النخبة
اقرأ كتاباتهم واستمع إلى أحاديثهم تدرك أنهم توقفوا عن القراءة مذ بلغوا الحُلُم، تبصر بهائم ترعى في حقل الواقع رصدا وتحليلا واستشرافا وفعلا.. دون أن يشف ما يتغوطونه عن عمق أو فكرة بكر أو رؤية كلية، لكن لا أحد منهم في نبل الشاعر الإنجليزي كيتس وحياءه عندما أوصى صديقا له قبيل وفاته بأن ينقش على قبره: “هنا يرقد انسان كتب اسمه على الماء”، فالواحد منهم هو الكاتب الجليل، والمحلل القدير، والسياسي الكبير، والمفكر الألمعي!.
الوعي
ومازالت حالة ضعف بل انعدام الوعي مستشرية واضحة جلية تتحدى الوعي في صلف وغطرسة، ليصبح مشروعا أن نسأل: هل كانت الثورات ربيع شعوب أم خريف أنظمة؟!.
الفوضى
في زمن فوضوي اللون، خرج بولدير الأديب الفرنسي الشهير من منزله شاكيا سلاحه لحرب كانت تخوضها بلاده، دُهش من يعرفون أديبنا لهذه الخطوة غير المتوقعة، فقد كان شخصا لاه لا يعبأ لغير الأدب وعشيقته الراقصة السمراء، فسألوه عن السبب، ليجيبهم أن هذه الفوضى تتيح له فرصة لن تتكرر لقتل زوج أمه الجنرال أوبك..
وفي زمن فوضانا تتناثر الاتهامات في كل اتجاه، يطلقها كل أحد ضد كل أحد، بلا حسيب ولا رقيب، هذا إخوان وذاك خلايا نائمة أو طابور خامس….، وإذا تتبعتها إلى منابعها تجدها مكدرة بتصفية حسابات شخصية!!.
الأمن
قال لي أحد الناشطين السياسيين العرب الظرفاء: لست مع الوحدة العربية.. سألته لماذا؟! أجابني: لأن الواحد منا، ومازالت بلادنا رهينة للقبضة الأمنية، إن كان مطلوبا في بلدة سعودية صغيرة سُيجلب من قفاه من قهوة بوسط القاهرة، أو من حضن البتراء في الأردن، أو من أمام نافورة الجُفير بالبحرين!.
الإعلام
خطاب إعلامي يظل يكذب ثم يكذب حتى يصدق نفسه، معتمدا نظرية جوبلزية أنهى التاريخ صلاحيتها!.
الديمقراطية
تعوقها مديونيات مركبة، راكمناها على مدى زمني طويل عندما غفلنا، وتغافلنا، وضعفنا، وصمتنا، وجبنا، وسهلنا، وتساهلنا..، وحين نمت لدينا الرغبة في تسديد تلك المديونية كان علينا أن ندرك أنها لن تسدد دفعة واحدة، وأن بلدنا ليس صوبة نلقى بها بذرة الديمقراطية “المستوردة” لتنبت في الحال على غرار بيئتها الطبيعية، بل هو صراع مرير وزمن مديد لتكييف هذه البذرة مع تلك التربة!.
الثورة
مشروع أخلاقي بامتياز، إن يُداس تحت الأقدام لا يتبقى منها غير صراع على الدولة الغنيمة بين ساقطين، يسطرون بتدافعهم إلى السلطة سطرا إضافيا في مأساة شعبنا البائس.
التاريخ
يموج التاريخ البشري بنماذج لهزائم تسلل من ثناياها الانتصار كأبهى ما يكون، كذا يكشف عن معارك مرق أحد طرفيها من النصر مروق السهم من الرمية، لتحل به الهزيمة الماحقة، ومن هنا ولد مفهوم التراجيديا في التاريخ.. فما من هزيمة كاملة، وما من انتصار كامل، وعلينا أن ننتصب دوما في حذر!. لكن أولئك الذين قصدهم سانتيانا بقوله: “من لا يقرأون تاريخهم محكوم عليهم حتى القيامة بأن يكرروا أخطاء أسلافهم”، ليسوا معنيين بهذه الجدلية!.
الكاتب / محمد السيد الطناوى
ساحة النقاش