ولكن على العكس من ذلك، تدهورت %60 من الخدمات والسلع الإيكلولوجية التي تعتمد عليها المعيشة أو استخدمت بطريقة غير مستدامة. ويُعزى هذا بالطبع إلى أن نمو الاقتصاد في العقود الأخيرة تحقق أساسًا عن طريق السحب من الموارد الطبيعية، دون السماح للمخزونات بإعادة التولد، وعن طريق السماح بخسارة وتدهور واسع النطاق للنظام الإيكولوجي.وعلى سبيل المثال فإن 20 % فقط من سلاسات الأسماك التجارية غير مستغلة اليوم، ومعظمها من الأنواع رخيصة الثمن، في حين يُستغل 52 % من الأنواع بالكامل دون وجود مجال للتوسع، ويُستغل 20 % منها أكثر من اللازم في حين نضب 8% منها. وأصبحت المياه في طريقها إلى الندرة، ومن المتوقع أن يزيد الإجهاد المائي بحيث تكفي إمدادات المياه 60 % فقط من احتياجات العالم بعد 20 عاماً 12 وقد زاد الإنتاج الزراعي أساسًا نتيجة لاستخدام الأسمدة الكيميائية 13 ، مما قلل من جودة التربة 14 وفشل في كبح جماح الاتجاه المتزايد لإزالة الغابات - والذي بقي بمعدل 13 مليون هكتار من الغابات سنويًا في الفترة 199 0 - 15،2005 ولذا فإن الندرة
الإيكولوجية تؤثر بشدة على سلسلة القطاعات الاقتصادية بالكامل، والتي تمثل حجر الأساس لإمدادات أغذية الإنسان، مثل مصايد الأسماك، الزراعة، المياه العذبة، الحراجة والتي تمثل مصدرًا حيويًا لمعيشة الفقراء. وإن الندرة الإيكولوجية والافتقار للمساواة الاجتماعية علامتان مميزتان لاقتصاد بعيد تماما عن كونه «أخضر .»ويعيش أكثر من نصف سكان العالم، في الوقت نفسه، وللمرة الأولى في التاريخ، في المناطق الحضرية. وتعتبر المدن حاليًا مسئولة عن 75 % من استهلاك الطاقة 16 و 75 % من انبعاث الكربون. 17 وتؤثر المشاكل المتزايدة والمرتبطة ببعضها البعض من زحام، وتلوث، وسوء تقديم للخدمات على الإنتاجية والصحة العامة للجميع، ولكنها أكثر وطأة على الفقراء في المناطق الحضرية. وتتعاظم الحاجة للتخطيط الذكي للمدن نظرًا لأن %50 من سكان العالم يعيشون الآن في اقتصاديات ناشئة تتحول بسرعة إلى الصبغة الحضرية وينتظر أن تشهد ارتفاعاً في مستوى الدخل والقدرة الشرائية - واتساعاً هائلاً في البنية الحضرية - في السنوات القادمة. وسيتباين الانتقال للاقتصاد الأخضر بين الدول، نظرًا لاعتماده على تفاصيل رؤوس الأموال البشرية والطبيعية لكل دولة وعلى المستوى النسبي لتقدمها هناك العديد من الفرص السانحة لجميع الدول في مثل هذا الانتقال. فقد وصلت بعض الدول لمستويات عالية من التنمية البشرية، ولكن عادة ما يكون ذلك على حساب قاعدتها من الموارد الطبيعية، وجودة بيئتها،وارتفاع انبعاث غازات الاحتباس الحراري. ويكمن التحدي الذي تواجهه هذه الدول في خفض نسبة بصمتها البيئية للفرد دون التأثير على جودة الحياة فيها. ولا تزال بعض الدول الأخرى تحافظ على نسبة منخفضة لبصمتها البيئية للفرد، ولكنها تحتاج لتحسني مستويات الخدمات والرفاهية المادية لمواطنيها ويكمن التحدي بالنسبة لتلك الدول في تحقيق ذلك دون زيادة بصمتها البيئية بشدة.
كيف نقيس تقدمنا نحو الإقتصاد الأخضر
لا يمكننا أن نأمل في إدارة شيء لا نستطيع حتى قياسه . لذا فإننا نعتقد أنه على الرغم من تعقيد الانتقال الكامل إلى الاقتصاد الأخضر، فلابد لنا من التعرف على المؤشرات المناسبة واستخدامها على مستوى الاقتصاد الكلي وكذلك على مستوى القطاعات. إن المؤشرات الاقتصادية التقليدية، مثل الناتج المحلي الإجمالي، تنظر لألداء الاقتصادي من خلال عدسة مشوهة، خصوصًا أن مثل هذه المؤشرات لا تعكس مدى ما تستنزفه عمليات الإنتاج والاستهلاك من موارد رأس المال الطبيعي. ويعتمد النشاط الاقتصادي عادةً على الانتقاص من قيمة رأس المال الطبيعي إما باستنفاذ الموارد الطبيعية، أو بالتقليل من قدرة النظم البيئية على تقديم المنافع الاقتصادية، سواء عن طريق الإمداد أو سن اللوائح أو الخدمات الثقافية.
وفي الوضع المثالي، تُقيَّم التغيرات الحادثة في أرصدة رأس المال الطبيعي بقيمة مالية وتدخل ضمن الحسابات القومية، عن طريق بناء المحاسبة البيئية و الإقتصادية SEEA الذي تقوم به الشعبة الإحصائية للأمم المتحدة System of Environmental-Economic Accounts وهي لتنظيم البيانات الإحصائية لاشتقاق مؤشرات متماسكة وإحصاءات وصفية لرصد التفاعلات بين الاقتصاد والبيئة وحالة البيئة لتحسين عملية صنع القرار. ونظام المحاسبة لا يقترح أي إن المؤشرات الرئيسية واحدة. بل هو نظام متعدد الأغراض الذي يولد مجموعة واسعة من الإحصاءات والمؤشرات مع العديد من التطبيقات المحتملة المختلفة التحليلية حيث تعمل المحاسبة الخضراء علي حساب
1- الطاقة 2- المياة 3- الأسماك 4- الزراعة 5- علاقة الأنسان بالنظام البيئي
وكلما اتسع استخدام مثل هذه المقاييس كلما أضحت لدينا مؤشرات أصدق للمستوى الحقيقي لنمو الدخل والأعمال وقابلية النمو.
يرتكز إنتهاج منهج التنمية المستدامة و تبني الإقتصاد الأخضر علي تشجيع الإستثمار في المجالات التالية
1- الطاقة المتجددة
2- الزراعه المستدامة و العضوية
3- نظم و شبكات المياة
4- العمل علي تشجيع التكنولوجيا الخضراء و الصديقة للبيئة
5- نظم النقل المستدامة
6- مشاريع إعادة التدوير المخلفات البلدية و الصناعية و المستشفيات و الزراعية
7- تطوير و تنمية العشوائيات و القري الأقل فقرا
8- تشجيع السياحة البيئية
9- تبني الحكومة سياسة الشراء الأخضر
10- تشجيع تشييد المباني الخضراء