وُجوهٌ ومَرايَا
عَلَتْ أصواتُهما، تكهربَ الجوُّ، خرجَ يلتمسُ هواءً لِرئتيْهِ، في مرآتِها هالَتْها الهالاتُ السوداءُ تحتَ جفنيْها، تحجَّرتِ الدُّموعُ في مُقلتيْها، في مرآتِهِ أضواءٌ تكادُ تُعمِيهِ، كيفَ يُفسِحُ الطريقَ، وبِجوارِهِ مقطورةٌ تتلوَّى كأفعَى، وتزأرُ كأسدٍ؟ أمامَ المرآةِ يلعبُ الصغيرانِ: يتصارخانِ، هِيَ تطلبُ نقودًا، وهوَ يهمُّ بِضربِها، الأضواءُ تقتربُ، والزئيرُ يعلُو، لماذا يصرُّ الجميعُ على استفزازِهِ؟ مديرُهُ صباحًا، وزوجتُهُ في المساءِ، الطريقُ لوحةُ شطرنجٍ مجنونةٌ، تتحركُ كلُّ قطعةٍ علَى هواهَا، تتناوبُ علَى مرآتِهِ الوجوُهُ: المديرُ الغاضبُ، الزوجةُ الحزينةُ، طفلاهُ المرتعبَانِ، صريرُ الفراملِ يصكُّ أُذنيْهِ، الزجاجُ اللَّزجُ ينغرسُ فِي جسدِهِ، بِالمشفَى يستقبلُهم بِغيرِ الوجهِ الذي ذهبَ بِهِ ويلتقطُ أنفاسَهُ عبرَ الأجهزةِ.
أحمد عبد السلام
ساحة النقاش