ســامحـيني ... القاصة والروائية هاله البشبيشي
أَدَاري دَمْعي ..
وإنت دَاري
تركت الدنيا وكرِهتْ داري
حلمتْ بيكْ جَنتي..
طلِعتْ نَاري
يا ريتني لا يوم عرِفـتكْ ..
ولا لمــحْ طيـفكْ خيــالي
بخطوات بطيئة متثاقلة , حرك قدميه متجها نحوها..وكأنها رُبِطت بأطنان من الحديد ..فبرغم طول قامته وقوة بنيته وفحولته الجسدية الواضحة لكل من حوله وبرغم الهاله المحيطه به من هيبه , إلا انه بدا ضعيفاً متهالكاً.. منهزماً لا حول له ولا قوه ..رأسه تكاد تلامس صدره بقدر ما أرخاها عليه ..
رفع عينيه فى خجل وانكسار وملؤها الدموع التى تحجرت داخل مقلتيه ..فبدت عيناه كقطعتين من زجاج لا حياة فيهما ولا بريق لها , بدت وكأنها علامات استفهام تريد الإيضاح ..او الإجابة
على استحياء لم تعهده منه اقترب منها
هامساً : " سامحينى "
ثم جثى على ركبتيه واضعاً رأسه على ركبتيها..متوسلا اليهما ان يكونا وسيط رحمه لقبول ندمه عندها , مُلم ومُحتضنا كل ما استطاع من جسدها بعنف وشده ولهفة وأحتياج..ودون مقدمات انهمرت من عينيه الدموع
سامحينى ..
لم اكن اعلم انى احبك بهذا الجنون ...لم اتصور ان تكونى فى شريانى ونبضى لهذا الحد ..ان تكونى منبع الأمل والحياة ولستِ مجرد حبيبه ..تصورت انى عندما أُعير قلبى لغيرك سأنساك..لم اكن اعلم انه ملك لك وحدك ..فقط بحبك ينبض ..لم أكن أعلم انى بدونك لا أكون ..وانى لمجرد رؤياك سأنهار ..
أعلم انك مللت من غيرتى وشكى وظنونى بك ..
فرط حبى لك جعلنى كالمجنون لم اعد اميز غيرتى عليكِ من شكوكى فيكِ
صارت كل الألوان لون واحد اغشى عيناى , لم اكن أرى سواكِ ولا اريد ان يشاركنى النظر إليك احد ..لا أريد ان يراك غيرى ولا ان يشم عبيرك سواى ..خُلقتى لى فقط ...ولم أخلق إلا لأحبك ..
اعترف بعجزى برغم قوتى ..على إسعادك
اعترف بعدم قدرتى على الحفاظ على جوهرة وهبها الله لى ..ماسة قل ما وجدت بين البشر ..ملاك لم يخلق إلا للتحليق فى سماء الحب ..
اعترف بتقصيرى تجاه مشاعرك وتعبيرى لك عن كل ما قدمتِه لى
ظننت انه أمر واقع لا محال انك لى ..ملكى ..انا فقط من الكون كله من يجب ان يفوز ويحظى بك .. " انا قدرك "..
سامحينى ..
احتاج اليك بشده ..احتاج لنظرة عينيك ..احتاج لإحساسى باحتياجك لى , دعينى انفض الأتربة عن جوهرتى ..وأثقلها , دعينى امحو ما مضى ..اكفر عن خطأ لم اشعر يوماً بارتكابه إلا عندما فارقتينى
عودى الىَ ..اعيدى لى حياتى التى فقدتها بفراقك ..فبدونك لا أكون ...
تنهدت بعمق ..وتثاقل تكاد انفاسها ان تخترق صدره وتلفحه نيران غضبها ومقتها له فى تلك اللحظه أثر عذابه لها بشكه وغيرته وجنونه بها بل وبغروره بنفسه لا بها , تنهدت حتى خال له انها بقدر شهيقها هذا ستلفظه بأبشع العبرات وأحقرها .
بهدوء وضجر متلازمين امسكت بيديه من حول خصرها سحبتهما بيأس من تعلق بحياة زائله ..بمن يرفض التعايش فى حصار معلنه فك قيدها منه .. ورفضها لتطويقه اياها وان كان طوقه هذا من الألماس ...فلن يمحو كونه " طوق " .
امسكت برأسه ورفعتها لتصبحا عيناهما متقابلتان ..بكل حنو وإصرار قبلت جبينه هامسه له :
عذراً , لن استطيع لملمه اشلائى المبعثره ..لن استطيع ان اجمع ما نثرته فى سنوات خلال ايام , سامحنى انت ..يا من كنت حبيبى
سأكون لك فقط جسد بلا روح ..
لم تعد تملك قلبى ..
علمته القسوة بهجرك له
عودته الهجر ببعدك عنه
سامحنى ...قلبى ليس ملكك
سأجعله حبيس صدرى وتنهداتى
ولن يكون لمن اهمله
ولن يرضى بفتات غيرى
لم تهجره انت فقط .....بل هجره الحب ايضا.
ساحة النقاش