آفــــــــــــــاق

الموقع خاص بالكاتب ويتضمن إنتاجه الأدبى المنشور

<!--<!--<!--<!--<!--

 

 

 

 

تحديات أطلس المأثورات الشعبية

فى مصر والعالم العربى

 

 

 

ورقة بحث

سامى عبد الوهاب بطة

 

 

 

    فى ضوء ما يشهده العالم فى السنوات الأخيرة من تغيرات ، وما يظهر من نظريات من شأنها تهديد الثقافات الشعبية لدى الكثير من شعوب العالم بالاندثار أو على الأقل بتغيرات تتفق وأهداف هذه النظريات الجديدة والتى من أبرزها ما يعرف بالعولمة أو فورة العولمة كما يسميها البعض .. وإزاء هذا الخطر كان من الضرورى على الجهات المسئولة فى كل دول العالم أن تتخذ من الاجراءات والاستعدادات ما يمكنها من الحفاظ على هويتها وقوامها الثقافى ، دون فرض وصاية أو ما شابه على عناصر الموروثات الشعبية والتى تعتبر أساساً ملك للدولة ..

وجدير بالذكر أن اتخاذ مثل هذه الاجراءات ليس سهلاً كما يبدو من الوهلة الأولى ، وإنما يحتاج الأمر إلى صراع عنيف بين المفاهيم الجديدة الممثلة للعولمة وبين عناصر التراث الأصيلة ، ذلك أن هجمة العولمة – وهكذا يسميها الكثير من الباحثين فى هذا المجال – لا تحدث بالطائرات والدبابات والجنود ، لكنها تتسلل إلى العيون والعقول عبر أجهزة الاتصال الموجودة فى كل منزل وتظل ليل نهار تبث موادها الاعلامية المتعددة الأشكال بدءاً من برامج الأطفال وحتى علوم الفضاء مروراً بالأنشطة الرياضية والترفيهية والبرامج النسائية بما فيها المطبخ وبرامج الشباب وغيرها مما له أكبر الأثر فى توجيه السلوك الإنسانى والتأثير على نمط الحياة اليومية ..

     ولعل ذلك المشهد الذى حدث فى فندق " فيرمونت " بولاية كاليفورنيا عام 1995 يؤكد هذا الهاجس ، ونعنى بذلك اجتماع 500 شخصية منتقاه بعناية شديدة من رجال المال والتجارة والاقتصاد والسياسة وعلماء الاجتماع بدعوة من الرئيس السوفييتى السابق ميخائيل جورباتشوف لوضع تصور للحياة فى القرن الواحد والعشرين حيث تم الاتفاق على نسبة تقسيم سكان العالم إلى 20 – 80 ، أى أن من يجب أن يكسب ويعيش نسبة الخمس أما الأربعة أخماس الباقية فليس لهم سوى ما يفيض من ثدى الأم المرضع وبخليط من التسلية المخدرة والتغذية الكافية يمكن تهدئة  خواطر سكان المعمورة وتم صك مصطلح خاص بهذه العملية على يد زيجنيو بريجنسكى الذى كان مستشاراً للأمن القومى الأمريكى فى إدارة الرئيس كارتر وأطلق عليه اسم

Tittytainment

     هذا الخليط الذى يعنيه بريجينسكى من التسلية المخدرة هو ما نراه بوضوح منذ فترة طويلة من برامج المسابقات المتنوعة فى كل منافذ الميديا والتى تعطى الفائزين فيها مبالغ مالية كبيرة مقابل الإجابة على بعض الأسئلة ، كما تعطى الأمل دائماً لمن لا يحالفه الحظ ، وكذا برامج المسابقات التى تفتح الطريق أمام الشباب لتحقيق الشهرة فى مجالات الفنون أو الرياضة أو غيرها من الأنشطة الاجتماعية ..

     ولكى تتحقق أهداف هذه الفئة المتوحشة فما عليها إلا أن تمهد الطريق أولاً بخلع الإنسان من جذوره أى محو ثقافته المحلية تماماً وطمس هويته لفرض ثقافتها الجديدة ومن ثم تحقيق أهدافها فى الترسيخ لعالم جديد .(1 )

     من هنا سارعت معظم شعوب العالم إلى ماضيها تبحث فيه عن نفسها وهويتها وتستمد منه العون للإبقاء على عناصر ثقافتها الشعبية والحفاظ عليها قدر الإمكان ومحاولة إحياء هذه العناصر فى إبداعاتها الحديثة باعتبارها حائط صد منيع ضد الهجوم الشرس للثقافة الجديدة ومظهر من مظاهر المقاومة الثقافية المشروعة ..

    وفى المؤتمر العام لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة الذى عقد فى باريس 1989 م أكد على أن الفولكلور يشكل جزءا من التراث العالمى للبشرية وأنه وسيلة للتقارب بين مختلف الشعوب والفئات الاجتماعية ولتأكيد ذاتيتها الثقافية ، كما أكد على أهميته الاجتماعية والاقتصادية والسياسية ودوره فى تاريخ كل شعب والمكانة التى يحتلها فى الثقافة المعاصرة ..

    وفى ملتقى المنظمة العالمية للملكية الفكرية ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم مع وزارة الثقافة التونسية نجد أنه يؤكد على تعرض الثقافة الشعبية لأخطار عدة منها النسيان والاندثار، وأن المأثورات الشعبية العربية والمعارف التقليدية مورد ملكية فكرية مهمة للبلدان العربية على وجه الخصوص والبلدان النامية على وجه العموم وهما بالتالى يحتاجان إلى دراسة جادة وإلى حماية قانونية على المستوى الوطنى والاقليمى والدولى وأوصى بالآتى :

1 – حماية مبلغ المعلومات بوصفه ناقلاً للتراث ( الراوى ) .

2 – حماية جامع المعلومات بضمان حفظ المواد المجمعة فى حالة جيدة وبطريقة منهجية .

3 – اعتماد التدابير اللازمة لحماية المواد المجمعة من إساءة استخدامها قصداً أو بغير قصد .

       ومن هنا بدأ التفكير فى اتخاذ التدابير اللازمة لحماية المأثورات الشعبية بكافة أشكالها  

ورغم أنه كانت تظهر بين الحين والآخر محاولات لتوثيق التراث المصرى ، سواء من قبل الجهات الحكومية أو مؤسسات المجتمع المدني ، لكنها لا تلبث أن تتوارى أمام ضيق الرؤية وعدم الدقة ، أو تفقد جدواها لافتقارها إلى التنسيق في ما بينها ، ما يجعلها تتعرض للانهيار والتعثر أمام البيروقراطية والتعقيدات الإدارية .. وإزاء الحاجة الملحّة إلى توثيق التراث المصري للحفاظ على الهوية في ظل المتغيرات وطغيان العولمة. وخلال السنوات الماضية ظهرت بعض المحاولات الناجحة التي تعد حجرا في الماء الراكد ، منها على سبيل المثال جهود الحكومة المصرية في «مركز توثيق التراث الطبيعى والحضارى» التابع لمكتبة الإسكندرية ، الذي يعد مركزا فريدا يهدف إلى رفع الوعي بتراث مصر عبر تطويع أدوات تكنولوجيا المعلومات لتوثيق هذا الكنز الثري. ويعد مشروع موقع «مصر الخالدة» على شبكة الإنترنت واحدا من عشرة برامج متميزة يقوم المركز بإدارتها، حيث حصل المشروع في عام 2005 على جائزة القمة العالمية للمعلومات في تونس نظرا لكونه بمثابة سجل حي يوثق لتاريخ مصر. أما البرامج الأخرى التي يعمل عليها فهي خريطة مصر الأثرية، وذاكرة مصر الفوتوغرافية، والتراث العلمي للمخطوطات، وبانوراما التراث، إلى جانب المشروعات الدولية المشتركة.

 وقد بدأت الخطوات التنفيذية لمشروع أطلس المأثورات الشعبية المصرى تحت اسم" أطلس الفولكلور المصرى " عام 1990 ، ولكن لابد من الإشارة أولاً إلى المشروع الذى قدمه د.محمد الجوهرى بالألمانية تحت عنوان "مشروع أطلس مصرى للفولكلور" (3 ) فى ورقة لمؤتمر أطلس أوروبا والدول المجاورة الذى عقد فى بون 1967 ، وقد عرض فى هذه الورقة للخطوط العامة للمشروع وخلال بضع سنوات بدأ التخطيط للعمل من خلال لجنة إعداد أطلس الفولكلور المصرى التى شرعت فى إعداد الخريطة الأساسية للأطلس بعد إجراء الدراسات اللازمة للتوزيع السكانى لمصر ومقياس رسم الخريطة الأساسية واختيار الأماكن القروية والحضرية وتحديد الخرائط الركنية للقاهرة والإسكندرية ، ثم تحديد الأماكن المتميزة ( مناطق الحدود ) ، كما يشير التخطيط إلى بعض التصورات الأساسية حول أسلوب العمل فى المراحل التالية مثل : أسلوب جمع البيانات ومضمون الأسئلة واشتمل التخطيط أيضاً على إمكانية التعاون مع أطالس الدول العربية التى ستنشأ فى المستقبل ومع أطلس أوروبا كما تعرض إلى الهيئة المركزية للأطلس وشكلها التنظيمى

    وقد شهد عقد التسعينات ومطلع القرن 21 محاولات عدة لتنفيذ أطلس الفولكلور المصرى بإشراف الهيئة العامة لقصور الثقافة مع الاستفادة من الخبرات العلمية فى المجال فى صورة اللجنة العلمية العليا لمشروع الأطلس ..

    ويشاء القدر أن يقع عبء هذا المشروع على عاتق الهيئة العامة لقصور الثقافة وهى إحدى قطاعات وزارة الثقافة بما يعنى أن ميزانيتها محدودة إلى حد كبير وغير قادرة على الاضطلاع بمشروع من المفترض أن يكون مشروعاً قومياً تكرس له كل سبل النجاح وتوظف له الامكانيات التقنية اللازمة للحصول على أفضل النتائج ، ولكن هكذا بدأ المشروع مواجهاً لتحديات لا حصر لها سواء التحديات الادارية أو الموضوعية أو الميدانية ، وسوف نتناول هذه التحديات  بالتفصيل فيما يلى من سطور ..

 

 

أولاً : التحديات الإدارية ..

     - ربما كانت البداية صحيحة رغم ما شابها من أخطاء ، وأعنى بذلك أن الخطوة الأولى كانت إعداد الكوادر البشرية حيث أن العنصر البشرى يعتبر أهم عناصر النجاح وقد تم ذلك من خلال التعاون بين الهيئة العامة لقصور الثقافة وأكاديمية الفنون بتوفير منح دراسية للدراسة بالأكاديمية للحصول على دبلوم الدراسات العليا بالمعهد العالى للفنون الشعبية لمن يرغب من العاملين فى قصور الثقافة على مستوى الجمهورية وتم اختيار الدارسين بدون لائحة منظمة للعمل مما ترتب عليه مشاركة البعض وهم على مشارف الاحالة للمعاش مما يعنى خسارة جهودهم وإهدار ما تم صرفه على إعدادهم ..

ولتفاصيل أكثر وضوحاً أعود لورقة بحث (2 ) تم طرحها فى مؤتمر " صون المأثورات الشعبية وحمايتها " والذى عقد بقصر السينما بالقاهرة فى الفترة من 3 – 4 أكتوبر عام 1999 للأستاذ عبد الوهاب حنفى مدير عام الأطلس آنذاك أى بعد انطلاق المشروع بحوالى ثمان سنوات وقد حدد فى هذه الورقة أربعة أبعاد لإعداد الكوادر البشرية للمشروع .. وهى :

1 – البعد العلمى .

2 – البعد التنظيمى .

3 – البعد الإدارى .

4 – البعد الاجتماعى .

    وأضيف إلى ما سبق بعداً آخر هو البعد النفسى – سأتناوله لاحقاً - ولكن قبل ذلك أتوقف قليلاً عند هذه الأبعاد الأربعة ولكن فى إطار التحديات وليس فى إطار الإنجازات كما تناولها أ . عبد الوهاب ..

البعد العلمى :

غنى عن القول أن الجانب العلمى يعد من أهم الجوانب فى عملية إعداد العنصر البشرى وإذا كانت الدراسة العلمية قد توفرت فى البداية عن طريق المنح فإن هذا وحده لا يكفى ، بل يحتاج الأمر إلى المزيد من التدريب العملى لاكتساب الخبرات عبر برامج تدريب جادة ومتواصلة وهنا أتوقف أمام الورقة البحثية التى أشرت إليها آنفاً ..

     يقول الأستاذ عبد الوهاب حنفى نصاً " وضعت خطة استراتيجية للتدريب تتضمن إقامة دورة تنشيطية سنوياً لمدة أسبوع ، وقد نفذت الدورة الأولى فى يونية 1998 على أن تنفذ الدورة الثانية فى أكتوبر 1999 وتتضمن هذه الدورات برنامجاً تنشيطياً فى مجال أعمال الجمع الميدانى ، فضلاً عن مناقشة المشكلات بصورة جماعية " .. نظرياً هو تخطيط رائع وله هدف نبيل .. لكن الواقع أنه لم توضع أية خطط استراتيجية وأن الدورة الثانية لم تنفذ حتى الآن ..! وعليه فلا حاجة لنا فى مناقشة بقية عناصر الخطط الإستراتيجية التى تتحدث عن اللقاءات الموسعة بين الباحثين فى حضور أعضاء اللجنة العليا ، ولا عن أساليب وضع أسئلة دليل العمل الميدانى ، ولا عن النشرة العلمية التى لم تر النور أبداً ، كما أن تبادل الخبرات مع الدول المهتمة بتراثها – عربية أو غير عربية - والتى قطعت شوطاً بعيداً فى مجال الجمع والتصنيف والحفظ لم يوضع أصلاً فى أى خطط ، ولننتقل سريعاً للحديث عن بعد آخر وهو :

 البعد التنظيمى :

      لا شك أن التنظيم الجيد يؤدى إلى نتائج جيدة ، وفى حالتنا هذه المفترض إعداد طاقم من الباحثين لتغطية كافة مناطق القطر المصرى ، ولكن حال دون ذلك أن الجهة القائمة على تنفيذ المشروع لها إمكانياتها المحدودة فالمواقع التابعة لها لا تغطى كافة المناطق ، فضلاً عن ضعف قوتها البشرية ومستواها العلمى فى كثير من هذه المواقع ، مع عدم وجود حافز قوى للمشاركة فى هذه المنح سواءً الحافز المالى أو الإدارى ، وفى نفس الوقت لا يتاح لها الاستعانة بعناصر من خارج إطارها الإدارى ، فجاءت النتيجة توافر أعداد من محافظات معينة تزيد عن الحاجة ، وندرة أو عدم وجود عناصر فى مناطق أخرى ويبدو ذلك واضحاً من خلال جدول إحصائى لمناطق التمثيل الجغرافى يبين أن هناك أربع محافظات خالية تماماً من الباحثين فى حين أنها تحتوى على 20 منطقة ممثلة على خريطة المشروع وهى بورسعيد ودمياط والمنيا والاسكندرية وهناك ست محافظات بكل واحدة باحث واحد فقط فى حين أنها تشمل 42 منطقة تمثيل ، وللتغلب على هذه المشكلة كان يتم تكليف عدد من الباحثين من المحافظات ذات الفائض للعمل فى المحافظات الخالية دون توفير البدائل المناسبة من تكاليف انتقال وغيره ودون تذمر من هؤلاء الباحثين ..

 

البعد الإدارى :

     أما عن الهيكل التنظيمى للمشروع وهو ما يعد من أهم التحديات التى واجهته فقد تم تدبيره على عجل ودون دراسة كافية تحفظ لكل ذى حق حقه وجرى العمل فى إطار لائحة داخلية لم تراع الكثير من الجوانب ، وجاء بتلك الورقة نصاً " وتتلخص إشكالية الهيكل التنظيمى فى أن الباحثين برغم انتمائهم قلباً وقالباً للعمل فى مجال أطلس الفولكلور المصرى منذ قرابة ثمان سنوات إلاّ أنهم لا ينتمون إلى هيكل تنظيمى مؤسس يرتب للعاملين حقوق وواجبات وظيفية واضحة فالعمل يسير وفق لائحة داخلية فقط وهو الأمر الذى يشغل كثير من الباحثين بل ويؤرق معظمهم ، فالباحث – بطبيعة الحال – يسعى لتأمين مستقبله الوظيفى بما يضمن له التراتب والترقى على درجات سلم وظيفى واضح المعالم .." ورغم أن هذا البيان كان عام 1999 ونحن الآن فى عام 2013 إلا أن شيئاً من هذا لم يتحقق .. وحتى لفظ باحث الذى يطلق على العاملين بالمشروع لا يعدو كونه لفظاً مجازياً لرفع الروح المعنوية فقط وليس كادراً وظيفياً - وهذا ما أعتبره البعد النفسى الذى ذكرته من قبل - وهو ما لم يلتفت إليه أحد على الاطلاق فقد نتج عنه الكثير من المواقف الصعبة التى تبعث على الأسى والاحباط ، فمنذ تشكل هيكل المشروع ومع بدء الدفعة الأولى للدراسة ولعدم وضوح أو عدم تقنين وضع الباحثين فقد توقف صرف مستحقاتهم المالية من حوافز  ومكافئات – بدلاً من زيادتها –  مع الوضع فى الاعتبار أن أغلب الدارسين من أقاليم مختلفة صعيداً ودلتا وسواحل ، واستمر هذا الوضع طوال السنة الدراسية الأولى ولولا إيمان الدارسين بأهمية المشروع لما اكتمل ، ليس هذا فحسب وإنما الأهم من ذلك الوضع القانونى للدارسين حيث أن اللائحة الداخلية للعمل لم تكن منصفة بأى حال من الأحوال فهى لم توفر وضعاً مميزاً للباحثين الذين حصلوا على مؤهل أعلى لا مالياً ولا إدارياً بل أدت إلى ازدواج تبعيتهم ، فنياً لإدارة الأطلس وإدارياً لإدارة الموقع التابعين له ، والذى يوجد به فى الغالب مديرأقل فئة وظيفية من الباحث وأصبح لزاماً عليه أن يقف أمام من هو أدنى منه وظيفياً ليوقع طلب إجازة أو طلب مأمورية أو خطاب تحويل للتأمين الصحى وغير ذلك ، وبالطبع من حق المدير أن يقبل أو يرفض .. ويضاف إلى ذلك أن اللائحة تنص على وجوب توفير حجرة خاصة بكل موقع للباحثين وهو ما لم يتحقق أبدا .. إما لعدم قدرة الموقع على ذلك بسبب ضيق المكان ، أو عدم الاستجابة من قبل إدارة الموقع بنفس الحجة السابقة ..

البعد الاجتماعى

     كان من ضمن الأفكار التى طرحت فكرة تكوين جمعية أهلية تحمل اسم باحثى الفولكلور بما أن عددهم ليس قليلاً ويعملون فى مجال موحد على انتشار توزيعهم الجغرافى ويمكن أن ينضم إليها غيرهم من العاملين فى نفس المجال ويكون نشاطها فى إطار الخدمات الاجتماعية للباحثين وأسرهم ، وبالطبع لست فى حاجة إلى القول بأن المشروع مات فى مهده ..

ثانياً: التحديات التقنية                                          

        فى ظل الظروف التى تحدثنا عنها فى السابق يعتبر الحديث عن توفر الأجهزة المناسبة للعمل ضرباً من الترف .. والمقصود بالطبع أجهزة التسجيل الصوتى والتصوير ولا يخفى على أحد ضرورة هذه الأجهزة فى العمل الميدانى ..

     وقد بدأ العمل الفعلى فى المشروع عام 1992 ولم يتوفر للباحثين شيئ من الأجهزة إلا فى يونيو 1998 حيث تم توفير عدد 19 جهاز كاسيت ميدانى فقط من ميزانية بعثة مثلث حلايب ثم زيدت بعد ذلك إلى 60 جهاز مع ملاحظة تزايد عدد الباحثين نتيجة لتخرج دفعات جديدة من المعهد .. وتوفر للأطلس عدد (10 ) كاميرا تصوير فوتوغرافى لم تسلم إلا فى أغسطس 1998 زيدت إلى (20 ) بواقع كاميرا لكل محافظة .. كما تم تخصيص جهاز كاسيت مزدوج الأشرطة لتفريغ المادة لواقع جهاز لكل فرع ثقافى ..

     هذه صورة من الواقع فى السنوات العشر الأولى لانطلاق المشروع ، وبالرغم من أنها لا تبشر بالخير إلاّ أن الأمل لا يخبو أبداً فقد فكر البعض على الأقل فى النظر إلى المستقبل ولم يتوقف سقف الطموح ، وكان الأمل فى سيادة النظام الآلى بالأطلس حيث يمكن للباحث تغذية جهاز الكمبيوتر بمادته العلمية الميدانية ليستقبلها المقر المركزى للأطلس بالقاهرة ، وأستطيع القول الآن أن هذا يحدث ، صحيح ليس على المستوى المطلوب لكنه يحدث ، ولو تم تفعيل الأفكار الخاصة بالتدريب لكان الوضع أفضل ..


ثالثاً : التحديات الموضوعية

     1 – تحديات منهجية :

     هناك بداية تحدياً منهجياً إزاء تحديد ماهية المأثور الشعبى حيث تبرز الكثير من الخلافات فى الرأى والرؤية فى الاعتراف لأجناس أو لعناصر قولية أو حركية أو تشكيلية وما إذا كانت تدخل فى دائرة المأثورات الشعبية أم أنها ليست كذلك ..نظراً لاختلاف المعايير الناتج عن اختلاف وتعدد المدارس المختلفة فى علم الاجتماع فى النظر إلى هذه العناصر ، ويعبر عن هذه الاختلافات اتجاهين ، الأول يميل إلى توسيع دائرة ما يعتبر مأثوراً شعبياً لتشمل العديد من العناصر القولية والتشكيلية والحركية ، بينما يميل الاتجاه الثانى إلى تضييق الدائرة ..

     وسواء ضاقت الدائرة أو اتسعت فلا خلاف على أن المأثور الشعبى هو منتج نشاط إنسانى لا يخضع لقواعد النخبة ولا يتحدد بمزاجها ، وإنما تتشكل روافده من منطلقات حياة الناس اليومية كما تشكل معتقداته الدينية وتصوراته للكون على مر العصور معينه الثرى من المأثورات التى تحولت إلى ملاحم تتناقلها الأجيال مروية أو مدونة ..

    ونواجه بتحدٍ منهجى آخر يتمثل فى سؤال يفرض نفسه عند البحث عن وفى التراث الشعبى  ( لماذا ؟) لماذا نهتم بالتراث الشعبى ونبذل الجهد والمال فى سبيل جمعه وتصنيفه ..؟ وهل تتم عمليات الجمع حالياً بشكل منهجى علمى ..؟ وما هى مشكلات الجمع الآن ..؟    

    يرى الشاعر مسعود شومان – الذى كان مسئولاً عن الإدارة العامة للمشروع وهو الآن مسئول عن الإدارة المركزية التى يتبعها المشروع -  أن «المشكلة تكمن في توزع الجهود، فهناك مواد يتم جمعها لأكثر من مرة ومن نفس المصدر مما يؤدى إلى إهدار الطاقة والجهد. كما أن الإبداع يتطلب أن يكون في وسط متجانس ، حيث تتميز عناصر المأثورات الشعبية بأنها شديدة الارتباط بعضها ببعض. وبالتالي هناك حاجة إلى دراسة الظاهرة في كليتها» .. ويعيب شومان على المؤسسات والجمعيات العاملة على جمع التراث سواء رسمية أو أهلية أنها لا تلتفت إلى البعد الأعمق في عملية توثيق التراث، وهو كيفية الاستفادة من هذا التراث، «فالجمع الميداني ليس هدفا في حد ذاته، والغرض من جمع التراث وتوثيقه ليس لتكوين متحف لمواد التراث الشعبى ، بل في توظيفه على مستويات متعددة ، على سبيل المثال ، التراث يفيد فى دراسة أبعاد مشكلات اجتماعية تعانى منها مصر مثل النسل والأمراض والعادات والتقاليد ، فدراسة عقلية الإنسان الشعبى مفيدة لما يملكه من تصورات وخبرات ، كذلك فالتراث أداة هامة للفنان والموسيقى لاستلهام الروح الفنية واستيعاب المأثورات في فنه ، كما أنه مهم لاكتشاف المناطق الشاغرة في التاريخ ، سواء على مستوى الرؤى التى لم تكتب أو المناطق التى توارت مثل التاريخ القبلى وتاريخ الأماكن وتاريخ الحوادث ، وبالتالى يصب توثيق التراث في خدمة علم التاريخ».

    وهناك من ينظر إلى هذه المأثورات باعتبارها مصدراً اقتصادياً لتوفير فرص عمل ويستدلون على ذلك بالتجربة المغربية فى مجال الفخار وكذلك بالتجربة الهندية فى مجال النسيج ، وهنا فى الأطلس المصرى تجربة وليدة مشابهة فى مجال تصنيع أنوال لصناعة السجاد بدأت على يد أ . هشام عبد العزيز مسئول الأطلس .. وتتفق آمنة الحمدان تقريباً مع هذا الرأى وتؤكد على الدافع الإقتصادى أو الأهمية الإقتصادية ذات المردود المادى والتنموى فى بعض قطاعات الموروث الشعبى وهذا الدافع – كما تقول – لم يغب عن أذهان المهتمين لكنه لم يستحوذ على اهتمام أصحاب القرار وواضعى السياسات التنموية فى معظم الدول النامية ..

    من جانبه ينتقد الدكتور صلاح الراوى ، أستاذ الأدب الشعبى بأكاديمية الفنون ، كل المحاولات التى تحاول إحياء التراث المصرى ، سواء كانت حكومية أو أهلية، واصفا إياها بـ«المحاولات غير الأمينة» ، لأنها قائمة على رؤى هزيلة ، ودون وجود خطة واضحة تنظم عملها ، مما أدى إلى أن يظهر إنتاجها بشكل متناثر ومتفرق لا يخدم فكرة الأرشفة ، موضحا أن الأرشفة فكرة عميقة تقوم بها الدول المتقدمة ، حيث كل شىء فيها يتم فى سياقه ، ما يعكس منظومة عمل متكاملة. يضيف د. الراوى : «يجب أن نسأل أنفسنا أولا لماذا نضع أرشيفا ؟ ، وبناء على إجاباتنا تحدد الكيفية التي يتم وفقها التعامل مع التراث».

    ويشير د. صلاح إلى أن توثيق الثقافة الشعبية والتراث المصرى في كل المجالات لا يمضي وفق دراسة واضحة أو استراتيجية محددة ، فهذه الثقافة تعد منظومة مترابطة لا يمكن أن يقوم على توثيقها فرد واحد أيا كانت قدراته ، بل تحتاج إلى رؤية جماعية منضبطة علميا ، كما لا تقوم على المصادفات أو الانتقائية أو العشوائية ، فذلك من شأنه أن لا ينتج عملا منضبطا.

    ويرى د. صلاح الراوى أن «الجهة الوحيدة المؤهلة لتوثيق الثقافة الشعبية هو مركز دراسات الفنون الشعبية التابع لأكاديمية الفنون ولمعهد الفنون الشعبية ، الذي يعمل على إحياء الثقافة الشعبية والاتجاه بها اتجاها قوميا يرعى تراث مصر وأصالته» ، مطالبا بـ«أن يلقى المركز دعما حكوميا ينتشله مما يتعرض له حاليا من إهمال وتهميش وتراجع في دوره».

    والحقيقة أننى لا أفهم ولا أعرف سبباً لهذا التباعد الذى يصل إلى حد المقاطعة بين الجهات المتعددة التى تعمل فى نفس المجال ولكن كلٌ يعمل فى وادٍ مع أن الجميع يحاول تحقيق نفس الهدف ، وكان من الأولى أن تتكاتف هذه الجهات وتتعاون للوصول إلى الهدف الواحد الذى يصبو إليه الجميع ، أو قل يصبو إليه المواطن المصرى .. كما أن توقيع البروتوكولات مع بعض الجهات ذات الإمكانيات العالية مثل مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لرئاسة مجلس الوزراء لا يأتى بمردود ملموس ولا يساهم فى دفع العمل بشكل فعال ..


    رابعاً : تحديات النسيان والاندثار

    هناك فى علم الأحياء ( البيولوجيا ) قاعدة تقول أن " العضو يضمر بالإهمال وينمو بالاستعمال " .. وهذه القاعدة تنطبق بالطبع على أعضاء الإنسان والحيوان وحتى النبات وتنطبق كذلك على الذاكرة البشرية للفرد وللجماعة على السواء ، وإذا كنا نعلم أن من خصائص المأثور الشعبى ( قولى – حركى – تشكيلى ) الانتقال عبر الزمن من جيل إلى آخر فإن توقف التواصل بين الأجيال لابد وأن تكون له أسبابه القاهرة والتى من شأنها سقوط بعض عناصر التراث فى هوة النسيان والاندثار ، وهذا يتوقف على العنصر ذاته ومدى قدرته على الصمود أو مدى مرونته التى تتيح له الظهور فى ثوب جديد .. وعوداً إلى قاعدة علم الأحياء فإن مواصلة الحكى تحفظ الحكايات ، وكذا استمرار ممارسة الطقوس الشعبية فى المناسبات المختلفة يحفظها ويساهم فى مرورها عبر الأجيال ، ولكن واقع الحال عكس المفترض فلم تعد الجدة تجلس فى الليل لتحكى لأحفادها حكايات قبل النوم ، ليس لأن الجدة قد نسيت حكاياتها فقط ، ولكن لأنها فى الواقع لا تجد أحفادها بالقرب منها ، فى الغالب لتغير نمط الأسرة من الأسرة الممتدة إلى الأسرة النووية ، والأهم من ذلك عدم استعداد الأحفاد لسماع حكايات وأمامهم وسائل أخرى تجذب انتباههم أشد إغراءً من حكايات امرأة عجوز ، وبنفس المنطق تحولت طقوس الأفراح والمآتم تحولاً يتفق وطبيعة المرحلة حيث انتقل الاحتفال بالعرس من البيت إلى قاعات مخصصة لهذا الغرض وكذلك طقوس العزاء انتقلت إلى دور المناسبات العائلية أو التابعة لجهات أخرى ..

    وهكذا أصبح الإهمال هو المتصدى للمأثور الشعبى وتبعاً للقاعدة يؤدى إلى ضمور الذاكرة وتسرب المخزون الثقافى إلى الضياع والاندثار ..

خامساً : تحديات التشويه

 تتعرض المأثورات الشعبية – بكافة أشكالها – لحالة من التشويه فى أغلبها دون قصد ولكن تحت مسمى الاستلهام وخاصة فى الأعمال الأدبية والدرامية .. وليس معنى هذا تحريم الاستلهام واستدعاء الشواهد التراثية لكن فقط نلفت النظر إلى ضرورة ضبط هذه العملية ووضع ميزان حساس لها بما لا يخل بمضمون الحالة المستدعاه ، ولكى نوضح الأمر نقرأ بضعة سطور من بحث الأستاذ محمود الزيودى فى مؤتمر " صون وحماية المأثورات الشعبية " يقول فيها " إن المأثورات الشعبية – هوية الإنسان على أرضه – الجزء المتمم لملامح شخصيته أصبحت ظلاً باهتاً أمام الهجمة الاعلامية الأمريكية التى تدخل منازلنا وحياتنا بلا استئذان ، وليس الأمر حالة تخلف وتقدم لأن أوروبا كلها شكت من طغيان الثقافة الأمريكية الساذجة على حياة سكانها ، وفى بلاد الشام والخليج تعرضت بعض المأثورات الشعبية الهامة إلى تشويه خطير بفعل تجارة المسلسلات التليفزيونية ، فحينما انبهر السواد الأعظم من المشاهدين بأول مسلسل تدور أحداثه فى البادية قديماً دارت عجلة الإنتاج سريعة تطحن العادات والتقاليد والمأثورات تشكلها بسرعة عجيبة للحاق بموسم السوق ، وأخذ الكاتب والممثل والمخرج يستخدمون مفردات من اللهجة المدنية هرباً من اللهجة البدوية الأصيلة حتى لا تتعرقل حركة الانتاج ، ولزيادة الإثارة اخترعوا عادات وتقاليد لا تمت للبداوة بصلة ، أما اللباس فحدث عنه ولا حرج ، وأصبح المسلسل التليفزيونى البدوى المشوه قاعدة لمعرفة تراث البدو فى حين اعتبرت جهود الباحثين وجامعى التراث هى الاستثناء .

    ولا زلنا نرى بعض الأعمال الفنية التى تغير من طبيعة الأحداث أو الشخصيات التراثية فتظهرهم مغيرين للإنطباع المعروف عنهم لدى المشاهد ، كأن يظهر عنترة بن شداد مثلاً فى صورة الجبان أو الضعيف ، أو ينتصر للشخصية الشريرة ويعاملها معاملة البطل .... إلخ 

    وربما كان من المناسب هنا أن نتعرض لعملية أخرى تستهدف التراث الشعبى ونعنى بها عمليات السطو .. بمعنى أن تسطو جماعة ما على تراث جماعة أخرى وتدعيه لنفسها ولكى نكون أكثر تحديداً أذكر بمقولة مناحم بيجين رئيس وزراء اسرائيل عقب توقيع اتفاقية كامب ديفيد والتى قال فيها أما شاشات التليفزيون والعالم كله يراه أن أجداده هم من بنوا الأهرامات ، وما هذه المقولة إلاّ امتداد لما فعله قومه من ادعاء أن الملابس الكنعانية الفلسطينية بنقوشها الشهيرة هى تراث يهودى ..

فى دول الخليج

    لم يكن مجتمع الخليج بعيداً عن الدعوة العالمية للإهتمام بالموروث الشعبى ، وهذه الدعوة لا تعنى إيقاف الحركة الطبيعية للمجتمعات الإنسانية بفعل النمو الذى يحدث من تراكم حركة المجتمع لكنها دعوة إلى التبصر وقراءة الماضى بصورة متأنية وتسهيل حركة المجتمع دون الإضرار – أو بعبارة أدق – تخفيف الأضرار التى تحدثها التحولات الحادة فى المجتمعات الإنسانية كما حدث فى كثير من المجتمعات نتيجة تغير النمط الاقتصادى ..

    وقد تمثل هذا الاهتمام بوضوح فى مجموع المراكز الوطنية والإقليمية التى أسستها هذه الدول وحرصها على الاستفادة من التجارب التى سبقتها فى هذا المضمار عربياً ودولياً فى أعمال الجمع والتوثيق أولاً ثم التوظيف ثانياً كما يتمثل هذا الاهتمام بحماية المأثور فى هذه الدول فى مشاركتها المستمرة للكثير من الأنشطة التى تقيمها وتشرف عليها المؤسسات المعنية بحماية الملكية الفكرية فى هذا المجال ، وتصديقها على الإتفاقية العربية الخاصة بحقوق المؤلف ..

ومن أهم المؤسسات التى أنشأت لهذا الغرض مركز التراث الشعبى لمجلس التعاون لدول الخليج  وقد تأسس عام 1982 م باعتباره مؤسسة إقليمية تتمتع بالصفة القانونية المستقلة واتخذ من مدينة الدوحة عاصمة قطر مقراً رئيسياً له ..

أهداف المركز :

- جمع وتدوين وتحقيق كل ما له علاقة بالتراث الشعبى فى دول الخليج العربية والذى يمثل روح الشعب وحكمته وإبداعاته المختلفة

- تقديم الدراسات ونشرها حول التراث الشعبى الخليجى من منطلق الدراسة الشاملة للتراث الشعبى العربى وربطه بالتراث الشعبى للعالم لمعرفة الأصول والمكونات الأولى وخصائصها ومدى تفاعلها ، وللتعرف على ملامح وموروثات الشرق القديم وتحديد دور ومكان التراث العربى فيها ..

- إنشاء مكتبة مركزية متخصصة للتراث الشعبى ( سمعية وبصرية ) بأحدث الأساليب العلمية لتكون مرجعاً لجميع الدارسين ..

- تطوير إمكانيات الدول الأعضاء فى مجال الإهتمام والرعاية الخاصة بالتراث ..

- رعاية هذا التراث كثروة وطنية وقومية وحمايته من استغلال الغير له والحفاظ على حقوق الدول المعنوية والمادية المتعلقة بهذا التراث وإرساء قواعد تشريعية لحمايته ..

    ولتحقيق هذه الأهداف أقام المركز فى العامين الأولين للتأسيس مجموعة ندوات تخصصية فى مجالات المأثور المختلفة ، كما قام بإصدار مجلة فصلية علمية متخصصة إضافة إلى عدد من الإصدارات فى مجال المأثور الشعبى ..

    والسؤال الآن .. وماذا بعد ..؟

    تجيبنا على هذا السؤال الباحثة آمنة راشد الحمدان فى ورقتها البحثية فى مؤتمر صون وحماية الفولكلور بقولها : " يمكننا القول أن الدول العربية ليست بمعزل عن النشاط الدولى لحماية الفولكلور وصونه بحكم انتمائها أو انضمامها لمعظم هذه المؤسسات التى تعمل فى مجال حقوق الملكية ، لكن دورها فى الإسهام الفعلى فى هذه الأنشطة يبدو محدوداً للغاية ، لا يتجاوز حدود الشكليات التى تتمثل فى حضور الإجتماعات دون إسهام ملموس فى توسيع قاعدة المشاركة .. ودول الخليج ليست خارج هذه الحركة البطيئة ولم يصاحب جهدها المتميز فى حفظ وجمع التراث جهد مماثل فى مجال الحماية كما أن هناك تفاوتاً بين هذه الدول فى الإنضمام إلى الإتفاقيات الدولية وثيقة الصلة بحماية الملكية الفكرية ، وهى ترد أسباب ذلك إلى قصور وضعف برامج التنمية فى هذه الدول وعدم تمكنها من توظيف بعض مواد الثقافة الشعبية فى قطاعات الإنتاج ذات المردود الإقتصادى ..

    نخلص فى النهاية إلى :

أولاً : أن هناك خطر حقيقى يتهدد تراث شعوب العالم لمصلحة فئة رأسمالية توحشت إلى أقصى حد تريد أن تتحكم فى مصير البشرية ولا تتورع عن المتاجرة بكل القيم الإنسانية ..

ثانياً : أن هناك ضرورة ملحة لمواجهة هذا الخطر الداهم ..

ثالثاً : أن تتحرك الحكومات بفعالية مع المتخصصين لإنشاء وتمويل المراكز القادرة على المواجهة والتصدى لهذا الخطر وإلاّ عدت متواطئة على شعوبها ..

رابعاً : أن يكون هناك تعاون حقيقى وفعال بين كل الجهات – حكومية أو أهلية أو فردية – التى تعمل للوصول إلى نفس الهدف داخل كل دولة فضلاً عن تعاون هذه الجهات مع نظيراتها فى الدول الأخرى ..

مراجع :

(1 ) فخ العولمة

تأليف : هانس – بيتر مارتن – هارالد شومان

ترجمة : د. عدنان عباس على

مراجعة وتقديم : أ . د . رمزى زكى

سلسلة عالم المعرفة – الكويت – عدد رقم 23

(2 ) عبد الوهاب حنفى : ورقة بحثية لمؤتمر " صون المأثورات الشعبية وحمايتها " بقصر السينما 1999 .

(3 ) التراث والتغير الاجتماعى،الكتاب التاسع عشر، أطلس دراسات التراث الشعبى -  تأليف : د. مصطفى جاد .

 

 

 

                              

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

samibatta

أهلاً ومرحباً بك عزيزى القارئ .. أرجو ألاّ تندم على وقتك الذى تقضيه معى ، كما أرجو أن تتواصل معى وتفيدنى بآرائك ومناقشاتك وانتقاداتك ..

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 430 مشاهدة
نشرت فى 7 إبريل 2013 بواسطة samibatta

ساحة النقاش

سامى عبد الوهاب بطة

samibatta
أهلاً ومرحباً بك عزيزى القارئ .. أرجو ألاّ تندم على وقتك الذى تقضيه معى على صفحات هذا الموقع .. كما أرجو أن تتواصل معى بالقراءة والنقد والمناقشة بلا قيود ولا حدود .. ولكل زائر تحياتى وتقديرى .. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

89,703