المرقص الدائر
وان أنس لا أنس يوم التقينا = هنالك في المرقص الدائر
على ربوة تلتقي في السماء = ذراها مع القمر الزاهر
طلعت كما تطلع النيرات = على المدلج التائه الحائر
بعثت ضياءك في ظلمتي = فطاح بِستر الدجى الساتر
ورقرقتِ نورك في مقلتي = وأضرمت نارك في سائري
وذكرتني وثبات الشباب = وما كان في أمسي الدابر
مزجت دموع الأسى بالمنى = وأغرقت فيما مضى حاضري
ولما دعاني اليك الهوى = أجبتُ دعاء الهوى الآمر
وسلمت للقدر القاهر = وللأسر في جنة الآسر
فيا لَلْمُعِزّ ... ويا للمذل = ويا للميت ... وللناشر!
* * *
ولما تهيأتِ للرقص هبت = نسائم عدن على السامر
فاذ بالعيون جميعا تطل = على عالم فاتن ساحر
واذ بالقلوب جميعا تدق = على نغم العازف الزامر
واذ بفؤادي المعنى يرفّ = على نبعك المائج المائر
يصفق في أضلعي كلما ... = دنوتِ .. ويرقص كالطائر
ألم تسمعي وسط هذا الزحام = نشيد الجوى الساكن الثائر؟
أم ان ضجيج الحياة أضاع = نشيدي في صاخب زاخر؟!
* * *
وأبصرتني من بعيد أناجي = جمالك في نشوة الشاعر
أتابع خطوك أنَّي اتجهتِ = وأنَّي عبرت مع العابرِ
كأنك وحدك في ناظري = لأنك وحدك في خاطري
فأومأتِ ايماءة النافر = وأغفيتِ اغفاءة الغافرِ
ولاح بعينيك لمع خفيّ = كما لمع الآل للناظر
فقلت لقلبي ..أعطْفٌ اراه = بعينيك أم لفَفْتةُ الزاجر؟!
وهذا وميض الرضا الغامر = أم السُخر في مقلتيْ ساخر؟!
ولمح الحبيب الرحيم تبلـ = ـج أم ومضة الفاتك الظافر؟!
ومرت عليّ الليالي الطوال = وأول نجواي كالآخر!
لئن كان حبك لمع السراب = فلستُ على الدهر بالخاسر
ألم أكُ من قَبْللُ في عالم = فأصبحتُ في عالم آخر؟!!
شعر: عبد الحميد السنوسي