authentication required

الشاعر المجدد الإنسان عبدالمنعم عواد(1933-2010م)
أ.د/صبري فوزي أبوحسين

عاشرت الشاعر عبدالمنعم عواد يوسف حسنين(1933-2010م(<!--)) في أخريات عمره الحافل، في غير لقاء بمقر رابطة الأدب الإسلامي العالمية بالقاهرة، وبمؤتمرات شعرية في رحاب كليتي كلية اللغة العربية بالزقازيق، فرأيت فيه الإنسان المصري الطريف اللطيف الخفيف الذي يحضر بيننا في صمت المفكر، ويحيا فينا بسمت الفيلسوف، ويقول شعره بلهجة الهادئ الهادر، والساحر القادر، والساخر الآسر. ابتسامته صافية، تعلن عن قلب كبير، ونظرته تدل على رؤية عميقة للحياة والأحياء، حتى إنني كنت أظنه في البدء- بدء رؤيتي إياه، وجلستي معه- نكرة من النكرات الثقافية التي تملأ وقت فراغها وفراغنا! في مثل هذه الجلسات والمنتديات! لكنني عندما سمعته، سمعت عجبًا، وتلقيت شعره رغبًا ورهبًا، نصوص شعرية هامسة، قائلة، صائلة، دالة، هادية، مثيرة، ذات مفارقات ومدهشات، فسألت عنه أخبرَنا بالشعراء الأحياء: أستاذي الدكتور صابر عبدالدايم، حفظه الله، فقال: إنه شاعر من العيار الثقيل، وإنه من الشعراء الرواد! فأخذت أبحث عنه كليًّا: عن حياته، عن آثاره؛ فوجدته كما قال، وجدته شاعرًا وقاصًّا وصحفيًّا، له مع القلم كاتبًا، ومع المجامع منشدًا، تجربة تزيد على الخمسين عامًا...

 تقول سيرة حياته: إنه من مواليد عام 1933م بشبين القناطر بمحافظة القليوبية، وأنه حصل فى عام 1957م على ليسانس آداب من جامعة القاهرة، وحصل فى عام 1964م على دبلومة الدراسات العليا. و يعد قسم اللغة العربية، بكلية الآداب جامعة القاهرة، مهاد تأسيسه فكريًّا وأدبيًّا؛ فقد بدأت ثقافته الأدبية القائمة على اجتهاده الشخصى تتخذ شكلاً أكاديميًّا قائمًا على نسق صحيح, فعلى أيدى أساتذته طه حسين، وشوقى ضيف، انفتحت أمامه دروب رحبة لدراسة شعرنا العربى القديم على أسس علمية ومنهجية صحيحة. ثم كان للدكتورة سهير القلماوى الدور الكبير فى تعريفه بالأدب الحديث، وللدكتور عبد العزيز الأهوانى فضل وقوفه على الأدب الأندلسى، وللدكتور عبد الحميد يونس الفضل في تمهيد دروب الأدب الشعبي واطلاعه على كنوزه من سير شعبية وأساطير وحكايات .. وفى كلية الآداب تعرف على الزملاء: رجاء النقاش، وبهاء طاهر، ومحفوظ عبد الرحمن، وصافيناز كاظم، وهدى العجيمى، الذين أصبح لهم وزن كبير في الحياة الثقافية. وقد عمل مدرسًا للغة العربية في مصر ودولة الإمارات العربية المتحدة، وترأس القسم الثقافي بجريدة البيان بالإماراتية. وقد توفي يوم الجمعة السابع عشر من شهر سبتمبر سنة 2010م، عن عمر يناهز سبعة وسبعين عامًا...

 وقد تأثر تأثرًا كبيرًا في شعره بالشعراء القدامي، الذين كان علي رأسهم أبو تمام، والبحتري، وأبو العلاء المعري، إضافة إلي شعراء العصر الحديث، أمثال علي محمود طه، ومحمود علي إسماعيل، وإيليا أبو ماضي، والذي يحتل مكانة رفيعة لديه. ويرجع فضل ظهوره  علي الساحة الشعرية إلى الشاعر محمد الأسمر الذي تبناه في بداية مشواره وتحمس لنشر شعره في ركن الأدب في جريدة الزمان، وكان اتجاهه في بداية حياته إلى الشعر الرومانسي بعد تأثره بكتابات لصالح جودت وعلي محمود طه، غير أنه- ومع بداية الثورة- اتجه للشعر الواقعي، ثم بعد ذلك إلي التجربة الصوفية من خلال ديوان "الشيخ نصر الدين والحب والسلام"، كما كان للرمزية وقعها في كتاباته.

وقد كتب أول قصيدة عام 1948م، وكان في الصف الثاني الإعدادي، عندما نشبت المعركة بيننا وبين العدو الصهيوني بعنوان"فلسطين"، قال فيها:

دماء تسيل ودمع يسيل
وهذا يقوم وذاك يميل
وشعب ينادي فيأتي الرفاق
يقولون جئنا نصد الدخيل

وقد نشر أول قصيدة له في "ركن الأدب" بمجلة "الزمان" عام 1950م، وكان يشرف عليه الشاعر الكبير المرحوم "محمد الأسمر". وقد قرر شاعرنا في أحاديثه الذاتية أن "ركن الأدب" في مجلة الزمان كان نافذة ثقافية، أطلَّ منها على الحياة الأدبية لأول مرة مجموعة كبيرة من الشعراء، منهم: محمد الفيتورى، ومحى الدين فارس، ومهران السيد، وإبراهيم عيسى، وجليلة رضا، وفتحى سعيد، وفوزى العنتيل، وهاشم الرفاعى، و كيلانى سند، و الدكاترة: أنور عبد الملك، ومحمود الربيعى، وماهر فهمي، ورجب البيومى، وزكريا عنانى. كما أن شاعرنا عرف الشاعر العراقي الكبير بدر شاكر السياب لأول مرة من خلال قصيدة بيتية نشرها له ركن الأدب عام 1950م.

وهو يكتب الشعر الجديد منذ عام 1952م؛ إذ نشرت قصيدة "الكادحون" في مجلة الثقافة في تلك الفترة التي كان يشرف عليها المرحوم محمد فريد أبو حديد. وتعد هذه القصيدة ثاني قصيدة من الشعر الجديد، تنشر لشاعر مصري في هذه المجلة، بينما كانت الأولى لعز الدين اسماعيل " لعملاق"، والثالثة لصلاح عبد الصبور " أبى". ويقول شاعرنا: إن قصيدة "من أب مصرى إلى الرئيس ترومان" لعبد الرحمن الشرقاوى كانت هي القصيدة الأم في هذا اللون من الشعر، وأقصد شعر التفعيلة، ثم قصيدة "العملاق" وقصيدة "الكادحون" وأخيرًا قصيدة "أبى" .. كانت هذه التجارب بمثابة الإشارة الخضراء للتالين على الدرب .. فخطا إثرنا الكثير من شعراء جيل الرواد ومنهم حسن فتح الباب، وكمال نشأت، وفوزى العنتيل، وأحمد عبد المعطى حجازى، ونجيب سرور، وكمال عمار وغيرهم.

 وكان أول ديوان له بعنوان "عناق الشمس"، والذي أشار عليه بطباعته مقرر لجنة الشعر في المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب- آنذاك- الأستاذ النقادة عباس محمود العقاد، وهذا الديوان تم نشره عام 1966م، وذلك عندما طلب الأستاذ العقاد منه ديوانًا لنشره في مشروع يسمى الكتاب الأول، و اشترط عليه أن تكون قصائده بيتية، فكتب هذه القصائد الموزونة، بهذا الديوان.
وهو يعد أحد أبرز شعراء جيل العمالقة الذين عاصروا مراحل تاريخية أثرت في توجهاتهم الشعرية، وهو واحد من الشعراء الذين أسسوا لقصيدة شعر التفعيلة في الشعر العربي المعاصر، مع كوكبة زملائه صلاح عبدالصبور، وكمال نشأت، وكامل أيوب، ومجاهد عبدالمنعم مجاهد، وعبد الرحمن الشرقاوي، ومحمد مهران السيد؛ وقد تميز شعرهم جميعًا بالكتابة عن الطبقات الكادحة! وقد حصل الشاعر عبد المنعم عواد يوسف على الجائزة الأولى في الشعر من مهرجان الشعر بدمشق 1960م، جائزة الشعر الأولى للشعراء الشبان ، مهرجان دمشق ، عام 1961م.
والجائزة الأولى أيضًا في الشعر من رابطة الأدب الحديث 1962م. وشهادة تقدير للإنجاز الشعرى من جمعية كفافيس ، عام 1992م، وعشرات الدروع وشهادات التقدير من مصر ودولة الإمارات العربية المتحدة، وجائزة الدولة التشجيعية فى الآداب من المجلس الأعلى للثقافة ، عام 1994م. وقد فاز شاعرنا عبدالمنعم عواد يوسف، بجائزة باشراحيل14 أبريل سنة 2010م؛ تكريمًا لمسيرته الأدبية ومشواره الشعري.

وقد قدم للمكتبة العربية مجموعة من دواوينه الشعرية، بلغت أربعة عشر ديوانًا، وخمسة دواوين للأطفال، منها :

1- (عناق الشمس)سنة 1966م.
2- (أغنيات طائر غريب)سنة 1972م.
3- (الشيخ نصرالدين والحب والسلام) سنة 1974م.
4- (للحب أغني)سنة 1976م.
5- (الضياع في المدن المزدحمة) سنة1980م

6- تنويعات على الأوتار الخمسة (بالاشتراك) سنة1981م.
7- (هكذا غنى السندباد) سنة1983م
8- (بيني وبين البحر) سنة 1985م.

9-(عيون الفجر: للأطفال) سنة1990م.

10- ديوان(لكم نيلكم ولي نيل) سنة 1992م

11- (وكما يموت الناس مات) سنة 1995م.

12- ديوان (ساحرة الأفق الشرقي) للصغار سنة 1995م.

13- (المرايا والوجوه)سنة 1999م.

14- (الأعمال الشعرية الكاملة)سنة 1999م. وقد احتوى المجلد الأول على دواوينه: (هكذا غنى السندباد، بيني وبين البحر، لكم نيلكم ولي نيل، وكما يموت الناس مات، أغنيات طائر غريب).

15- وله ديوان للأطفال مكون من مسرحيات شعرية بعنوان (الطفل والزهرة)سنة 1999م.

ويقرر قارئو شعره أن شعره تميز بالرومانسية والفنية العالية، والموضوعية في وصف أحوال الطبقة الكادحة من عمال وفلاحين وفقراء، حتى أنه جعلهم أبطالاً لشعره كما حدث في قصيدة (الكادحون) على لسان فلاح فقير.

ولعلي أقف مع تجارب من شعره في قادم المقالات إن شاء الله.

<!--[if !supportFootnotes]-->

<!--[endif]-->

(<!--) راجع ترجمته في:

<!--كتاب وجوه مضيئة في الأدب والفن، عبده الزراع، ص45-52، دار الدلتا للنشر سنة 2015م

<!--مقال(قراءة في الأعمال الكاملة للشاعر عبد المنعم عواد يوسف) بقلم الناقد محسن عبد المعطي محمد عبد ربه، في موقع العربي اليوم بتاريخ14 فبراير، 2021م، على الرابط https://elarabielyoum.com/show555217

<!--مقال( وفاة شاعر الكادحين عبد المنعم عواد يوسف)، على موقع مجلة النهار، بتاريخ 16/مايو 2012م، على الرابط: https://www.alnaharegypt.com/10306

<!--مقال(الشاعر الكبير عبد المنعم عواد يوسف وخمسون عامًا من الإبداع) للأستاذ يسري أبوالعينين، في مجلة عربيات الدولية بتاريخ 12/3/2001م، على الموقع: https://www.arabiyat.com/content/poetry/1023.html

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 79 مشاهدة

الأستاذ الدكتور صبري فوزي عبدالله أبوحسين

sabryfatma
موقع لنشر بحوثي ومقالاتي وخواطري، وتوجيه الباحثين في بحوثهم في حدود الطاقة والمتاح. والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

327,728