ضوابط استخدام وتوثيق الآيات القرآنية والأحاديث النبوية
في رسائل الماجستير والدكتوراه في العلوم الاجتماعية
يُلاحَظ أنَّ كثيرًا من الباحثين -في العلوم الاجتماعيَّة بصفة خاصَّة- يَضعون في مُقدِّمة رسائلهم آياتٍ قرآنيَّةً، أو أحاديثَ نبويَّةً؛ إمَّا على سبيل التَّبرُّك، أو اعتقادًا منهم أنًَّها تُناسِب موضوع الرِّسالة، وكثيرًا ما تَنعدِم العلاقة بين الآيات والأحاديث وموضوع الدراسة، بل قد تُناقِضها تمامًا، ولا يُدرِك الباحثون ذلك؛ بحُكم ضَعفِ ثقافتِهم الدينيَّة، وقضائهم سِنِي حياتهم الطويلة يَنهلون من الفكر الغربي، ويَتصوَّرون أنَّه "عِلْم" يحتاج إليه المسلمون، أو "عِلْم" أخذه الغربُ من المسلمين، وحان الوقت الذي يجب فيه أنَّ نَردَّ بضاعتنا إلينا، وهم لا يُفرِّقون عادةً بين قضيَّة الانتفاع بثقافةِ الآخر، وقضيَّة التأثُّر بها[1].
ويَضعُ البعض الآخر من الباحثين هذه الآياتِ والأحاديثَ في مُقدِّمة الرسالة كنوع من (الديكور) الدينيِّ الذي يُزيِّن الرسالةَ، شأنُها شأن من يَضعُ القرآن على (تابلوه) سيارته أو وراء المقعد الخلفي للسيارة؛ للتَّبرُّك به أيضًا، وشأنها - أيضًا - شأن بَدء وإنهاء الحفلات في المناسبات القوميَّة وغير القومية وغيرها بآياتٍ من الذِّكر الحكيم، وهي مليئة بالأغاني والرَّقص وما شَابَه ذلك.
وإذا افترَضنا حُسْن النيات مع الحاجة اللازمة لاستخدام هذه الآياتِ القرآنيَّة والأحاديث النَّبويَّة، نجد أنَّ توثيقَها لا يُراعي الضوابط المُرتبِطةَ بهذا التوثيق، والآتي بعدُ هو ضوابِط التوثيق:
أولاً: الآيات القرآنية:
1- تُثْبَت من المصحف الشريف.
2- تُوضَع بين قوسين مُزهرين، مِثل: ﴿ ... ﴾.
3- تُضبَط بالشَّكل.
4- تُرسم كما هي عليه في المُصحف.
5- يُذكر بعدها في المتن اسم السورة ورقم الآية محصورًا بين قوسين إذا كان عدد الآيات المُستشهَد بها كثيرًا، أمَّا إذا كان عددها قليلاً، فتُخرَّج في الهامِش، أما إذا كان اسم السورة مذكورًا في المتن، فيُكتفى بذكر رقم الآية بعدها محصورًا بين قوسين.
ثانيًا: الأحاديث النبوية:
1- تُحصَر بين قوسين عاديَّينِ ( )، ويُشار إلى هذا في الدراسة.
2- تُضبَط بالشكل.
3- تُخرَّج في الهامش من كُتُب الحديث المعتبرة؛ الصِّحاح أولاً، ثُمَّ السُّنن.
4- بعد ذكر "قال رسول الله" يُكتَب "- صلَّى الله عليه وسلم -" كلمة كلمة، وليس بالحرف الإنجليزي، أو (ص)، أو (صلعم).
ثالثًا: تخريج الأحاديث في الموسوعات الإلكترونيَّة:
لا يُؤخَذ تَخريج الحديث من الموسوعات الإلكترونيَّة التي يُمكن الإفادة منها فقط في الإرشاد إلى موطِن الحديث؛ ولهذا يَلزَم الباحثَ الرجوعُ للكُتُب الأصليَّة، وإذا لم يكن لدى الباحِث عِلم في الحديث، فعليه أنْ يعرِض الأحاديث بعد الحُكم عليها على المختصِّين فيه، (انظر موقع بيت الفِقه، رابِط http://www.alfeqh.com ).
هذا، ونُشير هنا أنَّ المجلس العلمي المختصَّ بمراجعة الرسائل العلميَّة التي تُناقَش في جامعات المملكة العربيَّة السعوديَّة - يَشترِط على الفاحِصيـن المُكلَّفيـن بالاطِّلاع على الرسائـل العلميَّـة وفحْصِهـا الإلمامَ بضوابِــط الاطِّلاع عليهــا والتوثُّق من صحَّة الآيات القرآنيَّة، وأن تكون كتابتها وَفقًا للرَّسم العثماني، وأن يكون التَّوثيق بالسورة ورقْم الآية في الهامش، كما يَشترِط أيضًا عدمَ تحميل الآيات القرآنية غير مقاصدها الأساسيَّة، أمَّا بالنِّسبة للأحاديث الشريفة، فيَشترِط الرجوعَ إلى مصادرها الأساسيَّة وتَخريجها.
[1] انظر: د. أحمد إبراهيم خضر، الاعتقاد في الإسلام مع قَبَول فِكرةٍ تُناقِضه، مقالة (44)، الدِّين الضائع بين ثقافة الآخر والتأثُّر بها، مقالة (57)، انفتاح الإسلام على ثقافة الآخر، مقالة (76)، تَحذير إلى طلاب العلم الشرعي مقالة (113)، موقع بوابتي تونس.
ساحة النقاش