أزواج يؤكدون أن "العناد" قد يهدد المؤسسة الزوجية | |||
|
|||
مهما كان الحب عميقا في أي حياة زوجية، ومهما كانت درجة الإنسجام عالية بين طرفيها: الرجل والمرأة، يظل الباب مفتوحا لنشوء حوارات تبدأ طبيعية ثم تتحول لنقاشات قد تحتدم في ظل إصرار كل طرف على رأيه أو إتخاذه موقفا مضادا ومعاندا للآخر. ويمكن أن نعد هذه الاختلافات أمرا طبيعيا بين البشر؛ لأن الله خلقنا مختلفين وبدرجات قد تزيد أو تقل في تفكيرنا وفي أفهامنا وفي نظرتنا للأمور من حولنا، لكن ماذا لو تحولت تلك النقاشات لمشاحنات وخصام؟ ماذا لو غدا الاختلاف الذي سنَّه الخالق في البشر عنادا قد يعصف بالحياة الزوجية برمتها؟ نحاول في هذا التحقيق أن نقرأ قضية العناد بين الزوجين، ما هي؟ وما أسبابها، وكيف يمكن تجاوز الخلافات حتى لا تتحول لعناد ومن ثمَّ انفصال وطلاق. ففي الوقت الذي يرمي فيه عدد من الأزواج باللائمة على المرأة في عدم تدارك تبعات أي خلاف وتحوله لعناد، وتنصح بعض المتزوجات رفيقاتهن ببذل مزيد من التفهم لطبيعة الرجل الشرقي وضرورة مداراته؛ إلا أن هناك آراء مختلفة تتعلق بالعناد نفسه ما بين من يعتبره دليلا على الكرامة وقوة الشخصية، أو حتى في أهميته في كونه السلاح الأخير الذي يلجأ اليه أحد الطرفين إذا فشلت الوسائل الأخرى لتحقيق التفاهم، وما بين من يعدُّه ناقوسا يدق إسفين مؤسسة الزواج. لكن في المقابل اتفق الجميع على أن أسلوب الحوار الهادئ وفهم الطرف الآخر وتغليب التسامح وتقدير اختلاف وجهات النظر هي عوامل تحُدُّ من خطر العناد، إضافة لكونها مقومات لاستقرار أي علاقة زوجية. التفاهم بالحسنى:
تقول سارة محمد (طبيبة وأم لطفلين): إن العناد بين الأزواج -ببساطة- عادة سيئة، تحدث شئنا أم أبينا في حياتنا، وبخاصة في عالمنا الشرقي، حيث الرجل عنيد بطبعه مهما كانت درجة تعلُّمه، لذلك على المرأة بشكل خاص أن تقدم أكثر في هذا المجال؛ لأننا مهما قلنا إن الطرفين سيتضرران، لكن في الأخير المرأة هي من يتضرر أكثر. وتقترح سارة أن يتم التعامل مع حالات العناد بالحكمة وطول البال من كلا الطرفين، لكن على المرأة الذكية والواعية أن تتفهم طبيعة الرجل الشرقي، وأن تتركه يقول ما يريد في حالة حدوث خلاف حاد في الرأي، دون أن تستفزه، وبخاصة إذا كان في مزاج سيئ، ومن تحاول إقناعه بالحسنى أو تسايره حتى يهدأ شريطة أن يكون لدى الطرفين إيمان باختلاف وجهات النظر. وتختم سارة بأن كل المسائل يجب أن تكون في إطار اختلاف وجهات النظر إذا لم يحدث اتفاق بين الزوجين، وأن الحياة يجب أن تمضي بالتنازلات، والتي بدورها يجب ألا نحصيها، وبقدر ما يجب أن نكرس مبدأ التفاهم والاحترام والتعامل بالحسنى بقدر ما نحظى بحياة هانئة ومستقرة. ويؤكد هذا الرأي حسان مصطفى (50 سنة) والذي أجاب عن سؤالنا: كيف نستطيع تحقيق التفاهم بين الزوجين دون الوصول لمرحلة العناد؟ فقال: المرأة تعاند إذا وجدت من يعاندها، وكثيرا ما تعاند في أمور صغيرة جدا، لذا يجب أن ننتبه إلى أن للعناد حدودا وأوقاتا معينة. وعلي المرأة ذات العقل الراجح أن تهدئ من الموقف وتأخذ الأمر بهدوء أعصاب وتخفف من حدتها حتي تهدأ الأمور وتمر العاصفة بسلام. ويضيف أن أفضل طرق لتخفيفه أن يلتزم كلا الطرفين باحترامه للآخر، فالعلاقة الزوجية الناجحة تحتاج إلي فن في المعاملة بين الطرفين، ويجب أن تقوم علي الحب والاحترام. وكما أن على المرأة التحمل والمداراة، وعلى الرجل أيضا التصرف بحكمة وفهم. الإقناع هو الحل الوحيد: فيما تشارك عبير القحطاني (متزوجة حديثا) أنه إذا لم يكن هناك أي تفاهم بين الزوجين فحتما سيصبح العناد هو عمود علاقتهما الزوجية، وسيفرض نفسه علي كل شيء بينهما. وترى أنه على الطرف الهادئ منهما أن يتحمل عناد الطرف الآخر سواء كان رجلا أو امرأة. وتضيف القحطاني: لا أعتقد أن هناك زوجة تحب العناد لذات العناد؛ لأن ذلك يؤدي الي أسوأ النتائج. كل ما في الأمر هو اختلاف الرأي. ولا سبيل لحله إلا عن طريق الاقناع وليس الإتباع الأعمى لرأي الطرف القوي. وهذا لا يتأتى إلا إذا اعتاد الزوجان علي فن الحوار، وغلَّبنا مبدأ التسامح ونسيان أخطاء الآخر. أسلوب الاعتذار والتنازل عند اللزوم: لكن سعد الغانم (45 سنة) يشير إلى أنه لا بد من الاعتذار بدلا من تبادل الاتهامات بين الطرفين فيما لو حصل خلاف أدى لعناد حاد؛ لأن ترك المشكلة معلقة والمضي لمواصلة الحياة دون حلها أو توضيحها بهدوء سيبني مع الوقت جبلا من المشاكل والإختلافات التي تجعل منهما غير مرتاحين للبقاء معا. وتقول أماني خليل (35 سنة) إن أقوى دعامة آزرت من استقرار بيتها الزوجي تكمن في نصيحة تلقتها من أمها في هذا الشأن، وهي التضحية الذكية والتنازل عند اللزوم عن قدر معين؛ وذلك لبناء ألفة. وأضافت: إن الارتباط الروحي والعاطفة بين الزوجين هما وليد الألفة، والألفة لا تأتي إلا من خلال الفهم والرقة في التعامل حتى في ظل ضغوط الحياة وكثرة المشاغل والأعمال التي تجعل الزوجين في عصبية دائمة، ومن ثمَّ تحدث اختلافات وأحيانا عناد، وهذا يمكن تجاوزه إذا وجدت الألفة، لكن ما لا يمكن تحمُّله أن يصحب ذلك العناد استفزاز من طرف للآخر، أو تعنيف وإيذاء، ولو برر ذلك بأنه يحدث دون شعور لكنه مع الوقت يؤدي إلى البعد والنفور، وقد تصل الأمور إلى الطلاق. العناد مسألة كرامة.. وسلاح وحيد! لكن أحمد مسلم (30 سنة) يشير إلى أن عناد الزوجة غالبا يثير مسألة الكرامة الذاتية للرجل التي ليس باستطاعته التنازل عنها أو التزحزح عن مواقف أتخذها وآمن بها إيمانا راسخا، لكن ليس هناك من ضرر من الإنصات للزوجة ومسايرتها قليلا، وأخذها على قد عقلها حتى تعود عن عنادها -كما يقول. وتقول منى الغامدي(معلمة) إنه مهما كان العناد بين الزوجين مؤشرا لانهيار العلاقة الزوجية, لكنه في أحيان كثيرة قد يكون هو السلاح الأخير الذي يلجأ إليه أحدهما إذا فشلت الوسائل الأخرى لتحقيق التفاهم بينهما. وتقول: إن العناد ليس دائما سيئا أو سلبيا، فله مميزات أيضا. العناد يؤدي لانهيار علاقة الزواج: لكن في رأي لمختص في مشاكل العلاقات الأسرية قال المستشار محمد القرعاوي إن العناد صفة موجودة في الرجل والمرأة على حد سواء، لكنه أكثر وضوحاً عند المرأة، فهي قد تظنه سلاحها الأخير الذي تدافع به عن حقها أمام قوة الرجل واستبداده بالرأي أحياناً، ولكونها مخلوقا ضعيفا لا يقوى على الصراع فتلجأ إلى الرفض السلبي لما تراه لا يتوافق معها ومع مشاعرها، لكن الزوج يترجمه على أنه عصيان، فتبدأ المشاكل. ويتابع القرعاوي: وفي الحقيقة العناد صفة سلبية أغرقت الكثيرين وحطمت حياتهم في النهاية. وما الطلاق والانفصال إلا امتداد لاستمرار حالة من العناد المستمر تضغط على كل طرف ليصر على رأيه متجاهلا الطرف الآخر. لكن في الوقت الذي يرى فيه كل منهما أن تنازله عن فكرة من أفكاره هو تقليل لكرامته وكسر لهيبته وشخصيته أو حتى دفاع عن حقه، يجب أن ينظر الطرفان إلى أن اختلاف طباعهما وآرائهما لا يفسد قضايا الود بينهما طالما هي في الأمور التي يختلف عليها البشر دون أن تؤثر في حياتهم. ومن ثمَّ يجب ألا تصل هذه الاختلافات الطبيعية فتهدم بيت الزوجية وقيمه ومكتسباته من حصول العُشرة والذرية ، أو حتى تؤثر في علاقة الحب ومعناه. وينصح القرعاوي بأن يمنح كل طرف مزيدا من الحب والاهتمام والتقدير والاحترام للآخر حتى لو اختلف معه في أمر ما . وعلى الطرفين أن يتصرفا بهدوء وذكاء وبخاصة الرجل، كما أن التعود على أسلوب الحوار الهادئ، واحترام الرأي الآخر، وكذلك نسيان المواقف السلبية السابقة، والتعامل دوما بروح التسامح؛ كلها وسائل تصب في مصلحة استقرار الزواج، ومن ثمَّ راحة كل طرف فيه. ويجب على كلا الزوجين أن يقدما تنازلات متبادلة بينهما لا أن (يركب) أحد الزوجين رأسه كما يقول التعبير الشعبي، ويدخل في عناد لا تتم إدارته فلا تحمد عواقبه. |
نشرت فى 24 يونيو 2010
بواسطة tareiqalaoda
أن تغيير ما بالنفس هو الشرط الجوهري لكل تحول اجتماعي رشيد وأن الحكومة مهما كانت ما هي إلا آلة اجتماعية تتغير تبعا للوسط الذي تعيش فيه
“إن مشكلة كل شعب هي في جوهرها مشكلة حضارته ولا يمكن لشعب أن يفهم مشكلته ما لم يرتفع بفكره إلى مستوى الأحداث الإنسانية وما لم يتعمق في فهم العوامل التي تبني الحضارات أو تهدمها”. »
ابحث
تسجيل الدخول
عدد زيارات الموقع
60,114
ساحة النقاش