دور تكنولوجيا التعليم في حل بعض مشكلات التدريس للأعداد الكبيرة.
د/ وليد يوسف محمد د / وائل أحمد راضى سعيد
مدرس بقسم تكنولوجيا التعليم مدرس بقسم المناهج وطرق التدريس
كلية التربية ـ جامعة حلوان كلية التربية ـ جامعة حلوان
زاد الاهتمام بالدعوة إلى تطوير التعليم فى الآونة الأخيرة وذلك لما يواجه التعليم من مشكلات عديدة ظهرت نتيجة عديد من العوامل التاريخية والثقافية والاقتصادية التى يعانيها المجتمع المصرى.
وتعد الزيادة المطردة فى أعداد الطلاب بالمراحل التعليمية المختلفة وبالتالى ازدحام الفصول والمعامل بالطلاب أحد المشكلات الأساسية التى يعانيها التعليم المصرى , والتى تقضى على كل محاولة لتطوير التعليم ؛ ويترتب على هذه الزيادة فى أعداد الطلاب خلل فى النسب المتعارف عليها بين عدد الطلاب والمعلمين ، وخلل أخر فى النسب بين أعداد الطلاب والمتطلبات والتجهيزات التعليمية الأخرى مثل المبانى والمعامل ، وبيئة التعلم وميزانية التعليم وتوفير الكتب والخامات والأجهزة التعليمية ، وعلية فان النتيجة الحتمية المترتبة على هذا الخلل هى ضعف مستوى جودة المنتج من التعليم وهو الخريج .
وتكنولوجيا التعليم كمدخل لتطوير التعليم تهدف الى تحسين التعليم وحل مشكلاته الحقيقية ، حيث تبدأ من الواقع بالتعرف على مشكلاته وتصميم الحلول المناسبة لها وتطويرها ، وتنتهى إلى الواقع باستخدام هذه الحلول وتوظيفها به ، وتكنولوجيا التعليم لاتعالج أعراض المشكلات بمسكنات وتظل المشكلات قائمة ، ولكن تنبع من البحث المباشر فى مشكلات التعليم الحقيقية ، وتحليل تلك المشكلات وابتكار الحلول العلاجية المناسبة لها ،وهذه هى التكنولوجيا البناءة constructive technology .
على ذلك فان تكنولوجيا التعليم تستطيع تحسين النظام التعليمى القائم وزيادة فعاليته وكفاءته عن طريق الدراسة التحليلية الدقيقة والمتأنية والمنظمة للمنظومة التعليمية بكاملها ، وما يشتمل علية من مكونات تشمل المعلم والمتعلم والمنهج والمصادر والبيئة التعليمية بهدف تشخيص وتحديد مشكلاتها ومواطن الخلل فيها واقتراح انسب الحلول لها ، ثم تصميم هذه الحلول فى شكل منتوجات تعليمية وتطويرها , وتنفيذها و تقويمها , بهدف تسهيل عمليتي التعليم والتعلم و تجويدهما .
وإذا كان التدريس للأعداد الكبيرة إحدى المشكلات المزمنة التى يعانيها التعليم المصرى فان تكنولوجيا التعليم معنية بتحليل هذه المشكلة و تعرف جوانبها المختلفة ، وتقديم الحلول المناسبة لها من خلال استخدام وسائل تكنولوجية مصممة خصيصا للتدريس للمجموعات الكبيرة ، لتساعد كل المتعلمين على الاستماع و المشاهدة بوضوح ويسر ، كذلك اكتشاف أفضل الطرق للتعامل مع المجموعات الكبيرة من الطلاب ،والبحث عن طرق زيادة تاثير المعلم الواحد على المجموعات الكبيرة.
و المشكلة الأساسية فى التدريس للأعداد الكبيرة هى جمود الممارسات التعليمية السائدة المرتبطة بطرق التدريس ووسائله و استراتيجياته فلازالت المحاضرة التقليدية Lectures and Talk تحتفظ بمركز الصدارة فى تعلم الأعداد الكبرى من الطلاب فى كل المراحل و السنوات التعليمية ويرجع ذلك لعوامل عده أهمها :
- انخفاض التكلفة الاقتصادية للتعليم cost – effective حيث يمكن تعليم عدد كبير بنفس تكلفة تعليم عدد صغير من المتعلمين .
- تحتاج إلى جهد قليل من المعلمين فى التخطيط لها و تنفيذها نظرا لخبرتهم بها ، لذلك فهم يشعرون بالراحة نحوها ، خاصة ان أغلبهم تنقصه المهارات اللازمة لاستخدام طرق التدريس الحديثة لتعليم الأعداد الكبيرة .
- تصلح للقيام بعديد من الاجراءات التعليمية، مثل: شرح اهداف المقرر، وتوجيه المتعلمين لدراسته، وتحديد النقاط الرئيسة و الموضوعات المطلوب التركيز عليها، وعرض الموضوعات الجديدة، وشرح النقاط التى يصعب على المتعلمين فهمها بمفردهم، وعرض بعض مصادر التعلم الجماعية، و ربط موضوعات المقرر ببعضها البعض، وتقديم التطبيقات الخاصة بها، واعداد المتعلمين للاختبارات.
* ومن ناحية اخرى هناك عديد من نقاط الضعف فى طريقة المحاضرة التقليدية منها.
مشاركة المتعلمين و تفاعلهم النشط ، فبالرغم من أنها تحدث و جها لوجه ، إلا ان دور المتعلمين فى أثنائها سلبيا تماما ، حيث يقضون معظم وقت المحاضرة فى الاستماع أو كتابة المذكرات ، و أحيانا يشاهدون بعض العروض السمعية و البصرية ، مع أقل فرصة لإيجابية المتعلمين و التفاعل المتبادل بينهم و بين المعلم ، وقد تنعدم الفرصة نهائيا ، لزيادة أعداد المتعلمين .
من حيث مراعاة الفروق الفردية بين المتعلمين ، فالكل يسير بنفس السرعة فى التعلم ، حيث يقدم المعلم نفس المواد التعليمية ، إلى كل المتعلمين بنفس الطريقة ، ويفترض أنهم سيصلون جميعا إلى نفس الفهم .
كذلك من حيث التعامل مع مشكلات تعلم المتعلمين الأفراد، وصعوباته، و علاجها بطريقة مرضية، فذلك أمر صعب و نادر الحدوث خلال المحاضرة.
الرتابة و الملل و فقدان الانتباه ، حيث تقل درجة انتباه الطلاب تدريجيا و بسرعة فى أثناء المحاضرة ، و يتخللها فترات كسر الانتباه تسمى فترات النوم المصغر Micro sleeps ، و قد يغرقون فى نوم عميق ولا يدرى بهم أحد . ففى بداية المحاضرة تكون فترات الانتباه التى يستطيع المتعلمون خلالها التركيز فى الموضوع ، من 12 – 15 دقيقة ، ثم تقل تدريجيا لتصل إلى ثلاث أو أربع دقائق عند نهاية المحاضرة الرسمية التى مدتها ( 50 ) دقيقة ،و أقصى فترة للانتباه هى 20 دقيقة بالنسبة للتلاميذ الصغار فى التعليم العام ، و أربعون دقيقة لطلاب الجامعة ، وفى حين أن مدة الحصة و المحاضرة ، فى المدارس و الجامعات ، ضعف ذلك ، وقد تصل إلى أكثر من ستة أضعاف فى الجامعة . ولكى يتمكن المحاضر من المحافظة على انتباه المتعلمين و أسرهم ، فإنه يحتاج إلى سمات شخصية و مهارات خاصة و الجدية و الاهتمام و الحماس و الصبر.
و لتحسين فعالية المحاضرة ينبغى تشجيع الطلاب على المشاركة النشطة فى التعلم ، و ذلك عن طريق توجيه الأسئلة و المناقشات القصيرة ، و تنويع طرائق التدريس و عروض الوسائل ، وتوزيع أوراق العمل و كتابة المذكرات . ويفضل أن تعقب المحاضرة جلسات للمناقشة و حل المشكلات و العمل فى مجموعات صغيرة ، ويمكن تخصيص النصف الثاني من وقت المحاضرة لذلك .
ومن ناحية يوجد عديد من الطرق التقليدية و غير التقليدية للتدريس تقدمها تكنولوجيا التعليم كحل لمشكلات التدريس للاعداد الكبيرةمنها
1- المحاضرات الإليكترونية Electronic lectures :
المحاضرة الإليكترونية هى رزم وسائل متعددة قائمة على الكمبيوتر ، كجزء مكمل من النقل الإليكترونى للمقررات Electronic Course Delivery ( ECD ) ، تنقل إلى الطلاب مباشرة فى قاعات المحاضرات التقليدية أو فى المنازل ، إما حية عبر الخط المباشر بالإنترنت Online ، أو مسجلة على أقراص مدمجة CD – ROMs . وتستخدم إما كمصادر للتعلم الفردى المستقل ، أو كجزء متكامل مع المحاضرات التقليدية ، باستخدام أساليب العرض الجماعى . ويطلق على هذه الصيغة الأخيرة أسم "التعلم الموزعDistributed Instructions " لأنه توليفة تجمع بين التعليم التقليدى و التعليم من بعد ، أى تستخدم مواد التعلم من بعد ضمن التعليم التقليدى . ويقدم هذا التعلم للطلاب ، سواء أكانوا داخل الحرم الجامعى أم فى أماكن متباعدة من العالم .
صيغة التكامل بين المحاضرات الإليكترونية و المحاضرات التقليدية ( التعليم الموزعDistributed Instructions :
يرى البعض أن هذه الصيغة هى أفضل صيغة لاستخدام الوسائل الإليكترونية ، لانها تستفيد من إمكانيات هذه الوسائل ، وتعد ألية للنهوض بالمداخل الحالية للتعليم ، و التحول إلى الجامعات الإليكترونية الاعتبارية . كما أثبتت هذه الدراسات أن تلك الصيغة ساعدت على تحسين التعلم ، وتقليل وقت المحاضرة بدون التضحية بنوعية العروض أو أثر الدافعية ، وشجعت المتعلمين على المشاركة النشطة فى التعلم .
وعلى ذلك ، فالميزة الأساسية لهذه الصيغة أنها تجمع بين مزايا الوسائل الإليكترونية ، سواء أكانت حية عبر الإنترنت أم مسجلة على أقراص مدمجة ، وبين مزايا التعليم و التفاعل التقليدى المباشر ، حيث تقوم هذه الوسائل بعرض المحتوى العلمى ، بينما يقوم المعلم فى الفصل بعمليات إعداد الطلاب و توجيهم و إرشادهم و متابعتهم عند القيام بالانشطة الفردية و الجماعية و الإجابة عن أسئلتهم وتقديم الرجع المناسب لهم من خلال التفاعل الحى معهم . و هناك ميزة ثانية ، وهى أن هذه المحاضرات الإليكترونية تعرض وسائل متعددة تفاعلية عالية الجودة وجيدة الإعداد
و ميزة ثالثة مهمة ، و هى الإتاحة ، حيث تكون هذه المحاضرات و الوسائل الإليكترونية متاحة للطلاب ، سواء أكانت على الشبكة أم مسجلة على أقراص مدمجة فيسهل عليهم الرجوع اليها فى أى وقت ، كمصادر للتعليم الفردى المستقل .
ولكن هناك من يرى أن صيغة التعليم الموزع بالرغم من أنها بدأت فى الاصل لكى تطور طرائق التعليم التقليدى ، وتحدث ثورة فى سيادة طريقة المحاضرة التقليدية إلا أنها سوف تؤدى إلى تحطيم أستقلالية المعلم ، وسوف ئؤدى إلى خفض تعداد المعلمين .
مشكلات المحاضرات الإليكترونية :
رغم فعالية المحاضرات الإليكترونية ، إلا أن هناك بعض التحفظات عليها من جانب الطلاب و المعلمين، ترجع إلى بعض الحدود و المشكلات أهمها :
عدم وجود المهارات اللازمة لدى االمعلمين ، سواء أكان فى مجال الإنتاج أم الاستخدام .
عدم وجود أو شيوع برامج التأليف المناسبة التى تشجع المعلمين على إنتاج محاضراتهم الإليكترونية بسهولة ، كى يركزوا على الخبرات التعليمية ، ودون ضياع الوقت فى حل المشكلات الفنية فى تصميم المحاضرات .
عدم وجود الوقت الكاف لدى المعلمين لإعداد هذه المحاضرات ، و أن الوقت المبذول فيها أطول من الوقت المخصص لإعداد المحاضرة التقليدية .
نقص الأجهزة و التجهيزات الخاصة بالإنتاج و الاستخدام.
2- عروض الأفلام المتحركة و الفيديو:
تستخدم الأفلام المتحركة كوسيلة للتعليم و التدريب الجماعى على نطاق واسع منذ سنوات عديدة ، ثم جاء الفيديو كاسيت فسهل عروض الفيديو بل الأفلام المتحركة ، فى الفصول . ولذلك انتشر استخدام الأفلام المتحركة وعروض الفيديو فى كل المؤسسات التعليمية و التدريبية ضمن المحاضرة أو كبديل عنها ، لما تتميز به من إمكانيات و مميزات خاصة ، خاصة إذا كانت معدة خصيصا وبشكل جيد من الناحيتين التربوية و الفنية . ولكن تواجه هذه العروض مشكلة الاستخدام السىء لها و الذى قد يحول الذهب إلى تراب ، حيث يتنحى المعلم ، غير المتحمس لها ولا يملك المهارات اللازمة لاستخدامها ، عن دوره فى الفصل فى أثناء هذه العروض تاركا الحبل على الغارب . كما أنها تحتاج إلى أجهزة عرض و تجهيزات خاصة، قد لا تتوفر بالفصول أو المدارس.
3- البث الإذاعي و التليفزيوني المباشر:
فمنذ عام 1965 ، بدأ استخدام هذا البث المباشر الذى تستقبله المدارس فى الفصول خلال أوقات الدراسة ، فى بلاد عديدة . وهناك تجارب عديدة و مشروعات رائدة فى هذا المجال ، لا يتسع المقام لذكرها ، منها تجربة السنوات السبع فى مصر ( 69 – 1977 ) ، وذلك بشكل تعاونى بين معلمى التليفزيون و معلمى الفصول .
4- الأنشطة العملية الجماعية :
حيث تستخدم فى كثير من النظم التعليمية الممركزة حول المعلم فصول المعالم كطريقة شائعة لتوضيح العناصر العملية فى الموضوع . وهذه الأنشطة ضرورية لتنمية المهارات العملية لدى المتعلمين ، و يستمتعون بها أكثر من استمتاعهم بالمحاضرة ، لأنها تساعدهم على تطبيق الموضوعات النظرية فى الحياة الواقعية ، ولكنها طريقة مكلفة اقتصاديا من حيث القوى البشرية و المعدات و الخامات ، كما أن كثيرا من هذه الأنشطة و التدريبات العملية و المعملية لا يرتبط مباشرة بمواقف الحياة الحقيقية ومشكلاتها .
5- الزيارات الميدانية Field Trip :
هى أسلوب تعليمى لتوظيف مصادر المجتمع فى التعليم ، عن طريق انتقال التلاميذ إلى مواقع وبيئات خارج المدرسة ، بهدف ملاحظة أشياء أو ظاهرات أو عمليات أو معروضات حقيقية ، و دراستها على الطبيعة ، لتحقيق أهداف تعليمية محددة . و تختلف هذه الزيارات فمنها الرحلات القصيرة سيرا على الأقدام للمناطق المجاورة و القريبة من المدرسة، و منها الرحلات البعيدة باستخدام السيارات أو السكك الحديدية.
الزيارات الإليكترونيةVirtual Field Trip:
و هى زيارات ميدانية لأماكن عديدة فى العالم من خلال مواقع على الإنترنت ، حيث يستطيع المتعلمون زيارة الدنيا كلها وهم جالسون أمام أجهزة الكمبيوتر . فهناك مواقع عديدة للسياحة و الآثار و المراكز المتعددة و المتباينة، وكل شيء يمكن أن تجده على الإنترنت، فقط بكتابة أسم الموقع إن كنت تعرفه، أو تبحث عنه بكلمات بحثية، سيعرض لك أسماء مواقع متعددة. و بالإضافة إلى الصور الثابتة و المتعددة، تعرض المواقع معلومات نصية شارحة. وبعض المواقع تسمح للمتعلم التجول فيها من خلال بيئة تعليم تخيلية.
6- المقابلات interviewing :
وهى لقاءات بين المتعلمين و بعض المصادر البشرية فى المجتمع المحلى، سواء اكان داخل المدرسة ام خارجها، يقوم فيها ضيف زائر بعرض خبراته على التلاميذ فى الفصل.
المقابلات الخارجية:
و تجرى خارج المدرسة ، فى حالة تعذر حضور الخبير للمدرسة ، وهى أساسا جلسات سؤال و جواب . وتتطلب أن يتفق تلاميذ الفصل كله على الأسئلة التى توجه للخبير ، ثم يتولى بعض المتعلمين إجراء الحوار مع الخبير فى منزلة أو مكان عمله ، وينبغى اختيارهم بدقة ممن لديهم مهارات التحدث و الاستماع ، وتدريبهم على إجراء الحوار والتصوير . ثم يعرض اللقاء على التلاميذ في الفصل .
المقابلات التليفونية :
وهى مقابلات تجرى مع الخبير من بعد ، باستخدام خطوط التليفون العادية و مكبر الصوت لكى يسمعه جميع تلاميذ الفصل .
المقابلات الإليكترونية :
و هى مقابلات تجرى مع الخبير من بعد ، باستخدام نظام الاتصال عبر الكمبيوتر CMC وميزة هذه المقابلات أنها توسع نطاق الاستفادة من المصادر البشرية ، وتتعدى حدود الزمان و المكان ، إذ يمكنك إجراء مقابلات مع خبراء من جميع أنحاء العالم باستخدام الإنترنت حسب موضوع الدرس .
ومن الجدير بالذكر ان معظم الامكانيات المرتبطة باستخدام هذه الطرق – السابقة- متوفر بالمدرسة ،ولكنة يحتاج الى اعادة توظيف و ادارة مدرسية فعالة متميزة.
المصدر : http://www.et-ar.net/vb/showthread.php?t=445
ساحة النقاش