<!--المحاضرة الأولى في الأسبوع الثالث من شهر مارس بتاريخ:16/3/2020م
في مقرر:(النصوص الأدبية الحديثة)
<!--للفرقة الرابعة من شعبة اللغة العربية بكلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنات بمدينة السادات
<!--إعداد الدكتور/صبري فوزي أبوحسين
<!--عنوان المفردة العلمية:
تابع تحليل قصيدة اللغة العربية تنعى حظها بين أهلها: الأبيات الختامية
العناصر الرئيسة:
تمهيد المحاضرة بـ:
أولًا: التعريف بالشاعر.
ثانيًا: مناسبة النص.
ثالثًا: المضمون الكلي للنص
رابعًا: الأفكار الجزئية للنص ومدى توافر الوحدة فيها
<!--التعريف بالشاعر
ولد الشاعر محمد حافظ إبراهيم من أب مصري وأم تركية سنة 1872م في صعيد مصر وتوفي والده وهو في الرابعة من عمرة فانتقل إلي القاهرة ثم عمل بالمحاماة ثم ترك المحاماة والتحق بمدرسة الحربية وتخرج فيها ضابطا فعين في الحربية ثم انتقل للشرطة وعمل مديرًا للقسم الأدبي بدار الكتب المصرية وقد جمعت أعماله في ديوان يسمي ديوان حافظ ولقب بـ ( شاعر النيل – شاعر الشعب – شاعر الفقراء ) وتوفي عام 1932م. وهذه القصيدة ترشحه ليكون لسان الأصالة والجزالة العربية.
<!--مناسبة النص والدافع على إبداعه:
هذه القصيدة قالها شاعر النيل " حافظ إبراهيم " مدافعا ومنافحا عن اللغة العربية، تلكم اللغة التي يفتخر بها العرب والمسلمون ويعتزون بها ، فهي تحفظ كتابهم وتشريعهم ، وتعبر عن علومهم وآدابهم.. حين تعالى الهمس واللمز حولها في أوساط رسمية وأدبية، وعلى مسمع ومشهد من أبنائها واشتد الهمس وعلا، واستفحل الخلاف وطغى، فريق يؤهلها لاستيعاب الآداب والمعارف والعلوم الحديثة، وفريق جحود ، يتهمها بالقصور والبلى وبالضيق عن استيعاب العلوم الحديثة.. ولكن حافظاً الأمين على لغته الودود لها يصرخ بوجوه أولئك المتهامسين والداعين لوأدها في ربيع حياتها بأن يعودوا إلى عقولهم ويدركوا خزائن لغتهم فنظم هذه القصيدة يخاطب بلسانها قومه ويستثير ولاءهم لها وإخلاصهم لعرائسها وأمجادها.
<!--المضمون الكُلِّي للنص:
في هذه القصيدة يتكلّم في حافظ إبراهيم على لسان اللغة العربية في واحدةٍ من أحرج الفترات الزمنية التي مرّت على العالم العربي إبان الاستعمار والانتداب على المنطقة العربية والذي أثّر تأثيرًا بالغًا في اللغة العربية وتعلُّق أبنائها بها وعزوفهم عنها في حالاتٍ أخرى خاصةً بعد المناداة بكتابة اللغة العربية بالحروف اللاتينية واعتمادها اللغة اللاتينية لغةً رسميةً للتعليم في مصر، فكتب هذه القصيدة حيث بدأها بالشكوى على لسان اللغة العربية التي فُجعت عندما رُميت بالعقم وعدم كفاءتها لمواكبة العصر وهي لغة القرآن الكريم والتي عبر بها عن كافة معانيه وآياته بمنتهى الدقة والإيجاز والبلاغة فكيف تضيق اليوم عن وصف العلوم والمخترعات والأبحاث التي وضعها وألفها البشر والذين نادوا بوأدها واستبدالها بغيرها وهي البحر المليء باللؤلؤ.
<!--الأفكار الجزئية للنص:
هذه القصيدة ثلاثة وعشرون بيتًا، يمكن إجمالها في الأفكار الجزئية الآتية:
-دفاع عن الفصحى ودعوة أهلها لإنقاذها
[من البيت الأول حتى البيت الثاني عشر]
-الفصحى بين العرب القدامى وعرب الصحافة
[من البيت الثالث عشر حتى البيت العشرين]
-الختام بالتخيير والتحذير[الأبيات الثلاثة الأخيرة]
وقد أجاد حافظ الربط بين هذه الأفكار وجعلها نفثة واحدة، عن طريق أسلوب التشخيص الحاضر منذ مطلعها ومرورا بمقطعها حتى ختامها.
النص مضبوطًا:
أولاً: دفاع عن الفصحى ودعوة أهلها لإنقاذها
رجعْتُ لنَفْسِي فاتَّهَمْتُ حَصاتِي ونادَيْتُ قَوْمِي فاحْتَسَبْتُ حَياتِي
رَمَوْني بعُقْمٍ في الشَّبابِ وليْتَني عَقِمْتُ فلَم أَجْزَعْ لقَوْلِ عُداتِي
وَلَدْتُ ولمَّا لمَ أَجِدْ لعَرائِسِي رِجالاً وأَكْفاءً وَأَدْتُ بَناتِي
وسِعْتُ كِتابَ اللهِ لَفْظًا وغايًة وما ضِقْتُ عن آيٍ به وعِظاتِ
فكيف أَضِيقُ اليومَ عن وَصْفِ آلَةٍ وتَنْسِيقِ أسماءٍ لمُخْترَعاتِ
أنا البَحْرُ في أَحْشائِه الدُّرُّ كامِنٌ فهل سَأَلوا الغَوَّاصَ عن صَدَفاتِي
فيا وَيْحَكُمْ أَبْلَى وتَبْلَى مَحاسِني ومنكم وإنْ عَزَّ الدّواءُ أساتِي
فلا تَكِلُوني للزّمانِ فإنّني أَخافُ عليكمْ أن تَحِينَ وَفَاتِي
أَرَى لرِجالِ الغَرْبِ عِزًّا ومَنْعَةً وكم عَزَّ أَقوامٌ بعِزِّ لُغاتِ
أَتَوْا أَهْلَهُمْ بالمُعْجِزاتِ تَفَنُّنًا فيا لَيْتَكُمْ تأتونَ بالكَلِمَاتِ
أَيُطْرِبُكُمْ مِنْ جانِبِ الغَرْبِ ناعِبٌ يُنادِي بِوَأدِي في رَبِيعِ حَياتِي
ولو تَزْجُرونَ الطَّيْرَ يوما عَلِمْتُمُ بما تَحْتَه مِنْ عَثْرَةٍ وشَتاتِ
ثانيًا: الفصحى بين العرب القدامى وعرب الصحافة
سَقَى اللهُ في بَطْنِ الجَزِيرةِ أَعْظُمًا يَعِزُّ عليها أنْ تَلِينَ قَناتِي
حَفِظْنَ وِدادِي في البِلى وحَفِظْتُه لهنّ بقَلْبٍ دائمٍ الحَسَراتِ
وفَاخَرْتُ أَهلَ الغَرْبِ والشرقُ مُطْرِقٌ حَياءً بتلكَ الأَعْظُمِ النَّخِراتِ
أَرَى كلَّ يومٍ بالجَرائِدِ مَزْلَقًا مِنَ القَبْر يُدْنِيني بغَيْرِ أَناةِ
وأَسْمَعُ للكُتّابِ في مِصْرَ ضَجًّة فأَعْلَمُ أنّ الصّائحِين نُعاتِي
أَيَهْجُرُني قَوْمِي – عفا اللهُ عَنْهُمُ - إلى لُغَةٍ لَمْ تَتّصِلْ برُواةِ
سَرَتْ لُوثَةُ الافْرَنْجِ فيها كما سَرَى لُعابُ الأَفاعِي في مَسِيلِ فُراتِ
فجاءَتْ كثَوْبٍ ضَمَّ سَبْعِين رُقْعَةً مُشَكَّلَةَ الأَلْوانِ مُخْتَلِفاتِ
ثالثًا: الختام بالتخيير والتحذير:
إلى مَعْشَرِ الكُتّابِ والجَمْعُ حافِلٌ بَسَطْتُ رَجائِي بَعْدَ بَسْطِ شَكاتِي
فإمّا حَياةٌ تَبْعَثُ المَيْتَ في البِلى وتُنْبِتُ في تِلْكَ الرَّمُوسِ رُفاتِي
وإمّا مَماتٌ لا قِيامةَ بَعْدَهُ مَماتٌ لَعَمْرِي لَمْ يُقَسْ بمَماتِ
معاني المفردات:
<!--معشر : جماعة ج. معاشر. رجائي : أملي، والمضاد: يأسي
رفاتي : ما يتبقى من الإنسان بعد الموت
الكَتاب :الأدباء، المفرد. كاتب. شكاتي : الشكوى من المرض. لا قيامة: لا حياة
حافل : كثير ، المضاد قليل. البلى :الفناء المضاد : الحياة ، البقاء.
لعمري : عَمري والمراد قسمي.
بسطت : مددت ووسعت، المضاد قبضت. الرموس :القبور، المفرد: الرمس
لم يقس : لا مثيل له.
<!--مظاهر الجمال:
<!--(بسط رجائي بعد بسط شكاتي ) تصوير جميل للغة العربية بإنسان يرجو من أهله الاهتمام به ويشكو لهم سوء الحالة وفيه - أيضا مقابلة تؤكد المعنى وتقويه.
( وتنبت في تلك الرموس رفاتي ) تصوير لرفات اللغة بالنبات الذي ينمو .
( حياة ، ممات ) تضاد يبرز المعني ويؤكده.
( ممات ، قيامة ) تضاد يبرز المعني ويؤكده .
(ممات لعمري لم يقس بممات ) : تعبير مؤكد بالقسم ( لعمري ) يدل علي يأس اللغة من سوء حالتها وتصوير للغة بإنسان يقسم
• اللغة ولأسلوب في النص
معجم الشاعر في النص يتسم بالجزالة والقوة مع العذوبة والرشاقة والمواءمة بين اللفظ والمعنى . ونرى في القصيدة أسلوبًا محكمًا وعبارات رشيقة، وتراكيب رصينة، وسلامة في التعبير..
وأسلوب الشاعر في هذه القصيدة سهل واضح ، استخدم فيه أسلوب الحض، وذلك لاستخدامه كثيرا من الجمل الإنشائية من أمر ونهي وتعجب واستفهام ورجاء في مثل قوله " وليتني عقمت " " فكيف أضيق اليوم " فيا ويحكم " أيطربكم " أيهجرني " وغير ذلك .
كما أن معانيه جاءت واضحة مترابطة سطحية لاغموض ولا عمق فيها. وهذا أمر طبعي إذ أنه يتحدث عن موضوع يهم الأمة الإسلامية وهو الحملة الجائرة على اللغة العربية وصمود هذه اللغة أمام هذه التحديات .
وقد عبر الشاعر عن تلك المعاني بألفاظ وعبارات قوية موافقة للمعنى، سهلة لا تحتاج إلى الرجوع للمعاجم ، استخدم اللفظة المعبرة للمعنى .
<!--الصور الخيالية :
حلق الشاعر بخياله مع القدماء، فاستمد صوره الجزئية من الخيال العربي القديم، هذا بالإضافة إلى التشخيص الذي أعطى القصيدة جدة وابتكارًا
ولا يخلو النص من الصور الخيالية التي تقرب المعنى وتجسده فاستخدم أسلوب التشخيص من بداية القصيدة ، حيث جعل اللغة العربية إنسانا يتحدث عن نفسة ، فيقول " رجعت لنفسي فاتهمت حصاتي "
كما أنه استخدم الاستعارة المكنية في قوله : " ولدت فلما...."فقد شبهها بامرأة تلد فحذف المشبه به " المرأة " وصرح بالمشبه على سبيل الاستعارة المكنية وقوله : " رموني بعقم في الشباب» .
والاستعارة التصريحية كما في قوله : " لعرائسي " حيث شبه الفاظها بالعرائس وحذف المشبه وصرح بالمشبه به على سبيل الاستعارة التصريحية ، وقوله : " وأدت بناتي "
والتشبيه البليغ في قوله : أنا البحر في أحشائه الدر كامن»
والتشبيه المركب في قوله :
سرت لوثة الافرنج فيها كما سرى لعاب الافاعي في مسيل فرات .
واستخدم البديع كالطباق في قوله : ولدت ، وأدت ...
(بسط رجائي بعد بسط شكاتي) تصوير استعاري جميل للغة العربية بإنسان يرجو من أهله الاهتمام به ويشكو لهم سوء الحالة وفيه - أيضا مقابلة تؤكد المعنى وتقوية.
- ( وتنبت في تلك الرموس رفاتي) تصوير استعاري لرفات اللغة بالنبات الذي ينمو .
- ( حياة ، ممات) طباق وتضاد يبرز المعني ويؤكده.
– ( ممات ، قيامة) طباق وتضاد يبرز المعني ويؤكده .
- ( ممات لعمري لم يقس بممات) : تعبير مؤكد بالقسم (لعمري) يدل علي يأس اللغة من سوء حالتها وتصوير للغة بإنسان يقسم.
<!--نثر الأبيات الختامية:
تطلب اللغة العربية من أبنائها وكتابها أن يتولوها بالرعاية والاهتمام والحفاظ علي قواعدها والحفاظ عليها من الضياع والتمسك بها نطقًا وكتابةً وتحدثًا والتصدي للأخطاء الشائعة، وتقول لهم: إن المسألة أصبحت بين أمرين لا ثالث لهما؛ إما حياة قوية كريمة تحيا فيها بين أبناء يعرفون قدرها ويعملون علي عزتها ورفعتها وعزتهم ورفعتهم، وإما موت لا حياة بعده.
<!--رؤية نقدية كلية للنص
هذه القصيدة قالها شاعر النيل " حافظ إبراهيم " مدافعا ومنا فحا عن اللغة العربية ، اللغة التي يفتخر بها العرب والمسلمون ويعتزون بها ، فهي تحفظ كتابهم وتشريعهم ، وتعبر عن علومهم وآدابهم.. حين تعالى الهمس واللمز حولها في أوساط رسمية وأدبية، وعلى مسمع ومشهد من أبنائها واشتد الهمس وعلا، واستفحل الخلاف وطغى، فريق يؤهلها لاستيعاب الآداب والمعارف والعلوم الحديثة، وفريق جحود ، يتهمها بالقصور والبلى وبالضيق عن استيعاب العلوم الحديثة.. ولكن حافظاً الأمين على لغته الودود لها يصرخ بوجوه أولئك المتهامسين والداعين لوأدها في ربيع حياتها بأن يعودوا إلى عقولهم ويدركوا خزائن لغتهم فنظم هذه القصيدة يخاطب بلسانها قومه ويستثير ولاءهم لها وإخلاصهم لعرائسها وأمجادها.
وأسلوب الشاعر في هذه القصيدة سهل واضح ، استخدم فيه أسلوب الحض ، وذلك لاستخدامه كثيرا من الجمل الإنشائية من أمر ونهي وتعجب واستفهام ورجاء في مثل قوله " وليتني عقمت " " فكيف أضيق اليوم " فيا ويحكم " أيطربكم " أيهجرني " وغير ذلك
كما أن معانيه جاءت واضحة مترابطة لا غموض ولا عمق فيها وهذا أمر طبعي إذ أنه يتحدث عن موضوع يهم الأمة الإسلامية وهو الحملة الجائرة على اللغة العربية وصمود هذه اللغة أمام هذه التحديات .
عبر الشاعر عن تلك المعاني بألفاظ وعبارات قوية موافقة للمعنى ، سهلة لا تحتاج إلى الرجوع للمعاجم ، استخدم اللفظة المعبرة للمعنى .
وعاطفة الشاعر في هذه القصيدة عاطفة دينية تموج بالحب والغيرة على الأمة الإسلامية فلا غرو أن تكون صادقة.
ولا يخلو النص من الصور الخيالية التي تقرب المعنى وتجسده فاستخدم أسلوب التشخيص من بداية القصيدة ، حيث جعل اللغة العربية إنسانا يتحدث عن نفسه . كما لا يخلو النص من مؤخذات أدع لطالباتي فرصة الوقوف عليها بأنفسهن شريطة أن تكون المؤاخذة مقرونة بدليل مقنع!