توجد العديد من المشكلات التى تساهم تكنولوجيا التعليم فى حلها بالمجالات التعليمية المختلفة ومنها:
1- الانفجار المعرفى: وجب الانفجار المعرفى على التعليم ضرورة استيعاب الزيادة المتلاحقة فى المعارف المختلفة رأسيا وأفقيا من نظريات جديدة كل يوم وبحوث عديدة نتيجة لما أحدثته فى زيادة موضوعات الدراسة فى المادة الواحدة , وأوجبت على الطالب أن يلم بها جميعا. وقد استلزم ذلك بروز دور جديد لتكنولوجيا التعليم من أجل التوصل إلى الحديث من المعارف والأبحاث وتنظيمها وتحديد أنسب الطرق لمعالجتها وتقديمها للطالب وتدريبه على كيفية التعامل معها بما يساعده على تنمية أفكاره العلمية وقدراته العقلية فى سرعة ومجهود محدد ودقة عالية فى اكتسابها.
2- الانفجار السكانى: أسفر النمو العددى المتلاحق للسكان عن زيادة سريعة فى أعداد الطلاب فى الفصول المختلفة رغم تفاوت الثقافات ومصادر الدخل , وأوجد ذلك عبئا ثقيلا على العملية التعليمية حيث زيادة أعداد الطلاب فى الفصول والحاجة إلى زيادة أعداد المدارس التى تنشأ سنويا وإلى زيادة فى أعداد المدرسين والعاملين والخدمات التى تقدم فى المدارس , هذا مع أهمية الرقى بالجانب الكيفى للتعليم لمقابلة التطورات العلمية والحضارية السريعة , ولإعداد هؤلاء الطلاب لمواجهة تغيرات صناعية كبيرة. وقد ساعدت تكنولوجيا التعليم فى مواجهة ذلك بإعداد نظم تعليمية حديثة وأشكال جديدة من التعليم منها التعليم عن بعد والتعليم المفتوح مع تغيير دور المعلم من المصدر الرئيسى للمعرفة إلى منظم وموجه للعملية التعليمية .
3- مشكلة الأمية: على الرغم من التقدم العلمى وزيادة فروع المعرفة وتضاعفها إلا أن الدول العربية المختلفة , لازالت تعانى كما تعانى الكثير من دول العالم الثالث من مشكلة الأمية, تلك المشكلة التى تقف عاتقا أمام أى تقدم فى المجالات المختلفة , وتقضى على الكثير من المحاولات الناجحة للتقدم العلمى والاقتصادي وتطبيقاتها فى المجالات المختلفة لانخفاض القدرة على التأقلم معها والتعامل مع متغيراتها.
والأمية تعوق عملية التنمية الفكرية والإثراء الذهنى لدى الأفراد إضافة إلى تمسكهم بالقديم من الأفكار والخرافات والبعد عن المنهج العلمى فى التفكير. لذا كانت أهمية مواجهة تكنولوجيا التعليم لهذه المشكلة بالتقنيات الحديثة من تليفزيون تعليمى وأقمار صناعية وأفلام سينمائية إضافة إلى تعميم برامج التعليم الموجه للكبار ومحو الأمية , وذلك من أجل التغلب على مشكلة عدم القراءة والكتابة لدى بعض أفراد المجتمع وتنمية قدراتهم العقلية والارتقاء بثقافتهم وتدريبهم على كيفية إتباع الأسلوب العلمى فى التفكير.
4- تنوع مصادر المعرفة:لا يقتصر التقدم العلمى على بلد دون غير , بل إن الجديد موجود كل يوم فى بلاد متعددة. فقط هناك الحاجة لمزيد من التعرف على مكانه وسبل نشره فى تلك البلاد وكيفية نقله بالأسلوب الأمثل الى بلادنا.
ومن هنا وجدت أدوار جديدة لتكنولوجيا التعلم وتقنياتها التى لاتعتمد على الكتاب المدرسى فقط فى نقل المادة العلمية , بل هناك من المصادر الكثيرة لتقديم المعارف إلى الطلاب فى أماكن وجودهم حتى يتفاعلوا مع المصادر وفق الطريقة التى تناسب قدراتهم وتراعى ميولهم وتلبى حاجاتهم المختلفة. فهناك من المعارف ما يبث بواسطة الأقمار الصناعية كبرامج تليفزيونية مفتوحة أو خطية إضافة إلى اسطوانات الليزر , وأقراص الكمبيوتر , والتسجيلات السمعية والبصرية المختلفة.
5- تعدد الأدوات التى يتعامل معها الخريج: أصبح من الضرورى أن يتعامل الخريج مع أدوات وأجهزة حديثة تختلف فى مواصفاتها وأسس تشغيلها والاستفادة منها عما تعامل معه أثناء دراسته , ولا يقتصر الأمر على ما يتصل بدراسته من أدوات وأجهزة بل هناك المئات من الأجهزة الأخرى التى يتعامل معها. ولقد أوجب هذا على المدرسة أن تغير فلسفتها فى تعليم الخريج وتدريبه على التعامل مع المتغيرات الحديثة الصناعية والثقافية خاصة. ولما كان من الصعب تغيير مناهج المدرسة ومعاملها كل يوم مع كل جديد لملاحقته فإن المسئولية أصبحت كبيرة على تكنولوجيا التعليم ودورها فى مساعدة الفرد على التعلم الذاتى وطرق التعامل الذاتى مع المواد والأجهزة الحديثة وإكسابه مهارات العمل العامة والقدرة على التفاعل مع المتغيرات الحديثة , بالإضافة إلى دورها فى إعادة صياغة المنظومة التعليمية فى ضوء حاجات المجتمع من الخريجين والمعلومات والمهارات الواجب توافرها لديهم.
6- تدنى كفاءة العملية التربوية:تعددت الشكوى من ضعف مستوى الخرجين، وأن المدرسة تخرج أنصاف المتعلمين، ولما كان من أسباب ذلك أن الكثير من المدارس تعمل من فترة فى اليوم الواحد إضافة إلى ازدحام الجدول الدراسى، وقصر وقت الحصة الدراسية، وتزاحم المعلومات وزيادة أعداد الطلاب فى الفصل الدراسى. فكيف نتصور فى ضوء ذلك أن يكون هناك خريجون على درجة عالية ما من التفوق الدراسى ؟ وكيف يخاطب معلم فصلا به أربعون تلميذا كل على تلميذ لمدة نصف دقيقة ؟ فمتى يعرض الدرس بعد أن يمهد له ؟ ومتى يكون التقويم ؟ إن الأخذ بتكنولوجيا التعليم يمكن أن يسهم فى استيعاب الأعداد الكبيرة.
فأصبحنا نرى الدوائر التليفونية المغلقة فى الجامعات والاعتماد على الأكبر على التعلم الذاتى واستخدام الفيديو، إضافة إلى المعامل المتعدد الأغراض ومشاهدة البرامج التليفزيونية التعليمية التى تضيف إلى ما يتم تعلمه فى المدرسة وإثراء العملية التعليمية.
7- نقص المدرسين المؤهلين تربويا:نتيجة للزيادة فى أعداد المدارس سنويا والتى لم تواكبها زيادة فى أعداد المدرسين المؤهلين تربويا وعمليا للتعامل مع التلميذ نفسيا وبدنيا والدارسين لطرق توصيل المعلومات وجعلها جزءا من سلوك التلاميذ لجأت وزارة التربية إلى تكليف غير المؤهلين تربويا للعمل كمدرسين دون إعداد تربوى لهم مما نتج عنه مشكلات نفسية للطلاب والمدرسين الجدد الهاربين من مجال العمل فى تخصصاتهم الأصلية، إضافة إلى عدم إلمامهم بتصميم وإعداد البرامج التعليمية وتنفيذها وتقويمها. وهذا النقص فى تأهيل المعلم، ولتتيح للمتعلم إمكانية التفاعل مع المادة العلمية، ولمساعدة المعلم فى الموقف التعليمي بالفصل المدرسى.
8- اختلاف دور المعلم:تغير دور المعلم المدرس نتيجة للتغيرات الحضارية والصناعية المتنوعة بالمجتمع، فلم يعد هو مصدر المعرفة الأوحد ومحور العملية التعليمية بل أصبح مساعدا للطالب فى تعلمه وكيفية العمل على الارتقاء بمستواه والتخطيط للبرامج التعليمية وتصميمها والإشراف على الأخصائيين فى إعداد وتوجيه الطلاب لدراستها بما يناسب قدراتهم ومستواهم العلمى وميولهم، وهذا يتطلب توفير المواد التعليمية والأدوات والأجهزة الحديثة المساعدة للمعلم فى أداء أدواره الجديدة.
9- تدنى مستوى برامج إعداد المعلم :حيث أصبحت برامج التدريب القليلة التى تدعو لها وزارة التربية والتعليم ليس لها دور أساسى فى ترقية المعلم داخل ذات الفئة، بل هى تأخذ فى كثير من الأحيان لترقيته للعمل كوكيل أو ناظر للمدرسة، لذا فهى لم تعد تهتم بالمادة العلمية وبناء وتقويم البرامج التعليمية وطرق التدريس وإنتاج وسائل التعليم لكنها فى أحيان كثيرة تركز على الأساليب الإدارية فى المدارس. إضافة لقلة أخذ المعلم له بالجديدة لأنه يضمن اجتيازها فى أغلب الأحيان، ولغياب الحافز المادى كما أن بعض البرامج لا تراعى تخصصات المعلمين المختلفة وسبل تنميتهم تربويا وعلميا، وأعتقد أن استخدام تكنولوجيا التعليم فى مجال التدريب والأخذ بالجديد من التقنيات فيه والتى تظهر للمعلمين استخداماتها كأساليب تربوية فى تخصصاتهم المختلفة يعد ضرورة ملحة وطلبا عصريا لا يمكن تجاهله.
تكنولوجيا التعليم ومراعاة خصائص المتعلم:
هناك العديد من العمليات الداخلية التى تتم فى عقل الطالب فتحدث التغيرات السلوكية فى الاتجاه المرغوب فيه، وتتمثل فى الانتباه – الإدراك – التفكير – ثم التعلم. ولتكنولوجيا التعليم دور رئيسي فى تقديم المادة العلمية فى صورة مثيرة يتفاعل معها الطالب فى الموقف التعليمى ينتج عنه استجابة مرغوب فيها لدى الطالب ويتم ذلك على النحو التالى.
أ- الانتباه:يتمثل الانتباه فى العملية العقلية التى تؤدى إلى نشاط الحواس المختلفة للطالب، وهى السمع والبصر والشم والتذوق والحس، وبدون توظيف هذه الحواس وحالة اليقظة التى تكون فيها عند استقبال المثيرات لا يمكن حدوثه عملية التفكير ثم التعليم من بعدها، فالانتباه للشىء هى تركيز الشعور إليه فيتم التعرف عليه والتفاعل معه.
وتلعب تكنولوجيا التعليم دورا ورئيسيا فى تنشيط حواس الطالب لتعاملها المباشر معها حيث تثير الانتباه وتجذبه من خلال استثارة عدد من العمليات النفسية الداخلية التى تزيد من نشاط الطالب وحماسته للتعلم، فيضمن بذلك استمرار تركيز انتباهه على المادة العلمية المعروضة عليه.
ومن العوامل الخارجية التى تساعد على جذب انتباه الطالب مايلى:
· شدة المنبه:مثل تقديم المعلومات الرئيسية بصورة جذابة مثل استخدام الإضاءة أو الألوان الزاهية بحيث تستحوذ على اهتمام المتعلم فى الموقف التعليمى فتثير حماسه للتفاعل معها.
· تكرار المنبه:يتمثل فى إعادة عرض المادة العلمية بصورة مختلفة مشوقة للمتعلم مع التأكيد فى تكرار العرض على الجوانب التى لم يستوعبها المتعلم فى المرة السابقة. فإذا كان العرض للمادة العلمية لفظيا مثلا بواسطة المعلم فيمكنه التغيير فى نبرات الصوت مع استخدام الحركة داخل الفصل وإشراك الطالب فى عملية العرض بحيث لا يشعر بالملل أو يشتت الانتباه.
· تغيير حركة المنبه:من حيث تنوع أساليب حركة العرض للمادة العلمية من لفظ بواسطة المعلم، إلى صوتية باستخدام أجهزة تسجيل الصوت، وإلى صوتية سمعية باستخدام الفيديو، أو تغيير درجات الصوت من بطئ إلى سريع، ومن هامس إلى متوسط الارتفاع مما يوفر حالة من التهيؤ النفسى لدى الطالب وجذب انتباهه. وما يقال هنا عن الصوت يقال عن حركة عرض الصور التعليمية.
· التباين:ويتم بالتأكيد على التنوع فى درجات المادة المعروضة، ولتكن فى ألوان الشفافيات التعليمية مثلا مع تعدد نوعياتها، واستخدام الأنواع المختلفة من المواد التعليمية يجذب انتباه الطالب بسرعة ويوقظ حواسه المختلفة مما يزيد من تفاعله مع المادة العلمية.
ب- الإدراك:يأتى كمرحلة تالية للاتنباه للمادة العلمية الذى يتم باستخدام الحواس المختلفة فتحدث عملية استقبال المادة العملية التى تؤدى إلى عملية الإدراك وإعطاء المعنى لما استقبله الطالب من خلال حواسه. وهذا ما يطلق عليه تكوين المدركات. حيث إن موصفات التعرف على حمضية الموالح تبدأ من التذوق فيحدث الاستقبال ومن خلال الخبرات السابقة لدى الطالب يعطى لما تذوقه فيحدث الاستقبال ومن خلال الخبرات السابقة لدى الطالب يعطى لما تذوقه تفسيرا ومعنى محددا، وبذلك تتم عملية الإدراك، والتخطيط التالى يوضح العمليات التى تمر بها عملية الإدراك.
الانتباه الاستقبال الإدراك
وللإدراك نوعان:الإدراك الحسى أو الملاحظة الحسية وهو الشعور الأول بموضوع الإدراك من حوله. مثل شعور الطالب فى البداية بموضوع الصورة التعليمية عند عرضها عليه، وهو بذلك يعتبر بداية للإدراك الفكرى الذى يتوقف حدوثه على أنواع الإدراك الحسى من حيث الحاسة أو مجموعة الحواس العاملة وقوة هذا الإدراك، ودرجة دقته.
الإدراك الباطنى: وفيه يتم تمييز المادة العلمية وتحديدها وتنظيمها، وذلك من خلال خبرة الطالب السابقة بالموضوع المعروض عليه ودرجة استقباله له وتفاعله معها.
جـ- التفكير:والتفكير هو الحالة الذهنية المتضمنة للأنشطة العقلية والتى تستخدم الصور الذهنية والمعانى والألفاظ والأرقام والذكريات والإشارات والتعبيرات والاتجاهات التى تحل محل الأشياء والأشخاص والمواقف والأحداث المختلفة التى يفكر فيها الشخص بهدف فهم مواقف محددة، والطالب يستخدم فيه خبراته ومعلوماته السابقة لإعطاء معنى للمادة العلمية المعروضة أو للوصول إلى حل أو هدف نهائى، فإذا كان من الصعب عليه الوصول إلى ذلك من خلال خبراته المباشرة فإنه يستخدم أنشطة عقلية متنوعة منها إدراك العلاقات فى الموقف واختيار البدائل وإعادة تنظيم الأفكار المعروضة عليه ؛ وذلك بغرض تحقيق الهدف النهائى ولتكنولوجيا التعليم دور رئيسى فى تنشيط عملية التفكير لدى الطالب باعتبار أنها تؤدى إلى تنمية قدرات الفرد من خلال العناصر المتفاعلة المكونة لها والتى تؤثر فى بعضها البعض لذا كانت أهمية تدريب الطالب على التفكير العلمى المنظم مستخدما عمليات التفكير المختلفة ومنها التفسير والتحليل والتقويم مما يساعده على تحقيق الأهداف بسهولة ودقة وسرعة الأداء.
د- التعلم:يقصد بالتعلم تغير مرغوب فيه فى سلوك الفرد تحت شرط الممارسة والتفاعل مع البيئة مؤثرا ومتأثرا بها. وتعد خبرات الطالب الفكرية الحياتية السابقة ودورها المؤثر فى عمليات الإدراك وبناء الأفكار هى عاملا رئيسيا يؤدى إلى حدوث التعليم , ويبقى التعلم مدة أطول لدى الطالب كما استخدمت تكنولوجيا فى إحداثه بشكل أوسع بحيث تشترك أكثر من حاسة لدى الطالب عند الانتباه للمادة العلمية. فذلك يكسبه خبرات تعليمية قوية التأثير ترتبط بخبراته السابقة فتحدث لها إضافة وإثراء مما يحقق تعلما فعالا وباقيا فى آثره لفترات زمنية طويلة.
ساحة النقاش