تامر الرشيدى

المحامى بالاستئناف العالى ومجلس الدوله

ويضيف أنصار هذا المذهب إلى ذلك القول بأن من طبيعة الشروع أن تفقد الجريمة أحد عناصرها، وساء عند القانون أهمية العنصر الذي فقدته، إذ لن يتحقق الاعتداء على الحق الذي يحميه القانون، ويعني ذلك أنه من العبث أن نحاول تصنيف الحالات التي يخيب فيها أثر الفعل أو نقرر حكماً خاصاً بحالات الاستحالة، إذ هي سواء، فإذا ثبت على هذا النحو أنه لا وجود لمعيار موضوعي، فلا مفر من الركون إلى تقدير الجاني والاكتفاء بكون تحقيق النتيجة في ذهنه ممكناً. ولا يرى أنصار هذا المذهب حالات تخرج عن دائرة العقاب إلا حيث يتضح أن الوسيلة التي التجأ الجاني إليها تدل على سذاجته، كمن يحاول القتل عن طريق السحر، إذ السذاجة تعني انعدام الخطر على الحق وانتفاء علة العقاب على الشروع.
مذهب القضاء المصري:        يبدو أن الاتجاه العام للقضاء المصري هو ترجيح الرأي القائل بالتفرقة بين الاستحالة المطلقة والنسبية والعقاب على الثانية دون الأولى. فقد قررت محكمة النقض (المصرية) أنه: "متى كانت المادة المستعملة للتسميم صالحة بطبيعتها لإحداث النتيجة المبتغاة فلا محل للأخذ بنظرية الجريمة المستحيلة، لأن مقتضى القول بهذه النظرية ألا يكون في الإمكان تحقيق النتيجة مطلقاً لانعدام الغاية التي ارتكبت من أجلها الجريمة أو لعدم صلاحية الوسيلة التي استخدمت لارتكابها". ويعني ذلك أن القضاء يقر نظرية الجريمة المستحيلة إذا لم يكن في الإمكان تحقيق الجريمة مطلقاً، سواء أرجع ذلك إلى انعدام الغاية أو عدم صلاحية الوسيلة، وفي غير حالات "عدم إمكان تحقيق الجريمة مطلقاً"، أي حيث يكون عدم الإمكان نسبياً، كما لو كانت المادة المستعملة في القتل "تؤدي في بعض الصور إلى النتيجة المقصودة منها"، فإن العقاب على الشروع يكون متعيناً. وتطبيقاً لذلك قضي بالعقاب على الشروع في التسميم إذا كانت المادة المستعملة قد أعطيت بكمية غير كافية لإحداث الوفاة أو كان مذاقها السيئ حائلاً دون تناول المجني عليه الكمية الكافية منها، وقضي بالعقاب كذلك على الشروع في التسميم عن طريق وضع زئبق في أذن المجني عليه على الرغم من أن هذا الفعل لا يؤدي إلى حدوث الوفاة إلا إذا كانت بالأذن جروح، وهو ما لم يكن متحققاً في حالة المجني عليه، وقضي بالعقاب على الشروع في النصب على الرغم من أن المجني عليه كان عالماً بكذب الجاني بحيث كان انخداعه بحيلته مستحيلاً.        وإلى جانب هذا الاتجاه العام، فثمة أحكام قليلة قررت العقاب على صور من الاستحالة المطلقة كمحاولة التسميم باستعمال مادة غير ضارة، أو محاولة القتل عن طريق سلاح غير صالح لإخراج المقذوف.
المُقارنة بين الآراء المختلفة في مشكلة الجريمة المستحيلة:        يمثل المذهب الشخصي أرجح الآراء في الفقه الحديث، سواء في فرنسا أو في مصر. ولكن الحجج التي يستند إليها يعوزها الأساس القانوني: فالقول بأن الإرادة الإجرامية هي التي يتجه إليها القانون بالعقاب في حالات الشروع ينقضه أن القانون الحديث لا يعاقب على إرادة مجردة، وإنما يتطلب ارتكاب فعل يهدد بالخطر الحقوق الجديرة بالحماية، ولو كان القانون يعاقب على الإرادة ذاتها لما كانت ثمة حاجة إلى اعتبار البدء في التنفيذ ركناً في الشروع، ولما ساغ القول بأن التصميم على الجريمة والتحضير لها لا عقاب عليهما. أما الحجة الثانية التي تدعم هذا المذهب فجوهرها أن من طبيعة الشروع أن تفقد الجريمة أحد عناصرها، وأنه سواء عند القانون العنصر الذي فقدته، وهذه الحجة غير صحيحة لأن الشروع لا يعني فقد الجريمة عنصراً أياً كان من عناصرها، وإنما يعني تخلف عنصر بالذات هو النتيجة الإجرامية، أما إذا فقدت عنصراً سواها كما لو كان المال ملكاً لمن اختلسه أو كان ما يثبته الجاني في المحرر مطابقاً للحقيقة، فليس ذلك من الشروع في شيء، وإنما هو حالة انتفاء أحد الأركان التي يتطلبها القانون لقيام الجريمة. والمذهب الشخصي يقود إلى العقاب على أفعال لا خطر منها على الحقوق والمصالح التي يحميها القانون، فما الضرر الذي ينال المجتمع إذا ما استولى شخص على شيء يملكه أو أثبت شخص في محرر ما يطابق الحقيقة تماماً؟ إن العقاب على ذلك يعني العقاب على أفعال مشروعة في ذاتها وإغفال الركن الشرعي من بين الأركان التي تقوم عليها الجريمة في صورة الشروع.        وعندنا أن العقاب على الجريمة المستحيلة رهن بكون الفعل الذي أتاه الجاني مهدداً بالخطر الحق الذي يحميه القانون، ويثبت هذا الخطر طالما كان من شأن الفعل وفقاً للسير العادي للأمور أن يحدث النتيجة الإجرامية، ويتحقق هذا الخطر في أغلب حالات الاستحالة لأن العوائق التي تعترض سبيل تحقيق النتيجة تدخل عادة في نطاق السير العادي للأمور. ومن ثم كان الأصل في حالات الاستحالة أن يعاقب عليها، ولكن تستثنى من ذلك الحالات التي يتبين فيها أن الجريمة قد فقدت عنصراً من عناصرها غير النتيجة الإجرامية. ونحن نرى صواب التفرقة بين الاستحالة القانونية والاستحالة المادية والعقاب على الثانية دون الأولى. وإذا أردنا الدقة في التعبير لقلنا أن الاستحالة في المعنى الصحيح هي الاستحالة المادية، وحينما نقول بالعقاب عليها فإن ذلك يعني العقاب على كل حالات الاستحالة. أما الاستحالة القانونية فالأجدر أن يفصل بينها وبين نظرية الشروع، إذ لا صلة بينهما باعتبار أن الشروع يفترض تخلف النتيجة الإجرامية وتوافر سائر عناصر الجريمة في حين أن الاستحالة القانونية تفترض تخلف عنصر من عناصر الجريمة غير النتيجة. والتكييف الصحيح للاستحالة القانونية أنها "حالة تخلف ركن للجريمة مما ينبني عليه عدم قيامها وعدم العقاب عليها". وقد انتقد هذا المذهب بأنه صورة ثانية من الرأي القائل بالتفرقة بين الاستحالة المطلقة والنسبية، وقد بينا فساد هذا النقد، لأن الرأيين يختلفان من حيث اعتداد أحدهما – دون الآخر – بالاستحالة التي ترجع إلى الوسيلة. ونضيف إلى ذلك أن النقد الذي وجه إلى التفرقة بين الاستحالة المطلقة والنسبية لا يصدق على الرأي الذي نقول به. فالتفرقة المنتقدة تحاول أن تستند إلى طبيعة الأشياء، وهذه تأبى أن تكون للاستحالة درجات، ولكن التفرقة التي نقول بها تستند إلى المنطق القانوني باعتبار أن الشارع إذا تطلب لتوافر الجريمة عناصر معينة فإن تخلف أحدها يؤدي إلى عدم قيام الجريمة، وهذه الفكرة الأساسية لم يوجه إليها نقد. وفي النهاية فإننا ندعم هذا الرأي بملاحظة أنه من الغير المقبول أن تتطلب للجريمة بصفة عامة أركاناً معينة، فإذا عاقبنا عليها باعتبارها شروعاً أغفلنا هذه الأركان وقلنا بتوقيع العقاب على الرغم من انتفاء بعضها.
 2- القصد الجنائي
الأحكام التي يخضع لها القصد الجنائي في الشروع:        ليس بين الشروع والجريمة التامة فارق من حيث الركن المعنوي، وإنما ينحصر الفرق بينهما في الركن المادي الذي تكتمل عناصره إذا كانت الجريمة تامة في حين تتخلف منه النتيجة الإجرامية إذا اقتصرت الجريمة على مجرد الشروع. ويترتب على ذلك أن القصد الجنائي الذي يتعين توافره بالنسبة للشروع في الجريمة هو عين القصد الجنائي الذي يتعين توافره إذا كانت الجريمة تامة، فيقوم في الحالين على نفس العناصر ويخضع لذات الأحكام، وعلى سبيل المثال، نقرر أنه إذا كان القصد الجنائي يتطلب في القتل التام نية إزهاق الروح وفي السرقة نية التملك، فهو يتطلب نفس النية بالنسبة للشروع في كل من الجريمتين.
القصد الجنائي يتطلب إرادة إحداث النتيجة الإجرامية:        يفترض الشروع اتجاه إرادة الجاني إلى ارتكاب جريمة تامة، ولا يتصور أن تتجه إرادته إلى مجرد الشروع فيها، إذ لن يحقق الشروع له غرضاً، وبالإضافة إلى ذلك فالفرض أن عدم إتمام الجريمة لم يكن مرجعه إلى إرادة الجاني، ولذلك لم يكن متصوراً أن تتجه إرادته إلى عدم إتمام الجريمة. وإذا ثبت أن إرادة الجاني لم تتجه إلى إتمام الجريمة، فإنه لا يُسأل عن شروع فيها، وإنما يسأل عن الجريمة التي تقوم بالأفعال التي أراد أن يقصر نشاطه على إتيانها.
القصد الجنائي يتطلب إرادة ارتكاب جريمة معينة:        الشروع ينصرف إلى جريمة معينة، ولا يعرف القانون شروعاً مجرداً، أي شروعاً في غير جريمة محددة. ويترتب على ذلك أنه إذا لم تتحدد إرادة الجاني بالاتجاه إلى إحداث نتيجة إجرامية معينة فلا محل للشروع، ولا وجه للعقاب إلا إذا كان النشاط الذي صدر عنه يعد جريمة قائمة بذاتها وكانت الإرادة الصادرة عنه تصلح لأن تقوم بها هذه الجريمة. فمن يدخل منزلاً دون أن تكون إرادته متجهة إلى ارتكاب جريمة معينة لا يسأل عن شروع، ولكن قد يسأل عن انتهاك حرمة ملك الغير (المادة 369 وما بعدها من قانون العقوبات المصري).
أهمية اعتبار القصد الجنائي ركناً للشروع:        يترتب على اعتبار القصد الجنائي ركناً للشروع حصر نطاقه باستبعاد طوائف من الجرائم لا يعد القصد الجنائي من أركانها، إذ يعني ذلك أن يتخلف بالنسبة للشروع فيها أحد الأركان المتطلبة لقيامه، فلا يكون الشروع طبقاً للقانون متصوراً. وهذه الجرائم طائفتان: الجرائم غير العمدية، والجرائم ذات النتائج التي تجاوز قصد الجاني.
لا شروع في الجرائم غير العمدية:        لا يقوم الركن المعنوي في هذه الجرائم على القصد الجنائي. بل يفترض انتفاءه وتوافر الخطأ غير العمدي، ومن ثم لم يكن للشروع فيها محل، إذ ينقصه دائماً أحد أركانه. وعلى هذا النحو، فالفعل المنطوي على خطر يهدد حقاً والصادر عن خطأ غير عمدي لا يعد شروعاً إذا لم تحدث النتيجة التي يتمثل فيها الاعتداء على الحق وتقوم بها جريمة غير عمدية معينة، ولكن هذا الفعل قد يعد جريمة في ذاته إذا كان القانون يعاقب عليه مجرداً أو كان قد أحدث نتيجة تقوم بها جريمة غير عمدية أخرى. فقيادة سيارة بسرعة في طريق مزدحم بالمارة وعلى نحو يهدد بالخطر حياة بعضهم لا يعد شروعاً في قتل غير عمدي، ولكنه قد يعد جريمة تجاوز السرعة المسموح بها، أو جريمة إصابة غير عمدية إذا أفضى الفعل إلى إصابة ولكن لم تتحقق وفاة المصاب.
لا شروع في الجرائم ذات النتائج التي تجاوز قصد الجاني:        تفترض هذه الجرائم أن الجاني قد أرتكب فعلاً أراد به إحداث نتيجة معينة ولكن حدثت نتيجة أشد جسامة لم يتجه إليها قصده، وبديهي أن يكون الشروع غير متصور بالنسبة للنتيجة الجسيمة، إذ لم يتجه القصد الجنائي إليها، فيعني ذلك أن أحد أركان الشروع يتخلف دائماً بالنسبة لها. فالشروع لا يتصور في جريمة الضرب المفضي إلى الموت، إذ لا يتجه القصد إلى إحداث الوفاة، وإلا كانت الجريمة قتلاً عمدياً، وإنما يقتصر اتجاه القصد على مجرد المساس بسلامة الجسد ثم تحدث الوفاة دون أن ينصرف القصد إليها. ويصدق الحكم نفسه على كل جريمة ذات نتيجة تجاوز قصد مرتكبها، مثال ذلك الجرائم المنصوص عليها في المواد 126 و 168 و 257 و 276 من قانون العقوبات (المصري).        أما جريمة الضرب المفضي إلى عاهة مستديمة فلها صورتان: إذ قد تكون ذات نتيجة تجاوز قصد مرتكبها كما لو اقتصر قصده على مجرد المساس بسلامة الجسم ثم حدثت العاهة؛ وقد تكون عمدية عادية كما لو اتجه القصد إلى إحداث العاهة، مثال ذلك أن يصيب شخص جسم آخر بنية بتر يده أو فقء عينه. ففي الصورة الأولى لا يتصور الشروع، ولكن في الصورة الثانية يكون الشروع متصوراً، إذ يتوافر القصد المتجه إلى النتيجة، فإن توافرت سائر أركانه فلا مفر من العقاب عليه.
سلطة القضاء في إثبات توافر القصد الجنائي:        التحقق من توافر القصد الجنائي يدخل في اختصاص قاضي الموضوع الذي يستخلصه من وقائع الدعوى وقرائنها. ولا رقابة لمحكمة النقض عليه إلا إذا أخطأ في تحديد عناصره وأحكامه، إذ يكون لمحكمة النقض أن ترده إلى التحديد الصحيح. ويلتزم قاضي الموضوع بأن يثبت في حكمه بالإدانة من أجل الشروع توافر القصد المتجه إلى الجريمة، فإن لم يفعل فحكمه قاصر التسبيب، إذ أغفل بيان ركن تقوم عليه المسئولية الجنائية عن الشروع.
3- عدم إتمام الجريمة لأسباب لا ترجع إلى إرادة الجانيتمهيد:        يفترض الشروع المعاقب عليه أمرين: عدم إتمام الجريمة، وكون ذلك غير راجع إلى إرادة الجاني. فالأمر الأول يكفل التمييز بين الشروع والجريمة التامة، والأمر الثاني يكفل التمييز بين الشروع المعاقب عليه وحالات البدء في التنفيذ التي يعقبها عدول اختياري فلا يوقع فيها عقاب.
الفرق بين الجريمة التامة والشروع:        قدمنا أن هذا الفرق ينحصر في استكمال الركن المادي في الجريمة التامة كل عناصره في حين أنه تتخلف منه النتيجة الإجرامية في حالة الشروع. ونضيف إلى ذلك أن تحديد ما إذا كانت الجريمة تامة أم اقتصر النشاط الإجرامي على مجرد الشروع يقتضي الرجوع إلى نص القانون الخاص بالجريمة واستخلاص الكيفية التي يحدد بها عناصر الركن المادي، وبصفة خاصة تحديد الواقعة التي تعد نتيجة إجرامية بالنسبة لهذه الجريمة، ثم تطبيق ذلك على سلوك الجاني وآثاره لبيان ما إذا كانت النتيجة قد تحققت أم لم تتحقق. وتختلف الجرائم فيما بينها، ولذلك لا نستطيع أن نضع قاعدة عامة، وإنما نكتفي بالإشارة إلى بعض الجرائم: لا تتم جريمة القتل إلا بوفاة المجني عليه، فإن لم تتحقق هذه النتيجة فالجريمة في مرحلة الشروع أيا كانت خطورة الإصابات، ولا تتم جريمة السرقة إلا إذا أخرج الجاني الشيء من حيازة المجني عليه وأدخله في حيازة أخرى، فإن لم تتغير الحيازة على هذا النحو فالسرقة في مرحلة الشروع أيا كان المدى الذي بلغه الجاني في نشاطه الإجرامي، ولكن جريمة الحريق تتم بمجرد وضع النار في المكان المراد إحراقه سواء اشتعل الحريق أو لم يشتعل، ويعني ذلك أنه إذا وضع الجاني النار فانطفأت ولم تتلف شيئاً فالجريمة تامة. وكذلك تتم جريمة استيراد السلع من خارج الجمهورية (مصر) قبل الحصول على ترخيص من وزارة الاقتصاد بمجرد وصول السلع إلى أحد جمارك إقليم الجمهورية ما دامت قد شحنت من الخارج قبل الحصول على الترخيص، ولا يعلق تمامها على استلام السلع من الجمارك.
الفرق بين العدول الاختياري وعدم إتمام الجريمة لأسباب لا ترجع إلى إرادة الجاني:        يضع هذا الفرق الحدود بين مجالين: مجال لا يعاقب القانون فيه ومجال يقرر القانون فيه توقيع العقاب. وتفسير عدم العقاب في حالة العدول الاختياري مستمد من سياسة العقاب. إذ يقدر الشارع أن مصلحة المجتمع تقتضي تشجيع من بدأ تنفيذ الجريمة على أن يعدل عن إتمامها باختياره، وفي تعبير آخر يقدر الشارع أن عدم إتمام الجريمة اختياراً يحقق للمجتمع مصلحة ترجح على مصلحته في توقيع العقاب من أجل البدء في التنفيذ. وهذا التفسير يجعل التكييف الصحيح للعدول الاختياري أنه مانع عقاب.        ويكون العدول اختيارياً إذا كان يرجع إلى أسباب نفسية خالصة جعلت مرتكب الفعل يتخذ قراره في حرية تامة بعدم المضي في إتمام الجريمة، وفي تعبير آخر يكون العدول اختيارياً إذا لم تكن ثمة عوامل خارجية مستقلة عن شخص الفاعل أثرت عليه ووجهت إرادته إلى عدم إتمام الجريمة، وعلى هذا النحو فالعدول الاختياري هو العدول التلقائي، فالفاعل يستطيع إتمام الجريمة ولكنه لا يريد ذلك. ولا يعتد القانون بالبواعث التي تحمل على العدول الاختياري: فقد تكون الإشفاق على المجني عليه أو الرغبة في احترام القانون أو تعاليم الأخلاق أو الدين، وقد تكون خشية مقاومة المجني عليه أو التعرض للقبض والمحاكمة.        ويكون العدول غير اختياري إذا كان راجعاً إلى أسباب خارجية فرضت على الجاني عدم إتمام الجريمة، فإرادة الفاعل لم تكن حرة في عدولها، بل كان ثمة إكراه مادي أو معنوي يرسم لها اتجاهاً؛ مثال ذلك أن يتعرض لمقاومة المجني عليه فيعجز عن التغلب عليه، أو أن يتدخل شخص يوقف نشاط الجاني كشرطي يقبض عليه أو شخص يناصر المجني عليه في مقاومته أو يهدده بشر جسيم إذا استمر في تنفيذ جريمته. وحكم العدول غير الاختياري لا يثير شكاً، إذ يوقع العقاب على الرغم منه.        وقد يكون العدول مختلطاً من حيث طبيعته، إذ فيه جانب غير اختياري وجانب اختياري؛ ويعني ذلك أنه لم يكن وليد عملية نفسية خالصة، وإنما عرضت للفاعل واقعة خارجية أثرت على تفكيره وإرادته وجعلته يقف في نشاطه الإجرامي، والفرض أنه إذا لم تعرض هذه الواقعة ما كان يعدل عن الجريمة، مثال ذلك أن يرى شخصاً مقبلاً نحو أو يسمع صوتاً قريباً منه فيعتقد أنه مهدد بالقبض عليه فيوقف نشاطه الإجرامي، وقد تكون الواقعة موهومة، كما لو توهم أنه يرى شخصاً أو يسمع صوتاً والحقيقة أنه لا وجود لذلك. وحكم العدول المختلط محل خلاف في الفقه: ففريق يرى إلحاقه بالعدول الاختياري محتجاً بأن الواقعة الخارجية – حقيقية كانت أو موهومة – لا تعدو غير أن تكون باعثاً على اتجاه إرادة الفاعل إلى عدم المضي في الجريمة، والقاعدة أن البواعث لا يعتد بها القانون. وهذا الرأي معيب، إذ أن الواقعة الخارجية هي منشأ الاتجاه الإرادي، وهي بذلك تباشر تأثيراً شبيهاً بما تباشره في حالة العدول غير الاختياري، الأمر الذي ينفي عن العدول أنه اختياري. وذهب رأي إلى وجوب تحديد العامل الغالب، فإن كان الإرادة فالعدول اختياري وإن كان الواقعة الخارجية فهو غير اختياري. ويعيب هذا الرأي صعوبة تطبيقه، إذ يتطلب تحليلاً دقيقاً لنفسية الفاعل، وليس من اليسير على القاضي القيام به. والصحيح في تقديرنا إلحاق العدول المختلط بالعدول غير الاختياري، إذ لا يكون العدول اختيارياً إلا إذا كان تلقائياً راجعاً إلى أسباب نفسية خالصة، وهذه الصفة التلقائية غير متوافرة في العدول المختلط، إذ ليس مرجعه إلى نفسية الفاعل وحدها. فالمفترض أن الجاني كان يريد إتمام الجريمة ولكنه لا يستطيع ذلك.        وتطبيقاً لهذه القاعدة فإن العدول يكون غير اختياري إذا دخل السارق مسكن المجني عليه فلم يجد ما يسرقه، ولكنه يكون اختيارياً إذ وجد ما يسرق ولكنه لم يره مطابقاً لما كان يتوقعه فلم يستول عليه. وفي التشريعات التي تعاقب على الشروع في الإجهاض – وليس القانون المصري منها – يكون العدول اختيارياً إذا حاولت الحامل إجهاض نفسها فوضعت في فمها المادة المجهضة ثم لم تبتلعها لرداءة طعمها، ويكون عدولها غير اختياري إذا أحدثت المادة التهاباً بالفم والبلعوم فلم تستطع ابتلاعها.
العدول في نوعي الشروع:        قدمنا أن الشروع نوعان: ناقص، وهو الجريمة الموقوفة، وتام، وهو الجريمة الخائبة. والعدول في صورتيه متصور في الشروع الناقص، وهو متصور كذلك في الشروع التام، فالجريمة قد تخيب لأسباب لا دخل لإرادة الفاعل فيها كما لو أطلق شخص الرصاص على عدوه فلم يصبه أو أصابه في مقتل ثم شفي من إصاباته؛ ولا يثير العقاب في هذه الحالة شكاً. ولكن هل يتصور العدول الاختياري في الشروع التام؟ أنكر ذلك بعض الفقهاء محتجين بأن الجاني قد أتى كل ما يلزم لتنفيذ الجريمة، ويعني ذلك أنه إذا كانت النتيجة لم تتحقق على الرغم من ذلك، فالمرجع إلى أسباب غير إرادية، فلا يكون للعدول الاختياري محل. وهذا الرأي معيب، فالعدول الاختياري متصور إذا أتى الجاني – بعد إتمام نشاطه الإجرامي – فعلاً أفسد به ذلك النشاط وحال دون تحقيق النتيجة، مثال ذلك أن يعطي شخص عدوه مادة سامة فيتناولها ثم يعدل عن مشروعه الإجرامي فيعطي المجني عليه ترياقاً يفسد أثر السم فلا تحدث الوفاة، أو أن يلقي به في الماء لإغراقه ثم يعدل عن ذلك فينتشله وينقذ حياته. فإن أفسد الجاني نشاطه على هذا النحو، فلا يقال أن خيبة الجريمة ترجع إلى أسباب "لا دخل لإرادة الجان فيها"، وإنما هي راجعة إلى أسباب إرادية، ومن ثم يخرج هذا الوضع من نطاق تعريف القانون للشروع، فلا يكون محل لتوقيع العقاب.        وعلى هذا النحو، فالفرق بين نوعي الشروع لا يقوم على أساس أن العدول الاختياري متصور في أحدهما دون الآخر، وإنما أساسه اختلاف صورته في كل نوع: فإذا كان الشروع ناقصاً فإن العدول الاختياري يتخذ صورة موقف سلبي يتخذه الجاني بدءاً من مرحلة معينة من مراحل تنفيذ الجريمة، إذ الفرض أنه بدأ في تنفيذها ولكنه لم يتم ذلك، ولذلك يتحقق العدول بكفه عن إتيان الأفعال التالية التي تلزم لإتمام الجريمة: فإذا رفع الجاني عصاه ليضرب المجني عليه بنية قتله فإنه يكفي للعدول الاختياري أن يمتنع عن إنزال ضربته به. أما إذا كان الشروع تاماً فإن العدول الاختياري يأخذ صورة فعل إيجابي يفسد به الجاني آثار عمله السابق ويحول بذلك دون أن يؤدي إلى تحقق النتيجة الإجرامية، إذ الفرض أنه قد قام من جانبه بكل الأفعال التي يسعه القيام بها لتنفيذ الجريمة وأن النتيجة توشك أن تتحقق كأثر لهذه الأفعال فيتعين أن يأتي فعلاً إيجابياً تالياً يحبط به علمه السابق، فإن عاق بإرادته تحقق النتيجة الإجرامية فلا عقاب عليه باعتباره شارعاً في جريمة. وقد سبق أن أتينا بأمثلة للعدول الاختياري في الشروع التام.
مرحلة الجريمة التي ينتج العدول الاختياري فيها أثره:        لا ينتج العدول الاختياري أثره فيحول دون العقاب إلا إذا كان سابقاً على لحظة تمام الجريمة وسابقاً كذلك على لحظة توافر أركان الشروع بوقوف التنفيذ أو خيبة أثره لأسباب لا ترجع إلى إرادة الجاني. فإذا تمت الجريمة استحق مرتكبها العقاب فلا يجديه بعد ذلك ندم أو إصلاح الضرر الذي ترتب على الجريمة، فالتوبة الإيجابية، أي اللاحقة لا أثر لها في القانون المصري. وتعليل ذلك أن الأهمية القانونية للعدول مقتصرة على الشروع دون الجريمة التامة. وإذا توافرت أركان الشروع فوقف التنفيذ أو خاب لأسباب غير راجعة إلى إرادة الجاني، فقد استحق العقاب فلا يجديه بعد ذلك أنه عدل اختياراً عن تكرار فعله على الرغم من أنه كان يستطيع ذلك، فمن أطلق النار على عدوه بنية قتله فلم يصبه فقد توافرت أركان الشروع وتعين العقاب، وانقضت بذلك المرحلة التي كان متصوراً أن يكون للعدول فيها تأثير، فلا يجدي الجاني القول بأنه كان يستطيع أن يطلق عياراً ثانياً، ومع ذلك فقد أحجم بإرادته عن ذلك.
أثر العدول الاختياري:        يترتب على العدول الاختياري عدم توقيع العقاب من أجل الشروع، سواء في ذلك أقلنا أنه مانع عقاب أم اعتبرناه نافياً أحد أركان الشروع، وهو "إيقاف تنفيذ الفعل أو خيبة أثره لأسباب لا دخل لإرادة الفاعل فيها". وعدم العقاب ينصرف إلى تكييف الفعل بأنه شروع، ولكن إذا كان القانون يكيفه في الوقت نفسه بأنه جريمة تامة وقع العقاب من أجله، فالفعل يحتمل في القانون تكييفين: ولا عقاب عليه طبقاً لأحدهما في حين يعاقب عليه وفقاً للآخر، ويدعم هذا الحكم أنه ليس مقبولاً أن يتخلص الجاني من عقاب جريمة لمجرد أنه فشل في ارتكاب جريمة أخرى أشد منها. فإذا بدأ الجاني في تنفيذ القتل ثم عدل باختياره عن إتمامه فلا عقاب عليه باعتباره شارعاً فيه، ولكن يعاقب باعتباره مرتكباً جريمة جرح أو ضرب إذا ترتب على فعله مساس بسلامة جسم المجني عليه؛ وإذا بدأ الجاني في تنفيذ جريمة تسميم ثم خيب اختياراً أثر فعله بإعطاء المجني عليه ترياقاً فلا عقاب عليه باعتباره شارعاً في تسميم، ولكنه يعاقب باعتباره مرتكباً جريمة إعطاء مواد ضارة؛ وإذا حاول الجاني ارتكاب جريمة وقاع أنثى بغير رضائها ثم عدل عنها باختياره فلا عقاب عليه باعتباره شارعاً فيها، ولكنه قد يعاقب باعتباره مرتكباً جريمة هتك عرض بالقوة أو التهديد.
سلطة القضاء في إثبات إيقاف تنفيذ الفعل أو خيبة أثره:        القول بأن تنفيذ الجريمة قد أوقف أو خاب أثره وتحديد ما إذا كان مرجع ذلك إلى إرادة الجاني فينتفي الشروع المعاقب عليه أم إلى أسباب غير إرادية على نحو يتوافر به الشروع، كل ذلك يدخل في سلطة قاضي الموضوع يستخلصه من وقائع الدعوى دون رقابة عليه من محكمة النقض. ولكن يلتزم القاضي – إذا أدان المتهم بالشروع – بأن يثبت في حكمه أن إيقاف التنفيذ أو خيبة أثره ترجع إلى أسباب غير إرادية، فإن لم يفعل فحكمه قاصر التسبيب، إذ أغفل بيان ركن يقوم عليه الشروع. ولما كان القانون يضع بواعث العدول الاختياري على قدم المساواة ويقرر كذلك حكماً واحداً لكل حالات الإيقاف أو الخيبة التي لا ترجع إلى إرادة الجاني، فإن قاضي الموضوع لا يلزم ببيان ذلك ولا يقبل فيه جدال أمام محكمة النقض.
عقاب الشروع
تقسيم:في دراسة عقاب الشروع يتعين البحث في موضوعين: مبدأ العقاب على الشروع، أي تحديد الجرائم التي يعاقب القانون على الشروع فيها؛ وبيان مقدار العقاب الذي يقرره القانون للشروع.



 1- الجرائم التي يعاقب على الشروع فيهاخطة الشارع في تحديد الجرائم التي يعاقب على الشروع فيها:يرسم الشارع خطته على أساس تقسيم الجرائم إلى جنايات وجنح ومخالفات: فالجنايات يعاقب على الشروع فيها ما لم يقض القانون استثناء بغير ذلك؛ والجنح لا يعاقب على الشروع فيها إلا إذا نص القانون على خلاف ذلك، وقد عبر الشارع عن هذه القاعدة بالمادة 47 من قانون العقوبات (المصري) بقوله: "تعين قانوناً الجنح التي يعاقب على الشروع فيها"؛ أما المخالفات فلا عقاب على الشروع فيها.        ويفسر هذه الخطة أنه إذا كانت الجريمة جسيمة فالشروع فيها جسيم بدوره ويستأهل العقاب، فإن قلت جسامة الجريمة قلت خطورة الشروع بدوره، وقد يبلغ ذلك الحد الذي تزول فيه جدارته بالعقاب. وتطبيقاً لذلك فالجنايات بصفة عامة جرائم جسيمة، ولذلك كانت القاعدة العامة أن يعاقب على الشروع فيها؛ أما الجنح فهي أقل جسامة، ولذلك كان الأصل في الشروع فيها أنه غير جدير بالعقاب ما لم ير الشارع أن بعضها على قدر واضح من الخطورة بحيث يمثل الشروع فيه القدر من الجسامة الذي يجعله جديراً بالعقاب. والمخالفات في النهاية قليلة الخطر، ولذلك لم يكن محل للعقاب على الشروع فيها.
الجرائم المُستبعدة من نطاق الشروع:        هذه الجرائم قسمان: قسم يتصور الشروع فيه، أي تتوافر للشروع أركانه، ومع ذلك يقرر الشارع عدم العقاب عليه؛ وقسم لا يتصور في شأنه الشروع، إذ تنقصه دائماً بعض أركانه. وجرائم القسم الأول لا تحكمها قاعدة عامة، وإنما المرجع في تحديدها إلى نصوص القانون؛ ومن أمثلتها جنايات الإجهاض، إذ تتوافر بالنسبة للشروع فيها جميع أركانه، ومع ذلك يقرر الشارع ألا عقاب عليها (المادة 264 من قانون العقوبات المصري). وبعض الجنح والمخالفات جرائم عمدية كجنح الضرب أو الجرح (المواد 241 و 242 و 243 من قانون العقوبات المصري) ومخالفة التعدي أو الإيذاء الخفيف (المادة 377 من قانون العقوبات المصري) والشروع فيها متصور ولكن الشارع أخرجه من نطاق العقاب.        أما جرائم القسم الثاني، وهي التي لا يتصور الشروع فيها فقد سبق أن أشرنا إلى طائفتين منها، الجرائم غير العمدية والجرائم ذات النتائج التي تجاوز قصد الجاني، ونشير فيما يلي إلى طائفتين أخريين: الجرائم السلبية البسيطة، والجرائم التي تأبى طبيعة ركنها المادي الخضوع لأحكام الشروع.
الجرائم السلبية البسيطة:        إذا كانت الجريمة سلبية بسيطة فالشروع فيها غير متصور، إذ لا يعاقب القانون على إحداث نتيجة بحيث يمكن القول بفشل الجاني في تحقيقها على الرغم من محاولته ذلك، وإنما يعاقب على سلوك سلبي في ذاته، فإن نسب إلى الجاني هذا السلوك فجريمته تامة وأن لم ينسب إليه فلا جريمة على الإطلاق. وليس بين الوضعين وسط. فجريمة امتناع القاضي عن الحكم (المادة 122 من قانون العقوبات المصري) تقع تامة إذا لم يتخذ القاضي الإجراءات اللازمة لإصدار الحكم في الوقت الذي يتعين عليه فيه ذلك، فإن لم يمض هذا الوقت، إذ ما زال في وسعه اتخاذ هذه الإجراءات، فلا تنسب إليه جريمة على الإطلاق.        أما إذا كانت الجريمة سلبية ذات نتيجة كامتناع الأم عن إرضاع طفلها بنية إحداث وفاته فالشروع فيها متصور، كما إذا اكتشف امتناع الأم قبل وفاة الطفل وأمكن إنقاذه: فالفرض أن للجريمة نتيجة، وأن الجاني يحاول بمسلكه السلبي تحقيقها، فمن المتصور أن يفشل في ذلك على الرغم من مسلكه.
الجرائم التي تأبى طبيعة ركنها المادي الخضوع لأحكام الشروع:        هذه الجرائم متعددة، واستظهار طبيعة ركنها المادي ومدى تقبلها الخضوع لأحكام الشروع هو من موضوعات القسم الخاص. وأظهر مثال لها جريمة شهادة الزور (المادة 294 وما بعدها من قانون العقوبات المصري): فللشاهد العدول عن شهادته حتى إقفال باب المرافعة، فإن عدل فهو لم يرتكب جريمة على الإطلاق، وإن لم يعدل فقد ارتكب جريمته كاملة.
# 2- مقدار العقاب على الشروعخطة القانون في تحديد مقدار العقاب على الشروع:        يقرر القانون للشروع في الجريمة عقوبة أقل من عقوبتها لو كانت تامة. وتفسير هذه الخطة أن الشروع لا ينال بالاعتداء الحق الذي يحميه القانون وإنما يقتصر على مجرد تهديده بالخطر، والخطر أقل إضراراً بالمجتمع من الاعتداء، أي أن الشروع أقل إضراراً من الجريمة التامة، ومن ثم كان منطقياً أن يتدرج العقاب على النحو الذي يقرره القانون.
مقدار العقاب على الشروع في الجنايات:        إذا كان الشروع في الجنايات معاقباً عليه دون حاجة إلى نص خاص يقرر ذلك بالنسبة إلى كل جناية على حدة لم يكن بد من وضع قاعدة تحدد عقوبة الشروع في الجنايات. وقد ضمن الشارع المادة 46 من قانون العقوبات (المصري) هذه القاعدة، وقرر بها ارتباطاً بين عقوبة الجناية التامة وعقوبة الشروع فيها، فالثانية أقل درجة، وقد تكون هي نفسها مع تخفيض حدها الأقصى: وقد نصت المادة 46 من قانون العقوبات (المصري) على أنه: "يعاقب على الشروع في الجنايات بالعقوبات الآتية إلا إذا نص قانوناً على خلاف ذلك: بالأشغال الشاقة المؤبدة إذا كانت عقوبة الجناية الإعدام؛ وبالأشغال الشاقة المؤقتة إذا كانت عقوبة الجناية الأشغال الشاقة المؤبدة؛ وبالأشغال الشاقة المؤقتة مدة لا تزيد على نصف الحد الأقصى المقرر قانوناً أو بالسجن إذا كانت عقوبة الجناية الأشغال الشاقة المؤقتة؛ وبالسجن مدة لا تزيد على نصف الحد الأقصى المحدد قانوناً أو الحبس أو غرامة لا تزيد على خمسين جنيهاً مصرياً إذا كانت عقوبة الجناية السجن".        وقد يخرج الشارع على القاعدة السابقة بنص صريح فيحدد عقوبة الشروع في جناية معينة غير متقيد بهذه القاعدة، ومثال ذلك الشروع في جناية هتك العرض بالقوة أو التهديد الذي يقرر له القانون نفس عقوبة الجناية التامة (المادة 268 من قانون العقوبات المصري).        والقاعدة السابقة قد وردت في شأن العقوبات الأصلية، أما العقوبات التبعية والتكميلية فمن المتعين توقيعها دون تغيير، إذ لا يجوز استبعادها أو تخفيفها ما لم يقرر الشارع ذلك بالنسبة لجريمة أو عقوبة معينة.        والشروع في الجناية هو بدوره جناية، إذ يقرر له القانون عقوبة الجناية، سواء أقررها وحدها أم قررها إلى جانب عقوبة جنحة: فإذا وقع القاضي عقوبة الحبس أو الغرامة من أجل شروع في جناية فهذا الشروع جناية على الرغم من ذلك لأن القانون يقرر له عقوبة السجن إلى جانب هاتين العقوبتين، والعبرة في تحديد نوع الجريمة بأشد العقوبات المقررة لها.
مقدار العقاب على الشروع في الجنح:        لا عقاب على الشروع في جنحة إلا بناء على نص خاص، ويحدد الشارع في هذا النص مبدأ العقاب على الشروع في هذه الجنحة ومقداره. ولم يضع الشارع قاعدة عامة في هذا الشأن، ولا يجري على خطة واحدة في ذلك. والغالب أن يقرر للشروع عقوبة تقل عن عقوبة الجنحة التامة، مثال ذلك السرقة (المادة 321 من قانون العقوبات المصري) والنصب (المادة 336 من قانون العقوبات المصري). ولكنه قد يوحد بين عقوبة الشروع والجنحة التامة، مثال ذلك نقل المفرقعات أو المواد القابلة للالتهاب في القطارات والمركبات (المادة 170 من قانون العقوبات المصري) وإدخال البضائع الممنوع دخولها في البلاد (المادة 228 من قانون العقوبات المصري).
الشروع في الجريمةأحكام محكمة النقض (الجنائي)
الطعن رقم  22120    لسنة 62  مكتب فني 45  صفحة رقم 879بتاريخ 19-10-1994الموضوع : جريمة                     الموضوع الفرعي : الشروع في الجريمة                                فقرة رقم : 2"من المقرر أن الشروع في حكم المادة 45 من قانون العقوبات هو البدء في تنفيذ فعل بقصد ارتكاب جناية أو جنحة إذا أوقف أو خاب أثرة لأسباب لا دخل لإرادة الفاعل فيها لا يشترط لتحقيق الشروع أن يبدأ الفاعل تنفيذ جزء من الأعمال المكونة للركن المادي للجريمة بل يكفى لاعتباره شارعا في ارتكاب جريمة أن يأتي فعلا سابقا على تنفيذ الركن المادي لها ومؤديا إليه حالاً. لما كان ذلك، وكان الثابت بالحكم أن الطاعن صعد إلى مكان الحادث مع المتهمين الآخرين بقصد السرقة فإنه يكون بذلك قد تجاوز مرحلة التحضير ودخل فعلا في دور التنفيذ بخطوة من الخطوات المؤدية حالا إلى ارتكاب جريمة السرقة وإنه بفرض صحة ما يثيره الطاعن بوجه طعنه من أن دوره اقتصر على التواجد على درج سلم المجني عليه فإن ذلك لا يغير من الأمر من أنه دخل فعلا في دور التنفيذ بخطوة من الخطوات المؤدية حالا لارتكاب السرقة التي اتفق على ارتكابها مع المتهمين الآخرين الذين تمكنوا من دخول مسكن المجني عليه ومن ثم يكون ما يثيره الطاعن في هذا الصدد غير مقبول".
الطعن رقم  6430     لسنة 62  مكتب فني 44  صفحة رقم 949بتاريخ 08-11-1993الموضوع : جريمة                    الموضوع الفرعي : الشروع في الجريمة                                فقرة رقم : 5"يكفى لتوافر ركن القوة في جريمة الشروع في وقاع أنثى أن يكون الفعل قد أرتكب ضد إرادة المجني عليها وبغير رضاها وكان الذي أورده الحكم كافيا لإثبات توافر ركن القوة فإن ما انتهى إليه في ذلك يكون صحيحا".
الطعن رقم  10773    لسنة 61  مكتب فني 44  صفحة رقم 820بتاريخ 18-10-1993الموضوع : جريمة                   الموضوع الفرعي : الشروع في الجريمة                                 فقرة رقم : 2"لما كان الحكم المطعون فيه قد حصل واقعة الدعوى بما مجمله أنه في مساء يوم ........ ولدى وصول سيارة الأتوبيس رقم .... نقل عام إلى محطة مدخل قليوب صعد إليها الطاعنون الثلاثة من الباب الخلفي وكان كل منهم يحمل في يده مطواة مشهرة بقصد سرقة الركاب، وطلب أحدهم من الشاهد الثاني إعطائه ما معه من نقود، وأوقف أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادتهم فيه وهو تصدى الشاهد الثاني "الشرطي السري" لهم وإطلاقه عيارين ناريين من المسدس الحكومي الذي كان يحمله وهو الأمر الذي اضطر الجناة إلى مغادرة السيارة والفرار قبل إتمام جريمتهم، ثم ساق الحكم على ثبوت الواقعة في حق الطاعنين وصحة إسنادها إليهم أدلة استمدها من شهادة المحصل والعريف والشاهدين ومن إقرار الطاعنين الثاني والثالث بصعودهما إلى سيارة الأتوبيس برفقة الطاعن الأول وكان كل منهم يحمل مطواة في يده، وهى أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتب عليها، ثم خلص إلى إدانتهم عن جريمة الشروع في السرقة بالإكراه في إحدى وسائل النقل، لما كان ذلك، وكان ما انتهى إليه الحكم من ذلك صحيحا في القانون ذلك أنه لا يشترط لتحقق المشروع ـ طبقا لنص المادة 45 من قانون العقوبات ـ أن يبدأ الفاعل في تنفيذ جزء من الأعمال المكونة للجريمة، بل يكفى لاعتباره شارعا في ارتكاب جريمة أن يأتي فعلا سابقا على تنفيذ الركن المادي لها ومؤديا إليه حالا، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت أن الطاعن قد صعد إلى الأتوبيس مع باقي الجناة شاهرين أسلحة بيضاء كانوا يحملونها وطلب أحدهم من الشاهد الثاني تسليمه ما يحمله من نقود، فإنهم يكونون بذلك قد دخلوا فعلا في دور التنفيذ بخطوة من الخطوات المؤدية حالا إلى ارتكاب السرقة التي اتفقوا على ارتكابها بحيث أصبح عدولهم بعد ذلك باختيارهم عن مقارفة الجريمة المقصودة بالذات أمرا غير متوقع".
الطعن رقم  1342     لسنة 13  مجموعة عمر 6ع  صفحة رقم 275بتاريخ 31-05-1943الموضوع : جريمة                    الموضوع الفرعي : الشروع فى الجريمة                                فقرة رقم : 1"إن المادة 45 من قانون العقوبات قد عرفت الشروع بأنه " البدء فى تنفيذ فعل بقصد ارتكاب جناية أو جنحة إذا أوقف أو خاب أثره لأسباب لا دخل لإرادة الفاعل فيها". و هذا النص و إن كان لا يوجد فيه ما يوجب، لتحقق الشروع، أن يبدأ الفاعل فى تنفيذ ذات الفعل المكون للجريمة إلا أنه يقتضي أن يكون الفعل الذي بدئ فى تنفيذه من شأنه أن يؤدى فوراً ومن طريق مباشر إلى ارتكاب الجريمة. وإذن فإن إعداد المتهم للمادة السامة، وذهابه بها إلى حظيرة المواشي التي قصد سمها، ثم محاولته فتح باب الحظيرة، ذلك لا يمكن اعتباره شروعاً فى قتل تلك المواشي لأنه لا يؤدى فوراً ومباشرة إلى تسميمها وإنما هو لا يعدو أن يكون من قبيل الأعمال التحضيرية التي لا يعاقب القانون عليها ولو وضحت نية المتهم فيها".
الطعن رقم  1293     لسنة 28  مكتب فني 09  صفحة رقم 1068بتاريخ 15-12-1958الموضوع : جريمة                    الموضوع الفرعي : الشروع فى الجريمة                                فقرة رقم : 1"لا يشترط لتحقق الشروع أن يبدأ الفاعل بتنفيذ جزء من الأعمال المكونة للركن المادي للجريمة، بل يكفى لاعتبار الشروع قائماً وفقاً لنص المادة 45 من قانون العقوبات أن يبدأ الجاني بتنفيذ فعل ما سابق على تنفيذ الركن المادي للجريمة ومؤد إليه حالاً و مباشرة".
الطعن رقم  020      لسنة 20  مكتب فني 01  صفحة رقم 709بتاريخ 30-05-1950الموضوع : جريمة                    الموضوع الفرعي : الشروع فى الجريمة                                فقرة رقم : 2"من الجرائم ما لا يتصور الشروع فيها لأنها لا يمكن أن تقع إلا تامة، وليس من هذا القبيل جناية القبض المقترن بالتهديد بالقتل، إذ هي تتكون من عدة أعمال تنتهي بإتمامها، فإذا ما وقع عمل من الأعمال التي تعتبر بدءاً فى تنفيذها ثم أوقف تمامها أو خاب أثرها لأسباب لا دخل لإرادة الفاعل فيها وقعت جريمة الشروع فى هذه الجناية".
الطعن رقم  1705     لسنة 02  مجموعة عمر 2ع  صفحة رقم 569بتاريخ 23-05-1932الموضوع : جريمة                    الموضوع الفرعي : الجريمة الخائبة                                  فقرة رقم : 1"متى كانت المادة المستعملة للتسميم صالحة بطبيعتها لإحداث النتيجة المبتغاة فلا محل للأخذ بنظرية الجريمة المستحيلة، لأن مقتضى القول بهذه النظرية ألا يكون فى الإمكان تحقق الجريمة مطلقاً لانعدام الغاية التي ارتكبت من أجلها الجريمة أو لعدم صلاحية الوسيلة التي استخدمت لارتكابها. أما كون هذه المادة "هي فى القضية مادة سلفات النحاس" لا تحدث التسمم إلا إذا أخذت بكمية كبيرة وكونها يندر استعمالها فى حالات التسميم الجنائي لخواصها الظاهرة فهذا كله لا يفيد استحالة تحقق الجريمة بواسطة تلك المادة وإنما هي ظروف خارجة عن أداة الفاعل. فمن يضع مثل هذه المادة فى شراب ويقدمه لآخر يعتبر فعله - إذا ثبت اقترانه بنية القتل - من طراز الجريمة الخائبة لا الجريمة المستحيلة لأنه مع صلاحيته لإحداث الجريمة المبتغاة قد خاب أثره لأسباب لا دخل لإرادة الفاعل فيها كما تقول المادة 45ع . فإذا لم يثبت أن الفاعل كان ينوى القتل ولكنه أعطى هذه المادة عمداً عالماً بضررها فأحدثت فى صحة المجني عليه اضطرابا ولو وقتياً أعتبر هذا الفعل جريمة إعطاء مواد ضارة منطبقة على المادة 228ع . فإذا لم يثبت لا هذا و لا ذاك انعدمت فى هذا الفعل الجريمة بكافة صورها".
الطعن رقم  0848     لسنة 31  مكتب فني 13  صفحة رقم 10 بتاريخ 01-01-1962الموضوع : جريمة                    الموضوع الفرعي : الجريمة المستحيلة                                فقرة رقم : 1"لا تعتبر الجريمة مستحيلة إلا إذا لم يكن فى الإمكان تحققها مطلقاً، كأن تكون الوسيلة التي استخدمت فى ارتكابها غير صالحة بالمرة لتحقيق الغرض المقصود منها. أما إذا كانت تلك الوسيلة تصلح بطبيعتها لذلك ولكن الجريمة لم تحقق بسبب ظرف خارج عن إرادة الجاني، فإن ما اقترفه يعد شروعاً منطبقاً على المادة 45 من قانون العقوبات. فإذا كان الثابت بالحكم المطعون فيه أن المتهم أنتوى قتل المجني عليه وأستعمل لهذا الغرض بندقية تثبت صلاحيتها إلا أن المقذوف لم ينطلق منها لفساد كبسولته وقد ضبطت معه طلقة أخرى كبسولتها سليمة ولكن الفرصة لم تتح له لاستعمالها، فإن قول الحكم باستحالة الجريمة استحالة مطلقة استناداً إلى فساد كبسولة الطلقة التي استعملها المتهم هو قول لا يتفق و صحيح القانون".
الطعن رقم  1985     لسنة 34  مكتب فني 16  صفحة رقم 308بتاريخ 29-03-1965الموضوع : جريمة                    الموضوع الفرعي : الجريمة المستحيلة                                فقرة رقم : 1"لا تعتبر الجريمة مستحيلة إلا إذا لم يكن فى الإمكان تحققها مطلقاً، كأن تكون الوسيلة التي استخدمت فى ارتكابها غير صالحة بالمرة لتحقيق الغرض الذي يقصده الفاعل، أما إذا كانت تلك الوسيلة بطبيعتها تصلح لما أعدت له ولكن الجريمة لم تتحقق بسبب ظرف آخر خارج عن إرادة الجاني فلا يصح القول باستحالة الجريمة. ولما كان الحكم قد أثبت فى حق الطاعن أنه قدم الأوراق المزورة إلى موظفي مؤسسة مديرية التحرير تأييداً لزعمه الكاذب بتوريد أجهزة استقبال إذاعة لاسلكية للاستيلاء على قيمتها، إلا أن الجريمة لم تتحقق لسبب لا دخل لإرادته فيه هو فطنة هؤلاء الموظفين مما يعتبر شروعاً فى جريمة نصب وليس جريمة مستحيلة".
الطعن رقم  1387     لسنة 50  مكتب فني 31  صفحة رقم 1093بتاريخ 10-12-1980الموضوع : جريمة                    الموضوع الفرعي : الجريمة المستحيلة                                 فقرة رقم : 2"إن الجريمة لا تعد مستحيلة إلا إذا لم يكن فى الإمكان تحققها مطلقاً، كأ
tamerelrashedy

تامر الرشيدى المحامى

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 624 مشاهدة
نشرت فى 19 ديسمبر 2013 بواسطة tamerelrashedy

ساحة النقاش

tamerelrashedy
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

373,714