آفــــــــــــــاق

الموقع خاص بالكاتب ويتضمن إنتاجه الأدبى المنشور

<!--

<!--<!--

شخصيات خيالية

روبنسون كروزو- طائش تهذبه الحياة البرية

محمد أمين

     كان البريطاني "روبنسون كروزو"  دائما ما يتشوق للرحلة، دون أن يقدر متاعب وأخطار السفر في البحر. وما أن بلغ الثامنة عشر من العمر حتى هرب من بيته، ثم راح يركب السفن ويتجول بين بلدان الدنيا. ورغم ما صادف من أخطار وأهوال تهدد حياته، ظل يواصل السفر حتى اضطر للإقامة كالسجين وحيدا. فبينما كان يسافر من البرازيل إلى شواطئ أفريقيا، هبت العاصفة في البحر لثلاثة أيام متوالية. وبعدما تحطمت سفينته وغرق كل رفاق رحلته، ألقت به الأمواج ليعيش بمفرده- ما يقرب من الثمانية وعشرين عاما، في جزيرة موحشة ومنعزلة.

    تروي كتب التاريخ: أن قبطان إحدى السفن البريطانية قرر أن يعاقب واحدا من بحارته، كان سيئ الخلق ودائما ما يتحرش بزملائه. وحتى يدرك البحار بنفسه خطأ تصرفه، ألقى به القبطان- عام 1705م، على إحدى الجزر الخالية من البشر في المحيط الأطلسي. وعاش البحار طوال أربع سنوات بين حيوانات ووحوش الجزيرة وحيدا. وبعد عشر سنوات من تلك الحادثة الحقيقية، استلهم منها الروائي الإنجليزي "دانييل ديفو" أحداث روايته- "روبنسون كروزو"، التي قلما نجد بأنحاء العالم من لم يقرأها، أو يشاهد أحداثها الشائقة بأحد الأفلام السينمائية.

     بعد ثلاثة أيام من الفزع والخوف بين مياه وأمواج البحر، وجد "روبنسون كروزو" نفسه على إحدى الجزر المهجورة وحيدا، لا يرى غير حطام سفينته الذي علق برمال الشاطئ، وبعض قبعات رفاقه الطافية فوق سطح الماء. ورغم سعادته بالنجاة من الغرق، سرعان ما بدأ يدرك ما يهدد  حياته. كان يؤلمه الجوع والعطش، ولم يكن يحمل غير مدية صغيرة لا تفيد في صيد أو مواجهة عدو. ومثلما كان يعيش الإنسان البدائي في سابق عهده، راح يواجه أخطار الطبيعة بمفرده، ويبتكر من الوسائل والأدوات ما يستطيع بها أن يؤمن نفسه ويوفر طعامه.

     كان على "كروزو" أن يحمي في البداية نفسه من مهاجمة الحيوانات المفترسة. وقبل أن يهبط الليل وتحيطه الظلمة، أخذ يتسلق كالقردة جذع إحدى الأشجار ليختفي بين أغصانها جائعا مضطربا. وحين أشرق الصبح راح يبحث بين حطام سفينته عما يصلح لطعامه، كما أخذ ينقل إلى اليابسة بقايا قماش الأشرعة وبعض ألواح السفينة الخشبية. وكان أفضل ما عثر عليه صندوقا صغيرا- يحوي بعض الأدوات، التي لولاها ما استطاع أن يقيم بيته أو يدبر شئون حياته.

     استخدم "كروزو" ما عثر عليه من أدوات وأقام بقماش أشرعة السفينة خيمة، تقيه المطر وحرارة الشمس، وترد عنه الوحوش المفترسة. وبمرور الوقت أخذ يحفر بأحد تلال الجزيرة كهفا، أحاطه بسياج من ألواح خشبية حتى يكون أكثر راحة وأمنا. وبعدما دفعه الجوع لمطاردة الحيوانات أتقن الصيد،وتعلم كيف يستأنس ويربي بعض ما كان على الجزيرة من عنز. ولما أنبت المطر بجوار كوخه بعض حبات القمح، اكتشف الزراعة وبدأ يمهد لتوفير طعامه حقلا. ثم راح يصنع آنية من الطين، عرف بالتجربة أن حرقها في النار يجعل منها فخارا صلبا.

     خلال رحلاته الطائشة اختطف القراصنة  "روبنسون كروزو" واتخذوه عبدا لفترة، كما تعرض لأكلة لحوم البشر وقطعان الذئاب المفترسة. وفقط بدأ يتخلص من طيشه حين اضطر للعيش وحيدا بطريقة بدائية. لما انفرد بنفسه وراح يعمل فكره، بدأ يدرك نعمة ما كان فيه من استقرار وهدوء. وحينئذ شاءت الأقدار أن تمر بجزيرته إحدى السفن صدفة. وحين عاد لوطنه اكتشف أن العالم قد تغير من حوله. كان قد رحل عن الدنيا والداه والكثير من أصدقائه وأقاربه. ورغم شعوره بأنه أصبح غريبا ووحيدا، كان يدرك أنه كسب أخيرا نضج عقله وسلامة فكره.

مجلة ماجد

samibatta

أهلاً ومرحباً بك عزيزى القارئ .. أرجو ألاّ تندم على وقتك الذى تقضيه معى ، كما أرجو أن تتواصل معى وتفيدنى بآرائك ومناقشاتك وانتقاداتك ..

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 111 مشاهدة
نشرت فى 2 سبتمبر 2014 بواسطة samibatta

ساحة النقاش

سامى عبد الوهاب بطة

samibatta
أهلاً ومرحباً بك عزيزى القارئ .. أرجو ألاّ تندم على وقتك الذى تقضيه معى على صفحات هذا الموقع .. كما أرجو أن تتواصل معى بالقراءة والنقد والمناقشة بلا قيود ولا حدود .. ولكل زائر تحياتى وتقديرى .. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

97,950