فائدة
و
أهمية
علم تخريج الفروع على الأصول
إن تخريج الفروع على الأصول وربطها بها له فوائد عديدة، أذكر أهمها:
١- التعرف على مأخذ ما نص عليه العلماء وأصلوه . وبالتالي يطمئن إلى فقهم ويوثق به.
٢- يتنبه به على استخراج أحكام ما لم ينصوا عليه فهذا العلم ينمي الملكة الفقهية، ويدرب المتعلم
على الاستنباط والترجيح، وتفريع المسائل وبنائها على الأدلة، والتعرف على آراء الأئمة في المسائل التي لم يرد عنهم نص بشأنها، وعلى أحكام النوازل الطارئة أيضًا، على أن هذا الجزء الأخير لا يتحقق لكل أحد، بل هو خاص بالعلماء القادرين على ذلك ممن تتحقق فيهم شروط أهل التخريج
٣- أن هذا العلم يخرج علم أصول الفقه من جانبه النظري إلى مجال التطبيق العملي، فتظهر الثمرات المترتبة على القواعد الأصولية، وعلى ذلك فإنه يعطى علم الأصول مزيدًا من الوضوح.
٤- أن هذا العلم بإخراجه الأصول من الجانب النظري إلى الجانب التطبيقي يحقق الربط بين الفقه وأصوله، مما يزيل ذلك الانفكاك الذي خيم عليهما قرونًا كثيرة نتيجة للدراسة النظرية وحدها في مجال الأصول ، والتقليد المجرد للفروع الفقهية دون نظر إلى أصول هذه الفروع.
٥- في التخريج الذي يقارن بين المذاهب ويبين أساس الاختلاف بين الأئمة، يكشف هذا العلم عن أن الاختلافات الواقعة بين الفقهاء فيما استنبطوه من أحكام ليست وليدة الهوى أو تحكيم العقل المجرد وتقديمه على الشرع، بل يبين أنها اختلافات قائمة على أسس علمية وقواعد ومناهج في الاستنباط ربما اختلفت من عالم لآخر، وإذا علم هذا الأساس في اختلاف الفقهاء وأنه قائم على الجادة والبحث عن الحق وأخذ كل منهم بما غلب على ظنه أنه الأقرب للحق في الأمور الاختلافية، فإن ذلك يؤدى إلى الوثوق بآراء هؤلاء العلماء، وإزالة الشكوك التي قد تعلق بأذهان البعض من ذلك ، فإن كثيرًا ممن خيم الجهل بهذه الأمور على عقولهم يتخذون
من الاختلاف في الفروع الفقهية وسيلة للإزراء بمنصب الأئمة المجتهدين من السلف الصالح، ويحاولون الطعن فيهم وترك كل آرائهم، لظنهم جه ً لا بأن الأئمة اتبعوا الهوى وأعرضوا عن الحق، ولو أنهم اطلعوا على أسباب الاختلاف بين الأئمة، لعلموا أن هؤلاء الأئمة كان قصدهم اتباع الحق، وأنهم ما قالوا بهذه الأحكام إلا لمدارك ربما خفيت على هؤلاء الطاعنين، ولو أنهم اطلعوا عليها ما ظنوا بهؤلاء العلماء هذه الظنون .
٦- يترتب على رد الأحكام الفقهية إلى قواعدها الأصولية، وعلى معرفة أن الاختلافات فيها تعود إلى المآخذ والمدارك وطرق الاستنباط، أن يعرف المتعلم الراجح من المرجوح من الآراء، وذلك بمعرفته الراجح من المرجوح في القواعد الأصولية، مما يساعد في أحيان كثيرة على التقريب بين المذاهب، ويقلل من التنافر بين أتباعها، وذلك في كتب تخريج الفروع على الأصول التي تعنى بتقرير الحق وبيان الراجح في القواعد الأصولية، لا التي تسرد القواعد على أنها مسلمات لا يجوز مناقشتها.
وبهذه الفوائد تظهر أهمية هذا العلم والحث على إتقانه، ولذا فإن الجامعات التي تعنى بالدراسات الشرعية تقرره ضمن مواد الدراسة فيها كجامعة أم القرى في كلية الشريعة، وجامعة الأزهر في كلية الشريعة أيضًا، خصوصًا في الدراسات العليا، والتي يكون الطالب فيها قد حصل قسطًا من الفقه والأصول يؤهله أن يستفيد من هذا العلم.
ساحة النقاش