(( مذكرات لاجئ ))
بقلمي / خوله ياسين
19.12.2015
غدوت أعانق السماء ، أخطو على مدرج الهروب ، افتقدت جسدي وجدته يقف بين الحدود ، فنظرت إلى الأرض تحت أقدامي فوجدتها بلون الموت ورائحة الشتات . بحثت عن غطاء السرير لم أجده ، أين السرير ؟ يحكى أنه كان لي حجرة فيها سرير ومرآة وخزانة .
لكنني الأن أشعر في برد الحرمان ، أما حقي فقد أصبح أسير كحرية وطني الذي أصبح ليله حزين ونهاره شاحب كرماد الحريق ، وشمسه في بطنها إنفجار من غضب كل قتيل .
ماذا تريدون بعد ...؟ قَلعت ثوب عروبتي لأنه بالبقع اتسخ ، و تمردت على بجاد الغَرب لأنه من عروبتي اتنسخ . لا الليل مسح دمعتي ولا النهار ضمًد الوجع .
حملت ما تبقى مني و من وجودي في حقيبة لا تتسع إلا لقلمي وأوراقي وبعض الصور وقلادة أمي حين قتلت تزينت بها تَريبة صدرها ، و بعض من تراب وطني ، لأشتمه كلما الشوق داهمني ، وأتذكر أنني منه امتُشِقت .
ها هو البحر يحتضنني و يشاور نفسه هو الآخر هل يبتلعني موجه ...؟ أم يتركني لأنني شيء ما لقد تبقى من أثر عائلة دمرها المعتدي المغتصب . لكنه اتخذ القرار و جعلني أعيش لأصل إلى شاطأ اللهب ، وأرى كم هو مهان إبن العرب .
هل أدافع عن كياني في الأرض التي تثبتت جذوري فيها كالوتد ...!!! أو أعيش لأحمل قضيتي التي أٌعدمت قبل أن تولد .
الواضح أنهم ليسوا مقتنعين أننا بشر ، لم نعتدي على أي نَفَر ، لم ولن نفرق أطفال عن أهلهم ولا نلحق بهم الضرر .
لكنهم هم من قرروا غزو مضاجعنا و من أعيوننا استرقوا النوم و النظر ، من أبداننا اقتلعوا الأمن والأمان ، وفي أراضينا زرعوا القذائف والألغام ، بعد كل هذا المسرح الدامي تقنعت وجوههم بالبسمة والعطف والحنان .
وقالوا : هلموا اقبلوا إلى أحضان أمكم أوروبا المربية الجديدة ، و الحياة المجيدة .
وأمريكا لا تنسوا أمريكا إنها خالتكم ، إن ماتت الأم هي من ستتولى حضانتكم ، أظنوا أننا طلاء من الغباء ، أمم أننا من كوكب آخر لا نفهم ماذا يدور حولنا .
أما أنا ما زالت حقيبتي بين ذراعي أحتضنها بقوة لأنها تحمل ذكرياتي على الورق وأثر أمي الأخير وكياني في حفنة تراب من بلدي ، أنظر إليهم باسغراب و أتسائل ، لما كل هذا ...؟
كنت في وطني ولم أشتكي ... قبلت بالقليل و لم أبكي ... رضيت بأمر الله و كانت ضحكة أمي تكفيني وبيتي ساترني وحاميني .
وأنتم دمرتم ذاتي واقتلعتم شراييني ونزف قلبي على حدود العالم ، وفي كل قطر تركت قطرات من دمي لتذكركم أنكم سبب ألمي .
بقلمي ......../ خوله ياسين