تحالف علمي متصهين يوجه إتهامات بمعاداة السامية
للأستاذ الدكتور سيد علي إسماعيل
بعد قيامه بتفنيد رياد يعقوب صنوع المسرحية المزعومة
د.مؤيد حمزة

[email protected]

في الوقت الذي نسمع تصفيقاً حاراً لرأي سطحي وساذج من أشخاص يحسبون على الفنانين العرب ينادي بعدم الالتفات لتاريخ المسرح العربي وبذل الجهد في إثبات الريادة كما حدث في المناظرة المسرحية الأولى في تاريخ المسرح العربي والتي كان للهيئة العربية للمسرح شرف عقدها في مهرجان المسرح العربي الرابع - السادس يناير 2014 المنعقد في الشارقة, في ذات الوقت نجد أساتذة جامعيين ينتمون لكبريات الجامعات العالمية تبعاً لتصنيف شانغهاي يشنون حملة شعواء على صاحب الفضل في الدفاع عن عروبة المسرح العربي- إنه الأستاذ الدكتور سيد علي إسماعيل (أستاذ الأدب المسرحي بكلية الآداب جامعة حلوان المصرية).  

بدأ الأستاذ الدكتور سيد علي اسماعيل كما يقول في كتابه (محاكمة مسرح يعقوب صنوع) البحث عن دلائل جديدة فيما يتعلق بنشاط صنوع المسرحي من الوثائق القديمة وتحديداً من الصحف الموجودة في عام 1870 وما قبل وبعد، لدراسة وتحليل المصادر القديمة في تناولها لمسرح صنوع، الأمر الذي قاده للتوصل لحقيقة فاجأته هو شخصياً قبل أن تفاجئ الوسط الأكاديمي. وهي أن كل ما نعرفه عن مسرح صنوع هو من خلال صنوع نفسه.

حيث يتضح لكل من يقرأ كتاب محاكمة مسرح يعقوب صنوع أن بحث الدكتور سيد علي يخلو من النزعة، وأن الكتاب عبارة عن بحث علمي بكل معنى الكلمة يناقش بالحجة وبما هو متوفر من أدلة، دون رسم سيناريوهات ودون أي تحديد لنتائج مسبقة سعى لتحقيقها. ولم يكتف بذلك بل ونادى ولا يزال بأنه بانتظار الدليل على عدم صحة نتائج بحثه. ويبدو أن الفشل في الإتيان بهكذا دليل هو ما قاد أكثر من شخص لإطلاق تهم تبدو مثيرة للضحك أحياناً وللإشمئزاز في أحيان أخرى. بدوره الأستاذ الدكتور سيد لم يلتفت لكل هذه المحاولات واستمر بنفسه يبحث ولايزال عن أدلة جديدة. تثبت أو تفند ما جاء به سابقاً

لفتت أبحاث الدكتور سيد علي انتباه مجموعة من الباحثين أدعي شخصياً أنني أحدهم،  وأظهرت مخاوف حقيقية بأن هناك توجهاً يسعى إلى تغيير التاريخ وإقحام فرضيات غير موضوعية تعتمد على أشباه أدلة سرعان ما يتم تفنيدها من قبل باحث حقيقي بحجم الدكتور سيد علي، وهدف هذه العملية بوضوح "تهويد المسرح العربي"، وتحديداً تهويد بداياته. أي إعطاء الريادة فيه لأشخاص من أتباع الديانة اليهودية، لا لشيء إلا لخدمة أغراض صهيونية. هذا التوجه لا يسعى لإقحام إسهامات لليهود في المسرح العربي فحسب، بل وإلى التأكيد على فضلهم في خلق الحركة المسرحية العربية في القرن التاسع عشر. تصديت ومنذ العام 2005 لعملية الترويج لكتاب الدكتور سيد علي إسماعيل ودعوت إلى اعتماد اكتشافاته لتُدرس في كل أكاديميات المسرح في الوطن العربي، وقمت بنفسي بنشرها عند طلبتي وزملائي وشرحها في كل مكان عملت فيه.

يبدو أن كتاب محاكمة مسرح يعقوب صنوع قد أصاب جهود أولئك بمقتل، حيث تهاوت  فرضياتهم غير العلمية واللاموضوعية في إعطاء الريادة لغير أهلها لهدف سياسي بحت، كما يفعل شموئيل موريه (Shamuel Moreh) وفيليب سادجروف (Philip Sadgrove) مثلا في كتابهما (Jewish contribution to nineteenth- century Arabic theater)، والذي صدر في عام 1996، أي قبل كتاب المحاكمة. وللتعريف فقط ننوه إلى أن شموئيل موريه اليهودي الإسرائيلي من أصل عراقي والصهيوني المعروف، والحاصل على وسام الدولة العبرية على جهوده في مجال الدراسات الشرق أوسطية في العام 1999. خاصة بعد دوره في اختلاق ريادات يهودية وهمية للمسرح العربي في الجزائر أناطها بدانينوس ، وفي لبنان أناطها بزاكي كوهين وشحيبر،دون حتى أن يهتم لحقيقة أن هذا شحيبر كان مسيحياً. اما فيليب سادجروف الإنجليزي فهو شريك موريه في كتابه المذكور والفرضيات التي قدماها فيه.  لم يقف الأمر عند هذا الحد، فها نحن نجد موجات متلاحقة تتصدى للرد على كتاب الدكتور سيد علي اسماعيل والذي ضرب أسطورة ريادة صنوع في مقتل. فهذا آدم مستيان (Adam Mestyan) يقدم بحثاً علمياً محكماً في العام الحالي 2014، بعنوان : المسرح العربي في بوادر الحضارة الخديوية 1878-1872: جيمس صنوع منقَّحاً ( ARABIC THEATER IN EARLY KHEDIVIAL CULTURE,1868–72: JAMES SANUA REVISITED ). ففي هذا البحث العلمي المحكم والمنشور في مجلة الدراسات الشرق أوسطية  (Int. J. Middle East Stud. 46 (2014), 117–137  - doi:10.1017/S002074381300131 ) يشير فيه مستيان طبعاً إلى كتاب الدكتور سيد علي اسماعيل قائلا: "أن سجالاً استعر في 2001 في الصحافة المصرية حيث ادعى المؤرخ المصري سيد علي اسماعيل أن كل ما نعرفه عن صنوع مصدره صنوع نفسه، وقد كان محمد يوسف نجم يواجه الدكتور سيد ويدافع عن ريادة صنوع. إلا أنه ومنذ وفاة نجم 2009 استمر الدكتور سيد بمحاولاته لحذف صنوع من تاريخ المسرح العربي". كما ويعتبر مستيان أن الصراع العربي الأسرائيلي أو الإسلامي اليهودي هو الذي يؤثر على النظرة إلى صنوع ويجعلها تأخذ طابعاً عرقياً. فهو من خلال هذه المقدمة يؤكد توجهه المبني على التشكيك بمن يشكك بريادة صنوع. وقبل ذلك يقدم مرجعين على أن صنوع كان يعتبر اليهودي المسلم كما عند ابراهيم عبده الذي يستند في رأيه بدوره على كتاب غندزير 1961، أو أن صنوع كان يدعى باليهودي العربي تبعاً لمرجع إيزا ليتال ليفي  2007.  وبالتالي فهو لم يقدم أي مرجع عربي أو عالمي يؤكد وجهة نظره ويعود لما قبل نشوء الصراع العربي الصهيوني. وكان الأولى به أن يرد على الحجج والأدلة التي قدمها كتاب محاكمة مسرح صنوع بدلاً من محاولة تفسير النوايا.

وعلى الرغم من أن بحث مستيان محكم ومنشور في مجلة علمية عريقة كما أسلفنا إلا أن القارئ للبحث يستغرب الكم الهائل من عدم الدقة في الإقتباسات، بل والتي يمكن أن نسميها بالأكاذيب التي ترد في البحث فيقول مثلا : " يدعي المؤرخ المسرحي سيد علي اسماعيل أن كل ما نعرفه بشكل عام عن ريادة صنوع للمسرح المصري بالعربية مقدم من قبل جيمس صنوع نفسه ( 1839-1912). وأن الرائد للمسرح المصري هو محمد عثمان جلال (1829-1898)، وهو مترجم للشعر الفرنسي والمسرح. وقد كان الند الرئيس لإسماعيل هو محمد يوسف نجم، لبناني، عميد تاريخ المسرح العربي، حيث أكد وجود مسرح صنوع وفند مزاعم إسماعيل بقوله أن الريادة في المسرح تعني العرض المسرحي وليس ترجمة مسرحيات". وهذا الإدعاء لا أساس له من الصحة على الإطلاق، فالدكتور سيد أكد في كتابه "محاكمة مسرح يعقوب صنوع" أن سليم النقاش ( الشامي اللبناني) هو الرائد الحقيقي للمسرح العربي في مصر وليس كما يذكر مستيان ليوهم القارئ أن دوافع وطنية محضة هي التي تحرك البحث عند الدكتور سيد. وفي نفس الوقت ليؤكد على أن محمد عثمان جلال كان مترجماً مسرحياً، وبالتالي فهو لا يعد مسرحياً تطبيقيا كما يعتبروا صنوع. وليس صحيحاً أبداً ما يزعمه مستيان من أن د.نجم رد على أبحاث الدكتور سيد بهذه الطريقة التي يذكرها، حيث أن سليم النقاش كان مسرحياً مخرجاً وليس كاتباً فحسب، وكانت كل المناظرات الكتابية بين د. نجم ود.سيد تدور حول الريادة بين صنوع وسليم النقاش تحديداً. وهنا نلاحظ أن مدعي البحث العلمي مستيان لا يتورع عن الكذب في سبيل دعم فرضيته بأن أسباباً غير علمية تدعو للتشكيك في ريادة صنوع يردها بكل بساطة إلى طبيعة الصراع العربي الصهيوني. 

ولا يكتفي مستيان بذلك، بل يضيف: " الآن يقوم اسماعيل بالتأكيد على أن هذه الريادة هي لسليم النقاش (1856-1884) ، مهاجر بيروتي، مدير فرقة، وصحفي. ومنذ وفاة نجم في عام 2009 استمر إسماعيل بمحاولات محو صنوع من تاريخ المسرح العربي."وهنا أيضاً يورد كذبتين في فقرة واحدة أيضا. 1- أنه يتجاهل سليم النقاش مسرحي. 2- أن أبحاث د. سيد علي إسماعيل كانت ولاتزال تسعى للبحث عن الحقيقة المجردة من كل ما يمكن أن يشوبها من نزعات، وأن كل عملية البحث بدأت أصلاً عندما كان الدكتور سيد علي إسماعيل يُنقّب ويُراجع صحف القرن التاسع عشر لتوثيق ما جاء فيها عن عروض صنوع وإنجازاته، ليفاجأ بانعدامها.  

في هذه الدراسة يقدم الدكتور مستيان اليهودي المجري الأصل والذي يعمل في جامعة هارفارد وقبلها في أوكسفورد في قسم الدراسات الشرق أوسطية (القسم الذي ترأسه سادجروف ودرس فيه موريه ونال بعض درجاته العلمية)، حيث يقوم بدراسة تنقيحية لبدايات المسرح في عصر الخديوي معتمداً على مصادر أرشيفية من صحف تلك الفترة ( وهذا المنهج بالمناسبة هو ما قام الدكتور سيد باتباعه في عام 2000 أي قبل الدكتور مستيان بأربعة عشر عاماً) مستيان يتوصل من خلال بحثه إلى نتيجة يعتبرها جديدة وهي أن مسرح يعقوب صنوع كان موجوداً بالفعل في الفترة من 1871-1872 ، وأن الجديد الذي يقدمه في بحثه هو أن صنوع لم يكن شخصية ثورية: "إعادة التكوين التاريخي وتحليلي لمواضيع كوميديات صنوع تشير إلى ولاء صنوع تجاه الخديوي اسماعيل" . هذه النتيجة التي يقدمها الباحث دون تقديم ما يرد به على ما قدمه الدكتور سيد علي اسماعيل من أدلة وحجج، هي في حقيقة الأمر لا تكفي لتعطي بحثه عنصر الجدة، التي تعطي بحثه قيمة وبالتالي يتم تقديمه في مجلة علمية محكمة. فقبل الدكتور مستيان بثمان وثلاثين عاماً، وتحديداً في عام 1966 أصدرت الباحثة غندزير، إيرين (Irene L Gendzier) كتاباً بعنوان الرؤى العملية ليعقوب صنوع. قدمت فيه نفس الفرضية التي يسوقها لنا الدكتور مستيان ككشف علمي جديد حيث تقول في الصفحة 40 ما نصه : " الأمر الذي أثار الكثير من الاهتمام حول مكانة صنوع في تاريخ المسرح العربي. ربما لم يكن ذلك الثوري كما أراد لنا البعض أن نعتقد، ولكنه وباستخدامه للمحلية الدارجة والمواضيع المحلية، يكون صنوع قد تحدى الطبيعة الفنية الغريبة لتقاليد الخشبة المسرحية في مصر والتي كانت تحتكر اﻻنتاج المسرحي".

مستيان بدوره يقدم نفس النتيجة في ختام بحثه بأن ميزة مسرح صنوع تكمن في استخدامه للعامية بدلاً من الفصحي والمواضيع المحلية بدلاً من المواضيع التاريخية التي كانت تصر عليها المؤسسة الرسمية الراعية للمسرح في زمن الخديوي،( نفس الفرضية موجودة في كتاب الدكتورة غندزير المذكور). ويفترض مستيان من خلال تقديم سيناريوهات بعيدة عن منهجية البحث العلمي أن هذا الشيء كان السبب في توقف الدعم عن مسرح صنوع، الأمر الذي أدى لترك صنوع لمصر وهجرته منها.

من خلال قراءتنا لبحث الدكتور مستيان نجد أن ادعاؤه البحث وتنقيح بدايات المسرح في عصر الخديوي معتمداً على مصادر أرشيفية من صحف تلك الفترة ادعاء باطل بالكامل حيث يظهر أن كل ما قام به هو عملية (إعادة تدوير) لما سبق وقدمه سادجروف. وأنه لم يقم بتقديم أي شيء جديد، على الإطلاق. بل سرق فرضية غندزير بشكل غير لائق علمياً. الأمر الذي يثير حيرة أي باحث أكاديمي ويشكك في القيمة العلمية لمجلة عريقة توافق على نشر هكذا بحث. 

كان هذا ملخصاً لما جاء في بحث ميستيان في 2014. لكن وكما يتبين لنا لم تكن هذه هي المحاولة الأولى للهجوم غير الأخلاقي ولا الموضوعي على جهود الأستاذ الدكتور سيد علي إسماعيل. فقبل ذلك وفي عام 2008 صدر كتاب بعنوان: (conflicted Antiquities, Egyptology, Egyptomania, Egyptian Modernity) ، لمؤلفه إليوت كوللا- Eliott Colla ، حيث يتناول الكاتب وهو أستاذ مشارك في جامعة جورج تاون ورئيس قسم الدراسات الإسلامية والعربية كتاب الدكتور سيد علي اسماعيل على اعتبار "أنه كتاب ينضح بالعنصرية ومعاداة السامية" كما أسماها، وهذه التهمة الجاهزة تلقى صدى سلبياً في أذهان الغرب وتجعلهم يرفضون أي رأي يصدر عن الشخص الذي يُتهم بها، ويبدو أن هذا ما يقصده الدكتور كوللا، فهو كغيره فشل فشلاً ذريعاً في الرد على ما قدمه كتاب المحاكمة من أدلة، وفي هذا الصدد يقول كوللا: " لاحظت دراسة حديثة أن هناك نقصاً في المصادر التي تدعم وجهة نظر صنوع بأنه موليير مصر، ففي كتاب سيد علي إسماعيل محاكمة مسرح يعقوب صنوع، وعلى الرغم من الهجوم الصاخب المعادي للسامية، إلا أن الكاتب يقدم إشكالية فيلولوجية حقيقية، فحتى تاريخ ظهورها لا يوجد أي شاهد عيان على أن مسرحيات صنوع قد عرضت على المسرح. وعلى الرغم من أن دوافع الناقد ( د.سيد ) بغيضة- تتمثل في أن يُطهر الريادة المسرحية في مصر من أي أصل يهودي-  إلا أنه يقدم إحتمالية فرضت نفسها عليه بشكل إجباري وهي أن حوارات صنوع (المحاورات) كانت أكثر ملاءمة لغرض القراءة منها لغرض التجسيد على المسرح". هذا الإقتباس من كتاب كوللا ص 301، وهو يا سيد كولا بالمناسبة اقتباس بغيض للغاية ولا يعبر عن أي وجهة نظر علمية تستحق الاحترام. 

ننتقل إلى موقع إلكتروني بعنوان http://www.egyptophiliabooks.com/periodicals.htm والذي يقدم مجموعة من الكتب التي تتناول موضوع يعقوب صنوع بما في ذلك المطبوعات الخاصة (بصحف) أبي نظارة نفسه. وكتب كل من عبدالحميد غنيم، وإيرين غندزير الذي سبق وأشرنا إليه، وكتاب نجوى إبراهيم فؤاد (نجوى عانوس) حيث يكتفي الموقع بالحديث عن شكل الطبعة وعدد الصفحات بالإضافة إلى تصميم الغلاف الخارجي ولونه لكل منهم. أما عند الحديث عن كتاب الدكتور سيد علي إسماعيل محاكمة مسرح يعقوب صنوع فيقدم الموقع الشرح التالي: " أحدث ما نشر عن أبو نظارة. هجوم خبيث معادي للسامية، ودراسة مثيرة للخلاف عن 'يعقوب بن صنوع' استنتجت أن الرائد الحقيقي للمسرح العربي كان سليم النقاش وليس أبو نظارة"، ثم يضيف الإقتباس الذي أوردناه سابقاً من كتاب غندزير في سبيل الرد على طرح الدكتور سيد علي. مع العلم أن الدكتورة غندزير أصدرت كتابها عام 1966 ولم تكن قد إطلعت على الحجج والبراهين التي ساقها الدكتور سيد في كتاب المحاكمة، وربما لو اطلعت عليها لخرج كتابها بشكل آخر.

وهنا نلاحظ مرة أخرى غياب الأسلوب العلمي والاستعاضة عنه بالتحول لاسطوانة الردح الغربية المعتمدة على توجيه تهمة معاداة السامية. ونسوا أن فكرة معاداة السامية إنما هي فكرة وميزة أوروبية بحتة، ولا يجوز استخدامها في الحديث عن العرب ونحن ساميون أصلاً. ولكننا نتفهم بالوقت نفسه أن هذا النوع من الخطاب إنما يتم توجيهه للمتلقي الغربي الذي كما سبق وأشرنا، يرفض تقبل أية فكرة تصدر عن شخص يتهم بهكذا تهمة. كما ونلاحظ استخدامهم لاسم "يعقوب بن صنوع" وهو الإسم الذي لا تجده تقريباً في أي مكان آخر، وذلك للإيحاء بالأصل العربي لهذا "المبدع المسرحي" الذي يتعرض لمؤامرة من قبل أعداء السامية كما يصوروه للمتلقي الأجنبي.

في الوقت نفسه وجدنا تغطية بالإنجليزية في عام 2001 لكتاب الدكتور سيد علي اسماعيل محاكمة مسرح يعقوب صنوع نشرت في الموقع الإلكتروني للأهرام الأسبوعية (Al-Ahram Weekly  On-line, 10 - 16 May 2001, Issue No.533 ) في نفس الفترة التي صدر فيها الكتاب. فكيف تقدم الأهرام الأسبوعية هذا الكتاب؟ علماً بأنها تقدمه من ضمن قائمة كتب أخرى صدرت في تلك الفترة، يكتب عنها (محمود الورداني)، والذي يبدأ بالتعريف بطبعة الكتاب ثم يضيف: " من المعروف بشكل واسع أن الكاتب المصري يعقوب صنوع يعد واحداً من أهم الشخصيات المسيطرة على المسرح العربي منذ 1870. في الكتاب المقدم - يقصد كتاب المحاكمة - يقوم الناقد سيد إسماعيل علي بمعارضة هذا التوجه، مفترضاً بالمقابل أن يعقوب صنوع لم يكن إﻻ مجرد أسطورة اختلقت من قبل يعقوب صنوع نفسه. وللوصول إلى هذه النتيجة قام علي بمراجعة وثائق مختلفة تتعلق بالمسرحي الرائد، مراجعاً النصوص المنسوبة إليه - صنوع- ومقارناً إياها بكتب ومذكرات صدرت في زمن عرف فيه صنوع ككاتب. من خلال ذلك يقدم فرضيته بأن نصوص صنوع قد كتبت من قبل شخص آخر. ربما كاتب شبح. استنتاج علي كان صادماً ومفذلكاً: صنوع في الحقيقة لم يكتب مسرحيات، ولم يساهم في المسرح، وسمعته اللاحقة ليس لها أي أساس؛ علاوة على ذلك كانت شخصية صنوع كيهودي وماسوني هي ما ساعدته على ممارسة هذه الخدعة. على الرغم من كل ذلك، فإن م يؤسف له هو أنه لم يتصد أي ناقد آخر ﻻستنتاجات علي. سيما وأن قيمة هذا الكتاب تعتمد على الردود التي يمكن أن يثيرها".

في البداية وقبل أن أقرأ أين كتب هذا التعريف بالكتاب، وأين نشر توقعت على الفور أن يكون أي شيء إلا عربي ومن نفس بلد الكاتب، عندما قرأت هذا الإقتباس عرفت أن الكثيرين ممن كتبوا يهاجمون كتاب المحاكمة ويتهمون العالم الدكتور سيد علي اسماعيل بشتى أنواع التهم المضحكة وغير العقلانية إنما هم مدفوعون بدوافع لا علمية ولا موضوعية ولا تخلو من النزعة، وليس هذا فحسب بل أنهم لم يقرؤوا الكتاب أو لم يقرؤوه بما يستحق من العناية والدراسة والتركيز.

 من كل ما سبق نلاحظ أن الأستاذ الدكتور سيد علي إسماعيل تعرض لحملة تشويه منذ بداية صدور كتابه وحتى الآن، دون أن يجد من يقف إلى جانبه في حمل قضية أكبر بكثير من أن يحملها رجل واحد، فيما تتناوب مجموعة كبيرة من الباحثين في مؤسسات أكاديمية وبحثية عريقة وقوية ميزانيات جامعاتها تعادل بل وتفوق ميزانيات معظم دولنا العربية ورغم ذلك لم يتمكنوا منه حتى يومنا هذا، فهل نبقى صامتين وهو يتعرض لحملة تشويه واتهامات باطلة تطال مصداقيته العلمية دون دليل، بعد أن يئسوا من الرد على حججه بشكل علمي .

 

(د.مؤيد حمزة): دكتور فنون مسرحية، مخرج، مربي ممثل، دراماتورغ- الأردن

المصدر: موقع نادي الجسرة الثقافي الاجتماعي http://www.aljasraculture.com/?c=6977 موقع الفرجة للفنون العربية للإعلامية بشرى عمور http://www.alfurja.com/12/?p=9224
sayed-esmail

مع تحياتي ... أ.د/ سيد علي إسماعيل

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 307 مشاهدة

ساحة النقاش

أ.د سيد علي إسماعيل

sayed-esmail
أستاذ المسرح العربي بقسم اللغة العربية - كلية الآداب جامعة حلوان »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

826,372