د. سامى الطوخى - استشارى التدريب فى العلوم الادارية والقانونية والقضائية

تشهد الساحة المصرية جدلا واسعا في خصوص آليات اختيار القيادات الجامعية ، وتتعالى الأصوات المطالبة بوجوب اختيار القيادات الجامعية بالانتخاب الحر المباشر ، بعدما ترسخ فى ظل نظام الحاكم السابق نظام الانتخاب بالتعيين المبنى على معايير الولاء فى مقابل الجدارة والمعايير الأمنية الموافقة لنظام التوريث والسياسات القائمة فى مقابل حرية الرأي والتعبير والموضوعية ، وبعدما تفشى نظام الدولة البوليسية الأمنية التي يتم اختيار القيادات فيها بناء على ترشيحات الجهات الأمنية او كحد ادني عدم ممانعتها .

من هنا طفا الى السطح التعطش الكبير لممارسة الحرية والديمقراطية وإنهاء سيطرة البوليس الامنى على على كافة مناحي العملية الإدارية بكافة المنظمات .

واذا كنا نكتب هذه السطور وما يزال الأمر غير محسوم ، الا ان لنا ان نتسأل عن أفضل النظم لاختيارات القيادات الجامعية

ان هناك العديد من الأساليب التي يمكن الاختيار من بينها فى اختيار القيادات الجامعية ومنها :

الانتخاب بأشكاله المختلفة " مباشر - غير مباشر "

-         التعيين من قبل سلطة اعلي دون الالتزام بالأقدمية

-         التعيين وفق نظام الأقدمية المطلقة كما هو متبع في اختيار قيادات بعض الهيئات القضائية

-         التعيين بناءا على مسابقة مفتوحة تقتصر على أعضاء هيئة التدريس من داخل المؤسسة التعليمية

-   التعيين بناءا على مسابقة مفتوحة بعد الإعلان العام بوسائل النشر واسعة الانتشار لكل من تتوافر بشأنه الشروط المعيارية القانونية لشغل الوظيفة

- .....الخ

والملاحظ ان كل الطرق السابقة يمكن ان تأتى بقيادة واعية ذات رؤية تحقق مصلحة المؤسسة التعليمية وأبناءها من اعضاء هيئة التدريس ومتلقي خدماتها من طلابها الدارسين ...ويمكن أيضا ان تأتى هذه الطرق بقيادة لا تسعى الا لتحقيق مصالحها الذاتية .

والضمان الحقيقى لالتزام الموضوعية وتحقيق كافة المصالح المشروعة لكافة الأطراف والمعنيين هو تطلب وجود تشريع قوى ومحكم وجيد الصياغة يحدد ويتطلب ويضمن الا يتم اتخاذ اى قرار او تقرير اى سياسة ألا من خلال مجالس مؤسسية مجتمعية تشارك في صناعة قراراتها كافة الأطراف المعنية ولا يكون للرئيس داخل المجلس الا صوت واحد وان تضمن هذه التشريعات واللوائح الداخلية وجوب إعلان جدول إعمال المجالس بوقت كافي على كافة الأطراف بالوسائل التى تضمن علم الكافة وان تصاغ النصوص القانونية التى تفرض على الإدارة الإفصاح والشفافية عن كافة القرارات والوثائق التي بحوزة المنظمة ووجوب تسبيب كافة القرارات الإدارية المتخذة وان تقلل السلطة التقديرية للقيادات لأدنى مستوى . وان يكون المشاركة في الأنشطة او الحصول على الحوافز وفق معايير موضوعية معلنة وفق مبدأ المساواة وان يكون هناك قانون للتخطيط الاستراتيجي بحيث تكون القيادة مهمتها التنسيق لوضع خطة إستراتيجية للمنظمة بمشاركة كافة الأطراف المعنية ثم يأتي دورها بعد ذلك مركزا على تنفيذ الخطة وان تخضع للمساءلة إمام مجلس المؤسسة التعليمية وأجهزة أخرى فى إطار من الشفافية الكاملة .

وان تخضع القيادات قبل تولى المنصب لأحكام قانونية خاصة بالإفصاح المالي للقيادة المرشحة وأفراد عائلته مع ضرورة توافر إفصاح دوري عن الذمة المالية إثناء وبعد تولى المنصب .......الخ

وهو الأمر الذي يتماشى مع مفهوم دولة المؤسسات .... التى تعنى ان المؤسسة تعمل وفق رؤية المجموع وليس حسب شطارة القائد .... لان القائد منسق ومحفز للهمم ......الخ

بدون تلك الضوابط القانونية والإدارية لايمكن ضمان اى نتائج للإصلاح ويستوي كل الطرق .... فالخبرة التاريخية فى مصر المصرية أكدت لنا قدرة النظام السابق على تزوير الانتخابات ..... وعلى عدم الموضوعية فى المسابقات العامة للترشيح فى العديد من الوظائف كالشرطة والقضاء وغيرها ....حتى الاقدميات كان يحدث تعطيل للبعض حتى يفوت عليه الفرصة لشغل المنصب القيادي

ان تطبيق مثل هذه النظم التى سبقتنا اليها العديد من الدول المتقدمة سوف يجعل الكثيرين ممن يشتهون المنصب القيادي يغيرون رأيهم لانهم لن ينالوا منه الا العبء الثقيل والمساءلة القوية من كافة الأطراف المعنية ، فلا ميزة في الخفاء ولا إمكانية للتربح المالي ولا تبادل للمنافع مع إطراف أخرى داخليا او خارجيا .

ولذلك لابد فى تقديري السعي لسن هذه النظم ومن يأتي بعد ذلك نسأل الله ان يعينه ، ام بدون تلك النظم المؤسسية فمهما  كان من يأتي إنسانا او ملاكا ...لن يتمكن أبدا من قيادة ناجحة .

اذا لابد ان تقرر قاعدة مقتضاها  " ان على من أراد ان يدير شئون العامة ، عليه ان يديرها فى ضؤ الشمس " .

ومن المقترحات التي اعتقد أنها مفيدة في هذا الشأن ، ما يلى :

-   ان يشمل تشكيل القسم العلمي إطراف أخرى معنية مثل المعيدين والمدرسين المساعدين والأساتذة المتفرغين وغير المتفرغين .

-   ان يشمل مجلس الكلية كافة رؤساء الأقسام وكذلك المراكز التنموية لان العملية التعليمة لابد ان ترتبط باحتياجات خدمة المجتمع وان يعرض جدول الأعمال على القسم ويكون رئيس القسم ليس معبرا لرأية فى مجلس الكلية وإنما معبرا لما توافق عليه رأى الأغلبية فى القسم مع ضرورة بيان رأى الأقلية .

-   ان يشمل مجلس الجامعة او الأكاديمية عمداء الكليات المختلفة والمراكز التنموية وفى حالة الاكاديمية يمكن ان يشمل رؤساء الأقسام لعدم وجود كليات متعددة  

-         ضرورة تمثيل الطلبة وفق معايير موضوعية وفى حالات محددة .

-   ضرورة تمثيل الأطراف المعنية الأخرى الخارجية عند مناقشة الموضوعات المعنيين بها : مثال : عندما نناقش السياسة الخاصة بمخرجات التعليم لمسار البنوك يدعى ممثل من اتحاد من منظمات مجتمع مدني او نقابي معنى بالبنوك يكون ترشيحة من قبل الاتحاد الخاص به ..الخ

واذا تم سن التشريعات المناسبة للعمل المؤسسي الجامعي يمكن ان يكون آلية اختيار القيادات الجامعية عن طريق الأقدمية المطلقة لمدة سنتين او ثلاث سنوات وبعدها يتولى من يليه وهكذا ، ويمكن ان يتولى المنصب مرة أخرى وفقا للأقدمية أيضا ..... وبشرط ان يكون دور القائد تنسيقي وتنفيذي لخطة استراتيجة خمسيه شارك فى وضعها كافة الأطراف المعنية وليس إدارة شخصية .تختلف أهدافها ومشروعاتها حسب توجهات الرئيس .

 

ملحوظة :مرفقات

هناك عدد من التشريعات التى تحدد بيئة العمل لكافة المؤسسات الحكومية ومنها الجامعات ومن ذلك : فى أمريكا

-   قوانين أشعة الشمس Sunshine laws التى تضمن وصول كافة الأطراف المعنية إلى الاجتماعات التي تعقدها الوكالات التنفيذية والإدارية

 Public

access to meetings conducted by executive and administrative agencies

-   شفافية عناصر الذمة المالية للموظفين بالولايات المتحدة الأمريكية على المستوى الفيدرالى ، وينظمها قانونين ، هما قانون الأخلاق فى الحكومة لسنة 1978 و89

( The ethics in government act of 1978 ) (The ethics in government act of 1989)  اللذان يشكلان الإطار التشريعي للكشف المالي .

-   ألزم قانون حرية المعلومات لعام 1996 The Freedom of information act,  كل وكالة بأن تتيح وثائقها وخططها وقراراتها للإطلاع العام من قبل المعنيين .

-   قانون  ( Administrative procedure act (APA والذي يوجب مشاركة المعنيين في صناعة واتخاذ القرارات الإدارية ووجوب تسبيبها 

 

-   قانون   1993 Government Performance Results Act  الخاص بالتخطيط الاستراتيجي والمحاسبة على نتائج الأداء الحكومي

- ...الخ

اللهم أنى أشهدك :

" إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ " صدق الله العظيم

 

 

 


 

المصدر: د سامى الطوخى
  • Currently 60/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
14 تصويتات / 541 مشاهدة
نشرت فى 18 سبتمبر 2011 بواسطة toukhy

ساحة النقاش

د.سامى الطوخى

toukhy
هاتف متحرك 00971501095679 البريد الالكترونى [email protected] دكتوراه في العلوم الإدارية والقانونية - بتقدير جيد جدا مع مرتبة الشرف وتبادل الرسالة مع الجامعات الأخرى ، كلية الحقـوق جامــعة القاهرة . - حوالي 20 عاما من الخبرة العلمية والعملية في مجال التدريس والتدريب المتعلق بمجالات عديدة فى التنمية الإدارية والقانونية والقضائية فضلا »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

259,492