الأشـــعة
مربوطاً إلى السّرير الحديدي
دفعَه النوبتجي إلى قفصٍ مظلمٍ،
النوبتجي الذي صوّبَ العدساتِ
على مؤخرةِ يسارِ الجمجمة،
وضغطَ على الزِّر:
جاءت حدوتة مصرية، والراهب، ويوسف شاهين، وتجار الموالح، وكل هذا الجاز، ومدرسة عبد المنعم رياض، وسجن العبدلي، وصنع الطائرات الورقية، ونشأ وترعرع، والقنابلُ المضيئة، وسُرّةُ سيدة النبع، ونزيفُ زاهية، وعبس وتوّلي، ومسلسلُ الأيام، وقوارب الزناتي للصيّد في السحر، ونسوة يرتجلن عدودة حول ناعورةٍ، وجثة سامي المليجي في الرَّياح المنوفي، ومعتقلُ القلعة، وساهمُ الطرف كأحلام المساء، وإضاءة 77، وبقراتٌ طائراتٌ على أطراف الكازوارينا، ورعبُ المترجمات من المسحراتي، وكتاب النبي، ودفنُ عبد الغني سالم.
وحينما خرجَ من القفص،
لم يستطع أن يسأل:
هل هذا الفصُّ هو المسئولُ عن الشِّعر،
أم عن العواطف؟
لو أنه المسئولُ عن الشعر
فنداؤه للشعراء الجُدد:
الاعتناءُ بضمير الغائب،
ولو أنه المسئولُ عن العواطف
فنداؤه للجميلات:
أن يستجبنَ إذا تمَّني العاشقونَ
تمريرَ الأصابع بين الصّفا والمروة.
أيها الحكيمُ النوبتجي:
خذْ شريحةً من السيرة الذاتية،
وشريحةً من الذاكرة،
وشريحةً من آلة الفهم،
وأعطِ الشرائحَ كلَّها
للسّيدةِ التي تبكي في البهو
وبلِّغْها السلامْ.