<!--<!--<!--

إن السادية إنما تعنى اتجاهاً إيجابياً من الحياة الجنسية والموضوع الجنسى . فالجنسية عند الرجل بقدر ماهو ذكر تتضمن عنصراً عدوانياً يتراوح من مجرد الرغبة فى الإخضاع وتوهم وإيذاء الموضوع الجنسى إلى إيذائه المسرف بالفعل فى حالات الانحراف . ويذهب فرويد إلى أن الدلالة البيولوجية لهذا العنصر العدوانى إنما تتضح بالنظر إلى حاجة الذكر إلى التغلب على مقاومة الموضوع الجنسى حين تفشل الوسائل الودية . فالسادية هى الجانب العدوانى من الغريزة الجنسية ، أما المازوشية فجانبها السلبى . فالمازوشية تعنى الاتجاه السلبى من الحياة الجنسية والموضوع الجنسى .

   والمازوشية فى كثير من الحالات تبدو وكأنها كانت فى الأصل سادية وانقلبت ضد ذات الفرد نفسه بدلا من أن تتجه إلى الموضوع الجنسى وخلاصة هذا كله أن الرجل بقدر مايكون حظه من الذكورة يسعى إيجابياً فى طريق السادية إلى المرأة ، أما المرأة فبقدر ما يكون حظها من الأنوثة يكون التزامها للسلبية ، تقنع بعرض مفاتنها استنهاضاً للهجمة الرجولية التى تشفى غليل مازوشيتها.

     ذهب " كيرت ليفين " من أن المشكلة كيما تكون كذلك بالنسبة للشخص فلا ينبغى أن تسرف فى يسرها أو عسرها . فلو أسرفت فى يسرها لآنفض عنها استخفافاً ولو أمعنت فى عسرها لأحجم عنها ابتئاساً . ومن هنا يتراوح إعجاب الرجال ما بين موضات تستند إلى الإثارة الهامسة ، وأخرى تصرح بها أو تطلقها صرخات مدوية . ومهما يكن من أمر فليس ثمة شك فى أن الموضة إذ تأخذ على عاتقها العرض الأنثوى إنما تقبض على هذه الكبسولة التى تطلق شرارة التهيج الجنسى .

     يتساءل " فرويد " كيف يمكن أن نوفق بين هذا التوتر المكدر وهذا الشعور بالذة ؟! نذكر فى هذا الصدد " قانون الإغلاق " فى نظرية الجشطات أو ما يٌعرف فى بعض الدراسات النفسية الآخرى " بأثر تسايجارنك " . ففى الحالتين ثمة إشارة إلى أن الظاهرة الحية إذا ما بدأت فإنها تتجه من تلقاء ذاتها إلى أن تكتمل وتنغلق . فلو أنك قطعت عليها سبيلها ينبثق توتر يميل بالكائن أبدا إلى أن يحقق الإكمال والإغلاق .

     إن كريشندو التهيج الجنسى حقيقة قائمة تحتم على فن الموضة أن يضع فى اعتباره عين الرجل التى تنشد متاع المشاهدة الجنسية

      يتحتم على فن الموضة أن " يجذب " الرجل بما يقدمه له من متاع يحقق له اللذة بقدر مايستثير عنده الرغبة فى المزيد " فيشبكه " بالموضوع الأنثوى سعياً إليه ومحاولة للحصول عليه . وفن الموضة فى ذلك لابد وأن يكون واعياً بهذه الحقيقة الهامة وهى أن عين الرجل وريثه ويده ومن ثم تضطلع له بدور حرس الطليعة وتنبؤه عن الكثير من الخصائص الحميمة للموضوع الجنسى .

   يذهب التحليل النفسى إلى أن السيكوبتوفيليا والعرض إنما ينصبان أساساً على العضو التناسلى للمرأة . فحب المشاهدة الجنسية عند الذكر إنما هو فى أصله رغبة من جانبه فى أن يلمس العضو التناسلى للأنثى . وأما حب العرض عند المرأة فهو فى أصله رغبة من جانبها فى عرض عضوها التناسلى .

المستويات الثلاثة للسكوبتوفيليا :-

1. تجميل الموضوع الجنسى بحيث تحقق له الجاذبية ، إن الموضة تستطيع أن تقيم من المعطيات المتاحة انتظامات جمالية عديدة تتراوح  وإن اتسمت كلها بالجاذبية من مستوى الإثارة الجنسية الغليظة إلى عالم الجمال الفنى الخالص ، وإذا كانت الموضة فى معناها الرفيع تستهدف عالم الجمال الفنى أو عوالم الجمال الجنسى فإنها فى معناها الشائع قلما تتخطى حدود اٌثارة المباشرة والجمال المثير .

      إن المرأة الواحدة تغدو كيانات جمالية عديدة ، تنظر إليها فى الصباح فإذا بها مختلفة عنها فى المساء ، وتراها فى ثياب العمل غير ماتراها فى ثياب السهرة ، وهاهى تغرق ساجدة فى صلاتها لا تكاد تتبين فى ثيابها الفضفاضة ، فإذا ما كان الليل خرجت إلى العشاء بثياب السهرة وهى ضاحكة عابثة ....... إلخ نعم إنها الكثيرة فى واحدة ، هى واحدة تتكثر مبدية فى كل موقف من مواقف حياتها كياناً فريداً له سحره وله جماله وله مذاقه الخاص .

     كل هذا يستطيعه فن الموضة فى وظيفته الأولى إذ يحيل المرأة جشطتاً مصرية جميلة تتحدث إلى الرائى حديثاً يبعث فيه اللذة والمتاع أكثر مما يستثير التوتر استطلاعاً يطلب المزيد ، وهو ما يسمى بمستوى " المنولوج " تجتذب الأنظار .

2. مستوى الشبك حيث ينطلق الحوار بين الذات والموضوع " ملاغاة شهية " وديالوجاً من الإقبال والإعراض تتفتح فيه الفتحات المغلقة وتمتد الشقوق مسدودة ويبين الكيان دون أن يبين ، وفى هذا المستوى يستند فن الموضة أساساً إلى الاستفهام .

3. وهو أعمق مستويات الموضة ففيه تضطلع الموضة باستنهاض الهجمة الرجولية عن طريق ما تبديه من تصدع فى الخط الدفاعى أو ماتوحى به من عناصر الموقف الحميمة. والموضة فى هذا تستعين بفنيات عديدة توحى إلى الرائى إمكانية الامتلاك الوشيك للموضوع المشتهى فيتوهمه عند يديه لو مدً ذراعيه  ، فكل ما يمسك الفستان خمسة أزرار تمتد من أعلى إلى أسفل ، بعدها تكون القلعة تحت إمرة المغامر الجرئ ، تكون القلعة قد " قلعت عنها أسوارها مستسلمة لمصيرها أو هى دقيقة أو بعض دقيقة تنزلق فيها السوستة من أعلى إلى أسفل فتنفتح أمام العين جنات المتعة ، أو هو رباط فيونكة لا يصعب فكه كهذا الذى نألفه فوق علب الشيكولاتة ، هو رباط يثبت حزاماً قماشياً فى الوسيط فيوحى إلى الرائى بأنه لو جذبه جذبة هينة  لسقط الغطاء عن علبة الحلوى ، أو هو " شبشب " لا حذاء ننسى معه أننا فى الطريق العام وكأننا مع الموضوع فى منزله أو حجرة نومه أو هو ، أو هو .................... إلخ .

     إن فن الموضة لا يعمل ضمن حدود من الحقيقة الواقعية وإنما يتخطى ذلك مقيماً عوالمه الإدراكية الخاصة به ، فالواحد المؤنث من حيث هو موضوع جنسى بعينه ومن حيث هو واقع عيانى إنما هو خصائص ثابتة محددة. ومهما كان حظ هذه الخصائص فإنها تظل فقيرة بتعددها وانغلاقها على التكثر ، تهددها الألفة بالموت طال الوقت أو قصر .

      وفن الموضة هو الذى يشيع الحياة فى هذه الخصائص إذ يمد فاعليتها فى الزمان ويعددها كيانات متباينة فى المكان .

المصدر: كتاب سيكولوجية الموضة تاليف : صلاح مخيمر
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 586 مشاهدة

ساحة النقاش

tulipe

tulipe
IDB »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

307,747