المــوقـــع الــرســمى الـخــــاص بــ "د/ تــامر المـــــلاح"

"تكنولوجيا التعليم " الحاسب الألى " الانترنت " علوم المكتبات " العلوم التربوية " الدراسات العليا "

الأخطاء الشائعة في اختيار مشكلة البحث وسبل علاجها


في دراسته القيمة بعنوان "اختيار وصياغة مشكلات البحث" حدد الدكتور "محمد سيد حمزاوي" هذه الأخطاء ووضع عدة مقترحات للتغلب عليها على النحو التالي:

أولا: أخطاء الباحثين 
1- اختيار مشكلة عامة عريضة المجال تحتاج لحزمة من البحوث ولا يمكن لبحث واحد ان يغطيها، كما لا يمكن للباحث الواحد أن يوفيها حقها، لحاجتها إلى وقت وجهد كبيرين. وتتداخل في هذه المشكلة العامة العديد من المتغيرات المؤثرة والمتأثرة، والعلاقات الارتباطية، مما يجعل طرحها على بساط البحث أمرا غير دقيق ويصعب معه الوصول إلى نتائج أو استنتاجات محددة.

2- اختيار الباحث لأول مشكلة تخطر على باله دون العناية بالتفكير في أبعادها ومتطلبات قياسها. وقد لا يهتم بعض الباحثين بالرسالة إلا بصفتها عملاً روتينياً كمتطلب للحصول على الدرجة العلمية من أجل الترقي الوظيفي أو المكافآت، ولذلك لا يهمه موضوع دون آخر، ولا مشكلة بحثية دون أخرى. فقد يسال الباحث المشرف العلمي هل أكتب في موضوع كذا؟ فيسأله المشرف ببساطة: عن أي شيء فيه؟ ولأن الباحث لا يعرف ولا يهتم يرد على سؤال المشرف بقوله: لا داعى لهذا الموضوع، هل أكتب في موضوع كذا؟ وهكذا يتنقل الطالب من حقل علمي لآخر لأنه لم يقرأ في أي منهما ولم يهتم قبلا بأي منهما على وجه التحديد، فيذكر أول موضوع أو مشكلة بحثيه تخطر على باله دون العناية بالتفكير في أبعاد ومتطلبات بحث هذه المشكلة.



3- على العكس من الخطأ السابق، هناك التسرع والسطحية وعدم التمسك بفكرة محددة. فقد يقع الباحث في خطأ آخر هو الارتباط والتمسك بمشكلة محدودة لا يرى غيرها ولا يفكر إلا فيها ولا يقرأ إلا ماله علاقة مباشرة بها، ويعود ذلك غالبا إلى أن الباحث قد يكون يعيش معاناة خاصة مع هذه المشكلة، ويسقط هذه المعاناة بشكل متحيز تماما على هذه المشكلة، فيخرج بحثه بعيداً عن الموضوعية وبطابع غير علمي، وقد تمر الرسالة بالمراحل المختلفة تحت الضغط والإلحاح ويحصل الطالب على الدرجة العلمية بدون أن يعرف حقيقة ما المقصود بالبحث العلمي، وبدون ان يضيف للمعرفة العلمية الجديد، وبدون ان يستفيد الباحثون بعده من رسالته. ولما كان من الطبيعي أن لا يختار الباحث الالتزام ببحث يكرهه، فيجب أن يكون لديه ما يبرر قيامه بهذا البحث.



4- قد يقع باحثون آخرون ممن يعانون من التردد وعدم الثقة والشكوك في خطأ آخر وهو التفكير والقراءة لعدة أشهر وكذلك ملاحقة الأساتذة والمتخصصين، ثم الشك في كل يقال لهم، ويظلون على هذا الحال دون الاستقرار على مشكلة بحثية محددة واضحة المعالم، حتى يمضي الوقت ويفتر الحماس ويصبح الوقت المتاح محدداً فيقبل الباحث في النهاية بأي مشكلة بحثية للتخلص من ضغط الوقت وروتين الإجراءات.



5- يقع بعض الباحثين في خطأ عدم وضوح صياغة مشكلة البحث، فيعبرون عنها بلغة ركيكة او غامضة لا يدري المقصود بها إلا الباحث نفسه، وتحتاج دائما إلى من يشرح المقصود بها. وهذا خطا كبير في البحث العلمي ذلك لأن البحث المكتوب هو درجة في سلم المعرفة، يبني عليه الباحثون الآخرون معرفة أخرى. ولهذا يجب أن يكون البحث واضحاً مفهوماً لا يحتمل الغموض أو التأويل أو الاختلاف في التفسير. ولعل الخطأ الأكبر هو أن الباحث قد يضيق صدره بملاحظات أساتذته أو المشرف العلمي حول عدم وضوح صياغة مشكلة البحث أو غموضها ويعتبر هذه الملاحظات عبء عليه، وتعقيد لا لزوم له يعطله عن المضي في كتابة الرسالة فيتهرب من الأخذ بهذه الملاحظات عن المشكلة البحثية التي تعتبر الأساس الذي يبنى عليه الباحث باقي أجزاء الرسالة التي هي الأساس لجودة الرسالة العلمية بصفة عامة.


ثانيا: سبل علاج هذه الأخطاء: 
يضع الدكتور "حمزاوي" عدة شروط على الباحث أن يلتزم بها عند اختياره وصياغته لمشكلة بحثه التي من شأنها أن تعالج هذه الأخطاء السابقة.

 

ويصيغ هذه الشروط على النحو التالي: 

1- يفضل أن يكون للباحث مجال اهتمام خاص به يقرأ فيه وينمي معلوماته، ويتابع أحدث ما يكتب فيه من أبحاث ومقالات وكتب، ليس لأنه يعاني من مشكلة خاصة به في هذا المجال، ولكن كتفضيل علمي وفضول طبيعي وحب الاستطلاع. والإنسان المثقف لن يحيط بكل شيء علما ولكن غالبا ما يكون له هواياته الخاصة، وحقل المعرفة القريب إلى عقله ونفسه. فيكون في حالة اختياره موضوع ومشكلة بحث داخل مجال الاهتمام الخاص به هو اقرب إنسان لمعرفة ما يريد أن يبحث فيه، وسيسهل عليه اختيار وصياغة وتناول مشكلة البحث والإلمام بأبعادها وبواطنها وعلاقاتها، وهو الذي سيعيش معها طوال مدة البحث.



2- من الضروري أن يمارس الباحث لونا من الحوار مع زملائه وأساتذته لكي يمكنه تحديد وبلورة مشكلة البحث. فمشكلة البحث في صورتها النهائية لا تخطر على ذهن الباحث في عصر انفجار المعرفة بصورة مفاجئة وإنما التطور الطبيعي أن تبدأ المشكلة في ذهن الباحث كفكرة عامة غير محددة الأبعاد، ومن خلال القراءة والتفكير والحوار مع الآخرين يبدأ الباحث في شحذ الفكرة من خلال أسئلة ذكية مثل: ما هو المتغير المستقل وما هو المتغير التابع؟ وما هي النتائج المتوقع الخروج بها، وما هي أبعاد هذه المشكلة وعناصرها، وعلاقتها.


3- لابد أن يتوقع الباحث قبل صياغة مشكلة البحث ما قد يقابله من صعوبات إذا لم تكن المشكلة معروفة ومصاغة بأحكام. ويتطلب هذا من الباحث الإلمام بأصول البحث العلمي، ليس كمجرد مقرر يحفظه لينجح فيه دون استيعاب وتأمل وتفكير في كيفية ارتباط المشكلة بتساؤلات البحث وأهدافه ومنهجه وأدواته وطرق قياس المتغيرات الواردة فيه. وهو ما ينصح به كثير من الكتاب في أصول ومناهج البحث العلمي.



4- هناك شروط تقليدية للاختيار الجيد للمشكلة البحثية مثل جديتها وجدتها وأصالتها وجاذبيتها، وهو ما يتطلب من الباحث الاطلاع بصورة نقدية على البحوث والدراسات السابقة في مجال بحثه وحتى في مجالات أخرى. ويتطلب هذا حسا بحثيا لا يتكون لدى الباحث إلا بارتياد المكتبات والاطلاع والتأمل والتفكر. والوقت الذي يقضيه الباحث في المكتبة ليس وقتاً ضائعا ولكنه يساعد على اتساع الآفاق الفكرية لدى الباحث وقدرته على ربط الظواهر ببعضها البعض وتنمية الحس البحثي لديه.



5- لابد أن يقتنع الباحث بأن الكمال لله وحده سبحانه وتعالى، ولذلك فكل ما يكتبه الباحث يكون قابلا للنقد والتعديل، حتى من الباحث نفسه بعد فترة من كتابته.

 

ولكن ذلك لا يمنع الباحث من الانطلاق في التعبير عما يفكر فيه حتى لو قام بتعديله بعد شهور أو سنوات. ويجب على الباحث ألا يتردد عند كتابته لبحثه عندما يقرأ أو يعلم باحتمال وجود آراء مختلفة عن رؤيته. ولكن تلك هي رؤيته وتلك هي أسانيده في هذه اللحظة والتي بناها على إطلاع عميق لما هو متاح للباحث من دراسات وأبحاث سابقة حتى لو عدلت هذه الرؤية بعد سنوات نتيجة لخاصية التراكم في الفكر العلمي.



هذه هي الأخطاء التي يقع فيها الباحثون عند اختيارهم لمشكلة البحث، وسبل علاجها كما حددها الدكتور محمد سيد حمزاوي.

 

المصادر: 
محمد سيد حمزاوي، اختيار وصياغة مشكلات البحث، كلية الدراسات العليا، جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، الملتقى العلمي الأول، تجويد الرسائل والأطروحات العلمية، وتفعيل دورها في التنمية الشاملة والمستدامة،2011من 10 إلى 12 ديسمبر 2011 الرياض، السعودية، ص 6-7 (بتصرف).



المصدر: إعداد م/ تامر الملاح
tamer2011-com

م/تامر الملاح: أقوى نقطة ضعف لدينا هي يأسنا من إعادة المحاولة، الطريقة الوحيدة للنجاح هي المحاولة المرة تلو المرة .."إديسون"

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 358 مشاهدة

ساحة النقاش

م/ تامر الملاح

tamer2011-com
باحث فى مجال تكنولوجيا التعليم - والتطور التكنولوجى المعاصر »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

3,897,779

بالـعلــم تـحـلـــو الحـــيـاة

للتواصل مع إدارة الموقع عبر الطرق الأتية:

 

 عبر البريد الإلكتروني:

[email protected] (الأساسي)

[email protected]

 عبر الفيس بوك:  

إضغط هنا

(إني أحبكم في الله)


أصبر قليلاً فبعد العسر تيسير وكل أمر له وقت وتدبير.