أَنــا ضـائِعِي فـي كُـلِّ يَـومٍ.. وخـابِئِي
صَـديقِي, وأَعـدائِي, جِرَاحِي, وناكِئِي
.
أَنـا حـاطِبُ الـنارِ الـتي أَنـضَجَت دَمِي
ودَمـعِـي, وأَهـدَتْـنِي إلــى كُـلِّ قـارئِ
.
أَنــا حـامِـلُ الـكِـيْرِ الـذي بِـيْعَ مِـسْكُهُ
رَمَـــادًا, ونـــارًا جَـمـرُهـا غَـيـرُ دافِــئِ
.
عـلى ذَيـلِ هـذا الـلَّيلِ رُوحِـي تَرَمَّدَت
فــلا تَـسـأَلُونِي عَـن رِجـالِ الـمَطافِئِ
.
كَمَا يَشهَقُ المَطعُونُ نادَيتُ: يااا دَمِي
تَـرَيَّـثْ.. ويــا قَـلبُ الْـتَفِتْ غَـيرَ عـابِئِ
.
ونَـافَـحْـتُ بـالأَنـفاسِ حـتـى قَـبَـضْتُها
ولـكـنَّ خَـلـفَ الـنَّـارِ مَــن لَــم يُـبَاطِئِ
.
يَــقُــولُـونَ إنَّ الـــــدَّاءَ لِــلــدَّاءِ نــافِــعٌ
فَــمَــن ذا يُـدَاوِيـنِـي بـــدَاءٍ مُــنَـاوِئِ!
.
ثَـلاثِـينَ صَـيـفًا مِــتُّ.. فــي كُـلِّ لَـيلةٍ
وأَقـبَـلْتُ مِـنـها شـاكِـيًا نِـصـفَ هـازِئِ
.
ثَـلاثِـينَ صَـيـفًا مِـتُّ.. عَـن كُـلِّ راحِـلٍ
وآتٍ.. وعَـــن كُـــلِّ احـتِـمـالٍ وطــارِئِ
.
ثَـلاثُـونَ أَلـقَـت بــي ومَـرَّت.. ولَـم أَزَل
أُدَارِي بَــقَــايـاهـا بِــصَــبـرٍ مُــمَــالِـئِ
.
مِـن الـماءِ حـتى الـماءِ سافَرتُ حامِلًا
تُــرَابـي وأَتــرابـي ومــائِـي وظـامِـئِي
.
وهـا عُـدتُ مَحمُولًا على اللَّيلِ لا أَرَى
جِـرَاحِي، ومـا لِـي صـاحِبٌ غَيرُ بارِئِي
.
وبـي مِـن جُـنُونِ الـشِّعرِ مـا اللّهُ عالِمٌ
بــهِ, غَـيـرَ أَنَّ الـشِّـعرَ ظِــلُّ الـمَـبَادِئ
..
.
.
.
عـلـى ذَيــلِ هــذا الـلَّيلِ رِيـحٌ عَـقِيمةٌ
ورُوحٌ نَـــأَت عَـنـهـا حِــبَـالُ الـمَـرَافِـئِ
.
إِلَـى أَيـنَ يَمضِي اللَّيلُ؟! لا ثَمَّ مَوطِنٌ
يُـنَـادَى, ولا صَــوتٌ لِـشَوقِ الـمَلاجئِ
.
بِـمَـن أُكـمِـلُ الـتّـرحالَ والـقَلبُ قـاربٌ
قَـدِيـمٌ.. وصَـبـرٌ مُـبـحِرٌ دُونَ شـاطِـئِ!
.
بــلادِي الـتـي مِـثلِي أَضَـاعَت بـلادَها
رَمَـاها لِأَهـلِ الـسُّوءِ أَهـلُ الـمَسَاوِئِ
.
وهَـاجَت عَـليها الـحَربُ مِن كُلِّ صائِبٍ
يَـرَاهـا بــلا أَهــلٍ.. ومِـن كُـلِّ خـاطِئِ
.
لَـقد ذُقـتُ مـا يَـكفِي مِن الصَّبرِ بَعدَها
ولاقَــيـتُ مــا لاقَـتْـهُ مِــن غَـيـرِ دارِئِ
.
لَـها فِـي دَمِـي طِـينٌ, ولِي في تُرابها
دَمٌ يُــوقِـظُ الــذكـرى بـمَـوتٍ مُـفـاجِئِ
.
رَمَــت بـي عـلى لَـيلٍ أُجَـاجٍ ولَـم أَزَل
إِلــى الـيَـومِ أَطــوِي جِـيْـدَها بـاللَّآلِئِ
.
هِـيَ الأُمُّ.. مَـهما شَـحَّ بالجُودِ غَيمُها
فَـجَـنَّاتُ عَــدْنٍ مِـنـهُ تَـحتَ الـمَوَاطِئِ
.
إِذا كَــافَــأَتْ يَــومًــا رُفَــاتِـي بـدَمـعَـةٍ
وإِلَّا فَــكَـم كــافَـأْتُ مَــن لَــم تُـكَـافِئِ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يــــــحـــــيـــــى الــــــحـــــمـــــادي

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 67 مشاهدة
نشرت فى 25 مايو 2016 بواسطة samrasamra

مجلة سيريانا للأقلام المبدعة الإلكترونية

samrasamra
»

سمرا

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

25,541