مهرجان الأقصر للإهانات المسرحية
د.سيد علي إسماعيل
كلية الآداب – جامعة حلوان
ــــــــــ
في هذه المقالة سأدلي بشهادتي فيما حدث من إهانات للمصريين والعرب من قبل المدعوة هنا مكرم رئيسة مهرجان (الأقصر الدولي للفنون التلقائية ومسرح الطفل) التي أحتفظت بكل الصلاحيات في يدها، فكانت المسئولة الوحيدة لفشل المهرجان، وما جرى فيه من إهانات تستوجب التحقيق الفوري!! وأذكر شهادتي هنا بوصفي المشرف على ما يُسمى بالندوة العلمية للمهرجان!! وستقتصر شهادتي على أربع وقائع كنت شاهداً عليها ومشاركاً في أحداثها.
الواقعة الأولى (إهانة المكرمين المصريين في حفل الافتتاح)
في بداية حفل الافتتاح تم تكريم مجموعة من المسرحيين العرب، وبعدها مباشرة بدأت الفقرات الفنية. وفجأة وجدت صفاء البيلي في توتر شديد، فذهبت إليها وسألتها عن سبب توترها، فقالت: إن المكرمين المصريين سينسحبون ويعودون إلى القاهرة الآن!! فقلت لها لماذا؟ قالت: لأنهم لم يُكرموا أسوة بالمكرمين العرب! وبالفعل وجدت أحدهم منهاراً في بكاء هستيري، والآخر يصرخ نتيجة لإهانته، والثالث صامت، والرابع مذهول .. إلخ، فحاولت تهدأتهم وطلبت منهم فرصة كي أعالج الأمر بطريقتي. وأمام الجمهور المحتشد قطعت الطريق إلى مكان جلوس محافظ الأقصر اللواء طارق سعد الدين وقلت له بصوت خفيض - سمعه من يجلس بجواره يميناً ويساراً – أنا الأستاذ الدكتور سيد علي إسماعيل من كلية الآداب جامعة حلوان أقول لك: إن لم يتم تكريم المصريين الخمسة اليوم سينسحبون مما يعني فشل المهرجان! فقال لي: اطمأن سيتم تكريمهم اليوم! فعدت مبتهجاً لأنني نجحت في معالجة الموقف.
وحتى لا أعطي الفرصة لأحد كي يتلاعب بوعد المحافظ، تركت مقعدي ووقفت طيلة ساعة كاملة بجانب خشبة المسرح موجهاً نظري نحو المحافظ حتى يظل يراني متذكراً وعده لي بتكريم المصريين، وأغلب الضيوف لاحظوا وقفتي هذه. وبعد ساعة انتهت الفقرات الفنية وانتهى حفل الافتتاح وأثناء الخروج والدخول والصعود والهبوط من على خشبة المسرح، وهي الصورة المألوفة في ختام أي احتفال .. أمسك أحدهم بالمايك وأعلن عن تكريم المصريين ليصعدوا إلى خشبة المسرح التي كان بها ثلاثمائة شخص على الأقل من الجمهور!! وفي وسط هذا الهرج والمرج تم النداء على أسماء المكرمين، وكل مكرم يتم ضبط وقفته مع المحافظ من أجل التقاط الصورة (فقط) وهو يتسلم الدرع .. هذا هو ما يهم!! لدرجة أن كل مكرم كان يستلم الدرع ويوجه عبارة استياء أو غضب للمحافظ، فكان المحافظ يقول له: مش وقته مش وقته المهم تتصور .. وقال لآخر: بعدين بعدين نتكلم المهم الآن أنك تتصور!! أما الطامة الكبرى فكانت في تكريم الفنان القدير (محمد دسوقي)!! فقد نودي على اسمه، وصعد على الخشبة وعندما مد المحافظ يده ليسلم عليه ويسلمه الدرع، فوجئ الجميع بأن الدرع غير موجود!! وكان موقفاً قاتلاً ... وإنقاذاً للموقف قام أحد الموظفين بأخذ درع أحد المكرمين الواقفين، وسلمه للمحافظ كي يعطيه (صورياً) لمحمد دسوقي من أجل التصوير (فقط)!! وبالفعل حدثت هذه التمثيلية المهينة!! وتفسير هذا الموقف العجيب أن رئيسة المهرجان أرادت مجاملة أحد أتباعها، فوضعت اسمه قبل التكريم بدقائق، ليكون عدد المكرمين ستة، أما الدروع فخمسة، وبما أن محمد الدسوقي كان اسمه الأخير، فإن درعه تم الاستيلاء عليه لصالح أحد أتباع رئيسة المهرجان!!
الواقعة الثانية (إهانة أساتذة الجامعات العرب في الندوة العلمية)
بوصفي المشرف على الندوة العلمية للمهرجان، عانيت الأمرين كي أعرف موعدها ومكانها!! والحمد لله عرفت أنها في اليوم الثالث الساعة الثانية عشرة ظهراً بقاعة محاضرات قصر ثقافة الأقصر. فقمت بتأكيد الأمر على مدير قصر الثقافة، الذي أرسل معي أحد الموظفين لأتفقد القاعة، فوجدتها غرفة مناسبة بعدد كراسي يبلغ العشرين وميكروفون، أي أنها مناسبة حسب الإمكانيات المتاحة. وفي اليوم التالي ذهبت مع الأساتذة المشاركين في الندوة من العراق والسعودية ومصر، ومعنا ثلاثة من الأصدقاء سينضمون إلى الحضور. وصعدنا إلى قاعة المحاضرات، لنكتشف أن بها الدكتور سعيد نصر يعطي محاضرة وورشة ستستمر ثلاث ساعات!! فوقفت مكسوراً مهاناً أمام الأساتذة العرب. وعندما شعر موظفو القصر بحرجي نادوا على رئيسة المهرجان هنا مكرم التي قالت لي هي الندوة بعنوان إيه .. وامتى .. وفين؟؟ فإيقنت إنني أوقعت نفسي والأساتذة العرب في مصيبة كبرى!! رئيسة مهرجان لا تعلم بعنوان الندوة ولا موعدها ولا مكانها .. المهم أنها اقترحت اقترحاً مبتكراً عندما أمرت إحدى موظفات القصر بإنزالنا إلى الطابق الأرضي لنقيم (الندوة العلمية) في غرفة المرسم!! ونزلنا إلى المرسم لنجده غرفة موظفين بها طاولات للرسم ومكاتب لجلوس الموظفين، فأمرت الموظفة المرافقة لنا بقية زميلاتها بترك حقائبهن والوقوف خارج الغرفة حتى تنتهي (الندوة العلمية للمهرجانة)!! وفي لمح البصر قمت بنفسي وبمساعدة الأساتذة المشاركين في الندوة بضم طاولتين ووضع الكراسي حولهما ووضع بعض اللوحات الموجودة خلفنا لأنني قررت تصوير هذه الإهانة بالفيديو كي تكون دليلاً دامغاً على إهانة أساتذة الجامعات بهذا الشكل غير المسبوق!! وبالفعل كنت أدير الندوة وأصور كل باحث وهو يلقي بحثه، ووضعت كل الفديوهات في اليوتيوب وفي صفحتي .. وحتى تكتمل الإهانة لم نجد بعد انتهاء الندوة الميكروباص الذي سيذهب بنا إلى الفندق، ووقفت مع الأساتذة في الشارع والشمس ضاربة على رؤوسنا فوضع كل دكتور ملف بحثه على رأسه كي يحتمي من الشمس، ووقفنا نصف ساعة كادت أن تقتلنا، فما كان من الضيوف إلا أن لوحوا إلى ميكروباص بالنفر وركبنا ودفعت الأجرة للجميع وأنا في قمة الخجل، لا سيما وأنهم كانوا يريدون اقتسام الأجرة فيما بينهم!!!!
الواقعة الثالثة (إهانة المشاركين في حفل الختام)
لم تتعلم المدعوة هنا مكرم من درس الافتتاح، فكررته في الختام، عندما كرمت رؤساء بعض الوفود العربية، وتجاهلت متعمدة مجموعة أخرى أهمهم الوفد العراقي، الذي كان الوفد الوحيد الذي جاء من بلده بدروع تكريم للمحافظ ولرئيسة المهرجان ولمديرته صفاء البيلي في حفل الافتتاح، ولولا درع العراق ما كنا سمعنا باسم صفاء البيلي وما كنا عرفنا أنها مديرة المهرجان. ومن الواضح أن المدعوة هنا مكرم قررت تهميشها وتجاهلها بعد أن استغلت علاقتها الرائعة بجميع مسرحي العالم العربي!! وهذا التجاهل كان فجاً في حفل الختام الذي خلا من ذكر اسم مديرة المهرجان صفاء البيلي التي لم تستلم شهادة تقدير أسوة بأصغر موظفة في قصر الثقافة!! والطامة الكبرى أن الدكتور سعيد نصر الذي جاء من الجزائر خصيصاً لإلقاء محاضرة وورشة في المهرجان، لم ينل هذه الشهادة ووقف مذهولاً!! وبعد انتهاء الحفل جاء أحد الموظفين وأعطاه الشهادة في يده بصورة ودية معتذراً لأنهم نسيوا اسمه!!
الواقعة الرابعة (النفاق الفج في لقاء المحافظ)
بطلب من الوفود المهانة وافق المحافظ على لقائهم في نادي اليخوت بعد حفل الختام. وهنا عبر بعض رؤساء الوفود عن امتعاضهم من المعاملة السيئة، فكان المحافظ يرضيهم ويهون عليهم الأمر بلباقة السياسي الذي يريد إنها اللقاء بأسرع ما يمكن، لا سيما نفاق أغلب العاملين والموظفين الملتفين حول المحافظ ومدير قصر الثقافة!! وأمام هذا الموقف الذي لا أقبله بوصفي أستاذاً جامعياً أعلم وأخرّج الأجيال .. انتفضت وأخذت الكلمة وقلت للمحافظ أمام الجميع وبلهجة حاسمة: أنا بوصفي أستاذاً في جامعة حلوان لم أشعر بإهانة في حياتي بقدر ما شعرت بها في هذا المهرجان، وإن كنت تريد يا سيادة المحافظ أن يستمر هذا المهرجان وينجح فيما بعد، يجب عدم اشراك السيدة هنا مكرم فهي لا علاقة لها بالفن أو المسرح أو الثقافة .. إلخ! تفاجئ المحافظ بكلامي هذا، وردّ سريعاً أمام الجميع قائلاً لي: إن أكملت حديثك بهذا الشكل سأنصرف من اللقاء، لأنني لن أسمح لك أن تجرح السيدة هنا مكرم!! ورغم ذلك أكملت كلامي قائلاً له: أنا أتكلم بوصفي أستاذاً جامعياً ومسئولاً عن الندوة العلمية، التي أهين فيها أساتذة الجامعات العربية .. وشرحت له الوضع الذي كتبته في الواقعة الثانية. فقال لي: كان يجب أن تكلمني وتأتي إليّ مكتبي لنعالج الأمر، لا أن نتحدث فيه أمام الضيوف!!
ساحة النقاش