طلال يحيي أبوشعيشع

يتناول الموقع مقالات وأبحاث ودراسات تربوية واجتماعية


تكلف الأسرة متوسطة الدخل التي يتعلم فيها طالبين .. أكثر من 40% من دخلها .. كما أنها إزعاج للبيت والأسرة .. قلق علي الابناء في رحلة ذهابهم وإيابهم من الدورس الخصوصية .. إرباك لنظام البيت والأسرة وإجتماعها وراحتها وطعامها .. تحول أفراد الأسرة إلي جزر منفصلة منعزلة عن بعضها البعض .. الأم مطالبة أن ترتب نظام البيت وطعامه واجتماعاته علي ضوء مواعيد دروس الأولاد .. وكل له ميعاد لطعامه ونومه ومذاكرته ودروسه واجتماعه مع الأسرة الذي كاد أن يختفي من حياة الأسرة .. عبء وارهاق علي الطالب نفسه .. إذ انه بين مطرقة البرنامج الدراسي       للمدرسة والالتزام بالحضور يوميا .. والواجبات المدرسية المنزلية .. أو مقاطعة المدرسة نهائيا تخففا من هذا العبء .. وسندان الدروس الخصوصية الذي أصبح يتواكل عليه لحصد أعلي الدرجات .. كما خلقت الدروس الخصوصية حالة من الاتكالية لدي الطالب في أسوأ مظاهرها وأشكالها .. إذ جعلت إعتماده الأساسي علي الدروس الخصوصية في كل المواد .. حتي لو كانت سهلة أساسا .. من باب التكاسل في مذاكرتها .. بل والاكثر اتكالية حصول بعض الطلبة علي أكثر من درس خصوصي في المادة الواحدة .. درس للشرح ودرس للتمارين والأسئلة .. جعلته يعتمد إعتمادا كليا علي مذاكرات الدروس الخصوصية (كبسولات وملخصات) .. وأهمل الكتاب المدرسي كلية .. رغم أن المذاكرة فيه ودراسته وحل الأسئلة في نهاية كل درس أو وحدة في الكتاب .. كفيلة بتحقيق التحصيل والفهم والدرجات النهائية .
وفي نهاية المطاف .. تفرز الدروس الخصوصية طالب غير قادر علي تحمل المسئولية وإدارة شئون نفسه .. طالب غير متعلم .. ولكن طالب خازن لمعلومات .. لم يفهمها ولم يستوعبها .. بل حفظها ليمتحن فيها ليحقق أعلي الدرجات .. وينسي كل ما حفظه دون فهم أو استيعاب .. ويلتحق بإحدي كليات القمة التي لا تتفق مع قدراته وميوله ومهاراته أو حتي قدراته المالية .. بل تتفق مع مجموعه فقط .. تقتل فيه الابداع والابتكار والتجديد والتحديث .. حيث ساقه إليها مجموع الدرجات فقط .. وهو معيار غير كاف ليختار الطالب مستقبله .. وقد نسي كل ما حصله من علوم في الدروس الخصوصية .. حيث كان هدفها تدريبه وتحفيظه بأسلوب التنشين علي كم رهيب من الأسئلة التي يتكرر الامتحان فيها عادة .. دون أن تعلمه التفكير .. ودون فهم .. ودون استيعاب .. ودون أن تهتم بمساحات الابداع لديه .. ودون أن تكسبه أي مهارات .. سوي مهارة آلية حل الأسئلة .. في حدود ما استطاع أن يختزنه من معلومات .. وفي النهاية نقدم للجامعة طالب لا تتوافر فيه أدني المواصفات والمهارات التي تؤهله للدراسة الجامعية .. ومن ثم خريج جامعة ضعيف المستوي .. لا يمكنه ما حصله من علم أن يلتحق بسوق العمل حتي المحلي وبالتالي عاجز عن المنافسة في سوق العمل الخارجي .. ويفرز في النهاية مهني ضعيف محبط لعدم فهمه واستيعاب ما درسه .. غير راغب في تحديث نفسه أو تطويرها .. وإذا أراد ذلك فأنه في حاجة إلي سنوات جديدة من عمره .. ينفقها في تحصيل المهارات التقنية واللغات .. ناهيك عن التكلفة اللازمة لتحقيق ذلك .. بل والأغرب من ذلك البعض منهم يختار مهنة جديدة بعد تخرجه ويحتاج إلي إعادة تأهيله فيها .. وفي النهاية شاب جامعي يجد صعوبة في الحصول علي العمل .
هذا ما فعلته الدروس الخصوصية في أبنائنا وفي أجيالنا .. تلك هي مشكلة الدروس الخصوصية .. قضية شائكة ومتشابكة وتحولت إلي كرة الثلج .. تكبر كل يوم .. حتي أصبحت هي كل هموم الأسرة .. وأصبحت تفوق في حجمها كل مشكلاتنا الاجتماعية .. بل وأصبحت السبب الرئيسي في تدني مستوي خريج الجامعة .. فهل من حل ؟؟
والحل في حاجة إلي دراسة معمقة تشمل جميع مناحي العملية التعليمية .. ونوجز ذلك في محاور عدة ..
المحور الأول : العودة بدور المدرسة الحقيقي كمنظومة للتعلم بكل تفصيلاته ومحاوره ..
..
المحور الثاني : تصحيح السلوك الاجتماعي .. المحور الثالث : تغيير أساليب الامتحانات وأهدافها .. المحور الرابع : تغيير آلية الالتحاق بالجامعة ليكون هناك معايير أخري إلي جانب المجموع ضمن شروط الالتحاق بالكليات .
فقد انتهينا في مقال سابق .. إلي أن الدروس الخصوصية سلوك اجتماعي .. وقصور مدرسي .. كما تناولنا في مقالنا أن محاور عملية التعلم .. هي الكشف عن الابداعات وصقلها .. وإكساب المهارات والتدريب عليها .. ثم التعليم بمفهومه المنهجي وفق برنامج محدد .. ليكون الهدف النهائي للتعليم العام تأهيل الطالب للدراسة الجامعية .. لنقدم للجامعة طالب قد تم بناء شخصيته .. وأصبح قادرا علي التفكير بل وصناعة التفكير .. والتحليل وإبداء الرأي .. واتخاذ القرار .. وتعلم ثقافة الحوار .. والاختلاف في الرأي .. وقبول الأخر .. والرأي الثالث .. وهذا هو الهدف النهائي لعملية التعلم .
ففي الدروس الخصوصية .. لا تعلم ولا تعليم بل صم معلومات دون فهم .. حيث ركزت علي محور التعليم بمفهومه الضيق .. وأهملت محوري الإبداع والمهارات .. بآلية وميكانيكية بعيدة عن الفهم أو تدريب الطالب علي التفكير ..  وأصبح الطالب في الدرس الخصوصي عبارة عن شريط كاسيت سهل للمسح .
ففي المحور الأول وهو العودة بالمدرسة كمنظومة تعليمية إلي دورها التربوي والتعليمي كاملا وفقا لمحاور فكرة التعلم كما أشرنا إليها ، يجب الارتقاء بكامل مقومات العملية التعليمية (المنهج الدراسي ، البيئة التعليمية ، المعلم ، الادارة ، الطالب)
فيجب وضع مقررات ومناهج دراسية محدثة متطورة .. تتفق مع معطيات واحتياجات العصر .. بصورة مبسطة وسهلة وجاذبة للتلميذ .. ومزودة بأسطوانة مدمجة .. وتترجم الموضوعات إلي صور وأعمال فنية (مسرحة المناهج) .. وكذلك أشرطة صوتية وغيرها .. كما يجب أن تتاح الفرصة للطالب للبحث عن المعلومات بل وصناعتها والتدريب علي اكتشافها .. والتدريب علي وضعها في قوالب تقنية بنفسه (برامج الحاسب الآلي) .. وثبت بالتجربة العملية أن التلاميذ الذين يتوافر لهم ذلك .. يحققون فهما أكثر .. وسعيا حثيثا للبحث ومعايشة كاملة للمعلومات وتثبت لديهم عن فهم وليس عن حفظ .. كما أن التشجيع علي البحث في المكتبات والكتب والانترنت والمشاركة في الندوات والمحاضرات ومجالس الحوار والنقاش والتعليم الجماعي والتعاوني واتباع أساليب العصف الذهني .. تساعد كلها علي إثراء النقاش وتعميق الفهم ..... والبعد عن الأسلوب التقليدي لعرض الدرس في الفصل الذي يظل فيه المدرس قائما بكل العملية التعليمية وحده دون أي مشاركة من التلميذ .. ومن هنا تأتي أهمية اللجوء إلي وسائل وأدوات تقنية حديثة .. بتفعيل أكبر لدور معامل الحاسب الآلي والوسائط المتعددة وتوفير المواد الدراسية فيها في شكل قواعد معلومات .. وتدريب الطالب علي التعامل معها .. وتحويل الدروس إلي محاور للنقاش .. بعيدا عن أسلوب الشرح الكلاسيكي .. الذي يظل فيه المعلم متحدثا والتلميذ متلقيا .
ونجاح البيئة التعليمية .. لا يعتمد علي المعامل والتقنية فقط .. بل يجب أن تكون مؤهلة مكانيا للتعلم .. واللعب .. معا ليحب التلميذ المدرسة .. ويكون لديه الحافز المعنوي للذهاب إليها .. من حيث الطبيعة والنظافة والنظام والانضباط والهدوء .. وتوافر قاعات للدرس نظيفة جاذبة .. وقاعات للتربية الفنية والموسيقي والتربية الرياضية والتدبير المنزلي والأنشطة المتعددة .. وملاعب وأفنية للعب .. وقاعة سينما ومسرح وغيرها من وسائل الترفية الهادفة والمحببة .. ليمارس التلميذ أنشطته .. ويقبل علي المدرسة .. وتكون المكان المحبب له للعب في فترات معينة .. ليقبلها التلميذ مكانا جادا للعلم والعمل لأنه أحبها كمكان للعب .. وتكون مؤهلة لأن يقضي فيها الطالب يوما دراسيا مريحا .. ولها خطة وبرنامج دراسي واضح المعالم والأهداف .. يتخلله برنامج للعب وممارسة أنشطة .. علي مدار الساعة من ساعات اليوم الدراسي .. يقوم فيه كل عضو في المدرسة بدوره المرسوم له ويتعامل بحب ورقي إنساني مع التلميذ .. وفق واجبات وظيفية محددة يكمل بعضها البعض .. لتنفيذ الخطة والبرنامج الدراسي وبرامج الأنشطة واللعب .. شرط أن يؤدي كل من في المنظومة دوره بحرفية وجدية والتزام وأمانة .. دون حاجة إلي رقيب عليه سوي الله ثم ضميره .. بالاضافة إلي إدارة أمينة .. حازمة .. عادلة .. جادة .. شفافة .. مثقفة .. متخصصة .. متطورة .. وما نقوله ليس كلاما خياليا أو أوهام أو احلام .. لأن هناك مدارس كثيرة نجحت في ذلك وأكثر .. بإدارة جادة .. نجحت في نقل فكرها إلي جهاز العاملين وشحذت هممهم من منطلق أخلاقي ومهني .. وحددت لهم الأهداف المطلوب تحقيقها .. والنتائج المطلوب الوصول إليها .. وتابعت معهم أدائهم في كل تفصيلات العملية التعليمية .. وجعلت تقييم أدائهم وتقويمه أساسه ما تم تحقيقه من نتائج وأهداف .. وربطت ذلك بالأجر والمكافأت التشجيعية للمجدين والعقاب للمقصرين .. ومدي التزامهم وانضباطهم .. وفق نظام العمل في المنظومة التعليمية .. التي هدفها في النهاية التلميذ .
ولنجاح هذه البيئة .. يجب أن يكون لها هيكل تنظيمي ووظيفي واضح لكل عضو فيه واجب ودور .. وعلي رأسه إدارة قيادية .. متخصصة واعية .. قادرة علي نقل الخبرة وتربية صفوف ثانية وثالثة خلفها .. ويتم تحديد الهدف لها من العملية التعليمية والتربوية وتدريبها عليه .. وهو في معناه الواسع بناء شخصية قادرة علي التعليم بتفعيل محاور التعلم الثلاثة (الابداع – المهارات – التعليم) .. ويجب أن تكون الإدارة مثالا وقدوة ومثل أعلي للانضباط والالتزام .. ولها الخبرة الكافية لمعالجة ومواجهة المشكلات التربوية والتعليمية والإدارية والمالية بحنكة وسداد الرأي .. وفوق ذلك تتعامل مع الجميع كأب وموجه وراعي .. مع الالتزام بالنظام والانضباط والنظافة والجدية في العمل .. وتحدد الادارة لكل عضو من القوي البشرية العاملة في المنظومة .. هدفا وواجبا وظيفيا محددا وواضحا ومكتوبا .. وتتابع تنفيذه .. كما يجب أن تعكف علي وضع الخطط والبرامج الزمنية لتنفيذها ومتابعة تنفيذها .. ويجب أن تتوافر لها السلطة للثواب والعقاب والتأديب والتهذيب سواء للمعلم أو التلميذ علي حد سواء .. ويكون لها السلطة المالية والادارية .. في حدود ميزانيات سنوية موضوعة سلفا .. تلبي احتياجات المنظومة التعليمية .. كما يجب أن يخصص لها ميزانية مستقلة .. تنفق منها علي إحتياجات المدرسة دون إجراءات إدارية مطولة ومعقدة .. كما يجب أن يكون لها سلطة التقييم والتقويم للمعلم والتلميذ .. ويكون لها صرف الحوافز للمجدين .. وحجبها عن المقصرين .. وفق ضوابط محددة للأداء .. وربط الأجر بتحقيق الهدف وبالأداء .. والإدارة بالأهداف ومحاسبة المرؤسين علي ما حققوه من أهداف بإثابتهم علي قدر ما حققوه منها .. وعقابهم في حالة تقصيرهم .. وتوفير التدريب اللازم للمعلم وخاصة من هم في حاجة إلي الخبرة .. في إطار تبادل الخبرات داخل المدرسة الواحدة بين مجاميع العمل المتخصصة .. كما توفر برامج تعزيز للتلاميذ الحاصلين علي تقديرات دون المستوي .. من خلال برامج تقوية مجانية داخل المدرسة .. تكون من مسئولية مدرس المادة نفسه .. حتي تكون حافزا سلبيا له لبذل مزيد من الجهد في الفصل مع التلاميذ .. مطلوب أن يتعامل مدير المدرسة مع المنظومة التعليمية كمشروعه الخاص .. يسهر عليه ويبذل كل جهده لنجاحه ونجاح العاملين فيه ونجاح التلاميذ .. ونجحت كثير من المدارس في ذلك بإدارة أموالها بكل شفافية ومصداقية .. دون الحاجة للرجوع إلي سلطة أعلي إلا للتظلم من قرارات الادارة المدرسية والرقابة اللاحقة ووضع دورة مستندية تلبي احتياجات الرقابة السابقة .. ومطلوب أن يكون هناك تخصص في الكليات باسم (الإدارة المدرسية) سواء في الدرجة الجامعية الأولي أو الدراسات العليا .. ولا يشغل منصب مدير المنظومة التعليمية سوي الحاصلين علي هذا التخصص .. ولا يجب أن تكون الإدارة المدرسية بالأقدمية .. بل يجب أن تكون من ذوي الكفاءة والتخصص ويتوفر لها برنامج تدريب تأهيلي في الادارة .. وتوافر صفات قيادية .. والمشهود لهم بالجدية والحزم والشفافية والعدل .. ويخضعوا لمقابلة شخصية علي أعلي مستوي .. لاختيار من بينهم ذوي الكفاءة والمهارة في الإدارة .. ويكون تقييم المقابلة الشخصية وفق معايير وعناصر محددة .. فإدارة المنظومة التعليمية هي عقلها الواعي واليقظ وقلبها النابض لا تهدأ .. ويجب أن تعمل وفق منهجية محددة .. عليها متابعة تنفيذها علي مدار الساعة دون توقف .. إدارة بهذه المواصفات تتمتع          بالعدلوالشفافية والجدية والديمقراطية ومراعاة البعد الانساني .. لتمكنت المنظومة التعليمية أن تحقق أهدافها ورسالتها .. وتفاعل معها المجتمع والبيت .. الذي يجب أن يتعامل معها علي أنه شريكا وليس خصما أو متلقيا للخدمة .. وإذا تفاعل وتجاوب الشريكين معا لنجحا في تحقيق هدفهما ورسالتهما وهو التلميذ واستغني عن الدرس الخصوصي .                
ولاستعادة الثقة في المدرسة .. مدخله الصحيح هو في الإدارة المدرسية .. إذ أن الإدارة في أي مكان هي علي رأس أي منظومة .. هي عقلها الذي يفكر ويخطط وينظم ويقرر ويتابع وهي ذراعها الذي يترجم فكره إلي واقع ملموس .. وهي أيضا العصا والجزرة (أداة العقاب وأداة الثواب) فالعقاب لمن يخرج علي النظام أو لا يؤدي واجبه .. والثواب بمكافأة المجد والمجتهد والمتميز .. هذا معناه في النهاية منظومة تعليمية تقوم بعملية التعلم بمحاورها الثلاثة (الابداع – المهاراتالتعليم) .
والمعلم يجب أن يكون تأهيله منذ إلتحاقه بكلية التربية .. يمكنه من لعب دوره بحرفية وعلمية راقية يتم تأهيله عليها .. ويجب أن يلتحق بكلية التربية من يكون راغبا من البداية أن يضطلع بأهم وارقي مهنة بشرية علي مر التاريخ وهي مهنة المعلم .. ويجب أن يخضع لمجموعة من الاختبارات وتوافر العديد من المهارات لديه .. والتثبت من ذلك قبل التحاقه بكلية التربية .. ويجب أن تكون الكلية نفسها مؤهلة تقنيا وعلميا لتخريج معلم محترف مدرب تم تأهيله علميا وعمليا لهذه المهنة .. وبث فيه قدسية المهنة واهميتها في البعد الأنساني .. وانه يجب أن يقوم بدور الأب في المدرسة .. وعلي الجانب الأخر يجب أن يكون دخل المعلم يحقق له الاستقرار والأمان الاجتماعي وهذا ما يحققه الأن كادر اللمعلمين .. كما نري أن يكون هناك قسم (يمين) للمعلم مثل الطبيب والمحامي والقاضي والمهندس وغيرهم .. يقسم به عند دخوله الخدمة أن يعمل بإخلاص وجدية وأمانة ويتكرر القسم مع بداية كل عام دراسي .
والطالب هو أيضا جزء هام من المنظومة التعليمية .. يلعب البيت دورا مهما في إعداده لهذا الدور .. فالأسرة عليها واجب هام .. لا يقل عن واجب المدرسة اهمية .. وهو متابعة التلميذ في البيت في المذاكرة المنظمة والمنهجية .. وحل الواجبات المنزلية .. وحجب الأبناء عن الشارع .. ومراقبة مشاهدتهم للبرامج التليفزيونية الهازلة والخارجة علي قيم المجتمع .. وتوفير الراحة والرعاية النفسية والاجتماعية والمادية له في البيت .. وتربيته وتعليمه السلوك القويم .. ووجود أب وأم متابعين لكل تصرفاته .. ومشرفين علي برنامجه التعليمي والمذاكرة في البيت .. ومزيد من الرعاية والمتابعة اليومية .. والتواصل مع المدرسة .. والقيام بدور التهذيب والعقاب للمخالفين .. وحث فيهم الرغبة في التعلم وفي المدرسة واهمتيها لمستقبلهم .. سواء كمنظومة تعليمية أو مكانا لتمضية جل أوقاتهم فيه .. والاحترام والتوقير للمعلم ولإدارة المدرسة والثقة فيهم .. وعلي البيت تقويم إعوجاج المعوج من التلاميذ وتربيته .. وعدم السماح له بالممارسات العنيفة .. والخارجة علي الآداب ونظم المجتمع وقيمه وتقاليده .. وإعطاء مزيد من الحرية المنضبطة للتلميذ في حياته اليومية .. وفي اختيار مستقبله .. وفي الاجمال يجب أن تفهم الأسرة دورها .. أنها مشارك مع المدرسة وليس مراقب أو ناقد .. ومن هنا يأتي أهمية دور المشاركة المجتمعية .. ودور مجالس الأمناء والأباء والمدرسين واجتماعاتهم .. ومنحها مزيد من السلطات والصلاحيات الرقابية .. وحل المشكلات والاثابة والعقاب والرقابة المالية .. وغيرها من الأدوار التي يمكنها الاضطلاع بها .. لتحولت المدرسة والبيت من خصوم إلي شركاء .
هكذا يكون دور المدرسة ودور البيت ليساعد المدرسة لأن تكون منظومة للتعلم بكل تفصيلاته ومحاوره .. وتضافر الجميع لاظهار أثاره في مستوي التلاميذ .. ويلقي الأعلام الضوء علي دور المدرسة وأهميته .. وابراز النماذج المجتهدة والمشرفة .. من المدارس والمدرسين والطلاب عبر وسائل الأعلام .. لأمكن استعادة الثقة المجتمعية في المدرسة .. واعتمدت عليها الأسرة ... فدور الأسرة هام إلي أبعد مدي .. والتزام الأسرة بذلك فيه تصحيح للسلوك الاجتماعي .. واعتمدت الأسرة علي المدرسة .. واعتبرت أن من يحصل علي الدروس الخصوصية هو تلميذ غير طبيعي ومستهتر .. وتخلصت من الدروس الخصوصية كسلوك اجتماعي سيء .
فتعديل السلوك الاجتماعي .. يحتاج إلي الكثير من الجهد والعمل .. أولها استعادة الثقة في المدرسة .. ثانيها تغيير أهداف الامتحانات التي تقيس أداء الطالب .. وثالثها جهد إعلامي أكبر .. لتوعية الناس بأن المكان الطبيعي للتعليم والتحصيل هو المدرسة .. والتأكيد علي أنها المنظومة الوحيدة التي تقوم بعملية التعلم بكامل محاورها .. لتكون أهم مكان في حياة التلميذ يتعلم فيه ويلعب .
والمحور الثالث تغيير أساليب الامتحانات وأهدافها .. ويقتضي تحقيق المحورين السابقين تغيير أساليب الامتحانات وأهدافها بأن تعتمد في المقام الأول علي اختبار قدرة التلميذ علي الفهم واستعراض مهاراته في التفكير وابداعاته وقياس ذكائه وإعطاء مساحة في الامتحانات ليعبر عن رأيه .. وتخرج الامتحانات عن الاسئلة الصماء التي تعتمد علي الحفظ .. ويتدرج الامتحان بحيث يتيح الفرصة لكل مستويات التلاميذ مراعاة للفروق الفردية ليشمل الامتحان كل من التلميذ الممتاز متدرجا في اسئلته حتي التلميذ المتوسط .
كما أن تقييم التلميذ .. لا يجب أن يعتمد فقط علي امتحان الثانوية العامة .. ولكن يجب أن يعتمد علي التقييم التراكمي عبر سنوات دراسته من مرحلة التعليم الأساسي والثانوية العامة .. بأن تخصص 40% من الدرجات لجهود التلميذ ونشاطاته وأعماله السنوية في كل سنة دراسية .. وتؤخذ في الاعتبار عند ترتيب مجموعه النهائي في الثانوية العامة .. الذي يخصص له فقط 60% من المجموع الكلي للدرجات .. ولن يتأتي ذلك إلا إذا اعتبرنا التعليم الالزامي هو كل مراحل التعليم العام مجتمعة .. وكلها سلسلة متصلة بكل مراحلها .. حيث يستفيد التلميذ بما حصل عليه من درجات في المراحل التي تسبق الثانوية العامة .. ولا نهدرها في تقييم أدائه في الثانوية العامة .. وهذا يتسق مع فكرة الإدارة العادلة والشفافة المراقبة والمتابعة لكل أعمال المنظومة التعليمية .. وفكرة تقييم التلميذ من خلال أدائه عبر سنوات دراسته في مرحلة التعليم العام (ماقبل الجامعي) التي تبدأ من الصف الأول الابتدائي .. تخلق مناخا من الجدية منذ العام الدراسي الأول للتلميذ وتقلل من رهبة الامتحان النهائي للثانوية العامة .. الذي نري أن يكون وضع اسئلته وأدائه علي مستوي المحافظة .. وكذلك لجان تصحيحه ونتائجه .. إن نظام الامتحانات أغفل كل تفصيلات دراسة التلميذ عبر سنوات التعليم العام .. وركز التقييم علي جانب واحد وهو الحفظ والصم لمرحلة واحدة (الثانوية العامة) .. فالتلميذ الفصيح تظهر فصاحته من الصف الأول الابتدائي .. وتستمر فصاحته عبر السنوات الدراسية كلها .. وفي رأينا .. أن التقييم التراكمي لكل السنوات الدراسية بمرحلة التعليم العام .. سوف تحول كل التلاميذ إلي فصحاء منذ العام الدراسي الأول .. لو كان لدرجات السنوات الدراسية أثرا في التقييم النهائي في الثانوية العامة .. حيث ثبت بالتجربة أن البيت لا يهتم إلا بمرحلة الثانوية العامة بالاعتماد علي الدروس الخصوصية فيها .. ويهملون التلميذ في المراحل السابقة عليها .. وهي التي أفرزت لنا خريج جامعة ضعيف .. لا يستطيع البعض منهم كتابة إملاء .. ويخطىء حتي في الحروف الهجائية ويعجز عن التعبير عن نفسه بالكتابة .. وللتأكد من ذلك اقرأوا أوراق امتحانات بعض خريجي الجامعة لتجدوا فيها ما لا يسر عن مستوي الطالب الجامعي حتي في اللغة العربية .
من ثم نري أن إعادة النظر في وضع ضوابط للامتحانات والتقييم للتلميذ واعتبار كل مرحلة التعليم العام تعليما إلزاميا .. مدخل للقضاء علي الدروس الخصوصية .. لا يقل أهمية عن محور البيئة المدرسية .
والمحور الرابع .. تغيير آلية الالتحاق بالجامعة .. ليكون هناك معايير أخري إلي جانب المجموع ضمن شروط الالتحاق بالكليات .. بحيث يكون الالتحاق بالكلية يجب أن يتوافر فيه التفوق والتميز للطالب في مجال تخصص الكلية .. بمعني أن كلية الطب لا تقبل سوي الطلاب الحاصلين علي الدرجات الأعلي في مواد الأحياء والكيمياء واللغة الانجليزية والحاسب الآلي (مثلا) .. ويتم التنسيق فيما بينهم علي المجموع الأعلي الكلي .. وكليات الهندسة لا تقبل سوي الحاصلين علي الدرجات الأعلي في الطبيعة والرياضيات واللغة الانجليزية الحاسب الآلي .. وهكذا تضع كل كلية شروط الالتحاق بها ومنها شرط التفوق في مواد التخصص التي تعنيها .. وتساعد الطالب علي الدراسة الجامعية .. كما يجوز فوق ذلك عمل امتحان مهارات في الكلية ويشترط أن تتوافر له الشفافية والجدية .
كما أنه يجب أن تتاح الفرصة بالمجانية الكاملة للطلبة الفائقين والمتميزين والمبدعين ورعايتهم .. بل ومكافأتهم سنويا بمكافأة سخية (تصرف في شهور الدراسة) .. ليستمروا في تفوقهم وابداعهم .. وتتاح المجانية لباقي الطلبة في السنة الأولي الجامعية .. ومن يحافظ علي نجاحه وانتقاله للسنة الدراسية التالية يستمر متمتعا بالمجانية .. أما الطلبة المقصرين والمتخلفين في الدراسة الجامعية .. تفرض عليهم رسوم متدرجة تتفق مع مستواهم وأدائهم الجامعي .. لتكون حافزا سلبيا لهم ليبذلوا مزيدا من الجهد في دراستهم الجامعية .. ومن يتحسن مستواه ينتقل إلي المجانية .
الدروس الخصوصية .. ليست بمشكلة عويصة أو صعبة الحل .. ولكنها مشكلة خطيرة تهدد سلام وطمأنينة المجتمع وتعكر صفوه .. وللتخلص منها .. في حاجة إلي إعادة نظر من قبل المنظومة التعليمية .. واستعادة الثقة فيها .. ومن قبل المجتمع بتعاونه مع المدرسة .. وحث التلميذ علي الحضور إلي المدرسة .. والتعامل مع المدرسة وهيئتها بكل احترام وتوقير .. وبث ذلك في التلميذ .. وفي حاجة إلي إعادة النظر في أسلوب الامتحانات .. وأساليب تقييم وتقويم وتأديب وتهذيب المدرس والطالب .. وإعادة النظر في نظام القبول بالجامعات .. ومزيد من تحفيز المجدين والمجتهدين والمبدعين .. وردع المقصرين بكافة الطرق والوسائل المتاحة ..  .

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 363 مشاهدة
نشرت فى 5 نوفمبر 2011 بواسطة talalyehia

ساحة النقاش

د. طلال يحيي أبوشعيشع

talalyehia
دكتوراة الفلسفة في التربية »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

25,494