الفصل التاسع
<!--
<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Table Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-priority:99; mso-style-qformat:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0in 5.4pt 0in 5.4pt; mso-para-margin:0in; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:11.0pt; font-family:"Calibri","sans-serif"; mso-ascii-font-family:Calibri; mso-ascii-theme-font:minor-latin; mso-fareast-font-family:"Times New Roman"; mso-fareast-theme-font:minor-fareast; mso-hansi-font-family:Calibri; mso-hansi-theme-font:minor-latin; mso-bidi-font-family:Arial; mso-bidi-theme-font:minor-bidi;} </style> <![endif]-->
كانت المدينة التالية هى مدينة صور ويحكمها ملك اسمه العابد لما وصل إليه جيش حمزة آثر العناد وتحصن بحصون مدينته المنيعة ، ولم يكن هناك من سبيل لاقتحام تلك الحصون وطلب حمزة من عمر أن يجد له حلاً ولعبت الظروف دوراً كبيراً إذ كان للملك زوجة مؤمنة ووزير مخلص تعرضا للإهانة والاضطهاد من الملك فذهبا إلى حمزة وعرضا عليه المساعدة بمعرفتهما طريقاً لدخول المدينة عن طريق البحر وهو ما حدث واقتحم الجيش المدينة وملك عليها حمزة الوزير وأوصاه بالعدل بين الرعية وجمع له الوزير الخراج وأخذ الإيصال ومضى حمزة إلى مدينة عكا وكانت تحت حكم ملك من الفرسان الصناديد يدعى قاهر الخيل ورغم أنه كان مؤمناً إلاّ أنه لم يسلم على الفور وطلب المبارزة حقناً للدماء وخرج له أصفران أولاً فغلبه وأخذه أسيراً وكذلك فعل ببشير ومباشر ولم يجد حمزة بداً من الخروج إليه بنفسه ، والتقى الفارسان وأظهرا من فنون القتال ما أذهل العقول والأبصار حتى انتهى الأمر بفوز حمزة وانضمام قاهر الخيل لحمزة ومعه الكثير من فرسانه الأشداء .. واستعد الجميع للمسير إلى مصر وسأل حمزة عن أحوالها فأخبره عمر أنه يحكمها ملكان أخوان هما سكاما وورقا ، أما أهلها فيختلفون فيما يعبدون ، منهم من يعبد الأصنام ومن يعبد النار ومنهم من يعبد العجل وقليل منهم من يعبد الله وعندما وصل حمزة خرج سكاما وورقا مرحبين به وطلبا مهلة لجمع المال وحتى تنتهى المهلة وجهوا الدعوة لجميع القادة بزيارة المدينة لكن من باب الحرص رأى النعمان والآخرون عدم تلبية الدعوة خشية الوقوع فى فخٍ أو التعرض لمؤامرة ، لكن حمزة صمم على الذهاب وأصر معقل البهلوان على مرافقته حتى لا يكون وحده ، وحدث ما خافه النعمان فقد استدرج الملكان حمزة ورفيقه حتى أدخلوهما قلعة النيل وأسرعا بغلق الأبواب وباتا محبوسين فى سجن يستحيل النجاة منه ، وفى نفس الوقت استعى الملكان غيتشم صاحب دمياط وملكها وهو فارس صنديد لا يثبت أمامه فارس مهما بلغ من القوة ، وقيد الله من طمأن حمزة ورفيقه فى شخص درة الصدف بنت سكاما التى عشقت معقل عندما رأته مع أبيها فاحتالت حتى تمكنت من تزويدهما بالطعام أولاً ووعدتهما بالحصول على مفاتيح القلعة أما غيتشم فقد خاض حرباً ضروس مع جيش العرب وخسر من جنوده الآلاف فلم يجد بداً من المبارزة وخرج له الفارس تلو الآخر فتمكن من أسر حوالى عشرة من قادة فرسان العرب ، وما كان عمر ليترك الأمور على ما هى عليه فاحتال على المصريين وتمكن بألاعيبه من فك أسر الفرسان بمساعدة المكحلة والمرآة ، وزاد على ذلك فحين توسط غيتشم الميدان طالباً النزال خرج إليع عمر وقد لبس الكثير من الأجراس على جسده واقترب من غيتشم وانتفض فجأة مما أزعج الجواد فألقى براكبه على الأرض ونهض غيتشم سريعاً ملقياً بسلاحه وفر جهة رجاله وسط ضحك الجيش من فعل عمر ، وفى اليوم التالى طمأن عمر الرجال على حمزة وأخبرهم أنه مسجون بقلعة النيل وهو فى خير حال فاشتدت قلوب الرجال وخاضوا الحرب بحمية وحماس وكان يوماً شديداً على جيوش المصريين وغيتشم ، وفى اليوم التالى رأى غيتشم أنه لو استمر الحال على ذلك فسيفقد رجاله كلهم بعد عدة أيام فطلب النزال ، خرج له فى هذه المرة الاندهوق وصالا وجالا ، وعلاهما الغبار حتى حجب الشمس ذات الأنوار وأحدقت بهما عيون النظار ، وصاح الاندهوق فى خصمه صيحة زلزلت كيانه وعاجله بضربة أصابت هدفها فى عنق غيتشم فوقع مجندلاً وهجم الاندهوق على الجيش وأشار لرجاله بالهجوم فأطبقوا عليهم حتى طلبوا النجاة بالفرار وفى الليل كانت الأميرة درة الصدف قد تمكنت من الحصول على مفتاح القلعة من ورقا عمها وأسرعت لتفتح أبوابها وتخلص حمزة وحبيبها معقل البهلوان فى الوقت الذى وصل فيه عمر ليعودوا إلى معسكر العرب جميعاً وهم فى غاية السعادة بالنصر المؤزر وهرب سكاما وورقا إلى كسرى ، وأقام العرب فى بلاد مصر إلى أن حدث ذات يوم وهو جالسون فى صيوان الملك النعمان خارج المدينة وإذا برسول دخل على الأمير حمزة ، سلم عليه وقبل الأرض بين يديه وقال اعلم ياسيدى أنى رسول من الملك نصير صاحب حلب أرسلنى إليك لأخبرك أن كسرى منذ وصول أخبار أعمالكم فى عواصمه وخروج بعض البلاد عليه سعى بجمع الجيوش ليبادركم بالحرب حين رجوعكم ، فلما سمع حمزة هذا الكلام اسودت الدنيا فى عينيه وقال هذا ما كنت أريده وأطلبه وسوف يعلم كسرى من منا الخاسر ومن الرابح ، والتفت إلى الملك النعمان قائلاً أسألك يا سيدى أن تأمر العرب بالرحيل فقد كفى ما جمعنا من الأموال ولابد لى من أن أثل هذا العرش وأهدم ذاك الإيوان ، فاستجاب النعمان ونادى فى الجيش بالرحيل إلى بلاد العجم ..
وفى الصباح الباكر بدأ تحرك الجيش صوب مدينة حلب حتى وصلها ، خرج الملك نصير لاستقبال العرب ورحب بهم ، وآثر حمزة أن يمكث فى حلب بضعة أيام للراحة وفى نفس الوقت يعرف أخبار كسرى ، وأمر عمر أن يذهب إلى المدائن يستطلع ما يدور هناك ويعرف مقدار عساكرها ومن تجمع عنده من الفرسان الذين عليهم الاعتماد وعلى الفور تزيا بزى حجاب العجم وأخذ ما يحتاج إليه وانطلق كالريح إلى المدائن فوجد الجيوش قد غطت السهل والجبل وملأت الأرض بالطول والعرض ودخل إلى المدينة وتحين الفرصة للقاء بزرجمهر وعرف منه أن الوزير بختك أوهم الملك أن حمزة حين يرجع سينزعه من ملكه ويطرده من بلاده ، وقد استدعى فارساً مغواراً اسمه زوبين الغدار وجعله بهلوان تخت البلاد ووعده بالزواج من مهردكار إن خلصهم من حمزة وعلى أية حال بلغ حمزة بوصيتى وهى أن يظل بحلب إلى أن تمضى أيام النحوس ولا يقاتل حتى أخبره بذلك وإلاّ قد ينقلب الأمر وبالا عليه ، وعاد عمر إلى حلب وأبلغ حمزة بكل ما توصل إليه ، واشتعلت بقلب حمزة النار حين سمع بأمر زوبين هذا وزواجه من مهردكار فأمر أن يستعد الجيش فى الحال للمسير إلى المدائن ضارباً بنصائح بزرجمهر عرض الحائط ..
عندما اقترب الجيش من المدائن أمر حمزة أن تضرب الخيام فى مواجهة جيش الأعجام ولم ترهبهم كثرته ، وأرسل عمراً بكتاب إلى كسرى يكشف له فيه ألاعيب وزيره بختك ويخيره بين انصياعه للسلام وموافقته على الزواج بمهردكار ويعيد إليه ما جمعه من أموال وبين الحرب وعليه أن يتحمل نتائجها ، وعاد عمر بلا رد مكتوب ولكن بإنذار أن يعيد إليه الأموال التى جمعها ليتركه يرحل إلى بلاده بسلام ..
ساحة النقاش