تائهه في الظلام ...............!
الجزء الأول 
الهروب 

أستنشقت هواءا طويلا على أنفاسها المتعبة و جمعت قواها ، تجرئت و جازفت متسلقة من نافذتها على شجره كبيره تطل على شرفتها.
تدّرجت خطاها الي خارج الحديقة ، تتلفت حولها والخوف يملأ عينيها الرطبتين ببقايا دموع تمركزت على الأهداب ، يديها ترتجفان وصوت دقات قلبها تكاد تُسمع من رعبها ، مُهَرْوِلة بين الزقاق والليل حالك الظلمة ، و نباح الكلاب علا مزعجا دون عادتهم .....
الشوارع مبتلة المطر ينزل شيئ فشيئ وهي تعدو بخطى سريعة فتتوقف لتسعل برهة ثم تكمل بخطى خطْرِيفة لتواصل دربها في الهروب قبل طلوع الفجر . 
بعد عناء طويل و سير مرير أَدركت قمة الجبل و ما أوشكت في الوصل حتى شعرت بنفسها أنها ترتعش بردار و الخوف مسيطر عليها ، باكية بشهقات عالية تمسك بالصخور الجبلية ، وجهها شاحب اللون مائل للصفرة و كأن تصف من أوردتها أخر قطرات الدم ، عيناها كلون الرماد الذي أطفأ جمره الصقيع ، شفتيها زرقاوان من البرد الشديد جسدها يكاد يشبه اللوح المرنخ بالماء ، تريثت قليلا بالجلوس لتشد أزرها و تلتقط أنفاسها المبعثرة في الأجواء كالضباب الصباح المبكر ، ما إن مالت برأسها و انحنت على صخرة 
كبيرة أمام مغارة معتمة حتى داعب الكرى جفونها فرقدت من شدّة التجشم ولم تشعر بتدبب الصخور الي غرزت آثاره على جسدها . وهي في سبات عميق وإذا بعجوز يوقضها بصوت حنون لكن من هول رعبها صرخت صوتا دوى بصدى عاليا فأسرع العجوز بتهدئتها والتخيف من فزعها ، سألها عن وجودها بمكان لا يليق بصبيه و ما سبب خوفها الذي يكاد يفترس عينيها ...! . 
لكنها أبت أن تتكلم و كأنها مكبلة بقيود الوجوم على شفتيها و ثقل الكلام لا تقدر على البوح به .
بعد إقناع طويل ومحاولة كسب ثقتها لتهدء قليلا و تهبط من على غيوم الخوف و أن تستوي قدميها على بساط الأمان أرضا نجح بأن يقنعها بالذهاب معه حيث تنتظره زوجته ، فدخلت الفتاة بيت العجوز خطوة للأمام و الأخرى تسحبها رويدا رويدا و بحذر . 
لفت إنتباه العجوز عدم ثقتها و خوفها الذي تفككت بعض لفائفه و بقيت أثر من فتيلته معقودة على أعصابها ، فأسرع بإحضار زوجته التي لم تعلم بعد بالضيفة التي إصطحبها بعلها معه لكوخهما ، بدورها أخذتها بحنية خارقة و لفلفتها بتوق عينيها المرحبتين ببسمة رقيقة إرتسمت على شفتيها .
عرضت عليها بأن تغسل وجهها وتغير ملابسها المبلله حتى لا تمرض وجلست إليهم لتناول الفطور.
عم الصمت أرجاء الكوخ لبضع دقائق محتار العجوز كيف يبتدأ بالكلام و ينتقي عبارات ما زالت أعماقه ترتبها ليبثها ثغره دون أن يمس مشاعر الفتاة أو يحزنها ، أخيرا سرح للسانه بالنطق راجيا منها أن تخبره عن سبب رعبها ...! و تواجدها عند المغارة بمفردها .
هزت رأسها ونظرت طويلا حتى برقت قطرات الدموع تغمر مآقيها ، فمر أمام بصرها في مخيلتها مقتل عائلتها الذي شنته عليهم وحوش شرسة ، فأجهشت في البكاء وصرخت أبي ... أمي ..أخي اااااهٍ على جرح قلبي و كأنها في تلك اللحظة نشبت في أضلعها نار تحرق عظام صدرها لوعة و حزنا على عائلتها المغدورة ... التي فقدتهم بلمح البصر . 
فبدأ تجفف مقلتيها و تحكي بنبرة حزينة و بتأتأة تعصر القلوب ألما .
قالت : لقد دخلو بيتنا لصوصا ، ليس أي لصوص.... بل ليسو بشرا ينتهكون الحرمات يستبيحون الدماء ويتاجرون بأعضاء الناس .... تكمل الكلام برجفة صوت كادت تختنق منها أنفاسها 
قائلة : يسوٍقون الفتياة العذريات لأعمال قذرة . 
قتلو والدي وخي بعدها أدخلوهم إلى عربة كبيرة ملحقة بسيارتهم ، شرحوهم و استأصلوا أعضائهم للتجاره بها أما أنا أغلقوا علي غرفتي ، و هم منهمكون لرصف الأعضاء في صناديق تبريد للتوريد و في لحظة صمت سمعتهم يوشوشون بعضهم عن ترتيب أمري و نقلي إلى المكان المطلوب ....لأعمالهم القذرة .
حينها جمعت قواي ومسحت دموعي تمالكت ذاتي وأعصابي و أستغليت فرصة إنهماكهم في عملهم الإجرامي و تداركت الهروب وها أنا بينكم الأن .
نظر إليها العجوز وإبتسم طويلا قائلا : نحن والديك الآن وأنت في أمان لا تحزني إن الله معك والحمد لله الذي نجاك منهم . أما بالنسبة للمجرمين فلا تقلقي يا إبنتي فسوف نقدم شكوى لدائرة المباحث و الجنايات سنغير قليلا من مظهرك و نبدل اسمك حتى لا تُعرفي ، لأنك الأن حتما في خطر كبير ، سوف أذهب للمدينة لأتسوق و سأتلقط الأخبار من بعيد لأن الجريمة حتما تصاعد الكلام بها و كتبت عنها الصحف ، و بما أنك الشاهدة ربما الوحيدة أو هناك غيرك فعليك خطر كبير وسيبحثون عنك في كل مكان .
إنتهى الجزء الأول من قصة تائهة في الظلام سيتبع بالجزء الثاني و الأخير .
.........................................
من كل يوم حدث 
بقلمي ............ / خوله ياسين

samaty

مجلة ۞ أكَََـاديمـيـــة المـلـاذ الـأدبـيـــه ۞ ... رئيس التحرير أ/ خوله ياسين ...... رئيس مجلس الإداره أ/ ياسر السمطي

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 248 مشاهدة
نشرت فى 23 أكتوبر 2015 بواسطة samaty

مجلة. ۞ أكَََـاديمـيـــة المـلـاذ الـأدبـيـــه ۞

samaty
مجله ۞ أكَََـاديمـيــة المـلـاذ الـأدبـيـــه ۞ رئيس التحرير أ/ خوله ياسين ... رئيس مجلس الإداره أ/ ياسر السمطي »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

90,768