شكل المحميات الطبيعية عاملاً أساسياً في الحماية من آثار تغير المناخ فهي نوليها العناية المطلوبة ؟
تمثل المحميات الطبيعية أحد أهم عوامل لمواجهة التغير المناخي ، فهل تمثل الوقاية من خطر الفيضانات والجفاف أو ما يطلق عليه الكوارث الطبيعية ، ونعرف المحميات الطبيعية بأنها مساحات من الأراضي أو البحار خصصت لحماية التنوع الحيوي والموارد الطبيعية والثقافية ، ولحماية مناطق مساقط المياه وحماية السواحل البحرية ، وينعم السودان بعدد من المحميات الطبيعية أشهرها محمية الدندر ، فهل تتوفر كافة سبل الحماية لتلك المحميات أم لا ، وما هو الدور الذي تلعبه تلك المحميات في الحد من آثار تغيير المناخ . د. معتصم نمر الخبير البيئي يرد على تلك الأسئلة .
المحميات وتغير المناخ
قال د. معتصم : ترجع أهمية المحميات الطبيعية لأسباب بيئية واقتصادية واجتماعية فالمحميات تعتبر مناطق لامتصاص الكربون من الجو وتسهم في خفض نسبة ثاني أكسيد الكربون في الهواء وتساعد في تلطيف المناخ في المناطق المتاخمة لها . كما أصبحت المحميات مواقع خاصة للتنمية ترتكز على قاعدة احترام البيئة والإنسان معاً .
وأضاف : كانت اتفاقية لندن عام 1933 البداية لإنشاء مناطق محمية بالسودان ، وجاء ذلك الاهتمام من حقيقة تنوع الحياة الحيوانية في السودان نظراً لتنوع النظم الآيكولوجية وأنواع الحياة النباتية فلقد وأوضحت دراسات اجريت في العام 1956 بأن 224 من نوع وتحت النوع من الحيوانات بخلاف الخفافيش تنتمي إلى 91 جنساً قد تم وصفهم بالسودان . كما أن من بين 13 رتبة من الثديات في إفريقيا توجد 12 منها في السودان .
الحظائر القومية بالسودان
وقال د. معتصم : يوجد بالسودان عدد من الحظائر القومية تصنف محمياتها ضمن المرتبة الثانية لتصنيف الاتحاد العالمي لصون الطبيعة ، ويقصد بها المناطق التي أنشئت من أجل حماية الحيوانات حماية كاملة ولا يسمح فيها بأي أنشطة إنسانية سوى للأغراض السياحية والترفيهية والتعليمية .
وهي حظيرة الدندر القومية التي تعتبر من أهم مناطق الحياة البرية في شمال السودان والمنطقة العربية لأنها أقرب حظيرة عامة إفريقية لدول الشرق الأوسط وأوروبا وتحتوي على الحيوانات الممثلة للقارة الإفريقية ، وتقع الحظيرة في مساحة (10291) كيلومتراً مربعاً في جنوب شرق ولاية سنار ، وعلى حدود السودان مع إثيوبيا وتقع بعض أجزاء الحظيرة في ولايتي النيل الأزرق والقضارف إلا أن معظم أجزائها تقع في ولاية سنار .
كما توجد حظيرة الردوم القومية وهي ضمن معازل المحيط الحيوي وتبلغ مساحتها 1.250.000 هكتار وتقع الحظيرة في جنوب ولاية جنوب دارفور ، كذلك نجد الحظيرة الوطنية الجنوبية التي تعتبر من أكبر المحميات مساحة في السودان إذ تبلغ مساحتها 2.300.000 ،
وتضم في مساحتها أجزاء من ولايات بحر الغزال والبحيرات وبحر الجبل ، وذلك حسب معلومات توفرت في الثمانينيات إذ لم يتم إجراء دراسات جديدة حول المحميات الطبيعية بالجنوب نظراً للظروف الأمنية ، ويضم السودان كذلك حظيرة شامبي وتبلغ مساحتها 62.000 هكتار على الضفة الغربية للنيل الأبيض وعلى بعد 120 كم شرق مدينة رومبيك .
إضافة لحظيرة بوما القومية ومساحتها 2.280.000 هكتار وتقع في ولاية شرق الاستوائية تحت هضبة بوما من الناحية الغربية في محاذاة الحدود الإثيوبية بين مستنقعات قيوم .
ونجد حظيرة باندينقبلو ومساحتها 1650.000 هكتار وتقع مناصفة بين ولايتي بحر الجبل ومنطقة جونقلي بولاية البحيرات ، كما توجد حظيرة نمولي القومية وتبلغ مساحتها 410.000 هكتار على بعد 210 كم عن مدينة جوبا يحدها من الشمال نهر كابو من حدود يوغندا وحتى بحر الجبل ومن ناحية الشرق بحر الجبل ومن الجنوب والغرب حدود يوغندا من بحر الجبل وحتى نهر كابو . أما محمية وادي هور فتعتبر أول محمية ممثلة للبيئات الصحراوية في السودان وتشغل مساحة 1.455.300 هكتار وتقع في المنطقة الواقعة بين ولاية شمال دارفور وولاية شمال كردفان والولاية الشمالية . ومن المحميات القومية الحديثة محمية جبال الحسانية التي أعلنت كمحمية طبيعية في العام 2003 وتبلغ مساحتها 85.000 كيلومتراً مربعاً . وعلى البحر الأحمر نجد محمية سنقنيب البحري وتعتبر المحمية البحرية الأولى بالسودان وتقع في المياه الإقليمية السودانية داخل البحر الأحمر ، وعلى البحر الأحمر ايضاً نجد محمية دنقناب البحرية وتبلغ مساحتها 300 كلم مربع .
البيئة والتنمية المستدامة
ويقول د. معتصم : بزيادة عدد السكان وزيادة حدة الفقر اتضح التناقض بين مفهوم حجز الأراضي الطبيعية بمعزل عن الإنسان باعتبار الإنسان هو الهدف المعني بالمحافظة على البيئة ، ولا يمكن منع الإنسان من الاستفادة من المحميات الطبيعية بواسطة حراستها بقوة البوليس ، فالمحميات الطبيعية تشكل 10% من مساحة العالم ، ولذلك برز الاتجاه نحو العمل على المحافظة على التنوع الإحيائي والعمل في ذات الوقت لإيجاد حلول لمشاكل الفقر .
وفي ذلك الإطار جاء مشروع تنمية محمية الدندر بواسطة المجلس الأعلى للبيئة والموارد الطبيعية وإدارة الحياة البرية وبتمويل من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي والمرفق العالمي لحماية البيئة بلغ 1.250.000 دولار ، وقام المشروع بشكل أساسي على إشراك المجتمعات المحلية المتاخمة للمحمية ، وذلك بهدف وضع حد للمخاطر التي تعرضت لها المحمية نتيجة الزحف السكاني ، والتضارب في استخدامات الأراضي خاصة في الأراضي المتأخمة لها ، والتغول على المراعي الطبيعية نتيجة الزيادة في الثروة الحيوانية ،
ونمو وتمدد الزراعة الآلية واعتماد النازحين بشكل أساسي على الموارد داخل المحمية وقد أفلح البرنامج في تحقيق أهداف بحثية ، وتحسين البنيات التحتية بالمحمية ، وبناء قدرات المجتمعات المحلية المتاخمة للمحمية في مجال إدارة الموارد الطبيعية بإنشاء صندوق المال الدوار ، كما كونت كل من ولاية القضارف وسنار والنيل الأزرق لجنة عليا لتطوير تلك القرى تحقيقاً لأهداف المشروع ، كما يجري الآن العمل لإعداد مشروع كبير على نمط مشروع محمية الدندر بتمويل من البنك الدولي ومجموعة مانحين تهتم بتطوير مناطق المساقط المائية بنهر الدندر والرهد ويهدف لتطوير المجتمعات المحلية .
ويقول د. معتصم : رغم كل تلك المشاريع فحماية المحميات الطبيعية أمر تكتنفه الكثير من المشاكل على رأسها ضعف التمويل المتاح أمام إدارة محمية الدندر كمثال والازدواج الإداري وانعكس ذلك سلباً على تنفيذ خطط الاستراتيجية القومية الشاملة التي اعتمدت في العام 1992 إلى أن تمثل المحميات الطبيعية نسبة 25% من مساحة السودان ، إلا أنها الآن لا تمثل سوى 10% فقط من مساحته ، لذلك لا بد من الاهتمام بأمر المحميات الطبيعية بوضعها على قمة أولوياتنا لأهميتها في حفظ التوازن البيئي وتقليل مخاطر تغير المناخ .
ساحة النقاش