وثائق طه حسين المجهولة

د. سيد علي إسماعيل

عزيزي القارئ .. أشعر بابتسامتك الساخرة، عندما قرأت عنوان المقال! وأكيد تسأل الآن: هل ما زالت هناك معلومة واحدة مجهولة عن طه حسين لا نعرفها؟! وربما تتعجب وتقول: احتمال توجد معلومة مجهولة؛ ولكن هل توجد وثيقة مجهولة عن طه حسين؟! وأمام هذا السؤال، سأجيبك قائلاً: نعم هناك وثائق ومعلومات مجهولة عن "طاهر حسين"!! أكيد أنت الآن ستقرر قلب الصفحة، ولن تستمر في القراءة؛ لأنني أخطأت في كتابة اسم طه حسين، وذكرته باسم "طاهر حسين"، وأنت تقول في نفسك الآن: كيف أقرأ عن وثائق مجهولة لطه حسين، وكاتب المقال لم يكتب اسمه بصورة صحيحة!! عزيزي القارئ .. ما لا تعرفه أن الدكتور طه حسين اسمه الحقيقي "طاهر حسين علي"!! هل ما زلت لا تثق في معلوماتي؟! عموماً هيا بنا نقرأ المجهول عن طه حسين في ذكرى وفاته الخامسة والأربعين، التي تحل في هذا الشهر!!

في عام 1996 أصدرت كتابي الأول "إسماعيل عاصم في موكب الحياة والأدب"، وهو عن شخصية أدبية مسرحية مجهولة، نجحت في تجميع معلوماتها من دار المحفوظات العمومية بالقلعة، وتحديداً من ملفات قلم الوزارات؛ ولأن تصريح الاطلاع كان لمدة سنة، فاستطعت أن أجمع كماً لا بأس به من معلومات عن بعض المشاهير، ومنهم كان الدكتور طه حسين. وعندما طلبت الاطلاع على ملفه، وجدته ملفاً ضخماً جداً فارغاً من كل الوثائق سوى وثيقتين فقط، وكافة وثائقه غير موجودة في الملف، على الرغم من أن الملف كانت به مئات الوثائق، حسب الفهرس المرفق بالملف. وعندما اطلعت على ملفات بعض المشاهير الآخرين، وجدت بعض الوثائق الخاصة بهم موقعة من طه حسين، أو مذكور فيها اسمه. وهذا الموضوع احتفظت به منذ عام 1996، ولم أنشره من قبل، وهذا من حسن حظ جريدة القاهرة، التي لها السبق في ذلك!!

ملف طه حسين

هذا الملف محفوظ في إدارة الوزارات بدار المحفوظات العمومية بالقلعة تحت رقم 52738 ومحفظة رقم 4990. ويشتمل على وثيقتين: الأولى كشف عن خدماته المحسوبة في المعاش، الذي أحيل إليه في 16 أكتوبر 1944 عن عمر 55 سنة، وكان يشغل وظيفة مستشار فني بوزارة المعارف، بناء على مرسوم ملكي. وكان يسكن في 3 شارع البارودي بالزمالك، ومعاشه 75ج. والوثيقة تحمل معلومات مهمة، منها: أن اسمه الحقيقي "طاهر حسين علي"، الذي غيّره بحكم المحكمة الشرعية إلى اسمه الشهير طه حسين. أما الوظائف التي تقلدها، واستحق عليها المعاش، فكانت: طالب بعثة من عام 1914 إلى 1919، ومن عام 1919 إلى 1925 بالجامعة المصرية القديمة، ومساعد مراقب بوزارة المعارف من عام 1925 إلى 1932، وتم فصله لأسباب سياسية من عام 1932 إلى 1934. ومستشار فني بوزارة المعارف من عام 1934 إلى 1944.

أما الوثيقة الأخرى في ملفه الرسمي، فهي "إقرار الذمة المالية" بتاريخ 4 أكتوبر 1952، وقد تسلمه محمد ثابت السكرتير العام لمجلس الوزراء. والبيانات الموجودة عليه، هي: اسم المقر: الدكتور طه حسين، اسم الأب والجد: المرحوم الشيخ حسين علي، الجنسية: مصري، الوظيفة: عضو شيوخ وكاتب، السن: 63 سنة، الدرجة والمرتب: أستاذ في الجامعة بمرتب 1300ج سنوياً، الدرجة والمرتب وقت تحرير الإقرار: معاش وزير 125ج في الشهر وكذلك مكافأة من المجمع اللغوي 20ج شهرياً، تاريخ دخوله الخدمة: 1914، تاريخ إنهاء الخدمة 1952، تاريخ الزواج: 1918.

وداخل الإقرار كتب طه حسين في خانة المنقولات ذات القيمة مبلغ 828ج مودعة في بنك مصر، وهي ادخار من مرتبه ومكافآت وتأليف كتب وكتابة مقالات. أما حرمه فكتبت – في الإقرار نفسه – أنها تمتلك مجوهرات خاصة قيمتها نحو 600ج، وتمتلك في بنك مصر مبلغ 3778ج مهداة من زوجها الدكتور طه حسين، ومصدر هذا المبلغ: 1500ج من تصفية مجلة الكاتب المصري، و1000ج جائزة فؤاد الأول للآداب، و300ج بدء تعاقد على فيلم مع الأستاذ فريد الأطرش [وهو فيلم "دعاء الكراون"]. وفي خانة الأسهم، كتب طه حسين إنه يمتلك خمسة أسهم حرير صناعي قيمة السهم 4ج، وزوجته تمتلك 7 أسهم قرض وطني قيمة السهم 700ج. وفي خانة بوالص التأمين كتب طه حسين إنه مؤمن على سيارته بمبلغ 600ج، وعلى منزله ضد الحريق والسرقة بمبلغ 4000ج. وفي خانة البيانات الأخرى، كتب طه حسين إنه يمتلك أثاثاً منزلياً بنحو 2000ج، وعربة بويك بمبلغ 600ج. وفي نهاية الإقرار وقع طه حسين بخاتمة وكذلك وقعت زوجته بالحروف اللاتينية.

ولعل البعض يسأل: ما قيمة هذا الإقرار بالنسبة لنا أو بالنسبة لطه حسين؟ الإجابة تتمثل في أن هذا الإقرار به كل ما يمتلكه طه حسين، عندما أحيل إلى المعاش؛ بوصفه وزيراً للمعارف، مما يعني إنه كان يعيش مستوراً، ولم يكن ذا ثراء فاحش، كما قالوا عنه بعض المغرضين!! وأتذكر بهذه المناسبة أن أحدهم – منذ عشرين سنة - بُهت عندما أخبرته بما في هذا الإقرار من معلومات، بعد أن كان متحمساً لمعرفة ما فيه، ظناً منه أنه سيجد أي دليل يشير إلى ما قالوه عن طه حسين بأنه جمع ثروة طائلة لا يعرف أحد مصدرها!!

ملف محمد صبري

ملف هذا الرجل محفوظ تحت رقم 909 ومحفظة رقم 1230، وربما أغلبنا لا يعرفه فيسألني: ما علاقة طه حسين بهذا الرجل؟! وبدلاً من الإجابة، سأنقل لكم نص خطاب – محفوظ في ملفه - أرسله إلى وزير الداخلية في 27 مارس 1940؛ تحدث فيه عن أهم جوانب حياته وسبب ذكره لطه حسين - قائلاً: "حضرة صاحب المقام الرفيع وزير الداخلية. أتشرف بتقديم طلبي هذا راجياً أن تشملوه برعايتكم العالية. وهو يتلخص في ضم مدة دراساتي العليا في باريس من سنة 1913 إلى سنة 1924 إلى مدة معاشي وذلك أسوة بزميلي الدكتور طه حسين بك. وتأييداً لهذا الطلب أتشرف بعرض ما يأتي وهو موجز حياتي العلمية والإدارية. سافرت إلى باريس في سنة 1913 وفي أثناء تحضيري الليسانس كانت الجامعة قررت ضمي إلى أعضاء بعثتها ولكن ظروفاً طارئة حالت دون ذلك. وقد حصلت على الليسانس في الآداب سنة 1919 ليسانس التعليم التي تحتم درس اللغة اللاتينية ثم انقطعت بعد ذلك لتحضير الدكتوراه والتحقت بالوفد المصري سنتين ألفت في أثنائهما كتابين عن "الثورة المصرية" مصدرين بمقدمتين من أستاذي مؤرخ الثورة الفرنسية أولار. وبعد إعداد الوثائق المختلفة في مصر وباريس ألفت رسالة عن "تاريخ الروح الوطنية المصرية" - ورسالة أخرى إضافية نلت بهما في سنة 1924 دكتوراه الدولة في الآداب فكنت أول مصري نالها وقد فتحت بها للمصريين بعدي باباً كان مغلقاً. وفى سنة 1924/1925 عينت أستاذاً بالمعلمين العليا وعضواً بالمكتب الفني بالمعارف وفي سنة 1925/1926 أستاذاً مساعداً بالجامعة وفي سنتي 1926/1927 و1927/1928 أستاذاً بدار العلوم. وقد اشتغلت أثناء إقامتي في هذه المعاهد بالأدب والتاريخ فأصدرت موجزاً لتاريخ مصر الحديثة وتاريخاً للثورة الفرنسية. وكتاب أدب وتاريخ واشتغلت في الوقت نفسه في دار السجلات بالقلعة حتى حصلت على مستندات تاريخية هامة منها ومن مصادر خاصة ورحلت من مصر سنة 1929 في أجازة من غير مرتب لإصدار "الأمبراطورية المصرية في عهد محمد علي" بعد استيفاء البحث في دور سجلات وزارات الخارجية بباريس ولوندرا [لندن] وفينا - وقد صدر الكتاب في سنة 1930 في 600 صفحة من القطع الكبير. وفي سنة 1933 أصدرت "الأمبراطورية المصرية في عهد إسماعيل" في 600 صفحة من القطع الكبير مدعماً بالوثائق المستقاة من المصادر عينها. وقد كلفني هذان المجلدان تضحيات كثيرة مالية لا تقل عن ألفي جنيه ولكن كان لي بعض العزاء فيما لقياه من تقدير في الأوساط العلمية في مصر وأوربا. وللتمكن من الاستمرار في أبحاثي عينتني وزارة المعارف مديراً للبعثة المصرية في جنيف (1934-1937) وقد هيأت لي فرصة التجوال في سويسرا وفرنسا وإيطاليا زيارة المتاحف المختلفة والتبسط في دراسة الفنون الجميلة وتكوين مجموعة فنية من الصور والتحف القيمة. وإني أعد للطبع تاريخ "الأمبراطورية المصرية من عهد توفيق إلى سنة 1900" وأعد في الوقت نفسه تاريخاً مفصلاً للسودان وستصدر هذه الكتب كلها بالعربية فيما بعد. وبالجملة قطعت في باريس المدة التي قطعها زملائي أساتذة الجامعة القديمة دون أن أكلف الحكومة شيئاً ثم استثمرت دراساتي إلى الحد الأقصى في الإنتاج من الساعة الأولى إلى اليوم. وقد عالج بعض كبار المؤرخين الأجانب الموضوعات التي عالجتها وكلفوا البلاد مالاً وفيراً دون أن يوفوا وجهة النظر المصرية أو التاريخية حقها. وإني لا أشك لحظة في أني سألقى الإنصاف على يدكم بإجابة مطلبي لتكون عوناً لي ومشجعاً على الاستمرار في العمل".

وفي الملف وثائق مهمة أخرى، تبين أن محمد صبري هو أول مصري وعربي يحصل على دكتوراه الدولة من السربون، والتي تؤخذ بعد تسع سنوات من الدراسة، بخلاف دكتوراه الجامعة التي تؤخذ بعد أربع سنوات، وهي الدكتوراه التي حصل عليها طه حسين!! كما أن الوثائق تقول إن محمد صبري أول مصري يحصل على شهادة غير مسبوقة، وغير مدرج راتبها ضمن رواتب الموظفين في مصر في تلك الفترة؛ لأن درجتها المالية تفوق جميع الدرجات لجميع الوظائف المصرية المتعلقة بقيمة الشهادات العلمية!! هذا بالإضافة إلى أن الوثائق تثبت أن أغلب رجال الدولة، كانوا يحبطون ويعرقلون كافة الأعمال المتعلقة بمحمد صبري، لصالح طه حسين، والدليل على ذلك أن مدة الدراسة أضيفت لسنوات خبرة طه حسين الحاصل على دكتوراه الجامعة، ولم تتم إضافتها لمحمد صبري الحاصل على دكتوراه الدولة!! ومن يقرأ وثائق ملف محمد صبري سيتعجب من مؤهلاته وخبراته وكتبه وكتاباته!! وكفى أن أقول: إن الدكتور محمد صبري هو صاحب الفضل الأول في كتابة أول رسالة دكتوراه في فرنسا تعيد الاعتبار للزعيم أحمد عرابي؛ بوصفه بطلاً وزعيماً قومياً، بعد ما أشيع عنه – طوال سنوات كثيرة – بأنه خائن وسبب الاستعمار الإنجليزي لمصر. وكفى أن لقب السربوني ظل وسيظل مقترناً باسم الدكتور محمد صبري، المعروف في التاريخ باسم "محمد صبري السربوني".

ملف شفيق غربال

في عام 1980 التحقت طالباً في الفرقة الأولى بكلية الآداب جامعة عين شمس، وأول محاضرة لي كانت في مدرج شفيق غربال، وهو أكبر مدرج في الكلية، وعلمت أن الدكتور شفيق غربال كان أستاذاً مرموقاً وشخصية شهيرة .. إلخ، لذلك أطلقوا اسمه على هذا المدرج تكريماً له. هذا الاسم وجدت له ملفاً تحت رقم 3507 محفظة 1776. وربما أغلبنا لا يعلم أن شفيق غربال هو أول أستاذ مصري يشغل وظيفة أستاذ في مادة التاريخ الحديث بالجامعة المصرية؛ والمؤكد أن الجميع لا يعرفون كيف حدث هذا، ومن السبب فيه!! وهنا يبرز اسم الدكتور طه حسين – بوصفه عميداً لكلية الآداب بالإنابة - الذي كتب خطاباً رسمياً في الخامس من سبتمبر 1929 إلى وكيل الجامعة المصرية، هذا نصه:

" حضرة صاحب العزة وكيل الجامعة المصرية. لما كان القرار الذي اتخذته وزارة المعارف بإعادة تنظيم مدرستي المعلمين العليا وما ترتب عليه من إلغاء السنة الأولى من هاتين المدرستين ابتداء من أكتوبر المقبل يستتبع كثرة الطلاب في أقسام الكلية وفي قسم التاريخ والجغرافيا بنوع خاص وهذا يستتبع زيادة هيئة التعليم في هذا العام. ومن حيث إن مادة التاريخ الحديث ليس لها إلا أستاذ واحد أجنبي يتغير من حين إلى آخر وقد يعسر أن تجده الكلية فلا بد من أن يكون في هذا القسم أستاذ مصري ثابت ليضمن سير الدراسة سواء أوجد أستاذ أجنبي أم لم يوجد كما هو الحال بالقياس إلى الجغرافيا في هذا القسم وكما هو الحال بالقياس إلى الأقسام الأخرى وكما ينبغي أن يكون الاعتماد دائماً على أساتذة مصريين يضمنون استقرار الدراسة واستمرارها بحيث يطلب إلى الأساتذة الأجانب أن يمدوا الكلية بما قد تحتاج إليه من تجديد ويحققون الصلة بينها وبين البيئات العلمية الراقية في أوربا دون أن يتعرض الدرس في الكلية لخطر إذا لم تتحقق هذه الصلة في وقت من الأوقات وفي مادة من المواد. لهذا أقترح مخابرة وزارة المعارف لسؤالها عما إذا كانت توافق على نقل الأستاذ شفيق غربال أستاذ التاريخ بمدرسة المعلمين العليا الأدبية إلى الكلية ليكون فيها أستاذاً مساعداً للتاريخ الحديث ابتداء من السنة الدراسية المقبلة على أن تعيرنا الوزارة درجته ومرتبه إلى أن تنشأ له هذه الدرجة في الكلية في السنة المالية المقبلة حتى إذا وافقت الوزارة على هذا اتخذنا الإجراءات القانونية لترشيحه بواسطة الكلية ثم مجلس الجامعة. وتفضلوا [خاتم] عميد كلية الآداب بالنيابة خاتم طه حسين".

إذن الفضل في دخول شفيق غربال الجامعة بوصفه أول مصري متخصص في التاريخ الحديث، يعود إلى طه حسين!! وبقراءة متأنية لوثائق ملف شفيق غربال، سيشعر القارئ بوجود غصة في نفس كل منهما ضد الآخر!! ولعلني أكون غير مصيب في ظني، لذلك سأذكر بعض ما وجدته في الملف يتعلق بطه حسين، وسأترك التفسير أو التبرير لمن كتبوا عنهما، ربما ما سأذكره يفيد في إعادة كتابة ما كُتب في الماضي عن شفيق غربال وطه حسين!!

وجدت في الملف خطاباً مؤرخاً في 4/5/1939 كتبه القائم بعمل عميد كلية الآداب - لأنه وقع عنه!! – إلى مدير جامعة فؤاد الأول، قال فيه: " أتشرف بإبلاغ معاليكم أن مجلس الكلية قد اجتمع في يوم الأربعاء 3/5/1939 ونظر في ترشيح ثلاثة من الأساتذة ليعين من بينهم حضرة صاحب المعالي وزير المعارف العمومية عميداً للكلية طبقاً للمادة (10) من القانون رقم 42 لسنة 1927 المعدل بالقانون رقم 20 لسنة 1933 وبالمرسوم بقانون رقم 96 لسنة 1935 بإعادة تنظيم الجامعة المصرية. وقد تم الاختيار بالاقتراع السري وكان عدد الحاضرين اثنين وعشرين عضواً وأسفر عن ترشيح حضرات الأساتذة: 1- الأستاذ الدكتور طه حسين بك ونال واحد وعشرين صوتاً. 2- الأستاذ الدكتور شفيق غربال ونال ستة عشر صوتاً. 3- الأستاذ الدكتور أحمد أمين ونال ثمانية أصوات. فنرجو التفضل برفع هذا إلى حضرة صاحب المعالى وزير المعارف العمومية. وتفضلوا".

وبنظرة سريعة سنجد أن طه حسين فاز في الاقتراع بإجماع الأصوات عدا صوت واحد، من المحتمل الأكيد إنه صوت شفيق غربال، المنافس الثاني له، وهو الذي رفع الخطاب بنتيجة الاقتراع؛ لأنه هو العميد بالإنابة!! والله وحده يعلم ما حدث في هذا الاجتماع، وما حدث في هذا اليوم!! لكن الوثائق تصرخ وتقول إن ضغوطاً مورست على طه حسين – أو تهديداً تعرض له – من أجل الاعتذار عن العمادة!! ففي اليوم نفسه 4/5/1939 كتب مدير الجامعة خطاباً إلى وزير المعارف بنتيجة الاقتراع، فكتب الوزير تأشيرة عليه، قائلاً: " من حيث إن حضرة الأستاذ الدكتور طه حسين بك قد اعتذر عن قبول منصب العميد لكلية الآداب بالخطاب المؤرخ 4/5/1939 وحيث إن حضرة الأستاذ شفيق غربال أفندي هو الذي حاز أكثرية الأصوات بعده، لذلك يعين الأستاذ شفيق غربال عميداً لكلية الآداب".

كما قلت: يعلم الله وحده ماذا حدث في هذا اليوم لإجبار طه حسين على كتابة خطاب الاعتذار عن تولي عمادة الكلية؛ ولكن الوثائق تقول إن طه حسين كتمها في نفسه، وردها إلى شفيق غربال – ولو بصورة معنوية – ففي عام 1942، عندما اجتمع مجلس الجامعة في ديسمبر 1942 لمناقشة اقتراح كلية الآداب بتعيين شفيق غربال أستاذاً للتاريخ الحديث بالكلية في وظيفة أستاذ بدرجته الحالية، وافق جميع أعضاء المجلس إلا واحد!! والموافقون هم: حسن إبراهيم حسن، عبد الرحمن الهادي، حسن رسمي، محي الدين بركات، محمد صالح، يوسف سليم، علي إبراهيم، سليمان عزمي، محمد صبري. أما الوحيد الذي كُتب بجوار اسمه "معتذر من إبداء الرأي" فكان الدكتور طه حسين!!

الخاتمة

أتمنى أن أكون قد أتيت بجديد عن طه حسين غير معروف لأغلب القراء، وأتمنى ألا أكون قد أثقلت عليكم بما كتبته عن طه حسين، وأتمنى أن أجد ترحيباً بهذا الموضوع، لأنني على استعداد لكتابة مقالتين قادمتين عن أمور أخرى تتعلق بالدكتور طه حسين في ذكرى وفاته الخامسة والأربعين، وهي أمور لا يعلمها أحد!!!

 

 

المصدر: جريدة القاهرة - عدد 954 - بتاريخ 30 أكتوبر 2018
sayed-esmail

مع تحياتي ... أ.د/ سيد علي إسماعيل

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 309 مشاهدة

ساحة النقاش

أ.د سيد علي إسماعيل

sayed-esmail
أستاذ المسرح العربي بقسم اللغة العربية - كلية الآداب جامعة حلوان »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

826,360