أتذكر أنني تعرضت لمشاجرة ـ خناقة يعنى ـ مع زميل دراسة، وانتصرت عليه ـ احنا كنا رجالة ووقفنا وقفة رجالة على رأى محمد أبو سويلم ـ فاذا بالواد العيل لامملى شوية صيع لأخذ حقه، فبقيت فى المدرسة ـ الإعدادى ـ وكلفت زميلا بأن يبلغ ابن حتتنا الصايع ـ فك الله سجنه ـ وبعد وقت قليل جاء المدد... صيع كثيرون يلفون أجسادهم بالجنازير، ودخل أحدهم المدرسة وأحضرنى بالقوة لأقف امام الباب... واللى ليه شوق فى حاجة يوريهم نفسه!
ولم يتعرض لي أحد بسوء فى هذا اليوم ولا اللى بعده، بل فوجئت بزميلى المضروب يقول لى : خدنى فى شلتك! وهى تشبه خدنى ف حنانك خدنى، وحققت شهرة مدوية فى المدرسة!
مرة تانية... صحيت من النوم على أصوات هرج ومرج (مصطلح يستخدمه الكتاب الكبار للتعبير عن حالة الدوشة... والدوشة كلمة يستخدمها الآباء للتعبير عن قرفهم من الأبناء)، وخرجت لأجد الحارة مغلقة بصوان (سرادق... مع أن صوان أحلى) كبير... إيه الحكاية؟ أنا قلت، قامت الشلة كلها قالت: ده فرح ابنة جارتنا على ابن عمها.واستطعت بنباهتى أن اكتشف أن الموضوع لن يمر ببساطة؛ فابنة جارنا تحب شاب صايع ، بل هو من كبار صيع حتتنا، وقد تقدم لخطبتها عدة مرات ورفض ـ بضم الفاء ـ والفرح أقيم على عجالة لإبعادها عنه، ولكن أخبار الراقصات الدرجة الأولى اللى سمعنا عن تشريفهم للحى، غطى على غلوشة التوقعات، كما أن حضور الفنان الشعبى الجميل الحاج محمد طه، الذى كنت أعشقه فى رداء ابن البلد وطربوشه الأحمر والزر الأسود، ومعاه الفنان الشعبى البارز وقتها أبو دراع الذى غنى للرئيس السادات وخصومه: احنا جبنا نوبل... طيب انتو جبتوا إيه؟ ... معاه حق برضه!
جعلاني مترقب الفرح اللى هايشتغل بعد صلاة العشا..و هذا منطقى؛ لأن الأفراح فى ذلك الوقت ـ ولا تزال ـ كلها منكرات: حشيش وبيرة ونسوان على شكل راقصات! بدأ الحفل الكريم، بصوت المذيع الداخلى عبر مكبر الصوت قوى، يعلن عن النمر التى ستشرف الحفل، تسبق أسمائهم عبارة: نجم السينما والتليفزيون، قالها عن محمد طه وأبو دراع والراقصتين ـ بالفعل كانتا الراقصتين تستحقان ان تكونا من نجمات السينما والتليفزيون والبلوتوث أيضا!
ثم خطف الميكروفون مكبر الصوت قوى، الشاب الصايع حبيب العروس وغريم العريسٌ، قائلا: الصياعة أدب..والشقاوة مزاج... أنا هارقص والراجل يحصلني!!
بدأ يرقص و زجاجة البيرة على رأسه، وثلاثة شباب يقلدونه... وقف فوق كرسى خشبى ماركة العفي... ثم وضع احد رجول الكرسى فى فمه،ورفعه فى الهواء وهو يرقص, وإحنا قاعدين، والثلاثة يقلدونه..فجأة قفز فى الهواء وتشعلق على سور بلكونة لا يتعدى عرضه 15سنتيمتر... وأحذ يرقص... وزجاجة البيرة على رأسه..
وفيما هو يرقص بانسجام، وشبه غياب عن الوعى، إذا بصرخة مدوية..تبعتها صرخات وعويل..الراقصة أسرعت فغطت جسدها العارى بـ "شال" أحمر، الراقص الصايع لم يسقط..ولكن.. العروس أشعلت فى جسدها النار..
صحنا جميعا: يا ليلة كوبيا !
ساحة النقاش