كتب عبدالله صبري
في ليلة شعرية معتقة بالإبداع والدهشة حلت الشاعرة سعدية المفرح في السابعة والنصف من مساء أمس ضيفة على ملتقى ضفاف الثقافي في الأمسية التي أقامها الملتقى ضمن فعالياته الثقافية للموسم الحالي. أقيمت الأمسية بمكتبة الكويت الوطنية ، وأدارها الشاعر نادي حافظ الذي بدأ بكلمة قال فيها : "
هي ليلة استثنائية جديدة لملتقى ضفاف الثقافي، وهي الثانية التي نقيمها في رحاب مكتبة الكويت الوطنية، التي نتوجه إلى مديرها العام السيد/ كامل عبد الجليل بجزيل الشكر على ترحيبه ودعمه لمثل هذا النشاط.
ما الذي يمزَج للشمسِ ألواَنها
ثم يمشي الهوينى
بهودجِ أحلاِمها
إلى أن تـؤوبَ إلى ِخدْرِها
فَتُدني عليها
خِمارَ المساء
وُتغمضُ أجفانَها
وَتنام؟؟
إنها الشاعرة الكبيرة سعدية مفرح، التي إن وقفت فهي تتوكأ على 17 كتابا تشكل رحلتها مع الحرف والنزف والعزف.
وإن جلست، فهي المليكة على عرش القصيدة.
في غيابها، شموس تخبو، وبلاد تصبو. وفي حضورها مظاهرة شعرية ضد الغياب.
صعدت إلى عرش الشعر، على براق الحلم، فأرخت لـ "آخر الحالمين"، وحين غاب الحالم، أسرجت خيل ظنونها تتقصى أثره.
ترصدت لآثامنا، وأحصتها في كتاب، وكلما خلت إلى نفسها، كشفتنا في "مرآة مستلقية".
تواضعت أحلامها، ليكبر النخل، وتكثر البيوت ".
وقرأت الشاعرة سعدية مجموعة قصائد متنوعة بدأتها بقصيدة في مدح الرسول، ثم أنشدت قصيدة " وطني " التي تقول فيها :
وطـــــني
ولو فتشوا
أنت في القلب
ذاكرة
فلن يجدوك
وإن وجدوك
أنت باه شفيـــف كغيم
فلن يعرفــوك
وإن عرفوك
أنت بــاق
فلن يأخـــــذوك
وإن أخذوك
فلست تمـــوت
وإن مت
في بيت قلبي
فهل ستموت
في قلب كل البيوت؟
بعد ذلك - وبناء على رغبة جمهور ملتقى ضفاف- قرأت الشاعرة قصيدة " تغيب فأسرج خيل ظنوني " حيث تقول :
تغيبُ ...
فَتَمضي التّفاصيلُ, هذي الّتي نَجْهَلُ كيفَ
تَجيءُ نَثيثاً وكيفَ تَروحُ حَثيثاً, تُغنّي
كَسرْبِ قَطاً عالِقٍ في شِراك النَّوى, فتَجْتاحُ
صَمْتي, هذا الغريبَ المريبَ, تُغالِبُ وَجْدي
هذا السَّليبَ , تَنوحُ ولا تَنْثَني إذْ مُغْرِياتُ
القَطا المُصْطفى عَبْرَ فَيافي الضَّنى قد تلوحُ
بجَبْهةِ مُهْرٍ جَموحٍ صَبوحْ
يَدُقُّ غيابُكَ جرْسَ حَضوري
فيُلغيهِ
وحينَ تَغيبُ يُلمْلِمُ حُزني أطرافَهُ نافِذاً
ويَغْرقُ فيَّ
ويَنْداحُ حينَ تَجيءُ
فأغْرَقُ فيهْ
أَلا بَرْزَخٌ بينَ هذا وذاك
نُمارِسُ لا حُزْنَنا في جانبَيْه?
تغيبُ ...
فأُسْرِجُ خيلَ ظُنوني
غيابُكُ نَهرُ غَضوبٌ
وحينَ يكونْ
أُخضِّبُ كلَّ عرائِسِ شَوْقي ملائِكَ حُبِّ, وأَفْرُشُ
كلَّ عرائِشِ قَلْبي أرائِكَ لَعِبٍ لهُنَّ, فأجلوهُنَّ
وأُلبسُهُنَّ, خَلا خيلَهُنَّ وأُبْرِزُهُنَّ نَهاراً جَهاراً
يَصرْنَ شُموساً يُراقِصْنَ موجَكَ مُنْتَشِياتٍ
بهذا العَليَّ الأبِيَّ الفَتيَّ, وينثُرْنَ حِنّاءَهُنَّ الجَميلَ
طُيورًا على الماءِ تنقُرُ سبعَ نوافِذَ خُضْرٍ, وتُشْعِلُ
سبعَ شُموعٍ , ويَنْداحُ فيضُ الهَديلِ العليلِ صَلاةً
لطَقسِ النَّخيلِ المخضَّب بالعُودِ والوَرْدِ والنِّدِّ والطَّلَلِ
الموسميّ البليل, والخَلاخيلُ هذي الّتي فضَّضَتْ ليلَ
وجْهِكَ تَدْعوكَ سَبْعًا,
فهلْ سَتَفيضُ, وقدْ غِيضَ مائي?
وحين تغيب ..
يكونُ حُضورُ غِيابكَ أشْهى وحينَ يَغيبُ
الغِيابُ يكونُ حُضورُك أَبهى, فكيفَ
يكونُ الحُضورُ غِياباً, وكيفَ يكونُ الغِيابُ
حُضوراً, والغِيابُ سَرابْ ؟
الذِّكْرَياتُ
جُرحُ الغِيابِ
وليسً لذاكِرَتي أنْ تَغيبْ .
وخصصت الفقرة الأخيرة من الفعالية للرد على أسئلة الجمهور، حيث قامت الشاعرة بالرد على أسئلة الحضور التي تناولت موضوعات متنوعة حول مشروع مفرح ورؤاها الخاصة حول الشعر والكتابة .
ساحة النقاش