أنا حر .. إذن أنا موجود .
إن الحرية هي أن تقول ما تريد وتفعل ما تريد وتقرر ما تريد وتعتقد ما تشاء في الوقت الذي تريد ، دون أن يقيد من حريتك أي سلطة أو يعوقك أي عائق ، ولكن الحرية ليست مطلقة بلا حدود ولا قيود ولكنها مقيدة بعد الاضرار بالأخرين ، ومقيدة بأوامر الأديان ومنهياته وبمبادئ وقيم وأخلاق ومسؤوليات وضوابط ونظم كل شعب أو قوم أو مجتمع وإلا تحولت الى فوضى وخراب ودمار للعالم بأسره .. ثم هي ليست منحة من أحد أنما هي هبة من الله – الذي خلق الإنسان وكرمه بهذه النعمة فوهبه العقل والحرية ليكون ذلك سبب التكليف والحساب ..
إن الحرية أساس الأخلاق، وشرط الإيمان، وجوهر إنسانية الإنسان، وهي مرتبطة بفطرة الإنسان كهبةٍ ربانية وليست منحةً من سلطةٍ أو هديةً من حضارة، وقد قال سيّدُنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه: ( متى استعبدتم النّاس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارًا )
وقال المنفلوطي :
ليست الحرية في تاريخ الإنسان حادثاً جديداً، أو طارئاً غريباً، وإنما هي فطرة الله التي فطر الناس عليها.
إن الإنسان الذي يمدّ يديه لطلب الحرية ليس بمتسوِّل ولا مستجد، وإنما هو يطلب حقًّا من حقوقه التي سلبته إياها المطامع البشرية، فإن ظفر بها فلا منة لمخلوق عليه، ولا يد لأحد عنده.
وإن الحرية في أمة فقيرة تستجدي أقواتها من غيرها وتعيش عبئا على سواها ، ولا يجد أبناؤها ما يمسك الرمق وما يستر العورة لهي حرية كاذبة أم الحرية الحقة فهي الحرية التي تحميها المزارع والمصانع والمعامل والمنابر العلمية.
مما سبق تعرفنا معنى الحرية وضوابطها وهل هي مطلقة أو مقيدة بشكل مجمل وفيما يلي من سطور نتعرف على تفصيل ما سبق ..
فهناك من يستعبدنا ويسلبنا حريتنا من غير البشر والحضارات فلنتحرر من الفقر والجهل والمرض ..
- فالفقر عبودية وليس حرية ؛ فكيف تدعي الحرية وأنت فقير تمد يدك إلى غيرك ، سواء كنت فردا أو دولة ؛ وتعيش عالة على سواك – أبيك أو أمك او أخيك – في مطعمك وملبسك ومسكنك ، فقديما قالوا : من أراد أن يكون رأيه من رأسه فلتكن لقمته من فأسه ..
فالفقر ذل وعبودية وهوان .. لذا فكما أن الحرية هي الحياة .. فإن القوة الاقتصادية هي عصب الحياة وصانعة الحرية .
- والجهل عبودية وليس حرية ، فالجاهل مكبل اليد والفكر والقلب واللسان في مواجهة تحديات الحياة ..
فكيف تدعي الحرية وأنت جاهل لا تستطيع الاختيار – اختيار العمل أو التخصص أو الطريقة أو المنهج أو المخطط الذي تريد أن تسير به في حياتك ، والذي يجب أن يكون على أسس وقواعد العلم .. أنت لست حر ما دمت تستعين بآخرين لتخطيط وإدارة أسلوب حياتك .. أنت لست حرا ما دمت بحاجة الى كوادر علمية تدير لك المصانع والمكائن أو تقدم لك الدراسات المطلوبة لمشروعك أو عملك .
مما سبق في هذا البيان المقتضب الذي يوضح العلاقة بين الحرية والعلم لابد أن تؤمن أن العلم هو الحرية الحقة والجهل هو العبودية الحقة أما غير ذلك فهي حرية زائفة كاذبة خاطئة .
- والمرض عبودية وليس حرية ، ألم تر أنك إذا أصبت بمرض لا تستطيع أن تقول ما تريد أو تفعل ما تريد أو تقرر ما تشاء ، فهناك من يعوق ويحد من تصرفاتك ..
هنا وبعد هذا العرض لابد أن نعرف ....
- قيمة الحرية :
فإذا تبين لنا ذلك جليا واستطعنا أن نفهم الحرية الحقة ونطلبها كحق مشروط وأن نتحرر من عبوديتنا لأي شيء ..هنا نستطيع أن نعرف قيمة الحرية وأهمية الحرية ولذة الحرية وفائدة الحرية ..
فقيمة الحرية .. في أن من يعيش في ظل الحرية ، فإنه يشعر بعدل لا يشوبه ظلم وأمن لا يشوبه خوف ، ورضا لا سخط يعتريه ، وطمأنينة لا يشوبها قلق ..
في ظل الحرية يستطيع الإنسان أن يبدع وينتج ويبتكر ويخترع ويكتشف ويستطيع أن يعبد الله .
إن الحرّية ضرورةٌ من الضّرورات التي لا تستقيم حياة الإنسان إلا بها، وهي تبلغ في مقام الأهمية مقام الحياة، فالحرية هي الحياة ، فمن عاش محروما منها – فهو حي كميت ..
وكلمة أخير ة تلخص وتختزل المقال " أنت حر ما لم تضر "
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بقلم / عبد الشافي أحمد عبد الرحمن ..
بقلم الكــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــاتب
عبد الشافي أحمد عبد الر حمن