النقد الأدبي المنظوم في تجربة الشاعر عبدالمجيد فرغلي(1932-2009م)

لما كانت اللغة أساس تفاهم كل أمة، وكان الأدب ديوانَها وسجلَ أيامها ومصور مشاعرها، كان النقد مهذِّبَ اللغة ومنقِّحها ومطوِّرها، وكان ملازِمًا للأدب أينما حلَّ وارتحل: يرتبط به ليرسم له طريقه المستقيمة، بما يضع من قوانين ونظريات تكشف عن الجوانب المضيئة في النص الأدبي، وتميزها عن الجوانب المظلمة مع الوصف والتحليل والحكم والتعليل. ومن ثم اتصل النقد بالحياة وبالنص الأدبي اتصالًا وثيقًا، بحيث صار فنًّا - أو علمًا- طبيعيًّا في حياة الإنسان، متى أُوتي حظًّا- ولو كان هينًا -من قوى الإدراك والشعور، فذلك يمكِّنه من فهم الأدب وتذوقه والحكم عليه أو له.

وهذا النقد الأدبي كان منذ وجد نثرًا، وظل موجزًا جزئيًّا، تعليقًا على نص أُنشد،  وصدر غالبًا عن نخبة من حكماء أو عقلاء أو فلاسفة، أو طوائف من العامة، غير شعراء، . وعبر أعصار الأمة و أمصارها جاء النقد الأدبي أحيانًا شعرًا، وصدر عن شعراء كبار حكماء مخضرمين في أبيات متناثرة أو مقطوعات متنوعة، وندر أن يأتي في قصائد مطولة! وقد عرض لهذه الظاهرة النقدية النوع من النقد الناقد الأدبي التراثي ابن رشيق القيرواني(ت456هـ) وأطلق عليها مصطلح"شعر في نقد الشعر" مرة، ومصطلح"شعر في صناعة الشعر"مرة أخرى، وسجل له نماذج عديدة، كما درسها كثير من الباحثين قبلي تحت مسمى (الشعراء نقادًا) أو(الشعراء النقاد)، كما عرضت لها سنة 1997م في رسالتي للماجسيتر المعنونة بـ: (الشعر ونقده في تراث مجمع اللغة العربية بالقاهرة خلال خمسين عامًا) تحت عنوان (النقد الشعري)، حيث جاء كلام الشعراء المجمعيين في قصائدهم أو في أعطاف أشعارهم حول قضايا الإبداع الأدبي المختلفة ظاهرة تستحق الرصد والتسجيل والدرس...

 وفي بحثي هذا رأيت أن أطلق على هذه الظاهرة الأدبية والنقدية اصطلاحًا جديدًا طريفًا، يضم أنماطها ويدل على تجاربها، ويكون في مقابل (النقد الأدبي المنثور)، وهو مصطلح (النقد الأدبي المنظوم) حيث يكون النقد الأدبي نظريًّا منظومًا في قالب شعري متنوع كمًّا وكيفًا، ويكون الناقد الأدبي فيه شاعرًا في المقام الأول، وله تجربة مخضرمة مع الشعر تذوقًا وتثاقفًا وإبداعًا، ويعرض فيه خلاصة رؤيته في قصيدة أو أكثر.

وشاعرنا (عبدالمجيد فرغلي)(1932-2009م) شاعر فحل مفلق مخضرم، له نتاج غزير كمًّا، بلغ ما يقرب من ربع مليون بيت شعري أو يزيد! وهو نتاج أيضًا متنوع كيفًا بين شعر ذاتي غنائي وجداني، وشعر موضوعي قصصي أو ملحمي أو مسرحي(تمثيلي) أو مدرسي تعليمي، أو إسلامي أو صوفي أو وطني أو عروبي أو إنساني، أو تربوي...إلخ، وله في هذا النمط من النقد الأدبي الطريف أربع قصائد، إضافة إلى أبيات متناثرة في سائر شعره، تشير إلى رؤى نقدية خاصة! وعدد من القصائد المخطوطة تدور حول أعلام من الشعراء العرب، تستحق الرصد والتحليل.

ومن ثم كان هذا البحث: (النقد الأدبي المنظوم في تجربة الشاعر عبدالمجيد فرغلي (1932-2009م). وقد اعتمدت في إنجاز هذا البحث على المنهج الوصفي التحليلي، حيث أحصيت ما قاله شاعرنا، من قصائد ومقطوعات ونتف، فيما يخص قضايا النقد الأدبي وإشكالياته، ثم عايشتها كثيرًا وحللت ما فيها من إشارات إلى قضايا النقد الأدبي، محاولاً استخلاص رؤية شاعرنا النقدية للإبداع مفهومًا وعناصر ووظائف...

وقد جاء هيكل البحث الأكاديمي مكونًا من مقدمة تمهيد و مبحثين وخاتمة، على النهج الآتي:

التمهيد: مؤهلات الناقد الأدبي ومصادره في شخصية المبدع (عبدالمجيد فرغلي)

المبحث الأول: مفهوم الشعر في تجربة الشاعر (عبدالمجيد فرغلي)

المبحث الثاني: رسالة الشعر والنقد في تجربة الشاعر (عبدالمجيد فرغلي)

ثم كانت خاتمة البحث جامعة مجمله، ومعددة جديده ورؤاه، ثم كان ثبت أبرز مصادر البحث ومراجعه وموضوعاته.

والله الموفق والمعين، وإليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 222 مشاهدة

الأستاذ الدكتور صبري فوزي عبدالله أبوحسين

sabryfatma
موقع لنشر بحوثي ومقالاتي وخواطري، وتوجيه الباحثين في بحوثهم في حدود الطاقة والمتاح. والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

331,511