|
المنظومات البيئيةالحياة: من المحيط الحيوي (הביוספירה) إلى الكوة البيئية (גומחה אקולוגית). يبعد مركز الأرض عن سطحها حوالي 6400 كم، وقد نجح الإنسان إلى وصول عمق 8 كم تقريبا. إلا انه من المعروف لدينا حاليا انه على عمق بضع كيلومترات تحت أقدامنا ترتفع درجة الحرارة إلى مقاييس لا يمكن معها الحياة فيها. كما وانه على ارتفاع بضع كيلومترات فوق رؤوسنا يصبح الغلاف الجوي اقل كثافة ولا يمكن الحياة هناك، وفي المنطقة المحصورة بين هاتين المنطقتين يوجد المحيط الحيوي. وهي طبقة دقيقة على سطح الأرض والتي يمكن الحياة فيها. ويضم المحيط الحيوي الجحور والأنفاق الموجودة تحت الأرض وطبقة الهواء القريبة من الأرض، والمحيط الحيوي هو اكبر محيط معروف يمكن الحياة فيه. ويضم المصطلح محيط الحياة كل العوامل التي يمكن أن تكون: 1. المواد (الماء ومركبات الهواء ومبنى التربة وغيرها) 2. قوى (الهواء والجاذبية والأمواج) 3. الطاقة (الضوء والحرارة والأشعة الفوق بنفسجية) 4. كائنات حية أخرى (بكتيريا وجراثيم وفطريات وفيروسات وغيرها)
ويعتبر المحيط الحيوي مصطلحا واسعا والذي يضم بداخله كل المحيط والكائنات الحية التي تعيش فيه، ويتعلق أيضا للعوامل الأحيائية (الكائنات الحية) والمركبات الجماديه والفيزيائية (العوامل اللاحيائية) والمواد والطاقة والقوى والإشعاع التي تتواجد في المحيط. عندما نحاول أن ندرس المحيط الحيوي أو طريقة تنظيمه أو أسرار عمله فإننا نقف أمام منظومة بيولوجية هائلة ومعقدة والتي تضم كل الحياة العوامل الأحيائية واللاحيائية والعلاقات المتبادلة المعقدة بين هذه العوامل. وعندما نحاول أن ندرس العلاقات المتبادلة بين الكائن الحي وبيئته، فان علم البيئة بيئة الكائن الحي كمنظومة بيئية متكاملة. وأدى تطور البحث البيئي إلى تطور سلسلة من المصطلحات الهرمية التي عرفت بشكل واضح هرمية المنظومات البيئية.
فالمصطلحات: المحيط الحيوي، والبيوم (iomeB) وبيت التنمية (Habitat) والبيوتوب (Biotope) والكوة البيئية (Ecological niche) كلها مصطلحات تمثل منظومات بيئية مشتملة على المركبات البيئية الحية والجامدة التي تؤثر على الكائن الحي، بحيث أن مصطلح المحيط الحيوي هو أوسعها. ومن المهم ذكره أن هذا التقسيم جاء ليسهل من عملية فهمنا للتعقيد الذي يميز هذه المنظومات من حيث تنظيمها ونشاطها. وفي الواقع لا توجد أي حدود واضحة ومحددة بين هذه المصطلحات بل هي مترابطة فيما بينها بشبكة من العلاقات المتبادلة المعقدة.
العلاقات المتبادلة بين الكائنات الحية وبين بعضها البعض إن معيشة الكائنات الحية سوية مع بعضها البعض هي ظاهرة أساسية إلى حد صعوبة فهم إمكانيات بقاء هذه الكائنات الحية أو فهم سلوك هذه الكائنات الحية أو انتشاره أو طريقة تنظيمه وأدائه بدون أن نتعمق بدراسة العلاقات المتبادلة بين هذه الكائنات الحية. هناك العديد من الطرق لوصف هذه العلاقات المتبادلة بين الكائنات الحية، إلا أن أشهرها هي العلاقات من نوع: مفترس-فريسة وعلاقة التنافس والتكافل والتطفل. علاقة التنافس إن تعريف كلمة منافسة هو "تنافس بين اثنين على شيء واحد"، أما الباحث البيئي المشهور "اودوم" فقد عرَّف المنافسة على أنها "علاقة متبادلة بين كائنين حيين أو أكثر والتي يمكن أن تؤثر على فرص احدهما بالتطور أو البقاء". أما الباحث البيئي "دونالد" فقد عرف التنافس على انه "تكون المنافسة عندما يرغب كائنين حيين أو أكثر في الحصول على شيء ما عندما يكون التزويد بهذا المورد اقل من المتطلبات المشتركة لكليهما". ومعنى بيئي يمكن القول أن علاقات التنافس بين الكائنات الحية يمكن أن تحدث عندما يتحقق الشرطان الآتيان: 1. عندما يتنافس كائنين حيين للحصول على مورد واحد من الموارد التي تركب بيئة الحياة والذي يمكن التنافس عليه مثل الماء والضوء والأكسجين والغذاء أو أماكن التعشيش أو المخابئ وغيرها. 2. عندما يكون ذلك المورد موجود حقا في حالة تنافس من قبل كائنين حيين أو أكثر، إلا انه موجود بكميات قليلة تقل عن الاحتياجات العامة. يمكن للمنافسة أن تحدث بين كائنات حية من نفس النوع أو بين كائنات حية من أنواع مختلفة. كما وان المنافسة يمكنها أن تؤدي إلى اختفاء الأنواع الضعيفة نسبيا من حيث قدرتها على البقاء على حساب تكاثر هذا النوع القوي، أو انه يمكنها أن تغير من سلوكيات بعض الأنواع الضعيفة وتغيير أوقات نشاطها.
علاقة مفترس-فريسة يندرج تحت مصطلح "مفترس" كل الكائنات الحية التي تتغذى على غيرها من الكائنات الحية وليس فقط الكائنات الحية المعروفة تقليديا مثل الأسد والنمر أو الذئاب وغيرها. يمكن للمفترسات أن تكون ذات قدرة عالية على الصيد أو ضعيفة ولذلك من المفضل أن تسمى من الناحية البيئية/ آكلة اللحوم. وتضم المفترسات عددا كبيرا من الكائنات الحية من كل الفصائل، مثل العناكب والحشرات والأسماك والبرمائيات والطيور واللبونيات وغيرها. كما وانه ليس بالضرورة أن تكون الكائنات الحية آكلة الأعشاب هي الفريسة، فعلى سبيل المثال، تآكل الأفاعي السحالي التي تتغذى على الحشرات وهي بدورها فريسة للصقور. ومن المهم أن لا ننظر إلى هذا النوع من العلاقة (مفترس-فريسة) من منظار أن هناك جانب "رابح" (المفترس) وجانب آخر "خاسر" (الفريسة). وفي الواقع فان الفار الذي افترسته الأفعى هو "خاسرا" والأفعى "رابحة"، إلا انه من وجهة النظر البيئية فان هذه العلاقة (مفترس-فريسة) تساعد على حفظ التوازن في الطبيعة وان وجود نوع معين متعلق بوجود النوع الآخر. فبدون المفترِسات يمكن لعشائر المفتَرَسات أن تتكاثر إلى حد التضخم البيولوجي مما يجعلها عرضة للفناء بسبب استهلاك مورد الغذاء المتوفر أو بسبب الجوع أو بسبب تفشي الأمراض. أما المفترِسات فإنها لا تبيد كل عشائر المفتَرَسات بل تعمل على توازنها وحتى أنها تؤدي إلى تحسينها, إذا أن هذه المفترِسات تؤدي إلى قتل الأفراد الضعفاء من هذه العشائر وبقاء الأقوياء منها. وفي المقابل تتحسن أيضا عشرية المفترِسات لان الأفراد الضعيفة منها والتي لا تقدر على الصيد تفنى أيضا ويبقى الأفراد الأقوياء فقط.
العلاقات المتبادلة من نوع "التكافل" تصف علاقة "التكافل" تلك العلاقة بين بقاء كائن حي بفضل بقاء كائن حي آخر في محيط حياته. فأحيانا تكون هذه العلاقة من أن احد الأطراف (A) هو المستفيد من وجود نوع آخر (B) إلا أن وجود وبقاء النوع (B) غير متعلق ببقاء أو وجود النوع (A) وفي هذه الحالة يعتبر غير مستفيدا وغير متضررا. علاقة من هذه النوع يمكنها أن تكون بين أشجار الغابة وبين الطحالب التي تعيش تحتها، حيث أن الشجرة تمنع دخول أشعة الشمس إلى أرضية الغابة مما ينتج عنه تهيئة أرضية مظللة ورطبة، وهي بيئة مثالية لتكاثر هذه الطحالب. أما وجود الطحالب على أرضية الغابة فانه يقلص من تأثير الفيضانات وانجراف التربة وتحسن من التوازن المائي في أرضية الغابة. وفي حالة قطع أشجار الغابات، فان أشعة الشمس تصل إلى أرضية الغابة مما يؤدي إلى ارتفاع درجة حرارة التربة وفقدانها من رطوبتها مما يؤدي إلى موت تلك الطحالب. وكأمثلة على التكافل بين الكائنات الحية، يعيش في محطات تنظيف الأسنان في البحر الأحمر والتي تقع في الشعب المرجانية والبحار الاستوائية اسماك صغيرة تسمى "المنظفات" والتي تتغذى على المتطفلات وتلتقط غذاءها كذلك من تنظيف عوالق اللحوم من بين فم الأسماك المفترسة . وتدخل هذه الأسماك الصغيرة إلى فم الأسماك المفترسة الضخمة بدون أي خوف أو تردد وتعمل على تنظيف أسنانها. ومن المهم التنويه هنا إلى أن الأسماك المفترسة لا تفترس هذه الأسماك بل تأتي من مسافات بعيدة من اجل الحصول على "خدمة التنظيف المجانية". وفي العديد من الأحيان يمكن رؤية صف كبير من الأسماك المفترسة التي جاءت من اجل هذا الغرض وعند دورها فإنها تفتح فمها وتسمح للمنظفات الدخول الحر إلى داخل الفم وتجاويفه من اجل عملية التنظيف. وفي إحدى هذه المحطات قام الباحثون بإقصاء اسماك التنظيف هذه مما نتج عنه عدم مجيء الأسماك المفترسة إليها مرة أخرى واسماك أخرى كستها الطفيليات وعانت من التلوث.
أما تلقيح الأزهار بواسطة الحشرات فهو مثال آخر على حياة التكافل بين كائنين حيين. إذ تزود الأزهارُ الحشرات بالرحيق الغني بالسكريات والبروتينات، وهذه الحشرات تقوم بنقل غبار الطلع إلى الأزهار الأخرى عند تنقلها من زهرة إلى أخرى.
علاقات التطفل على العكس من علاقة التكافل الذي يكون فيها الطرفين رابحين من وجود الآخر، فانه في العلاقة من نوع التطفل يكون وجود وبقاء احد الأطراف متعلقا بوجود الآخر ويكون"مستفيدا" (المتطفل) والآخر "خاسرا" وهو "المستضيف". يعيش المتطفل داخل المستضيف أو عليه ومنه يحصل على غذائه أو المواد الضرورية لحياته وبقائه المتواصل من اجل تكاثره. ويمكن للمتطفل أن يحدث أضرارا جسيمة للمستضيف إلا أن هذه الحالة نادرة جدا. والمستضيف هو كائن حي يحمل بداخله أو عليه الكائن المتطفل. والعلاقة من نوع متطفل-مستضيف هي علاقة شائعة جدا ومعروفة في محيط حياتنا اليومية مثل: القمل والبراغيث والمن وغيرها. وكما وهناك أمثلة كثيرة للمتطفلات من بين النباتات. ومن المهم ذكره أن المتطفل لا يمكنه العيش بدون المستضيف، في حين أن المستضيف يمكنه العيش بدونه.
|
نشرت فى 18 مايو 2013
بواسطة shifaaa
ساحة النقاش