مصطفى حافظ محمد الجندى سلامتك تهمنا .

يهدف الموقع الى نشرثقافة السلامة وزيادة الاهتمام بكافة اشتراطات واجراءات السلامة فى المنشأت والمنازل

السلامة كنز الامن والآمان. مستشار وخبير السلامة والصحة المهنية دكتور مصطفى حافظ محمد الجندى
كيفية التغلب علي حل اى مشكة فى السلامة والصحة المهنية بقلم مصطفى حافظ محمد الجندي مستشار وخبير السلامة والصحة المهنية
Risk Management In Construction Projects
تأمين بيئة العمل وفقا للنص القانونى مع تحياتى مصطفى حافظ محمد الجندى*مستشار السلامة والصحة المهنية ومكافحة الحريق وصحة البيئة .
معايير السلامة في المستشفيات مع تحياتى مصطفى حافظ محمد الجندى*مستشار السلامة والصحة المهنية ومكافحة الحريق وصحة البيئة .
دليل السلامة والصحة المهنية في بيئة العمل جامعة المجمعة مع تحياتى مصطفى حافظ محمد الجندى*مستشار السلامة والصحة المهنية ومكافحة الحريق وصح�
واقع اجراءات الامن والسلامة المهنية المستخدمة فى منشأت قطاع الصناعات التحويلية فى قطاع غزة ماجستيراميمة صقرالمغنى مع تحياتى مصطفى حافظ مح�
الاكتئاب في مكان العمل مع تحياتى مصطفى حافظ محمد الجندى*مستشار السلامة والصحة المهنية ومكافحة الحريق وصحة البيئة .
الاكتئاب في مكان العمل مع تحياتى مصطفى حافظ محمد الجندى*مستشار السلامة والصحة المهنية ومكافحة الحريق وصحة البيئة .
نصائح ذهبية لتحسين الصحة النفسية مع تحياتى مصطفى حافظ محمد الجندى*مستشار السلامة والصحة المهنية ومكافحة الحريق وصحة البيئة .

البيئة والتنمية المستدامة .                                                                        


إن مشاكل البيئة لا تعرف الحدود، وهذا العصر يشهد تحديات بيئية مختلفة أخذت تهدد الأجيال بسبب قيم ومثل وأعراف وأخلاقيات تؤصل في النفس أهمية التقدم الاقتصادي والإثراء المادي على حساب الاستغلال السليم لموارد الطبيعة، إن التحسين في مستويات المعيشة الذي تجلبه التنمية قد يضيع بسبب التكاليف التي قد يفرضها التردي البيئي على الصحة ونوعية الحياة.فمن واجب كل فرد المحافظة على البيئة وتحسينها لمصلحة عامة الناس وفي إطار التنمية المستدامة حتى يتحقق له العيش في بيئة تتفق مع حقوقه وكرامته الإنسانية.
وقد حاولنا من خلال هذا الموضوع أن نتطرق إلى ماهية التنمية المستدامة، ثم إلى أبعادها الرئيسية، وفي الأخير تناولنا معوقات وتحديات التنمية المستدامة.
أولاً: ماهية التنمية المستديمة:
من خلال هذا المبحث تناولنا ظهور فكرة التنمية المستدامة، مفهومها، والمتغيرات الأساسية المؤثرة في التنمية المستدامة على النحو التالي:
 ظهور فكرة التنمية المستدامة:
التنمية المستدامة هي عبارة تم استخدامها على مدى العقدين الماضيين للتعرّف على الاحتياجات اللازمة لتخفيض الفاقة من خلال نمو اقتصادي يحفظ صحة النظام البيئي وكذلك حفظ مخزون طويل الأمد للمصادر الطبيعية. والخلافات القائمة حالياً تتمحور حول كيفية وضع موازنة بين الحاجات الإنسانية والحماية البيئية.(1)
فبين عام 1972 وعام 2002 استكملت الأمم المتحدة عقد ثلاثة مؤتمرات دولية ذات أهمية خاصة، الأول عقد في استوكهولم (السويد) عام 1972 تحت اسم مؤتمر الأمم المتحدة حول بيئة الإنسان، والثاني عقد في ريو دي جانيرو (البرازيل) عام 1992 تحت اسم مؤتمر الأمم المتحدة حول البيئة والتنمية، والثالث أنعقد في جوهانسبورغ (جنوب إفريقيا) في سبتمبر 2002 تحت إسم مؤتمر الأمم المتحدة حول التنمية المستدامة. تغير الأسماء يعبر عن تطور مفاهيم العالم واستيعاب العلاقة بين الإنسان والمحيط الحيوي الذي يعيش فيه ويمارس نشاطات الحياة. 
في عام 1972 أصدر نادي رذوماذ تقريره الفريد (حدود النمو) الذي شرح فكرة محدودية الموارد الطبيعية، وأنه إذا استمر تزايد معدلات الاستهلاك فإن الموارد الطبيعية لن تفي باحتياجات المستقبل، وأن استنزاف الموارد البيئية المتجددة (المزارع، المراعي، الغابات، مصايد الأسماك) والموارد غير المتجددة (رواسب المعادن، حقول النفط والغاز الطبيعي، طبقات الفحم) يهدد المستقبل. وفي عام 1973 هزت أزمة البترول العالم ونبهت إلى أن الموارد محدودة الحجم. وفي عام 1980 صدرت وثيقة الإستراتيجية العالمية للصون، نبهت هذه الوثيقة الأذهان إلى أهمية تحقيق التوازن بين ما يحصده الإنسان من موارد البيئة وقدرة النظم البيئية على العطاء. وفي عام1987 أصدرت اللجنة العالمية للتنمية والبيئة تقرير (مستقبلنا المشترك)، كانت رسالة هذا التقرير الدعوة إلى أن تراعي تنمية الموارد البيئية تلبية الحاجات المشروعة للناس في حاضرهم من دون الإخلال بقدرة النظم البيئية على العطاء الموصول لتلبية حاجات الأجيال المستقبلية.
ولما انعقد مؤتمر الأمم المتحدة عن البيئة والتنمية عام 1992، برزت فكرة التنمية المستدامة أو المتواصلة كواحدة من قواعد العمل الوطني والعالمي. ووضع المؤتمر وثيقة مفصلة (برنامج العمل في القرن الحادي والعشرين: أجندة (1)21) تضمنت أربعين فصلاً تناولت ما ينبغي الاسترشاد به في مجالات التنمية الاقتصادية (الزراعة، الصناعة، الموارد الطبيعية) والتنمية الاجتماعية (الصحة، التعليم)، وفي مشاركة قطاعات المجتمع في مساعي التنمية وفي الحصول على نصيب عادل من ثمارها.
في 2002 انعقد مؤتمر الأمم المتحدة حول التنمية المستدامة، ليراجع حصيلة استجابة العالم لفكرة التنمية المتواصلة، إذا فالتطور من فكرة بيئة الإنسان 1972 إلى فكرة البيئة والتنمية 1992 إلى فكرة التنمية المتواصلة 2002، ينطوي على تقدم ناضج. ذلك أن العلاقة بين الإنسان والبيئة لا تقتصر على أثار حالة البيئة على صحة الإنسان كما كان الظن 1972، إنما للعلاقة وجه آخر هو أن البيئة هي خزانة الموارد التي يحولها الإنسان بجهده وبما حصله من المعارف العلمية و الوسائل التقنية إلى ثروات، تحويل الموارد إلى ثروات هو جوهر التنمية، فكرة التنمية المتواصلة تتقدم بنا خطوة إلى الأمام إذ تضيف أبعاد اجتماعية وأخلاقية لعلاقة الإنسان بالبيئة، وتضع التنبيه على ثلاث ركائز: الكفاءة الاقتصادية، صون البيئة وعناصرها وقدرتها على العطاء، العدل الاجتماعي بين الناس جميعا في حاضرهم ومستقبل أبنائهم.(6)
 مفهوم التنمية المستدامة: 
التنمية في أصلها هي ناتج عمل الإنسان على تحويل عناصر فطرية في البيئة (تراكيب وبنيات جيولوجية...) إلى ثروات، أي إلى سلع وخدمات تقابل حاجات الإنسان، هذا التحويل يعتمد على جهد الإنسان وما يوظفه من معارف علمية وما يستعين به من أدوات ووسائل تقنية، التنمية هي تغيير في البيئة يهدد توازنها الفطري، ويصل إلى درجة الإضرار إذا تجاوز قدرة الفطرة البيئية على الاحتمال وقدرتها على استعادة التوازن ورأب التصدعات.
ومن هنا ظهرت أهمية التنمية المستدامة كمفهوم جديد، و رغبة من بعض المؤلفين في جعل مفهوم التنمية المستدامة أقرب من التحديد وضعوا تعريفاً ضيقاً لها ينصب على الجوانب المادية للتنمية المستدامة. فتعرف التنمية المستدامة بعدد من التعاريف، منها ما يلي:
"التنمية التي تلبي المتطلبات الحالية مع الأخذ بعين الاعتبار إمكانية الأجيال القادمة على تلبية متطلباتهم".(1)
"أنها التنمية التي تهيئ للجيل الحاضر متطلباته الأساسية والمشروعة، دون أن تخل بقدرة المحيط الطبيعي على أن يهيئ للأجيال التالية متطلباتهم"، أو بعبارة أخرى، "استجابة التنمية لحاجات الحاضر، دون المساومة على قدرة الأجيال المقبلة على الوفاء بحاجاتها".(2)
"التنمية التي تفي باحتياجات الحاضر دون المساس بقدرة الأجيال المقبلة على الوفاء باحتياجاتها".(3)
• التعريف الاقتصادي للتنمية المستدامة: 
تركز بعض التعريفات الاقتصادية للتنمية المستدامة على الإدارة المثلى لموارد الطبيعية، وذلك بالتركيز على "الحصول على الحد الأقصى من منافع التنمية الاقتصادية، بشرط المحافظة على خدمات الموارد الطبيعية ونوعيتها". كما انصبت تعريفات أخرى على الفكرة العريضة القائلة بأن "استخدام الموارد اليوم ينبغي أن لا يقلل من الدخل الحقيقي في المستقبل". وتقف وراء هذا المفهوم الفكرة القائلة بأن القرارات الحالية ينبغي ألا تضر بإمكانيات المحافظة على مستويات المعيشة في المستقبل أو تحسينها وهو ما يعني أن نظمنا الاقتصادية ينبغي أن تدار بحيث نعيش على أرباح مواردنا ونحتفظ بقاعدة الأصول المادية ونحسنها.(6)
• تعريفها من طرف اللجنة العالمية للتنمية المستدامة:
انتهت اللجنة في تقريرها المعنون "بمستقبلنا المشترك" إلى "أن هناك حاجة إلى طريق جديد للتنمية، طريق يستديم التقدم البشري لا في مجرد أماكن قليلة أو لبضع سنين قليلة، بل للكرة الأرضية بأسرها وصولا إلى المستقبل البعيد". و التنمية المستدامة حسب تعريف وضعته هذه اللجنة عام 1987 تعمل على "تلبية احتياجات الحاضر دون أن تؤدي إلى تدمير قدرة الأجيال المقبلة على تلبية احتياجاتها الخاصة".(6)
إن الهدف الأساسي للتنمية المستدامة هو الوفاء بحاجات البشر وتحقيق الرعاية الاجتماعية على المدى الطويل، مع الحفاظ على قاعدة الموارد البشرية والطبيعية ومحاولة الحد من التدهور البيئي، ومن أجل تحقيق ذلك، يجب التوصل إلى توازن ديناميكي بين التنمية الاقتصادية والاجتماعية من جهة، وإدارة الموارد وحماية البيئة من جهة أخرى. غير أن أوسع التعريفات شيوعا للتنمية المستدامة:- "أنها التنمية التي تهيئ للجيل الحاضر متطلباته الأساسية والمشروعة، دون أن تخل بقدرة المحيط الطبيعي على أن يهيئ للأجيال التالية متطلباتهم"، أو بعبارة أخرى، "استجابة التنمية لحاجات الحاضر، دون المساومة على قدرة الأجيال المقبلة على الوفاء بحاجاتها".(2)
 المتغيرات الأساسية المؤثرة في التنمية المستدامة :
• مكانة التكنولوجيا في تعريف التنمية المستدامة:
كما أفاض بعض المؤلفين في توسيع تعريف التنمية المستدامة لتشمل تحقيق التحول السريع في القاعدة التكنولوجية للحضارة الصناعية، وأشاروا إلى أن هناك حاجة إلى تكنولوجيا جديدة تكون أنظف وأكفأ وأقدر على إنقاذ الموارد الطبيعية، حتى يتسنى الحد من التلوث، والمساعدة على تحقيق استقرار المناخ، واستيعاب النمو في عدد السكان وفي النشاط الاقتصادي.(6)
• مكانة الإنسان ضمن التعاريف المقدمة بشأن التنمية المستدامة:
ويشكل الإنسان محور التعاريف المقدمة بشأن التنمية المستدامة حيث تتضمن تنمية بشرية تؤدي إلى تحسين مستوى الرعاية الصحية والتعليم والرفاهية الاجتماعي.
وهناك اعتراف اليوم بهذه التنمية البشرية على اعتبار أنها حاسمة بالنسبة للتنمية الاقتصادية وبالنسبة للتثبيت المبكر للسكان. وحسب تعبير تقرير التنمية البشرية الصادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي فإن "الرجال والنساء والأطفال ينبغي أن يكونوا محور الاهتمام - فيتم نسج التنمية حول الناس وليس الناس حول التنمية". وتؤكد تعريفات التنمية المستدامة بصورة متزايدة على أن التنمية ينبغي أن تكون بالمشاركة، بحيث يشارك الناس ديمقراطياً في صنع القرارات التي تؤثر في حياتهم سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وبيئياً.(6)
• مكانة العدالة في تعريف التنمية المستدامة: 
والعنصر الهام الذي تشير إليه مختلف تعريفات التنمية المستدامة هو عنصر الإنصاف أو العدالة. فهناك نوعان من الإنصاف هما إنصاف الأجيال البشرية التي لم تولد بعد، وهي التي لا تؤخذ مصالحها في الاعتبار عند وضع التحليلات الاقتصادية ولا تراعي قوى السوق المتوحشة هذه المصالح. أما الإنصاف الثاني فيتعلق بمن يعيشون اليوم والذين لا يجدون فرصا متساوية للحصول على الموارد الطبيعية أو على "الخيرات" الاجتماعية والاقتصادية. فالعالم يعيش منذ أواسط عقد السبعينات تحت هيمنة مطلقة للرأسمال المالي العالمي الذي يكرس تفاوتاً صارخاً بين دول الجنوب ودول الشمال كما يكرس هذا التفاوت داخل نفس الدول. لذلك فإن التنمية المستدامة يجب أن تأخذ بعين الاعتبار هذين النوعين من الإنصاف. لكن تحقق هذين النوعين من الإنصاف لن يتأتى في ظل الهيمنة المطلقة للرأسمال المالي العالمي، وإنما يتحقق تحت ضغط قوى شعبية عمالية أممية يمكن من استعادة التوازن للعلاقات الاجتماعية الكونية.(6)
ثانياً علاقة التنمية المستدامة بالبيئة:
لا يزال الإنسان ومنذ مر العصور يعمل دائماً وأبداً علي استغلال موارد الطبيعة في حياته اليومية ولبناء تقدمه وحضارته، إلا أن استغلاله لهذه الموارد تتم في أغلبها بطرق عشوائية وخاطئة الأمر الذي أدى إلي الأضرار بالبيئة واختلال توازنها بحيث أصبحت ضعيفة هشة لا تستطيع الوفاء بمتطلباته. وعلى هذا الأساس، فإن النهوض بالبيئة من جديد لا يكون فقط بالقضاء على مصادر التلوث، وإنما العمل علي تنمية مواردها وتحسين استخدام هذه الموارد.(1)
ويعتمد بقاء التنوع الحيوي بشكل رئيسي على استمرارية وبقاء المصادر الطبيعية، وقد أدى استنزاف المصادر الطبيعية المتجددة والغير متجددة إلى الإخلال بالتنوع الحيوي على الأرض. وللمحافظة قدر الإمكان على التنوع الحيوي، لا بد من إتباع عدة طرق للحد من هذا الاستنزاف الحاد للمصادر الطبيعية مثل: 
1. العمل على إيجاد مصادر طاقة جديدة.
2. التخفيف من استهلاك المصادر غير المتجددة المتاحة حاليا، بتطوير تكنولوجيات معينة قادرة على استخدام المصادر المتاحة بكفاءة عالية وتقليل التلوث الناتج من استخدامها.(1)
تكمن إحدى المشاكل المحورية فيما يتصل بمعالجة الروابط بين التمدين والمسائل البيئية في أن التنمية الاقتصادية تؤدي إلى تفاقم العديد من المشاكل البيئية (كالنفايات الصلبة والتلوث الناجم عن السيارات مثلاً) لأن كمية النفايات التي ينتجها الفرد تزداد باضطراد مع ارتفاع معدل الدخل الفردي. وبالإضافة إلى ذلك، فإن "الآثار الإيكولوجية" على المدن ازدادت اتساعاً في العقود الأخيرة مع الارتفاع الحاصل في الدخول والانخفاض الحاصل في تكاليف النقل في العديد من البلدان. فقد لجأ المستهلكون ولجأت الصناعات في المدن إلى الاعتماد المتزايد على القدرة الاستيعابية للمناطق الريفية. مما أدى إلى فصل الأثر البيئي لاحتياجات المدينة من الموارد الطبيعية عن المدينة نفسها، إلى درجة أن سكانها وأعمالها التجارية أصبحت غير واعية بما تتسبب فيه من أثر بيئي.(3)
وهناك جدال مستمر متعلق بموضوع العلاقة بين النمو الاقتصادي والبيئة. البعض قد يعتقد بأنه ما دام هناك نمو اقتصادي فإن الناس سيستهلكون أكثر وبالتالي يهدرون ويلوثون المصادر بشكل أكبر. والآخرين يجادلون بأنه "الأغنى يعني الأنظف" وهذا يحدث فقط عندما تصبح حياة مجتمع فوق مستوى معيشة محدد. وتصل إلى حد معين من الثروة يمكنّها من امتلاك تكنولوجيا قادرة على تقليل انبعاث الغازات وتطهير البيئة من النفايات.علاوة على ذلك، في البلدان النامية تجد السكان يحاولون بصورة يائسة تحسين نوعية حياتهم.(1)
إن المدن بإمكانها أن توفر لسكانها ظروفا بيئية صحية وآمنة ومشجعة دون أن يفضي ذلك إلى متطلبات غير مستدامة فيما يتعلق بالموارد الطبيعية والنظم الإيكولوجية. والمدينة الناجحة، بهذا المفهوم، هي المدينة التي تلبي أهدافا متعددة، بما في ذلك توفير بيئات معيشية ومهنية صحية لسكانها، وتوفير الإمداد بالمياه وخدمات التصحيح وجمع النفايات الصلبة؛ توفير الصرف الصحي والطرق المعبدة وممرات المشاة والأشكال الأخرى من الهياكل الأساسية الضرورية للصحة؛ وتكفل وجود علاقة مستدامة من الناحية الإيكولوجية بين متطلبات المستهلكين والأعمال التجارية والموارد ووحدات التخلص من النفايات والنظم الإيكولوجية التي تعتمد عليها.(3)
أبعاد التنمية المستدامة:
إن الفكرة الأساسية التي بنيت عليها أجندة القرن الحادي والعشرين هي فكرة التنمية المستدامة أو المتواصلة. ومفهوم التنمية المستدامة متعدد الاستخدامات، ومتنوع المعاني، فالبعض يتعامل مع التنمية المستدامة كرؤية أخلاقية تناسب اهتمامات النظام العالمي الجديد، والبعض يرى أن التنمية المستدامة نموذج تنموي وبديل مختلف عن النموذج الصناعي الرأسمالي، أو ربما أسلوباً لإصلاح أخطاء وعثرات هذا النموذج في علاقته بالبيئة. ولقد حاول تقرير الموارد العالمية والذي نشر عام 1992 في مؤتمر (ريو دي جانيرو – قمة الأرض) والذي خصص بكامله لموضوع التنمية المستدامة أو المتواصلة وجعلها محور خطة العمل التي وضعها للقرن الحادي والعشرين، وأصبحت الفكرة محور الحديث في كامل المجتمع، حيث حصر عشرين تعريفاً واسع التداول، وزعها على أربع مجموعات هي الاقتصادية، والبيئية، والاجتماعية والإنسانية، والتقنية والإدارية. ومن حينها برزت لها أبعاد جديدة تتصل بالوسائل التقنية التي يعتمد عليها الناس في جهدهم التنموي، في الصناعة والزراعة وغيرها، وتتصل بالمناهج الاقتصادية التي يجري عليها حساب المأخوذ والمردود.(2)،(6)
 الأبعاد الاقتصادية:
وتتطلب التنمية المتواصلة ترشيد المناهج الاقتصادية، على رأس ذلك تأتي فكرة "المحاسبة البيئية للموارد الطبيعية"، فقد جرى الأمر على عدم إدراج قيمة ما يؤخذ من عناصر البيئة المختزنة في حقول النفط والغاز ورواسب الفحم ومناجم التعدين وغيرها في حساب الكلفة، كذلك جرى الأمر على عدم إدراج قيمة ما يحصد من ثروة سمكية في قيمة المخزون السمكي، وما يحصد من حقول الزراعة في قيمة النقص في خصوبة الأرض، وفي كثير من الأحوال لا يحسب لمياه الري قيمة مالية في عمليات الحساب الزراعي، في هذا وغيره نجد أن الحسابات الاقتصادية تنقصها عناصر جوهرية. كذلك نلحظ أن أوجهاً من الحساب تحتاج إلى تعديل: حساب الناتج الزراعي (المحصول) من وحدة المياه، حساب الناتج الصناعي من وحدة الطاقة، ومن أدوات الحساب الاقتصادي الضرائب والحوافز المالية، وينبغي أن توظف هذه الأدوات لتعظيم كفاءة الإنتاج وخدمة أغراض التنمية المتواصلة.(6)
• حصة الاستهلاك الفردي من الموارد الطبيعية:
بالنسبة للدول الصناعية في الشمال: فإن التنمية المستدامة تعنى إجراء خفض عميق ومتواصل في استهلاك هذه الدول من الطاقة والموارد الطبيعية، وإجراء تحولات جذرية في الأنماط الحياتية السائدة، واقتناعها بتصدير نموذجها التنموي الصناعي عالمياً، أما بالنسبة للدول الفقيرة فالتنمية المستدامة تعنى توظيف الموارد من أجل رفع مستوى المعيشة للسكان الأكثر فقراً في الجنوب.(2)
فبالنسبة للأبعاد الاقتصادية للتنمية المستدامة نلاحظ أن سكان البلدان الصناعية يستغلون قياساً على مستوى نصيب الفرد من الموارد الطبيعية في العالم، أضعاف ما يستخدمه سكان البلدان النامية. ومن ذلك مثلا أن استهلاك الطاقة الناجمة عن النفط والغاز والفحم هو في الولايات المتحدة أعلى منه في الهند ب 33 مرة، وهو في بلدان منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية الـ "OCDE" أعلى بعشر مرات في المتوسط منه في البلدان النامية مجتمعة.(6)
• إيقاف تبديد الموارد الطبيعية:
فالتنمية المستدامة بالنسبة للبلدان الغنية تتلخص في إجراء تخفيضات متواصلة من مستويات الاستهلاك المبددة للطاقة والموارد الطبيعية وذلك عبر تحسين مستوى الكفاءة وإحداث تغيير جذري في أسلوب الحياة. ولا بد في هذه العملية من التأكد من عدم تصدير الضغوط البيئية إلى البلدان النامية. وتعني التنمية المستدامة أيضا تغيير أنماط الاستهلاك التي تهدد التنوع البيولوجي في البلدان الأخرى دون ضرورة، كاستهلاك الدول المتقدمة للمنتجات الحيوانية المهددة بالانقراض.(6)
• مسؤولية البلدان المتقدمة عن التلوث وعن معالجته:
وتقع على البلدان الصناعية مسؤولية خاصة في قيادة التنمية المستدامة، لأن استهلاكها المتراكم في الماضي من الموارد الطبيعية مثل المحروقات - وبالتالي إسهامها في مشكلات التلوث العالمي- كان كبيرا بدرجة غير متناسبة. يضاف إلى هذا أن البلدان الغنية لديها الموارد المالية والتقنية والبشرية الكفيلة بأن تضطلع بالصدارة في استخدام تكنولوجيات أنظف وتستخدم الموارد بكثافة أقل، وفي القيام بتحويل اقتصادياتها نحو حماية النظم الطبيعية والعمل معها، وفي تهيئة أسباب ترمي إلى تحقيق نوع من المساواة والاشتراكية للوصول إلى الفرص 
الاقتصادية والخدمات الاجتماعية داخل مجتمعاتها. والصدارة تعني أيضا توفير الموارد التقنية والمالية لتعزيز للتنمية المستدامة في البلدان الأخرى - باعتبار أن ذلك استثمار في مستقبل الكرة الأرضية.(6)
ففي الولايات المتحدة واستجابةً لحوادث بيئية تخص مكّبات النفايات، قام الرئيس كلينتون في 11 شباط 1994 بإصدار أوامر تنفيذية (Executive Orders 12.898)لوكالة حماية البيئة تقضي بموجبها إنشاء مكتب للعدالة البيئية. وفي نيسان 1998 قامت أي.بي.أي بتعريف مصطلح (العدالة البيئية) على انه معاملة عادلة، بمعنى: "لا توجد مجموعة من الناس بغض النظر عن صفاتها العنصرية والعرقية أو وضعها الاقتصادي الاجتماعي، مضطرة لاحتمال حصة غير متكافئة من النتائج البيئية السلبية الناتجة عن أي عملية صناعية كانت أو بلدية أو تجارية، أو تلك الناتجة عن تنفيذ سياسات أو مشاريع اتحادية، أو تلك التابعة للولاية، أو محلية أو عشائرية". وحسب هذا التعريف فانه يصبح من غير الضروري تضمين وذكر التمييز المتعمد، بالتالي أي موقع يسبب الضرر للمجموعات المحمية، سياسياً، يقع في إطار الانتهاك لقاعدة أي.بي.أي (وكالة حماية البيئة) و هنا تبرز الصعوبة عند محاولة تعريف ما الذي يجب أن يقاس وبالمقارنة مع ماذا؟ وكخطوة أولى في تحديد الجماعة المتضررة بإفراط، يجب على متخذي القرار السياسي الأخذ بعين الاعتبار المتضررين الفعليين.
وهناك معلومات متعلقة بإحصائيات تفحص الحدود والمناطق إذا كان هذا المرفق سيقام في منطقة غنية، واقعة بالقرب من منطقة فقيرة عندها يتم تحديد موقعه بالقرب من الحدود الفقيرة، كيف سيعالج متخذ القرار هذا الاتجاه؟ هل يجب أن تؤخذ الرياح السائدة بعين الاعتبار؟ الكثير من المواقع الصناعية تقام حيث توجد الأراضي الرخيصة، و الناس ذوي الدخول المنخفضة والذين يختارون العيش هناك من أجل تقليل نفقات الحياة. كيف يمكن وزن مثل هذه القرارات؟(1)
وتظهر صعوبة أخرى عند تحديد إذا ما كانت بعض المجموعات ستتضرر وكيف؟ فالمكّبات، المُنَبِتات الكيميائية، وغيرها من الأعمال الصناعية تجلب الفائدة على بعض الجماعات ومن ناحية أخرى تجلب الضرر لجماعات أخرى. فمن ناحية الفائدة، تقوم هذه الأعمال بخلق فرص عمل، و تغيير قيمة الأرض (رفع أثمانها ربما)، هذه العائدات المتشابكة يجب أن تأخذ بعين الاعتبار المخاطر الصحية الناتجة عن مثل هذه المرافق بالمقارنة مع العوائد الصحية الكلية التي من الممكن اعتبارها كنتاج لإيجاد فرص العمل وارتفاع مستوى الدخولات؟ فما يمكن التوصل إليه أن اتخاذ القرارات فيما يتعلق بمكان إقامة منشآت صناعية و مرافق لمعالجة النفايات تولد خلافات حتمية.(1)
• المساواة في توزيع الموارد:
إن الوسيلة الناجعة للتخفيف من عبء الفقر وتحسين مستويات المعيشة أصبحت مسؤولية كل من البلدان الغنية والفقيرة، وتعتبر هذه الوسيلة، غاية في حد ذاتها، وتتمثل في جعل فرص الحصول على الموارد والمنتجات والخدمات فيما بين جميع الأفراد داخل المجتمع أقرب إلى المساواة. فالفرص غير المتساوية في الحصول على التعليم والخدمات الاجتماعية وعلى الأراضي والموارد الطبيعية الأخرى وعلى حرية الاختيار وغير ذلك من الحقوق السياسية، تشكل حاجزاً هاماً أمام التنمية. فهذه المساواة تساعد على تنشيط التنمية والنمو الاقتصادي الضروريين لتحسين مستويات المعيشة.(6)
• الحد من التفاوت في المداخيل: 
فالتنمية المستدامة تعني إذن الحد من التفاوت المتنامي في الدخل وفي فرص الحصول على الرعاية الصحية في البلدان الصناعية مثل الولايات المتحدة وإتاحة حيازات الأراضي الواسعة وغير المنتجة للفقراء الذين لا يملكون أرضا في مناطق مثل أمريكا الجنوبية أو للمهندسين الزراعيين العاطلين كما هو الشأن بالنسبة لبلادنا؛ وكذا تقديم القروض إلى القطاعات الاقتصادية غير الرسمية وإكسابها الشرعية؛ وتحسين فرص التعليم والرعاية الصحية بالنسبة للمرأة في كل مكان. وتجب الإشارة إلى أن سياسة تحسين فرص الحصول على الأراضي والتعليم وغير ذلك من الخدمات الاجتماعية لعبت دوراً حاسماً في تحفيز التنمية السريعة والنمو في اقتصاديات النمور الآسيوية مثل ماليزيا وكوريا الجنوبية وتايوان.(6) 
• تقليص الإنفاق العسكري:
كما أن التنمية المستدامة يجب أن تعني في جميع البلدان تحويل الأموال من الإنفاق على الأغراض العسكرية وأمن الدولة إلى الإنفاق على احتياجات التنمية. ومن شأن إعادة تخصيص ولو جزء صغير من الموارد المكرسة الآن للأغراض العسكرية الإسراع بالتنمية بشكل ملحوظ.(6)
 الأبعاد الاجتماعية و الإنسانية:
على الصعيد الإنساني والاجتماعي فان التنمية المستدامة تسعى إلى الاستقرار في النمو السكاني، ووقف تدفق أو زحف الأفراد على المدن، وذلك من خلال تطوير مستوى الخدمات الصحية والتعليمية في الأرياف، وتحقيق أكبر قدر من المشاركة الشعبية في التخطيط للتنمية.(2)
وفي مجال الوسائل الاجتماعية تبرز فكرة التنمية المستدامة ركيزة أساسية في رفض الفقر والبطالة والتفرقة التي تظلم المرأة، والتفاوت البالغ بين الأغنياء والمدقعين. العدل الاجتماعي أساس الاستدامة، ويقتضي هذا عدة أمور ينبغي أن يجد المجتمع سبله إليها:
1.ضبط السكان، فالزيادة السكانية تبلغ نحو 80 مليون نسمة كل عام، وهي زيادة لا تتسع لها الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية السائدة وأغلب الزيادة (85%) في دول العالم الثالث الموسوم بالاكتظاظ والفقر والتخلف، استمرار هذا الحال يزيد الفقراء فقراً، وهذا باب من أبواب الخطر على العالم جميعاً.
2. فكرة العدالة الاجتماعية تتضمن العدالة بين الناس والأخذ بيد الفئات المستضعفة، والعدالة بين الأجيال حتى يقال أن مابين أيدينا من ثروات طبيعية هو ملك الأبناء والأحفاد وينبغي أن نصونه ليرثوه سليما خصب العطاء.
3. فكرة تنمية البشر وسعت معنى التعليم ومراميه، في كل عام يصدر برنامج الأمم المتحدة الإنمائي تقريراً عن "التنمية البشرية" التي تقاس بمعايير تنموية واقتصادية واجتماعية، ويصنف التقرير دول العالم درجات حسب نجاحها في تحقيق التنمية البشرية، والمؤسف أن الدول العربية تقع في ذيل الدرجات والسؤال المطروح: هل تخرج مؤسسات التعليم أفراد قادرين على الإسهام الإيجابي في التنمية والتقدم الاجتماعي؟ أم تخرج أعباء اجتماعية تذهب إلى ساحات البطالة لا إلى سوق العمل؟ فالتنمية المتواصلة تطلب منا أن نعيد النظر في نهج التعليم وأساليبه ومؤسساته.
4. من الركائز الجوهرية لنجاح التنمية المتواصلة مشاركة الناس، المشاركة الفاعلة في مراحل التخطيط والتنفيذ للتنمية الوطنية، وتعتمد هذه المشاركة على القبول الاجتماعي، وهي جوهر الديمقراطية، فغياب هذه الأخيرة يحرم الناس من المشاركة وكأنما يعفيها من المسؤولية، وفي هذا ما يعطل قدرتهم على الأداء، المنظمات الأهلية والمؤسسات غير الحكومية من أدوات المشاركة الجماهيرية، برامج الإعلام والإرشاد الصحيحة تبصر الناس بأدوارهم وترشدهم إلى مناط الفعل النافع والإسهام الإيجابي في تحقيق التنمية المتواصلة.
5. تستكمل الوسائل الاجتماعية ضبط السلوك الاستهلاكي للناس، وقبول حدود رشيدة تبعد عن حد الإسراف ولا تحرم من الغذاء الراشد، الأوضاع الحالية وخاصة في مجتمعات الوفرة، أقرب إلى حدود الإسراف غير الرشيد، حيث الزيادة في قدر الاستهلاك وما يتبعها من زيادة في كمية المخلفات.(6)
 الأبعاد التكنولوجية:
• استعمال تكنولوجيات أنظف في المرافق الصناعية:
كثيراً ما تؤدي المرافق الصناعية إلى تلويث ما يحيط بها من هواء ومياه وأرض. وفي البلدان المتقدمة النمو، يتم الحد من تدفق النفايات وتنظيف التلوث بنفقات كبيرة؛ أما في البلدان النامية، فإن النفايات المتدفقة في كثير منها لا يخضع للرقابة إلى حد كبير. ومع هذا فليس التلوث نتيجة لا مفر منها من نتائج النشاط الصناعي. وأمثال هذه النفايات المتدفقة تكون نتيجة لتكنولوجيات تفتقر إلى الكفاءة أو لعمليات التبديد، وتكون نتيجة أيضاً للإهمال والافتقار إلى فرض العقوبات الاقتصادية.
وتعني التنمية المستدامة هنا التحول إلى تكنولوجيات أنظف وأكفأ وتقلص من استهلاك الطاقة وغيرها من الموارد الطبيعية إلى أدنى حد. وينبغي أن يتمثل الهدف في عمليات أو نظم تكنولوجية تتسبب في نفايات أو ملوثات أقل في المقام الأول، وتعيد تدوير النفايات داخلياً، وتعمل مع النظم الطبيعية أو تساندها. وفي بعض الحالات التي تفي التكنولوجيات التقليدية بهذه المعايير فينبغي المحافظة عليها.(6)
• الأخذ بالتكنولوجيات المحسنة وبالنصوص القانونية الزاجرة:
والتكنولوجيات المستخدمة الآن في البلدان النامية كثيراً ما تكون أقل كفاءة وأكثر تسبباً في التلوث من التكنولوجيات المتاحة في البلدان الصناعية. والتنمية المستدامة تعني الإسراع بالأخذ بالتكنولوجيات المحسنة، وكذلك بالنصوص القانونية الخاصة بفرض العقوبات في هذا المجال وتطبيقها. ومن شأن التعاون التكنولوجي - سواء بالاستحداث أو التطويع لتكنولوجيات أنظف وأكفأ تناسب الاحتياجات المحلية - الذي يهدف إلى سد الفجوة بين البلدان الصناعية والنامية أن يزيد من الإنتاجية الاقتصادية، وأن يحول أيضاً دون مزيد من التدهور في نوعية البيئة. وحتى تنجح هذه الجهود، فهي تحتاج أيضاً إلى استثمارات كبيرة في التعليم والتنمية البشرية، ولاسيما في البلدان الأشد فقراً. والتعاون التكنولوجي يوضح التفاعل بين الأبعاد الاقتصادية والبشرية والبيئية والتكنولوجية في سبيل تحقيق التنمية المستدامة.(6)
• المحروقات والاحتباس الحراري:
كما أن استخدام المحروقات يستدعي اهتماماً خاصاً لأنه مثال واضح على العمليات الصناعية غير المغلقة. فالمحروقات يجري استخراجها وإحراقها وطرح نفاياتها داخل البيئة، فتصبح بسبب ذلك مصدراً رئيسياً لتلوت الهواء في المناطق العمرانية، وللأمطار الحمضية التي تصيب مناطق كبيرة، والاحتباس الحراري الذي يهدد بتغير المناخ. والمستويات الحالية لانبعاث الغازات الحرارية من أنشطة البشر تتجاوز قدرة الأرض على امتصاصها؛ وإذا كانت الآثار قد أصبحت خلال العقد الأخير من القرن العشرين واضحة المعالم، فإن معظم العلماء متفقون على أن أمثال هذه الانبعاثات لا يمكن لها أن تستمر إلى ما لا نهاية سواء بالمستويات الحالية أو بمستويات متزايدة، دون أن تتسبب في إحترار عالمي للمناخ. وسيكون للتغييرات التي تترتب عن ذلك في درجات الحرارة وأنماط سقوط الأمطار ومستويات سطح البحر فيما بعد -ولاسيما إذا جرت التغييرات سريعاً- آثار مدمرة على النظم الإيكولوجية وعلى رفاه الناس ومعاشهم، ولاسيما بالنسبة لمن يعتمدون اعتماداً مباشراً على النظم الطبيعية.(6) 
• الحد من انبعاث الغازات:
وترمي التنمية المستدامة في هذا المجال إلى الحد من المعدل العالمي لزيادة انبعاث الغازات الحرارية. وذلك عبر الحد بصورة كبيرة من استخدام المحروقات، وإيجاد مصادر أخرى للطاقة لإمداد المجتمعات الصناعية. وسيكون من المتعين على البلدان الصناعية أن تتخذ الخطوات الأولى للحد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون واستحداث تكنولوجيات جديدة لاستخدام الطاقة الحرارية بكفاءة أكبر، وتوفير إمدادات من الطاقة غير الحرارية تكون مأمونة وتكون نفقتها محتملة. على أنه حتى تتوافر أمثال هذه التكنولوجيات، فالتنمية المستدامة تعني استخدام المحروقات بأكفأ ما يستطاع في جميع البلدان.(6)
• الحيلولة دون تدهور طبقة الأزون:
والتنمية المستدامة تعني أيضا الحيلولة دون تدهور طبقة الأوزون الحامية للأرض. وتمثل الإجراءات التي اتخذت لمعالجة هذه المشكلة سابقة مشجعة: فاتفاقية كيوتو جاءت للمطالبة بالتخلص تدريجياً من المواد الكيميائية المهددة للأوزون، وتوضح بأن التعاون الدولي لمعالجة مخاطر البيئة العالمية هو أمر مستطاع. لكن تعنت الولايات المتحدة الأمريكية واعتدادها بأن قوتها أصبحت فوق إرادة المجتمع الدولي جعلها ترفض التوقيع على هذه الاتفاقية ما دام أن لا أحدا يستطيع إجبارها على ذلك.(6)
 الأبعاد البيئية:
على الصعيد البيئي فان التنمية المستدامة هي الاستخدام الأمثل للأراضي الزراعية، والموارد المائية في العالم، مما يؤدى إلى مضاعفة المساحة الخضراء على سطح الكرة الأرضية.(2)
وبشكل عام، فإن البلدان التي يوجد بها أكبر معدل فردي من حيث استنزاف موارد العالم الطبيعية (على سبيل المثال، أعلى مستويات لاستخدام الموارد وإنتاج النفايات و انبعاثات غازات الدفيئة) هي أيضا البلدان التي تعيش أكبر نسبة من سكانها في المناطق الحضرية. وفضلاً عن ذلك، فإن أكبر قدر من استخدام الموارد وإنتاج النفايات في العالم يتركز داخل المناطق الحضرية.
وللسياسات الحضرية آثار مهمة للغاية فيما يتصل بالمستويات المستقبلية لانبعاثات غازات الدفيئة واستخدام أغلب الموارد في الدولة بالنظر إلى دورها في تصميم وتشييد المباني في المناطق الحضرية وفي الشكل المكاني الذي تتخذه المدن والنظم الحضرية.
وتلعب سياسات التمدين التي تشجع إتباع إنشاء المباني ووحدات الإنتاج ذات الفعالية في استخدام الطاقة، والتي تكفل أيضا أشكالاً عمرانية لا تعتمد بشكل متزايد على مستويات مرتفعة من استخدام السيارات الخاصة، دوراً رئيسياً في الفصل بين ارتفاع مستويات المعيشة وارتفاع معدلات انبعاثات غازات الدفيئة. وهكذا، ينبغي أن تضطلع السياسات والخطط والتنظيمات الحضرية بدور مركزي في أي إستراتيجية وطنية لتشجيع التنمية المستدامة، كما أن حكومات المدن والبلديات تكون أطرافاً فاعلة مهمة في أي إستراتيجية يؤمل لها النجاح.(3)
 الأبعاد التقنية والإدارية:
أما على الصعيد التقني والإداري فان التنمية المستدامة هي التنمية التي تنقل المجتمع إلى عصر الصناعات والتقنيات النظيفة التي تستخدم أقل قدر ممكن من الطاقة والموارد، وتنتج الحد الأدنى من الغازات والملوثات التي تؤدى إلى رفع درجة حرارة سطح الأرض والضارة بالأوزون.(2)
ويؤكد تقرير الموارد الطبيعية أن القاسم المشترك لهذه التعريفات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية والتقنية، هي أن التنمية لكي تكون مستديمة يجب أن:
أولاً: ألا تتجاهل الضوابط والمحددات البيئية.
ثانياً: لا تؤدى إلى دمار و/أو استنزاف الموارد الطبيعية.
ثالثاً: تؤدى إلى تطوير الموارد البشرية (المسكن، الصحة، مستوى المعيشة، أوضاع المرأة، الديمقراطية، تطبيق حقوق الإنسان).
رابعاً: تحدث تحولات في القاعدة الصناعية السائدة.(2)
ثالثاً: المعوقات والتحديات الرئيسية للتنمية المستدامة:
 المعوقات :
تتمثل أهم معوقات التنمية المستدامة في الفقر الشديد والموارد الطبيعية المستنزفة والزيادة الكبيرة في أسعار المواد الغذائية ومالها من تأثير سلبي وخطير على قطاع عريض من طبقات المجتمع وانتشار الأمراض الوبائية مثل مرض نقص المناعة المكتسبة (الايدز) ووباء الملاريا علاوة على ذلك، نقص البنية التحتية المناسبة فضلا عن النقص في تدفق المساعدات التنموية الرسمية ومشكلة الديون الخارجية.(4)
أن هناك وعياً متزايداً بأن قضايا السكان والفقر وأنماط الإنتاج والاستهلاك والبيئة هي قضايا وثيقة الارتباط لدرجة أنه لا يمكن بحث أي منها على انفراد. وينظر إلى العوامل السكانية في بعض الأحيان باعتبارها مثبطات للتنمية المستدامة، لأن العوامل الديمغرافية، عندما تقترن بالفقر والافتقار إلى فرصة الوصول إلى الموارد في بعض المجالات، والإفراط في الاستهلاك وأنماط الإنتاج التنديدية في مجالات أخرى، تسبب أو تؤدي إلى تفاقم مشاكل التدهور البيئي ونفاد الموارد، ومن ثم تعرقل التنمية المستدامة.(3)
وعلى الرغم من التقدم الكبير الذي حصل خلال الفترة التي أعقبت إعلان ريو في مجال العمل البيئي ومسيرة التنمية المستدامة في الدول الإسلامية، فإن هناك بعض المعوقات التي واجهت العديد من هذه الدول في تبنّي خطط وبرامج التنمية المستدامة، كان من أهمها ما يلي:
أ) الفقر الذي هو أساس لكثير من المعضلات الصحية والاجتماعية والأزمات النفسية والأخلاقية، وعلى المجتمعات المحلية والوطنية والدولية أن تضع من السياسات التنموية وخطط الإصلاح الاقتصادي، ما يقضي على هذه المشاكل بإيجاد فرص العمل، والتنمية الطبيعية والبشرية والاقتصادية والتعليمية للمناطق الأكثر فقراً، والأشدّ تخلفاً، والعمل على مكافحة الأمية.
ب) الديون التي تمثّل -إضافة إلى الكوارث الطبيعية بما فيها مشكلات الجفاف والتصحر والتخلف الاجتماعي الناجم عن الجهل والمرض والفقر- أهمَّ المعوّقات التي تحول دون نجاح خطط التنمية المستدامة وتؤثر سلباً في المجتمعات الفقيرة بخاصة والأسرة الدولية بعامة، ومن واجب الجميع التضامن للتغلب على هذه الصعوبات حماية للإنسانية من مخاطرها وتأثيراتها السلبية على المجتمع.
ج) الحروب والمنازعات المسلحة والاحتلال الأجنبي التي تؤثر بشكل مضر على البيئة وسلامتها، وضرورة تنفيذ قرارات الأمم المتحدة الداعية إلى إنهاء الاحتلال الأجنبي ووضع تشريعات والتزامات تحرّم وتجرّم تلويث البيئة أو قطع أشجارها أو إبادة حيواناتها، ومراعاة الكرامة في معاملة الأسرى طبقاً للقوانين الدولية وعدم التمثيل بالموتى ومنع تخريب المنازل والمنشآت المدنية ومصادر المياه.
د) التضخم السكاني غير الرشيد وخاصة في مدن الدول النامية وتدهور الأحوال المعيشية في المناطق العشوائية وتزايد الطلب على الموارد والخدمات الصحية والاجتماعية.
هـ) تدهور قاعدة الموارد الطبيعية واستمرار استنزافها لدعم أنماط الإنتاج والاستهلاك الحالية مما يزيد في نضوب قاعدة الموارد الطبيعية وإعاقة تحقيق التنمية المستدامة في الدول النامية.
و) عدم توفر التقنيات الحديثة والخبرات الفنية اللازمة لتنفيذ برامج التنمية المستدامة وخططها.
ي) نقص الخبرات اللازمة لدى الدول الإسلامية لتتمكن من الإيفاء بالالتزامات حيال قضايا البيئة العالمية ومشاركة المجتمع الدولي في الجهود الرامية لوضع الحلول لهذه القضايا.(6)
 التحديات:
إن جذور التحديات التي تواجه لتحقيق التنمية المستدامة ترجع إلى ثلاث حقب وعلينا إتباع منهج لإيجاد الحلول المستدامة لتلك التحديات والتي تجذب اتفاق وتعبئة جهود المجتمع الدولي لتنفيذ تلك الحلول ولابد أن تبحث هذه الحلول عن طرق ووسائل للتعامل مع التحديات المختلفة التي تواجه دول العالم الثالث وتتطلب الفترة القادمة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة جهود تنسيقيه متكاملة على جميع المستويات وتنفيذ الالتزامات الموضوعة المطلوب تنفيذها من الدول وذلك للمواجهة الشاملة لاحتياجات شعوبها.(4)
وفيما يلي أهم التحديات التي تواجه التنمية المستدامة:
أ) إيجاد مصادر التمويل اللازم لتحقيق التنمية المستدامة في الدول النامية والتزام الدول الصناعية بزيادة الدعم المقدم منها للدول النامية ليصبح (1,5% من الناتج الوطني).
ب) إعداد البرامج التنموية والصحية والتعليمية للشعوب الأقل نمواً، فالدولة والمجتمعات المحلية والإقليمية والوطنية والمنظمات ذات الاختصاص، تشترك في المسؤولية -على تفاوت بينها- وهي مطالبة بالمساهمة في رعاية الطفولة والأمومة، وتأسيس البنى التحتية والمرافق، وذلك بتمويل برامج التنمية المستدامة، ووضع الخطط والسياسات الفاعلة في هذا المجال، وتقاس أهلية هذه الأطراف جميعاً وكفاءتها، بمقدار ما تقدمه من خدمات في هذه المجالات الحيوية، وبمقدار عنايتها بتطوير برامج العمل التنموي على المستويين الحكومي والشعبي ومؤسساته.
ج) تحقيق التكامل وتشجيع الاستثمار الداخلي والأجنبي من خلال إيجاد شراكة حقيقية بين الدول الصناعية والدول النامية وتحقيق فرص أفضل لمنتجاتها للمنافسة في الأسواق المحلية والعالمية من خلال منظمة التجارة العالمية.
د) إيجاد وسائل تمويل جديدة لدعم جهود التنمية للدول النامية.
هـ) نقل وتطويع التقنيات الحديثة الملائمة للبيئة وتشجيع الباحثين، وتوفير إمكانيات العمل العلمي لهم باعتباره من أسباب تطوير العمل التنموي واستمراره، ويرتبط بذلك نشر الوعي بأهمية التفكير العلمي والبحث في مجالات التنمية المستدامة، وتطوير وسائل العمل في هذا المجال، ونقل المجتمع بذلك إلى مراحل متقدمة من الرقي والتنمية في وقت أسرع وبتكلفة أقل.
و) حماية التراث الحضاري: للتراث الحضاري دورٌ أساسٌ في عنصر التنمية المستدامة لكونه يسهم في تأكيد الذاتية الثقافية، ويحافظ على خصوصياتها، ويحمي هويتها من الذوبان، ويساعد على بناء الشخصية المستقلة للأفراد والجماعات، ويمنح العمل التنموي دفعةً ذاتية أقوى في الدفاع عن الشخصية الوطنية والدينية، وصيانة المستقبل المشترك، ولذا فإن التأكيد على الأبعاد الروحية والأخلاقية التي تدعو إليها الأديان السماوية يؤثر إيجابياً في الدفع 
بالتنمية نحو الخير والعمل الصالح والتكافل الاجتماعي.
ز) التضرّر من الإجراءات التي يتخذها المجتمع الدولي لمجابهة قضايا البيئة العالمية ومسؤولية المجتمع الدولي في مساعدة الدول الإسلامية المتضررة.
ح) تأمين مشاركة كاملة وفعالة للدول النامية داخل مراكز اتخاذ القرار والمؤسسات الاقتصادية الدولية وتعزيز الجهود التي تهدف إلى جعل دواليب الاقتصاد العالمي أكثر شفافية وإنصافاً واحتراماً للقوانين المعمول بها على نحو يمكن الدول النامية من رفع التحديات التي تواجهها بسبب العولمة.(6)
وبمختصر العبارة يمكننا القول أن الحد من الفقر يمثل التحدي الأعظم الذي يواجه الجهود المبذولة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة والتي تتطلب شراكة حقيقية بين دول المجتمع الدولي بأسره.(4)
الخلاصة:
إن التنمية المستدامة تتمثل في عمارة الأرض وإصلاح�
safetyking

مصطفى حافظ محمد الجندى *مستشار السلامة والصحة المهنية ومكافحة الحريق وصحة البيئة .

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 415 مشاهدة

ساحة النقاش

مصطفى حافظ محمد الجندى....سلامتك تهمنا

safetyking
يقدم الموقع كافة اشتراطات واجراءات السلامة للوقاية من خطر الاصابات والحوادث والامراض المهنية الناتجة عن مخاطر بيئة العمل,وعرض كافة المقالات والفيديو والاخبار والاحداث والاراء والمقترحات فى مجال السلامة والصحة المهنية ومكافحة الحريق وصحة البيئة وما يستجد من اهتمامات . والموقع دائما من اجل سلامتك وان تكون بيئة العمل آمنة ومأمونة,خالية »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

1,325,861