كتاب النهاية في العروض للمهندس عبدالحميد ضحا:
قراءة تحليلية نقدية
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بقلم:
الأستاذ الدكتور/صبري فوزي عبدالله أبوحسين
أستاذ ورئيس قسم الأدب والنقد بكلية اللغة العربية بالزقازيق
وعضو اتحاد كتاب مصر
هذا كتاب تعليمي تثقيفي في عرض أفكار علمي العروض والقافية االقديمة والحديثة، بطريقة ذاتية ذوقية خاصة، فيها جدة، وفيها حداثة، وفيها جمع بين الأصالة والمعاصرة بوسطية، وقد طالعته مطالعة رأسية وأخرى أفقية، فنجم عن هاتين المطالعتين تلك القراءة الهادية الهادئة النقدية. والتي تناولت الآتي:
مؤلف الكتاب
المؤلف شاب مصري أربعيني، أحب الفصحى الخالدة وأخلص لها، فجاهد في سبيل إحيائها وتيسيرها ونشرها، فأنتج فيها: إبداعًا وتأليفًا متنوعًا، وجذابًا، ليعلن عن حضوره الفذ بيننا بآثاره الشعرية والروائية والمقالية والتأليفية. وإن تعجب فعجب أنه ليس من أبناء الدراسات اللغوية العربية، وليس من المتخصصين فيها، ليس أزهريًّا كَلْغَرِيًّا، ولا درعميًّا، ولا آدَاباتيًّا، إنه مهندس اتصالات وإلكترونيات! إنه الشاب المصري المهندس "عبد الحميد محمد محمد حسين ضحا"، المولود في محافظة القليوبية5/ 3/1972م، الحاصل على بكالوريوس هندسة الاتصالات والإلكترونيات من كلية الهندسة بجامعة كفر الشيخ، بتقدير عام جيِّد، والمتفرغ –حاليًا- للعمل الأدبي والإعلامي، والذي كان يعمل مدير قسم اللغة العربية بشبكة الألوكة من سنة2008 حتى مارس 2018م.!
إنه فنان متكامل: شاعر وروائي وقاص وكاتب إسلامي، شاب طموح عنده همة عالية وعزيمة سامية؛ فآثار مهندس الاتصالات والإلكترونيات التأليفية المطبوعة تدل عليه وتدل له، حيث أبدع بالفصحى، وألف فيها ما يبهر ويسحر: فله في الإبداع الشعري ديوان «ملحمة حر"، وديوان شعر "لن أنحني" (تحت الطبع)، وعشرات القصائد الأخرى المخطوطة والمنشورة. وله في الإبداع السردي رواية «عندما يطغى النساء"، و رواية "عصفوران بين الشرق والغرب"، رواية "كنوز تحت الأقدام"، وله مجموعة قصصية بعنوان «العائد»، مجموعتان قصصيتان للأطفال: "عمار فوق السحاب" "السفينة والعواصف". و في مجال نشر التراث العربي قام بتحقيق منظومة (عقود الجمان في علم المعاني والبيان) للإمام السيوطي وضبطها. وله في مجال شرح علوم العربية وتيسيرها كتاب «علاقة المعنى بالإعراب»، والكتاب الأشهر «النهاية في العروض مع شرح دوائر الخليل بن أحمد الفراهيدي»، والذي نقف معه هذه الوقفة التحليلية النقدية؛ نظرًا لصداه الواسع عند الدراسين والمتخصصين، لاسيما وقد نال تقريظ رئيس المجمع اللغوي بالقاهرة: الأستاذ الدكتور حسن عبداللطيف الشافعي، وثناء الدكتور العلامة سعد مصلوح، والعروضي القدير الدكتور شعبان صلاح، حفظهم الله تعالى... هذا إضافة إلى دراسات نحوية وأدبية ونقدية، بالإضافة لمقالات وأشعار منشورة على الشبكة العنكبوتية، على مواقع (الألوكة - مجلة الزيتونة - الإسلام اليوم - دنيا الرأي - مؤسسة فلسطين الثقافية - المختار الإسلامي ... إلخ. وقد عرضت لشخصيته في مقالة منشورة لي بعنون:(المهندس عبدالحميد ضحا مجذوب الفصحى في زمننا المريض!)
الإطار الخارجي للكتاب:
جاء الكتاب في ست وتسعين وخمسمائة صفحة. وهذا حجم كبير بالنسبة إلى كتاب تعليمي يتغيا عرض أساسيات علمي العروض والقافية بطريقة عملية!
وبالنظر في فهرس الكتاب نجد أن المؤلف قد كوَّن كتابه من عنوان، وإهداء، وما أسماه المؤلف المقدمة، ثم نص رسالة العلامة سعد مصلوح، ثم مقدمة، ثم أخذ المؤلف يعرض قضايا أو إشكاليات عروضية ويذكر رأيه فيها، وهي: صعوبة العروض، وتدوين الشعر، والشعر بين الإنشاد والغناء والإلقاء، ومدى معرفة العرب علم العروض قبل الخليل، ومدى اكتشاف أو اختراع الخليل علم العروض، والتعريف بالخليل وتصانيفه وكتابته الشعر، ووفاته، والمؤلفات في العروض بعد الخليل، والتعريف بالأخفش ومدى استدراكه البحر المتدارك، وأهمية دراسة علم العروض، ومدى قدرة العروض على صناعة الشعر، والفرق بين النظم والشعر، ومفهوم الشعر وأنواع الشعراء، وتعريف العروض، وبعض المصطلحات والمسائل المهمة، والبيت الشعري عروضيا، والكتابة العروضية، والتفعيلات، والتغييرات العروضية، ثم طريقة المؤلف المقترحة لتناول التغييرات العروضية، ثم عرض لشرح دوائر الخليل بن أحمد الفراهيدي، والبحور الشعرية من حيث سبب تسمية كل بحر، وأعاريضه، والزحافات والعلل فيه، وأمثلة على صور البحر، وقد عرض لكل بحر حسب ترتيب الدوائر العروضية، ثم تحدث عن التجديد في البحور، وتطور الأوزان من موشحات، ودوبيت، والكان وكان، والقوما، والمواليا، والزجل، والبند، والشعر الحر، وقصيدة النثر، ومستقبل قصيدة النثر، والضرورات الشعرية، والقافية وحدودها، وحروفها، وعيوبها، وتنويع القوافي، من مزدوجات ومشطر ومربعات ومخمسات ومسمطات وما أسماه تنويع القافية في كل عدد من الأبيات ثم الخاتمة والمصادر والمراجع، ثم السيرة الذاتية، ثم فهرس الكتاب.
وظاهر من هذا العرض الرأسي للكتاب أنه يعتمد الخطوط العريضة للمؤلفات العروضية القديمة والحديثة، وأنه يعتمد تداعي الأفكار، وأنه يتغيا طريقة عملية وظيفية في العرض، وأنه يريد إفادة متذوقي فن الشعر ومبدعيه!
العنوان:
جاء نص عنوان الكتاب: (النهاية في العروض، مع شرح دوائر الخليل بن أحمد الفراهيدي) وهو جملة اسمية مقيدة بقيد ظرفي. وفي العنوان تركيز على أهم جهدين في الكتاب: الدرس العروضي، وشرح دوائر الخليل.
وفي العنوان مبالغة فخرية في لفظة (النهاية)! وهي لفظة تدل على نزعة تراثية؛ إذ استخدمت في غير عنوان من كتب التراث!
واستخدمت في العنوان لفظة (العروض) دالة على علمي العروض والقافية معًا، والمعروف أن لفظة العروض لا تدل على علم القافية، وأن المؤلفين في العلمين دائمًا ما ينصون على العلمين معا في عنوانات كتبهم! فالعنوان لا يدل على ما في الكتاب من شرح لعلم القافية، ومن عرض لظواهر التجديد في الوزن والقافية؛ فلفظة (العروض) دالة فقط على علم واحد من علمي الخليل العروض، والقافية! فهي قاصرة عن أداء الجهد المبذول في الكتاب!
الإهداء:
جاء الإهداء جملة اسمية، مبتدؤها لفظة الإهداء، وخبرها شبه جملة مكونة من وصفين: المحب للسان العربي، والعاشق للشعر العربي، نصها:" الإهداء إلى كل محب للسان العربي، عاشق للشعر العربي". وهذا الإهداء يدل على الغاية النفعية من التأليف، ومن نوع المتلقين المقصودين المستهدفين من التأليف. وهم عشاق العربية وشعرها.
المقدمة
جاءت في ثلاث صفحات(5-7) تناول فيه المؤلف رحلته الزمنية مع تأليف الكتاب، وطريقة التأليف، والمستهدفين من التأليف، وصدى هذا التأليف في القارئين إياه في تجاربه الأولى قبل الطباعة النهائية. وقد ذكر فيها أنه لم يترك مسألة من مسائل العروض حتى المسلمات إلا ناقشها، ودلل على رأيه فيها. وأنه راعى في كتابه الشاعر الذي يطلب ما يحتاج إليه صافيا سهلا دون الخوض في مناقشات واستدلالات! كما أنه عرضه على بعض أعلام العربية والمتخصصين في العروض، وأشادوا بتأليفه ووجهوه إلى بعض المآخذ!
نص رسالة سعادة الدكتور سعد مصلوح
جاء في صفحتين(8-9)، وفيه إشادة بجدية ورصانة التأليف، وأنه من أجمع المصنفات وأمتعها في بابه، ومن أوفرها حظا من الوضوح والتنظيم والإتقان والإحكام، وأحفلها بالرؤية الخاصة والتجربة الفردية المنتجة وأشدها خصوصية وأنه يغني عن كثرة كثيرة من الكتب في هذا الفن، وكان لأستاذنا السعد عدة ملاحظ سنفيد منها في تقييم الكتاب لاحقًا.
مقدمة
وتكاد تشمل ستًّا وتسعين صفحة(10-106) وفيها موضوعات وأطروحات كثيرة يختلط فيها الذاتي بالمتخصص بالعام؛ ففي الصفحات الأربعة الأولى منها نجد تصويرًا لصلته بعلم العروض، وأنه بحر لا ساحل له، لكثرة اصطلاحاته وأمواجه العاتية؛ إذ اشتهر بوعورته، ثم تناول طريقته في قراءة الشعر قراءة موسيقية منغمة، وأنها أساس إبداعه وتذوقه الشعر، وأنه كان من خلال هذه الطريقة يعرف السليم من المكسور من الشعر، إلى قرأ في عروض الشعر العربية منظومة الكافية الشافية للصبان، وقد خرج من هذه القراءة بأن العروض له شأن خاص: سهل ممتنع: سهل على أهل السليقة والأذن المرهفة، ممتنع على أهل الحفظ والدراسة دون أذن مرهفة. وقد صرح في هذه الصفحات بأن كتابه هذا لشاعر لم يتلق العروض من العروضيين، بل اكتسبه بالسليقة يناقش العروضيين الذين طوال تاريخهم منذ الخليل إلى الآن هم الذين يحاكمون الشعراء! وأخذ المهندس المؤلف يعرض في مقدمته هذه سبب صعوبة العروض، وقضايا أخرى متصلة بأساسيات هذا العلم، وهي قضايا متنوعة بين تاريخية، وإبداعية، ولغوية، ومدرسية ممهدة للدخول في دهاليز هذا العلم وخباياه وخفاياه...
شرح دوائر الخليل بن أحمد الفراهيدي
جاء هذا الشرح في خمس وعشرين صفحة(107-125). وقد مهد المؤلف لهذا الشرح في صفحات ثلاثة، بالإشارة إلى عبقرية الخليل الرياضية، وصعوبة فهم دوائره العروضية، ثم أخذ المؤلف ينال من موقف الدكتور إبراهيم أنيس من الدوائر!
ثم بين المؤلف طريقته في شرح هذه الدوائر، وهو شرح عادي تقليدي موجود عند العروضيين السابقين! وقد أشار المؤلف إلى إشادة أهل الفضل والعلم به وبأنه أفضل شرح للدوائر الخليلية! ثم قام المؤلف بذكر الدوائر الخمس والبحو المستعملة، والبحو المستنبطة وتعريف الدائرة، وطريقة الفك، ثم أخذ يحلل كل دائرة، ملتزمًا رسمتها، وبيان جملة أبحرها، وطريقة فك هذه الدائرة، ونبذة عن الأبحر المستعملة والمهملة!