المــوقـــع الــرســمى الـخــــاص بــ "د/ تــامر المـــــلاح"

"تكنولوجيا التعليم " الحاسب الألى " الانترنت " علوم المكتبات " العلوم التربوية " الدراسات العليا "

ما هى تكنولوجيا الويب الدلالية - Semantic web

 

.

 

على الرغم من ان تكنولوجيا - الويب الدلالية - لا تزال في مجملها جهدا مستقبليا يحمل قدرا من الحلم والطموح لجيل جديد من الإنترنت ، وحقق فقط بدايات مبشرة من التطبيق العملى فى فإنها وجدت طريقها إلى بيئات العمل الداخلية ومواقع بعض الصحف القليلة عالميا ، وفى الاجتماع الاخير للمنتدى الدولى للمحررين - الذى عقد بالعاصمة التشيكية براغ الشهر الماضي وكنت احد المشاركين فيه جرى الحديث عن الويب الدلالية كواحدة من الموجات التكنولوجية التى يتعين على الصحف الانتباه إليها وهى تسعى للبحث عن وسانل جديدة لجذب القراء وتخفيض النفقات وتعظيم العائدات ، وهذا في حد ذاته مؤ شر على أن التداخل بين الصحافة والتكنولوجيا بلغ درجة جعلت الصحافة من أوائل الساحات التى تضربها موجات التكنولوجيا الجديدة ، حتى وان كانت هذه الموجات في طور التكوين او الاختبار والبحث ... فما هي الويب الدلالية ولماذا وكيف تغزو الصحافة :؟

 

صاحب مصطلح الويب الدلالية أو السيمانتك ويب Semantic web هو الدكتور تيم بيرنارد لى الباحث بمعامل بحوث سيرن بسويسرا والذى سبق واخترع شبكة الويب نفسها عام 1994 استنادا الى فكرة النصوص التشعبية ، وقدم برنارد لى هذا المصطلح لأول مرة في ديسمبر 2004 ، وكان دافعه في ذلك أن 80% من محتوى الويب الحالى عبارة عن نصوص صممت لكي يقرآها ويفهمما البشر، بينما برامج الحاسب ومتصفحات الويب وبرامج البحث عاجزة عن التعامل مع هذا المحتوى وفهمه وتحليله بناء على دلالته او معانيه ومضمونه .

 

وما أن طرح برنارد فكرته حتى تدافعت الأبحاث وجهود التطوير المتعلقة بالويب الدلالية ، وفى غضون اقل من عامين فقط تشكلت البذور الأولى للويب الدلالية وبدا انها تقود العالم نحو ثورة جديدة في عالم الإنترنت تعصف بالكثير من الثوابت الحالية وتنبئ بتغييرات عميقة ليس على مستوى التكنولوجيا ولكن على مستوى الثقافة والهوية والحضارة ، وفى القلب منها الصحف ووسائل الإعلام .

 

و الويب الدلالية هى منهجية تتعامل مع المعلومات والبيانات عبر مسارين : الأول يجعل أدوات جمع وتصنيف وفهرسة وتخزين واسترجاع ومعالجة وعرض البيانات والمعلومات والبحث فيها تعمل استنادا الى ما تحمله هذه المعلومات والبيانات من دلالات ومعان ، وليس على أساس ما تحتويه من احرف وألفاظ وكلمات كما هوحاصل حتى الآن ، والثانى يجعل جميع أنواع هذه الأدوات من تطبيقات ومتصفحات وقواعد بيانات وبرمجيات إدارة التقويمات وجداول المواعيد والجداول الإحصائية وغيرها من البرمجيات مهيأة لأن تنفتح بلا حواجز أمام أدوات البحث عن المعلومات والبيانات والتقاطها وتجميعها _ كمحركات البحث ومتصفحات الإنترنت وأدوات نقل المعلومات وعرضها على المحمول بما يجعل منها جميعا نسيجا متكاملا مترابطا وليس كتل مستقلة مغلقة على نفسها كما هو الحال الآن .

 

لمزيد من التوضيح اقول اننا لو تصورنا مثلا أن هناك شخصا والدته مريضة وتحتاج إلى جلسات علاج طبيعى أسبوعيا، وأراد أن يستخدم الويب الدلالية لتحديد المواعيد والمكان واختيار العيادة ، فهنا يمكن أن يدخل على متصفح الويب الدلالية من خلال هاتفه المحول المتصل بالإنترنت ، ويطلب منه اقتراح عيادة ، فيسترجع المتصفح المعلومات الخاصة بعلاج الأم من متصفح الويب الدلالية المخزن على هاتف الطبيب ، ثم يبحث في العديد من قوائم عيادات العلاج الطبيعي، ويركز على العيادات التى توجد في دائرة قطرها 20 ميل من منزل الأم والمتعاقدة معها في بطاقة تا مينها الصحي، ويفلتر العيادات بحيث لا يتم اختيار سوي تلك المصنفة تحت تقدير امتياز أو جيد جدا في قواعد بيانات هيئات التقييم المعتمدة ، ثم يطابق بين مواعيد الجلسات المتاحة والمنشورة في كل موقع من مواقع الويب الخاصة بعيادات العلاج الطبيعى ومواعيد العمل الخاصة بالابن ، وخلال دقائق يقدم المتصفح خطة بها اسم ومكان العيادة ومواعيدها وتكلفتها وعلاقتها بالتأمين الصحى .

 

فى هذا المثال نحن أمام أ دوات وتكنولوجيات دلالية منتشرة هنا وهناك : تعتمد فى عملها اعتمادا كاملا على معانى ودلا ت معلومات وبيانات موزعة فى أماكن شتى عبر الإنترنت والحاسبات الشخصية والتليفونات المحمولة ، مما سمح لها بالتعامل مع هذد البيانات الموزعة كنسيج واحد بعضه يكمل البعض الاخر ، ويجمع بينه فكرة أو موضوع البحث .

 

السؤال الان : ما علاقة الويب الدلالية بالصحافة :!

 

الصحافة هى فى التحليل الأخير قناة لتوصيل بيانات ومعلومات فى صورة محتوى متنوع الأشكال والحالات ما بين صورة ونص وملفات سمعية وبصرية ومعلومة أو بيانات ديناميكية تتغير طوال الوقت ، وتقوم الصحيفة بتجميع هذه البيانات والمعلومات أو إنتاجها يوميا من مصادر تملكها أو أطراف وأحداث تولدها، ثم تقدمها إلى جمهور يتلقاها ثم يتفاعل معها ويستخدمها بصور شتى، من بينها. التعرف علي حالة حقوقه القانونية والمالية والدستورية والسياسية والوظيفية الخدمية والعلاجية والتعليمية ، وكيفية الحصول عليها وكيفية استخدام وسائل ممارسته لهذه الحقوق والدفاع عنها والتعبير عنها، ومعرفة كيفية تعاطى الجهات التنفيذية والمسئولة بالدولة مع هذه الحقوق ومدى إهدارها أ و صيانتها .

 

هذا يعنى أن الصحيفة والعاملين بها وقراءها وزبائنها فى حاجة دائمة إلى وسانل تعينهم على الوصول إلى المحتوى المناسب الذى يحمل قيمه أو فائدة يجرى البحث عنها، سواء فى مراحل إعداد المحتوى الصحفى أو فى مرحلة استهلاكه بعد النشر على الويب والورق ، وفى هذا الصدد يرى الخبراء أن تكنولوجيا الويب الدلالية وأدواتها المختلفة يمكن أن تقدم للصحف ومحرريها وقرائها فرصا هائلة وغير مسبوقة فى الوصول إلى المحتوى الذى يحتاجونه بصورة أسرع وأدق بتكلفة أقل وأكثر سراءً وعمقا .

 

ففى مراحل إنتاج المحتوى الذى يشمل تجميع المعلومات والبيانات من مصادر شتى، تأتى الويب الدلالية لتقدم وسائل قوية للمحررين والمراسلين والكتاب وغيرهم من منتجى المحتوى بالصحيفة تعينهم على تجميع البيانات المتعلقة بمعنى أو فكرة أو قضية وليس لفظ أو كلمة ، فنحن نبحث مثلا عن حادث تحطم طائرة ستعينه الأدوات الدلالية فى البحث داخل جداول مواعيد الطائرات ومسارات الرحلات وقوائم الركاب وقواعد بيانات شركات تصنيع الطائرات والمطارات ونظم الحجز ومدونات وجداول مواعيد الركاب وحاسباتهم الشخمية وتليفوناتهم المحمولة ، وكلما صادفت الأدوات الدلالية معلومة أو بيان ذا دلالة أو معنى عن الحادث فى كل هذه المسارات وفى أرشيف الصحيفة تقوم بالربط بينها وتحليلها وتقديمها فى صورة معلومات وبيانات تعطى القصة الإخبارية عمقا غير معتاد ومعلومات يصعب إن لم يكن من المستحيل الوصول إليها بالأدوات الحالية . هنا نحن أمام اول فائدة تتحقق لقارئ الصحيفة ومن يطالع موقعها، لانه سيجد نفسه أمام وجبة صحفية عميقة المعالجة فنية المعلومات زاخرة بالمعانى ذات العلاقة ، فيزداد ولائه للصحيفة ويطول زمن بقائه على موقعها، هذا فضلا عن أن وضع أدوات البحث الدلالية بين ايدى الجمهور يجعل الصحيفة التى تهيىء موقعها ليكون محتوى دلالى فى مقدمة الصحف التر تذهب إلى القارئ وهو يبحث عن موضوع معين باستخدام برنامج تصفح دلالى ، أو أداة بحث دلالية ، أما إذا لم يكن المحتوى جاهزا فتكون فرص ظهوره ضعيفه.

 

إذن يمكن القول إن البوابة التى ستدلف منها الويب الدلالية إلى عالم الصحافة تتمثل فى تطوير المحتوى ووضع أدوات ذات قدرات غير مسبوقة أمام المحررين فى مرحلة تجميع وانتاج المحتوى وتحرير المقالات والاخبار والتحقيقات والتقارير والتحليلات ، وهذا التطوير فى المحتوي يتحول فى النهاية إلي قيمة مضافة جديدة أمام القارئ المسلح بأدوات الويب الدلالية الخاصة بالتصفح والبحث وغيرها وهو على موقع الصحيفة ، حيث سيكون بإمكاننا الحصول علي معارف ومعلوما ت أدق وبالصورة التى تناسبه بالتحديد وبقيمة أعلى، أو الحصول على غنى وعميق وهو يمسك بنسختها الورقية .

 

من هذا المنطلق تحدث جيرومى لاربدو نائب رئيس شركة أتيكس للبرمجيات أمام المنتدى عن الفوائد التى يمكن أن تجنيها الصحيفة من وراء توظيف وتطبيق أدوات الويب الدلالية ، من بينها المساعدة فى بناء قاعدة جماهيربة قوية للصحيفة تساهم فى مكافحة ظاهرة تراجع التوزبع وتراجع الانتشار ، وتحسين عائدات الاشتراكات وبيع الصحيفة ، وتوفير أدوات إعلانية جديدة ومبدعة تقوم على أساس التحليل العميق للمحتوى وربطه بما يناسبه من منتجات ترتبط بالسياق الذى يقرأه زائر الموقع أو قا رئ الصحيفة ، كما أن أدوات الويب الدلالية سوف تفتح أفاقا واسعة أمام الصحيفة لتقديم منتجات وخدمات صحفية جديدة تقوم على التحليل العميق للمحتوى والكفاءة والتميز فى استخلاص ما به من معان ذات علاقة بسياقات وقضايا وتوقيتات مختلفة ، يمكن ترجمتها فى صورة ملاحق أو صفحات خاصة أو خدمات إخبارية أو خبرات تاريخية تستند إلر ما يطلق عليه ددالمحتوى ذى الذيل الطويلة <<.

 

خلاصة القول إن أدوات الويب الدلالية تتخذ طريقها الأن للتثبيت والتركيب والعمل داخل بيئة العمل بالصحف بمفرداتها المختلفة ، كنظم معلومات التحرير ونظم الأرشيف وأدوات تصميم وادارة الموقع ، حاملة معها إمكانات واعدة فى خفض النفقات وجذب القراء ورفع درجة ولانهم إمكانات واعدة فى خفض النفقات وجذب القراء ورفع درجة ولائهم للصحيفة وقبل ذلك كله تجويد الخدمة الصحفية وجعلها أكثر عمقا وثراء بالمعلومات .

المصدر: إعداد م/ تامر الملاح
tamer2011-com

م/تامر الملاح: أقوى نقطة ضعف لدينا هي يأسنا من إعادة المحاولة، الطريقة الوحيدة للنجاح هي المحاولة المرة تلو المرة .."إديسون"

  • Currently 8/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
8 تصويتات / 412 مشاهدة

ساحة النقاش

م/ تامر الملاح

tamer2011-com
باحث فى مجال تكنولوجيا التعليم - والتطور التكنولوجى المعاصر »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

3,921,218

بالـعلــم تـحـلـــو الحـــيـاة

للتواصل مع إدارة الموقع عبر الطرق الأتية:

 

 عبر البريد الإلكتروني:

[email protected] (الأساسي)

[email protected]

 عبر الفيس بوك:  

إضغط هنا

(إني أحبكم في الله)


أصبر قليلاً فبعد العسر تيسير وكل أمر له وقت وتدبير.