آفــــــــــــــاق

الموقع خاص بالكاتب ويتضمن إنتاجه الأدبى المنشور

authentication required

<!--<!--<!--

                   ربيع .... طائر النورس

التقينا كالمعتاد كل يوم فى المكان المحدد بميدان الشون ، توقفنا قليلاً نفكر أين نذهب هذا المساء وكأنه وقع على حل مفاجئ لمشكلة عويصة قال محمد أمين ..

    - ماتيجى نروح للواد ربيع ..

لم أكن فى حاجة للسؤال عمن يقصد بالواد ربيع ، فليس لدينا غيره ، ربيع عقب الباب أو طائر النورس الجميل ، أو مالك الحزين ، لم نكن رأيناه منذ مدة طويلة فقد عزف مثلنا عن حضور الندوات الروتينية واللقاءات الدعائية ، أو بمعنى آخر فطن إلى ترهل الحالة الثقافية فى المدينة فآثر الانتقال إلى ذلك العالم الافتراضى حيث تنتشر المنتديات الأدبية واستغرقه هذا العالم لحد كبير حتى اندمج فيه كلية خاصة وقد خلت الساحة من كثير من أصدقائه ، فقد رحل رفيق دربه مختار إلى الخليج وانتقل رؤوف إلى القاهرة كما انتقل محمد أمين إلى جنوب سيناء و ..

    - يالا بينا ..

لم نكن نستخدم وسائل مواصلات غير أقدامنا ، وانطلقنا وسط الزحام والضجة نتفادى الأكتاف والأرداف والحديث متواصل بصعوبة بسبب الزحام واختلاط البشر ببعضهم وبالسيارات والدراجات واتخذنا طريق الزراعة بكل ما فيه من حفر ومطبات  

    - وحشنى والله ربيع  ..!

تحسست الفلاشة فى جيبى لأطمأن عليها ربما للمرة العاشرة فأنا على يقين أننى سأعود بثروة من الكتب ولم أكن قد عرفت بعد طريقة الحصول عليها لحداثة تعاملى مع الجهاز ووصلنا بسرعة إلى منزله ، ناداه محمد ، بص من نافذته وقال ضاحكاً " اطلعوا .. يااااه انت فين ياعم انت وهو .." .. كان فى صومعته المطلة على الشارع الضيق ، جالساً أمام شاشة جهازه كما توقعنا يحاور المغربى والجزائرى والفلسطينى وغيرهم من الجنسين ، وكلما غمزه محمد مدعياً أنه يعيش قصص حب مع فتيات الشبكة تعالت ضحكاته وضحكاتنا ، هذا مع افتراض أنهم فتيات بالفعل ، ونضحك ضحكاً ينتهى بموجة من السعال ودخان سجائرنا يعبق جو الغرفة أقصد الصومعة .. لكننى كنت ألاحظ أنه يضحك من قلبه صحيح لكن هناك فى عمق الضحكة حزن دفين ، يظهر أحياناً فى نظرات عينيه ، وأحياناً فى كتاباته سواء القصصية أو المسرحية و الشعرية ربما بشكل أكثر وضوحاً ، وأتسائل فى نفسى عن سر هذا الحزن الغامض النبيل وأجيبها بأن فى حياة كل منا غرف مغلقة تتراكم فيها الأحداث والآمال والمشاعر ، تندفع منها أحياناً – دون وعى منا –  موجات تكسو الوجوه بالألوان التى يراها الآخرون ..

      ويمضى الوقت سريعاً ولا ينتهى الكلام ونأخذ ما نقدر على حمله من الكتب ، ونلتف حول كُتّاب بعينهم ساهمت مواقع الكتب فى توفيركتبهم لنا وما كان هذا ليحدث دون الانترنت ، أمثال باولو كويليو ، ماريو فارجاس ايوسا ، ميلان كونديرا ، وبيير بول ... وكثيرون ..ويطول حديثنا عن أساليب كتاباتهم ومصادر ابداعهم ، وتوقفنا طويلاً أمام رواية " امتداح الخالة " لماريو فارجاس ايوسا حيث كان يراها مجموعة قصصية وكنت أراها رواية ، لكننا لم نختلف على عبقرية الكاتب وهو ما يدل على الحرص على القراءة وهى المعين الأول للكاتب على عكس ما يرى البعض مؤخراً وقد عاد علينا اعتصام الربيع بالخير الوفير إذ نما انتاجه الأدبى وتوالت اصداراته فى القصة – أعتقد أنها حبه الأول – وفى المسرحية والرواية مع تواصل كتاباته للأطفال ..

 نتهيأ للانصراف وهو يطلب منا العودة وعدم الغياب عنه و بين الحين والآخر كنا تعاود الزيارة ، نقضى الوقت فى نقاش وجدل فى كل شيئ ، فى الأدب والفلسفة والسياسة ولا بأس – أحياناً – من الخوض فى سيرة الناس خاصة من نحب ..

    ربيع عقب الباب .. ودون إضافات قبل أو بعد رجل لا تملك إلاّ أن تحبه حتى لو اختلفت معه فى الرأى أو الايديولوجية ..

    لم يكن همى فى هذا الملف أن أشارك بدراسة نقدية لأحد أعماله فهذه ليست مهمتى ، ولكنى حرصت على الاقتراب من ربيع الانسان المبدع فى صمت ، المتمرد فى داخله دون صخب ، المهموم بالوطن ، والباحث عن ضوء بعيد فى ليل المدن القديمة ..     

    " إلى جوهرة تسكن دمى وأوردتى كوطن ، كآية قدسية تنير عتمة جموحى ، وتعلننى ربيعاً دائماً إليها .. حيث لا أحد .." .. هذه كلمات ربيع فى إهداءه لمجموعته القصصية الرائعة " رسالة خاصة جداً " 




المصدر: الكاتب
samibatta

أهلاً ومرحباً بك عزيزى القارئ .. أرجو ألاّ تندم على وقتك الذى تقضيه معى ، كما أرجو أن تتواصل معى وتفيدنى بآرائك ومناقشاتك وانتقاداتك ..

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 144 مشاهدة
نشرت فى 29 إبريل 2013 بواسطة samibatta

ساحة النقاش

سامى عبد الوهاب بطة

samibatta
أهلاً ومرحباً بك عزيزى القارئ .. أرجو ألاّ تندم على وقتك الذى تقضيه معى على صفحات هذا الموقع .. كما أرجو أن تتواصل معى بالقراءة والنقد والمناقشة بلا قيود ولا حدود .. ولكل زائر تحياتى وتقديرى .. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

97,866