الملخص
نبدأ هذا المقال بدراسة مفاهيم المشهد الحضري ومن ثم نطرح مفهوم الاستدامة في الأحياء والنظريات الحديثة في هذا المجال وفي النهاية نختتم المقال بشرح كيفية العلاقة بين المشهد ونظرية الاستدامة.
الهدف الرئيسي من هذا المقال هو التأكيد على هذه النقطة بان في إدارة أحياء المدينة علينا ان نأخذ المشهد الحضري ومباني الاستدامة بعين الاعتبار في نفس الوقت. ان اندماج هذه القاعدتين: قاعدة النظرية للمشهد الحضري وقاعدة النظرية لمباني الاستدامة، في إدارة الأحياء، يرفع بالمشهد الحضري للأحياء كما يوفر أسباب إنشاء مشهد حضري منشود في الأحياء.
المقدمة
اليوم، يعد الاهتمام باستدامة الأحياء إحدى الطرق لاتخاذ القرار بشأن الأحياء. من جهة أخرى يرمي المشهد الحضري إلى تحقي أهداف تحمل في طياتها مباني الاستدامة.
الفرضية
الفرضية في موضوع إنشاء الأحياء المستدامة بالإضافة إلى الدروس الدائمة التي يشار إليها في مفهوم الاستدامة، تستطيع القاعدة النظرية للمشهد الحضري أن تكون إطارا للوصول إلى أحياء مستدامة.
مفهوم المشهد الحضري۱.
. المشهد الحضري لم يوجز في البيانات المحسوسة للعالم الواقعي في حولنا، بل يتميز بشكل مستمر في ارتباطه مع عقلية الناظر. وهكذا في البداية موضوعية المشهد الحضري تتبلور من خلال نوعية ظهور العوامل المادية المحيطة بها.
ولكن تدريجيا وبواسطة الظروف التاريخية والوجود المتكرر في مقابل مجموعة من الناس المستوعبين للأمر، ينشئ بشكل جوهري حيث يصبح عاملا أصيلا في تعامل أفراد المجتمع. في هذه الحالة المشهد الحضري یعتبر وجود موضوعي-ذهني.
لهذا فان دراسة موضوع المشهد الحضري، هي عمل ثنائي الأبعاد: من ناحية المكونات الملموسة (وبصرية في الغالبية) للفضاء ومن جهة أخرى تناقش الحالة الذهنية المشتملة على الأبعاد التاريخية والذاكرة والهوية والحالات المماثلة.
بهذه الاتجاهات المشهد الحضري يحتوي على ثلاثة أهداف مستقلة ومنفصلة وهن: الجماليات، الهوية والأداء (منصوري ۱۳۸۳): يأخذ علم الجماليات، الجانب الملموس للفضاء بعين الاهتمام حيث للمستفيد ردة فعل لطيفة وممتعة.
علم الجماليات يهتم بدراسة العوامل التالية: الطبيعة الفيزيائية للفضاء وحجم ونوع المكونات واللون والمواد لمجاورة والظلام والإضاءة والإيقاع والتناقضات ونقاط العطف والمؤشرات والنباتات والعناصر الطبيعية والخصائص الأخرى المكونة للأبعاد الملموسة. فمن الواضح ان الجمالية المستعملة في هذه المرحلة، مكونة من العناصر المناخية والتاريخية والفنية والدينية والتقليدية والثقافية. (منصوري،۱۳۸۳، منظمة التجميل، ۱۳۸۵، كلكار ،۱۳۸۷)
تسبب أهداف الأداء في المشهد الحضري في طرح مواضيع مختلفة حيث الاختيار أي منهن يتم وفقا لموضوع المشروع ووظائفه.
يندرج تسهيل فهم البيئة والاسترخاء ضمن أهداف هذه المجموعة. يهدف المشهد الحضري من منظار الهوية، إلى خلق شعور بالسعادة والراحة والسلام والأمن والاهتمام بقضايا البيئة. من بين هذه الحالات يمكن الإشارة إلى التأسي بنموذج الطبيعة.
ان استخدام جانب البيئة في المناطق الحضرية يمكن ان يخلق شعورا من الاتصال مع العالم الطبيعي. في هذه الحالة يجب ان تكون الموارد الحيوية المستخدمة مستقرة وتحافظ بشكل جيد على التنوع البيولوجي وتوفر مشاركة أفراد المجتمع في الحفاظ على البقاء والتنوع البيولوجي القائم.
2 الأحياء المستدامة
الميزة الأكثر أهمية في الحي المستدام هي اعتباره كيانا اجتماعيا-مكانيا مستداما. نستطيع ان نعتبر الإطار العام للحي المستدام ، نموذجا لموقع مستدام حيث تتشارك فيه بتنسيق أربعة عناصر: الجسم و النشاط و التصورات و النظام الايكولوجي لتشكيل المشهد الحضري المشروط.(كلكار،۱۳۸۵).
بعض الجهود لتطوير التصميم الحضري المستدام تهتم في البداية بتدوين أنماط مثل التصميم المحلي و التقلیدي(TND) و تطوير وسائل النقل العام- محورTOD و تستمر في أنماط أخرى مثل الأحياء المفعمة بالحياة (LN) و النمو الذكي(Smart Growth) حيث يتم الاهتمام فيهن على المعايير لبناء الأرصفة واستيعاب المشهد الحضري من جانب السير. المشهد الحضري المستدام يتكفل بالقيام بأربعة ادوار وهن: الوظيفي والجمالي الموضوعي والهوية (الذهني-الاستيعاب) والبيئي.
من بين النماذج والأنماط التي ساهمت في تدوين المعايير والخصائص للأحياء المستدامة، يعتبر نموذج النمو الذكي أكثر تطورا يتم دراسته.
فكرة النمو الذكي (Smart Growth)
يعتبر نمط النمو الذكي نموذجا لاندماج الاقتصاد والمجتمع والبيئة في شكل متحد.
هذا النمط يوفر إطارا لاتخاذ قرار صحيح بشأن كيفية ومكان نمو الأحياء. هذا النمط من خلال دعمه لتنمية الاقتصادية وفرص العمل بواسطة مجموعة متنوعة من الخيارات مثل السكن والتجارة والنقل، يوفر إمكانية الوصول إلى أحياء واسر سليمة مع بيئة نظيفة (Duany, 2003)
. علی اساس هذه التدابیر، بدات جهود نمط النمو الذكي من اجل تعزيز الأحياء المدمجة و الحيلولة دون التنمية الحضرية المتشعبة (Song,2005). يشتمل نمط النمو الذكي على عشرة مبادئ وهن: تركيب الاستخدامات وتصميم الأحياء المدمجة وخلق مجموعة من الفرص والخيارات الممكنة للإسكان وإنشاء أحياء قابلة للسير وخلق أحياء جذابة ومميزة مع خلق شعور قوي في المكان والحفاظ على المساحات المفتوحة والأراضي الزراعية والمناظر الطبيعية وتوجيه التطورات الحديثة نحو الأحياء الموجودة وتوفير مجموعة واسعة ومتنوعة من تطبيقات النقل والتنمية المتوقعة وتشجيع المجتمعات المحلية وأصحاب العمل للمشاركة في التنمية.
يحاول نمط النمو الذكي مع التعاليم التوجيهية والمعايير الذكية ان يدعم التنمية التقليدية للمعايير بهدف الحفاظ على التوازن بين المعايير القديمة والمعايير الجديدة.
هذه التعاليم التوجيهية تستفاد بدلا عن التعاليم الصارمة حيث تعيق إنشاء أحياء وفقا للمعايير التقليدية. يتم عرض بعض من هذه الوصفات فيما يلي
(Neal,2003): 1- خطة تنظيمية: خرائط تنظيم الموقع وتقسيم المناطق، والشكل وموقع إنشاء مساحات مفتوحة وتصنيف أنواع طرق الوصول. 2
- المعايير الحضرية: منسقة من النصوص والرسوم البيانية المرتبطة بالحقول الخاصة في البناية المؤثرة على المجالات العامة. كما هي مجموعة متنوعة من المعايير التي تشجع على إنشاء نمط خاص من البنايات وكذلك المعايير التي تترك تأثيرا على السلوكيات الاجتماعية. 3
- معايير المعابر: مكونة من المشاريع التي تصنف طرق السيارات وطرق المارة من حيث الخصائص والأبعاد وتوفر معايير وفقا على سمات إمكانيات وهوية الطرق والأرصفة والغطاء النباتي وضوء الشوارع في المناطق الريفية والمناطق الحضرية.
4- معايير المعماري: مؤلفة من النصوص وخصائص المباني الخاصة والمواد والتركيب المسموح للجدران والسقوف والمواقع القابلة للفتح والعوامل الأخرى التي تتوفر بغية خلق انسجام بين أنواع المباني وتعرض بصورة موافقة وتابعة لقوانين البناء حتى تلبي المتطلبات المحلية لإنشاء المباني. 5
- معايير المشهد:
قائمة من الأنواع النباتية ذات البنية الملزمة للموقع والأنماط النباتية. لذا تعد الأحياء التي تتابع انسجام خاص بين عناصر الهندسة المعمارية وتشييد المدينة ضمن الأحياء الذكية. 3- المشهد الحضري المستدام كما ذكر في القسم السابق لأي من الاستدامة والمشهد الحضري أصول حيث ندرس الارتباط بينهن وبين الأبعاد الأربعة (الهوية والأداء والجماليات والبيئة) في المشهد الحضري والاستدامة كما يلي: 1
-3. معايير استدامة الأحياء في جانب الجماليات تحقيق الاستدامة في جانب الجماليات يتم بواسطة مجموعة كاملة من سياسات الإدارة الحضرية فيما يتعلق بالمشهد الحضري وتصميم الأماكن الحضرية. الانسجام بين قياس المبني ونوع الشارع في المنطقة: الاهتمام بالعلاقة بين الشارع والمباني الموجودة فيه والاهتمام بالقياس المناسب للمباني التي يتم تصميمهن وإنشاءهن في الشارع، يجعل فضاء الشارع لطيفا.
استخدام الهيئة المشرفة على التصميم للتأكد على تنفيذ المعايير: أداة اللجنة المشرفة يعتبر آلية للحفاظ على طابع الحي وللتأكد من انسجام المشاريع الجديدة في الحي مع الأسلوب والنمط الحالي للمباني في الحي حتى لا يعاني مشهد الحي من اضطرابات بصرية.
اتخاذ القرارات الخاصة بالمشهد الحضري للشوارع وقياس المباني جنبا إلى جنب مع غيرها من العوامل التي يمكن أن تؤثري قياس الحي يحتسب ضمن المواد التي يمكن تصنيف دراستهن في قائمة أعمال هيئة المشرفة على التصميم.
يمكننا تلخيص السياسات الرامية إلى تحقيق الاستدامة في الجانب الجماليات على النحو التالي:
الوحدة الفضائية
المراد من هذا المفهوم هو استيعاب وتجربة مجموعة من العناصر الكثيرة والمتنوعة للفضاء ككل متحد بحيث العناصر المكونة لفضاء الحي تنتهي في وجود متحد ومعماري الحي يجب ان يتحد السمات المختلفة الناجمة عن مزيج متنوع والجماليات الناشئة عن الانسجام والتناقضات في شمولية ذات معني.
اتصال واستمرارية الجدار الخارجي
يعتبر الربط والاتحاد بين الهياكل أكثر رواجا وأسهل استيعابا بين الأساليب الموجودة لتحديد الفضاء الذي يساعد على تحقيق مبدأ الإغلاق وخلق الوحدة الفضائية.
ربط الهياكل وفقا للقواعد المعروفة في إدارة المدينة يلعب دورا أساسيا في تحسين مشهد البيئة والمتطلبات البصرية وباستطاعته ان يزيد الفضاء ثراء من حيث المنظر.
التوافق بين أساليب البناء: في مختلف المباني بواسطة خلق علاقات ذات معني وسمات مشتركة يمكننا ان نقود الأحياء نحو الجوانب البصرية والوظيفية المستدامة وذلك حتى مشهد الحي يبقي للناظر معروفا بطابعه الخاص.
جمال خط السماء الذي تشكله المباني
فوضوية خط السماء في الحافة إلا عندما تكون متعمدة ومن اجل نيل أهداف مهمة (بما في ذلك مجموعة متنوعة من الإيقاعات ووجود نقاط عطف و...) تؤجج الفوضى الفضائية والشعور والفهم المستوحاة منه.
اللون والمواد
خصائص الألوان والأثر النفسي للون ودوره في الاستيعاب وتحقيق مساحة أكبر من القضايا المنشودة الفضائية الجديرة بالتأمل. الفوضى البصرية الناجمة عن اختلال نظام الألوان ونظرا لتأثيره السلبي على الوحدة المكانية ليس اقل تأثيرا من العناصر الهيكلية المماثلة. لهذا يلزمنا تطبيق الرقابة على نطاق استخدام الألوان وطريقة استعمالهن في الأماكن الحضرية جنبا إلى القضايا الأخرى المطروحة في موضوع تحسين البيئة والمنشود المكانية.
معايير استدامة الأحياء في جانب الوظيفي
يمكننا في مجال الإدارة تلخيص السياسات الرامية إلى تحقيق الاستدامة في جانب الوظيفي على النحو التالي: التشجيع على تقليل المساحة المخصصة لمواقف السيارات في الشارع: في المشاريع البناء المعتادة المنطقة الحائلة بين المباني والشارع تخصص لمواقف السيارات لكن يمكننا تنظيم هذا الفضاء بواسطة إنشاء مباني مخصصة لمواقف سيارات حتى نخصص الفضاء الحائل بين الشارع والمباني للأرصفة أو التشجير.
استخدام ميزة الكثافة السكنية بغية التشجيع على زيادة الأماكن العامة: استخدام ميزة الكثافة السكنية سيكون حافزا لازدياد الأماكن المفتوحة والعامة وكما سيساهم في زيادة كمية المساحات الخضراء والحدائق العامة.
توفير سهولة وصول المعاقين إلى الشوارع والحدائق العامة والأرصفة: الاهتمام بسير المعاقين وذو الاحتياجات الجسدية الخاصة في المدينة من أهم العوامل التي تساهم في إنشاء مشهد حضري مختلف عن الوضع الراهن. لهذا يمكننا تصنيف سياسات الوصول إلى الاستدامة في جانب الوظيفي كما يلي:
ألف. فصل الوظائف بشفافية في مختلف المجالات
الفصل بين مختلف الوظائف والمجالات المتعلقة بهن في مختلف مستويات التعامل مع الفضاء يجعله أكثر قابلية للقراءة كما يساعد على تحقيق أكثر استيعابا من الفضاء.
ب. الانفتاح ومقياس المباني الفضاء
المنفتح الذي تشكله مباني الحي يخلق مكانا مريحا لهذا يجب التناسق بين التغيير في مقاييس المباني والأنشطة التي تجري فيهن حتى الهيكل والفضاء يكونان قابلان للتنبؤ بغية توفير شعور الألفة والحميمة للمقيمين.
ج-فضاء منشود للمشاة وبيئة خارجية ودية
على مشهد الشارع بان يكون لطيفا، لهذا الإعلان يجب ان يتابع نظام معين ومواقف السيارات لا تمنع سير المارة وبصورة عام الفضاء يكون بشكل يشجع الناس للحضور ويوفر أرضية للتفاعلات الاجتماعية.
معايير استدامة الحي من جانب الهوية
من حيث الإدارة يمكننا ان نصنف سياسات الوصول إلى الاستدامة في جانب الهوية كما التالي(ICMA,2010):
التعریف بالاحیاء ذات العلامات البصرية: اختصاص العلامة البصرية لتحديد والتعريف بالأحياء للمقيمين و زوار الحي أمر جيد و ضروري و بمقدوره ان يرسم صورة خاصة لهوية الحي ما يزيد شعور الانتماء إلى الحي لدي المقيمين.
يجب ان تصبح قائمة التدقيق للمباني والشوارع والأماكن المفتوحة والمكاتب قانونا حتى تخلق شعورا مكانيا قوي: في حال عرض قوائم التدقيق بصورة شفافة يمكنها ان تعزز قيمة ومستوي الحي.
من خلال هذه القوائم التدقيقية يمكننا الرقابة على العوامل المؤثرة على المشهد الحضري مثل الشوارع والأرصفة وأنماط البناء وعلامات ومواد المباني.
يمكننا تصنيف السياسات الرامية إلى تحقيق الاستدامة في جانب الهوية من حيث تصميم الأماكن الحضرية على النحو التالي:
ألف: جماليات المنظر واستمرارية الاخضرار
التشجير يتبع نظام هندسي ويتماهى مع المنشودات البصرية كما باستطاعة الغطاء النباتي ان يخلق مجموعة متنوعة من الألوان في الفضاء. على سبيل المثال مجموعة متنوعة من الزهور ولنباتات الأخرى إلى جانب السطوح والجدران تخلق مشهد بصري ثري بجمالياته. كما استعمال الغطاء النباتي والمياه في التصميم وتنظيم المساحات الخضرية يأتي في إطار تعزيز العديد من القيم البيئية إلى جانب التنمية المستدامة.
ب) اخضرار الأشجار والأماكن المفتوحة والأرصفة
النقطة الهامة في هذا المجال هي التركيز على خصائص هذه الأشجار في تكوين هيكلة الفضاء وفقا لاتفاق الآراء الموجود بان الأشجار جذابة ومنشودة.
آخر الكلام:
اليوم يمكننا دراسة الأحياء على أساس روية جديد تشتمل على جانبين: المشهد الحضري والاستقامة. من جانب، المشهد الحضري لديه أهداف رئيسية مثل الأداء والهوية والجماليات وقضايا البيئية وعلى الجانب الآخر استدامة الأحياء تدل على مفاهيم حديثة مثل طرح قضايا النمو الذكي.
بالإضافة إلى ما سبق في دراسة متطلبات نماذج من الأحياء، الأمر بحاجة إلى تدوين اللوائح مثل اللوائح الوطنية التي تستخدم للمباني علينا بتدوين لوائح محلية في المدن للأحياء. هذا الأمر سيجعل أي تصميم في الأحياء يكون موافقا مع المعايير اللازمة لتصميم المشهد الحضري والاستدامة.

