الفصل العاشر
<!--
<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Table Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-priority:99; mso-style-qformat:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0in 5.4pt 0in 5.4pt; mso-para-margin:0in; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:11.0pt; font-family:"Calibri","sans-serif"; mso-ascii-font-family:Calibri; mso-ascii-theme-font:minor-latin; mso-fareast-font-family:"Times New Roman"; mso-fareast-theme-font:minor-fareast; mso-hansi-font-family:Calibri; mso-hansi-theme-font:minor-latin; mso-bidi-font-family:Arial; mso-bidi-theme-font:minor-bidi;} </style> <![endif]-->
فى اليوم التالى دقت طبول الحرب وصاح الأمير حمزة صياح الأبطال وهجم هجوم الأسود وفعل كفعله رفاقه من الأبطال وهاج بحر المنايا واضطرب حتى تغطت الأرض بالدماء ، وما انقضى ذاك النهار إلاّ وقد أوقع بجيش الأعجام وأذاقهم كئوس الحمام واستمر الحال على هذا المنوال لمدة خمسة عشر يوماً كاملة ، وبدأ النقص فى جيش الأعجام يظهر والقلق فى نفس كسرى يتزايد فالتفت إلى بختك غاضباً ونهره قائلاً " لا برحت روح أبيك مغائر الثلج وغضبت عليها النار ، لقد غششتنى وحملتنى على عداوة العرب وقد كانوا لنا طائعين .." فأقسم له بختك أنه فى الغد سيرى حمزة مقتولاً بيد صهره زوبين الغدار ولم يكن أمام كسرى سوى الانتظار للغد فصبر على مضض ، وفى الليل اصطحب بختك زوبين إلى قصره ودخل به حجرة قديمة وفتح صندقا حديدياً وأخرج منه سيف أخبره أنه مسقى بسم الأفاعى إذا لمس أحداً وجرحه ولو جرح بسط يموت بعد ساعات قليلة فإذا تمكنت من حمزة وجرحته به سيموت ويتفرق جيشه وتفوز أنت بمهردكار ، سر زوبين أيما سرور وداعبه الأمل حين تصور نفسه زوجاً للأميرة التى أحبها على السمع ورد قائلاً " فى الغد سوف ألبس ملابس العرب وأختلط بهم ليسهل لى الوصول إلى حمزة " فتهلل وجه بختك من تلك الفكرة وأثنى عليه ..
وفى تلك الليلة بات معسكر العرب سعيداً بما حقق من انتصار وعلى أمل أن يكون الغد يوماً فاصلاً فى الحرب وعلى هذا أيضاً نام حمزة وبعد أن استغرق فى النوم رأى فى منامه كأنه على ظهر مركب فى بحر هائج تتقاذفه الأمواج فخاف من الغرق وصار يطلب الدنو من الشاطئ فلم يقدر ثم تحطمت المركب وقذفته الأمواج إلى البر ليجد مهردكار هناك فأخذته إليها وسكنت من روعه وعندما أراد أن يدنو منها ليشكرها استيقظ فجأة فوحد الله واستعاذ به ، لكنه شعر بالقلق والخوف من معنى هذا الحلم فلم يستطع النوم ثانية وفكر ألاّ ينزل إلى الميدان اليوم لكنه ما إن سمع طبول الحرب حتى أسرع إلى جواده وتقدم الفرسان وهو مضطرب البال مشتت الفكر ، وكان من عادته أثناء القتال أن يتنقل من مكان إلى آخر يضرب الرقاب ويراقب أبطاله حتى إذا وقع أحدهم فى شدة أسرع إليه يمد له يد العون ، وفى ذلك اليوم وبينما هو فى تنقلاته افتقد الاندهوق بن سعدون فانشغل باله أكثر وظل يبحث عنه هنا وهناك فلم يعثر له على أثر فصاح بعمر أن يبحث عنه وانطلق عمر يجوب الميدان بحثاً عن الاندهوق وظل حمزة واقفاً مكانه وفى لمح البصر برز إليه زوبين وضربه ضربة خائف وهو يقول " خذها من يد زوبين " وأسرع بالفرار وجاءت الضربة على جبهته وفى الحال شعر حمزة كأن أتوناً اشتعل بجسمه كله وصاح من شدة الألم وعانق الجواد فعاد به إلى الخيام ، وانتشر الخبر حتى وصل إلى عمر فعاد مسرعاً وجاء بأسطون الحكيم ملك القسطنطينية الذى راح يضع له المراهم ويحاول تسكين الألم دون جدوى وحمزة يرغى ويزبد ويصيح وفى المساء فوجئ القوم بالاندهوق مقبلاً على فيله الكبير وخلفه الأميرة مهردكار ، وعندما علم بما حل بحمزة صرخ ولطم وجهه ودخل عليه وقد اعتراه غيظ شديد وود لو تطول يده ذاك الغدار زوبين ..
كان اندهوق قد فكر فى طريقة لإنهاء هذه الحرب خاصة وأن جيوش العرب قد اقتربت من تحقيق النصر فقرر أن يأتى بمهردكار لمعسكر العرب فإذا أصبحت فيه لا يكون هناك ما يبغونه من الأعجام ويمكنهم أن يعودوا إلى مكة المطهرة فانسحب من الميدان بينما الكل منشغل بالقتال واقتحم أبواب المدينة وقتل كل من قابله حتى وصل إلى قصر الأميرة وناداها أن تنزل ليذهب بها إلى حمزة فأسرعت إليه وعاد بها إلى المعسكر ليجد حمزة بهذه الحال فبكت ولكنهاتمالكت نفسها بعد قليل وراحت تفكر فى وسيلة لتخفيف آلام حمزة واهتدت إلى أن هذه الإصابة لابد وأن تكون من سيف مسموم وأن الوحيد الذى بيده العلاج الناجع هو الوزير بزرجمهر ، وعاتب عمر نفسه كيف لم يهتدى إلى هذا الأمر وأسرع فغير هيئته وتزيا بزى خدم الأعجام وانطلق قاصدأ الوزير فقص عليه القصة كلها وعاد بقارورة الدواء ، وما إن سكب قليل منه على الجرح وسقاه قطرات منه حتى بدأ حمزة يهدأ ويكف عن التألم وعندئذٍ أخبرهم عمر أن الوزير يطلب منهم بإلحاح أن يرحلوا هذه الليلة دون تأخير ويبتعدوا عن المدائن قدر المستطاع فلبوا فى الحال وأمر النعمان بطى الخيام والرحيل فوراً ..
فى الصباح وجد الأعجام الميدان خالٍ تماماً وبلغ الخبر كسرى فسر بذلك واعتقد أن سبب رحيلهم موت حمزة قد وأشار إلى ضرورة السعى خلفهم لاستخلاص أمواله من أيديهم ووافقه بختك على أن يكون ذلك بعد عرس البطل زوبين الغدار والأميرة الجميلة مهردكار ، ووسط فرحتهم سمعت أصوات صراخ وولولة ، ودخل بعض خدم الأميرة وهم يبكون ويرددون أن العرب قد أخذوا الأميرة ، وأنها ذهبت برضاها مع فارس يركب فيلاً ضخماً ، ولما سمع كسرى هذا الكلام أخذ يرغى ويزبد ويقوم ويقعد واسودت الدنيا فى عينيه ، ولم يكن ما أصاب بختك من كدر وغضب بأقل مما أصاب الملك وكذلك زوبين الذى ظن أنه اقترب من تحقيق حلمه بالزواج من الأميرة ، وأمر الملك بتعقب العرب فى الحال ..
ساحة النقاش