ســـــــــناءٌ عربىٌّ مبـــــــــــــين (الحلقة الأولى) بقلم الدكتور سامي نفادي
---------------------------------------
مُقَــدِّمة :
اللغة أشارةٌ و وسيلةٌ و ليستْ غايةً أو هدفًا لذاتها ، على الرغمِ من قولِ الكثير من البنيويين
و اللسانياتيين بأنها غاية فى ذاتها ؛ فاللغةُ تهدفُ إلى توصيلِ معنًى معيّنٍ مقصود .
فالأصوات "الحروف" وحتى الألفاظ ليست غاية ؛ ألَا نقولُ لأصوات الحيوانات و الطيـور
هى لغةٌ "أى إشاراتٌ للتواصل فيما بينها"؟ كذا فلدَى الإنسانِ لغةُ الإيماءات و الإشـــارات الحركية باليد ـ و هى كثيـــرة ـ و تعبيراتُ الوجهِ بعامةٍ و حركات الفم و اللسان و الشــفاه
و حركات العين و الأنف كذلك كلها إشارات تهدف إلى توصيل المعنى المقصود .
و اللغة اللسانُ حينما تكونُ أعلى تنسيقًا و ترتيبًا فذا يدل على أصولها العتيقة العميــقة
و ضربِها فى الزمن الذى أدَّى إلى تطـــــوُّرِها و نضجها و رُقيِّــها قتكون أعلى قدرةً على
الوصول إلى الهدف المرجوِّ منها.
واللغةُ "المسموعة" أصواتٌ و الصوتُ هو طاقةٌ فيزيائية ناتجة عن طاقة الحركة
الصادرة من جهاز النطق الذى يتكوَّن من مخارج الأصوات و الجهاز التنفُّسى .
و الصوتُ اللغوى "الفونيم" هو وحدةٌ لا تشكِّلُ معنىً و لكنْ بعلاقة الصوت بصوتٍ أخــــر
أو أكثر تتشكَّلُ الكلمة التى هى وحدةٌ ذات معنى جزئى "قولٌ دالٌّ على معنى مفردٍ لا يــدلُّ
جزؤه على جزءِ معناه "، و من الكلمات تتكــــــــوّن الجملةُ التى هى كلمتان أو أكثر ، ومن
العلاقةِ بين الكلمة و الكلمة يتكوّن معنى الجملة .
و حين ندْخُــلُ بستانُ العربية البهى الفسيــحِ نجدُ تنسيقَ زهورِ مدخلهِ "أصواته" قد تم
بأكثر من نسقٍ؛ فلغتنا قد نُسِّقتْ أبجديتُها بعدة أنساق :
ا ـ الأبجدية الصوتية وواضعها اللغوى الأشهر" الخليلُ بن أحمد" وقد رتَّبَها حسب مخارج
الأصوات ابتداءً من الأعمقِ كالتالى :
ع ا ح ه خ غ ك ق ج ش ض ص س ز د ت ط ر ل ن ث ذ ظ ف ب م و ى
ب ـ الأبجدية الفينيقية وهى التى مازالت تُستخدَمُ حتى الآن فى الحساب و ترتيب الفقرات
و هى :
ا ب ج د ه و ز ح ط ى ك ل م ن ص ع ف س ق ر ش ت ث خ ذ ض ظ غ
ج ـ الأبجدية النــصرية : و واضعها اللغوى الشـهير "نصر بن عاصم" و هى المعروفـة
الآن وقد رتّبها على أساس التماثل فى الشكل بين بعض الحروف و رتَّبها بجوار بعضها
مثل الباء و التاء و الثاء، و كذلك الجيم و الحاء و الخاء و غيرها .
و اللغةُ ـ كما يقول الدكتور لطفى عبد البديع ـ هى ،فى الأصلِ ، لغةُ الشِّعرِ فى مفهـوم الإنسان البدائىِّ الأول ؛إذْ كان يرى الأشياءَ بشاعريةٍ ؛إذ كان طفلًا ، و بنموِّ العقلِ الإنسانىِّ
جُرِّدَ الإنسانُ مِن شاعريته ، وجاءت لغةُ العقلِ، و لكنْ ظلّتْ لغتُنا العربيةُ تحملُ قدرا كبيرًا
من الشاعريةِ جعلَ "العقّادَ" يفرِدُ كتابًا باسمِ "اللغة الشاعرة" تناولَ فى بعضِ أبوابهِ شيئًا من دلائلِ شاعريتها و رُقِيِّها .
فى الحلقة القادمة بإذن الله سنتجدث عن جمال العلاقة بين الأصوات لكوين الكلمة .
سامى نفادى
ساحة النقاش