طبريا امرأةٌ أوروبية......................................... بقلم الدكتور/ داود فلنة

طبريا امرأةٌ أوروبية
ـــــ دكتور داود فلنة

قوافي ظمآى

وسراب يلمع في الشرق

وليلى تنتظرني بكل شوق

أبوها من العوائل الثرية

تدرس في أكسفورد اللغات الشرقية

قابلتها في كنيسة صباح ذات أحد

قبّلتها وقبّلتني دون أن يرانا أحد

رأتني فرأت شفقا كفجر كاذب

عيناها تبرقان بحب الأستطلاع

تسألني عما تبقّى وعمّا ضاع

* * *

رأيت طبريا من بعيد

إنقلبت المدينة الى امرأة عجيبة

لها رموز ونداءات غامضة

وكاد يقتلني في طلبها الشوق

بيوت قائمة على حوافي التلال

حلم تحقق ...

كان ضربا من الخيال

لم أستطع النطق ...

منعت من الكلام

وكأن جوف صدري مصبوب بصخر

أكاد أموت من القهر

إقتربتْ ...

هاج الموج

ومن الخلف أسمع صوت غنج

رأيتها تلوح لي بمنديلها

تلوح به تارة

وتمسح به تارة دموعها

أكاد أرى من ذلك البعد

عينيها الزرقاوين

ودمعا يطفر الى عينيها

والمح فيهما عطفي مسيحيّ

عطف إلاهي

وضعت الالهة في وجهها الخمري سحراً

جمعته من حسناوات فينيقيا

ورفح القديمة

ومن اديم طيبة

قبيل بناء الهول العظيم

ألحظها شهرزادا

متسولة في أنقاض مدينة

قتلها الطاعون

وعرب نائمون

نومتها في حضن الجولان

وما علِمتْ أنّ مَنْ حولها

من أسود صاروا غزلان

تبكي لحطين

ولصلاح الدين

والى ما آل اليه كنعان

تزحف اليها التماسيح عند القيلولة

وثور همجي أثيوبي ..

برأس أفريقي

يمور بطفولة شريرة

من نسل آكلي لحوم البشر

لا يبقي من فريسته ولا يذر

حين تتحرك المياه الساكنة في الأعماق

تبحث عن وجهي عربي جاءها مشتاق

نعم ...هذا انا

أمتطي صهوة نشيد عسكريّ

بعزف يهوديّ

نعم ...هذا أنا ...

وجهي عربيّ

كصحراء الربع الخالي

عمامتي ضاعت في الطريق

بسبب كذا حريق

وبين نهيق ونهيق

واشلاء مدن ضاعت

ما بين عدو وصديق

* * *

ضربت خيمتي

نمت ليلتي

يا حبيبتي

في الصباح ..

سوف اقلع أوتادي

وأسرج بعيري ...

هل أنام وسهمي جاهز

وقوسي مشدود ...؟

أنام احلم بطبريا

ويا هل ترى تعود ...!

أم تبقى طبريا

وهما من الأوهام

امراة أوروبية يخنقها الزحام

مدن الأرض نائمة ..

وهي لا تنام ...!

د . داود فلنة